تونس والانتخابات البلدية.. 5 أشهر عن "اللامركزية" و"الحكم الذاتي"

قيم هذا المقال
(0 صوت)
تونس والانتخابات البلدية.. 5 أشهر عن "اللامركزية" و"الحكم الذاتي"

أقل من 5 أشهر تفصل التّونسيين عن إجراء أول انتخابات بلدية عقب ثورة 2011 ضد نظام حكم زين العابدين بن علي، في خطوة تمهد لدخول البلاد مرحلة "اللامركزية"، وتضع حدا لتجاذبات سياسية حكمت المشهد العام في الآونة الأخيرة.

رهان تأجل لسنوات، قبل أن يحسم فيه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بتوقيعه الأمر الرّئاسي المتعلّق بدعوة الناخبين إلى التصويت في الاقتراع المقرر في 6 مايو/ أيار 2018.

** نحو "اللامركزية" و"الحكم الذاتي"

اقتراع هام تتأهب تونس لإجرائه، ومحطة مصيرية يتوقع من خلالها إرساء مبدأي " اللامركزية" و"الحكم المحلّي"، وهما من المطالب الأساسية التّي نادت بهما الثّورة، من أجل منح البلديات تأشيرة تصريف شؤونها باستقلالية، في إطار الدولة وما يضبطه دستور البلاد.

مبادئ نص عليها الباب السابع من الدستور التونسي الصادر في 2014، والقاضي بأنّ "اللامركزية تتجسد في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون."

وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات في 2016، غير أن الخلافات بين الكتل البرلمانية حينها حول عدد من فصول القانون المنظم لهذه الانتخابات، وخاصة حق تصويت الأمنيين والعسكريين من عدمه؛ حالت دون ذلك.

** جدل وعقبات

في يناير/ كانون ثان 2017، صادقت تونس على القانون الانتخابي والسماح للأمنيين والعسكريين، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الانتخابات التونسية.

وفي مرحلة أولى، دفع الجدل السياسي الدائر بالبلاد، لجنة الانتخابات المحلية إلى تحديد يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، موعدا لإجراء الانتخابات، قبل تأجيله إلى 25 مارس/آذار، بطلب من أحزاب رأت أنه لا يمكن تنظيم انتخابات وفق المعايير اللازمة في الموعد الأصلي.

ففي أبريل/ نيسان الماضي، طالبت جبهة الإنقاذ والتقدم التي تضم عشرة فصائل سياسية – منها الاتحاد الوطني الحر، ومشروع تونس الذي أنشأه منشقّون من حزب نداء تونس الحاكم – بإرجاء الانتخابات في انتظار إقرار مجلة الجماعات المحلية.

واقترح الإئتلاف بنقل موعد الانتخابات من موعده الأصلي إلى مارس/ آذار 2018.

غير أنّ منسوب الجدل حول موعد إجراء الانتخابات، احتد بشكل أكبر، عقب إعلان شفيق الصرصار، الرئيس السابق لهيئة الانتخابات، في مايو/ أيار الماضي، استقالته وعضوين من الهيئة، إثر خلاف داخل مجلسها قال إنه "يمس المبادئ التي تأسست عليها الهيئة".

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، دعت 8 أحزاب تونسية إلى "الإتفاق" على موعد جديد للانتخابات البلدية المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، معتبرة أن شروط إنجاح الاقتراع "غير متوفرة" حاليا.

والأحزاب المطالبة بالتأجيل هي: حركة مشروع تونس ( ليبرالي/ 24 نائبا/ 217 نائب)، والمسار الديمقراطي الاجتماعي (يسار)، والحزب الجمهوري (ليبرالي/ نائب واحد)، والبديل التونسي (ليبرالي)، وآفاق تونس ( ليبرالي/ 10 نواب)، إضافة إلى كل من الوطن الموحد (يمين وسط) وحزب العمل الوطني الديمقراطي (يسار) وحزب تونس أولا (وسط).

وبناء على ذلك، تأجلت الانتخابات البلدية في مرة أولى، إلى 25 مارس/آذار المقبل، بطلب من تلك الأحزاب التّي رأت أنه لا يمكن تنظيم انتخابات وفق المعايير اللازمة في الموعد الأصلي، خاصة مع عدم المصادقة على قانون الجماعات المحلية (قانون ينظم الحكم المحلي)، فضلا عن الاستقالات التي شهدتها الهيئة.

ومؤخّرا دعت أبرز الأحزاب التونسية، وهما "نداء تونس" و"النهضة"، فضلا عن "الاتحاد الوطني الحر"، وهو الثلاثي المعروف باسم بـ"الترويكا"، هيئة الانتخابات إلى تحديد موعد للانتخابات البلدية في أجل أقصاه شهر رمضان المقبل (منتصف مايو/أيار 2018)، لتعلن الهيئة، لاحقا، السادس من مايو/ أيار المقبل، موعدا لإجراء الاستحقاق.

** أجندة الإنتخابات

ضبطت هيئة الانتخابات أجندة حدّدت وفقها 15 فبراير/شباط القادم، تاريخ بداية قبول الترشحات، لتغلق يوم 22 من الشهر نفسه، ويتم الإعلان عن القائمات المقبولة في الثالث من مارس/ آذار.

أمّا في 29 من مارس، فيتم قبول مطالب انسحاب المرشحين، فيما ستنطلق يوم 14 أبريل/ نيسان القادم الحملة الانتخابية، لتنتهي يوم 4 أيار/مايو على أن يكون يوم 5 أيار/مايو هو يوم الصّمت الانتخابي.

 

وبحسب الأجندة الانتخابية نفسها، فإن التونسيين مدعوون للتصويت يوم 6 أيار/مايو، في حين يقترع الأمنييون والعسكريون يوم 29 أبريل/نيسان.

 

وسيتم التّصريح بالنّتائج الأولية يوم 9 أيار، وتتولى الهيئة اثر انقضاء الطّعون، الإعلان على النّتائج النّهائية في أجل أقصاه يوم 13 يونيو/ حزيران المقبل.

** بين ضرورة المرحلة والتجاذبات

رغم أن السلطات التونسية أكّدت في العديد من المناسبات، عزمها إجراء الانتخابات البلدية في 2017، إلا أن التجاذبات السياسية فرضت تأجيل الاقتراع إلى حين التوصل لاتفاق توافقي يشمل أكبر عدد ممكن من الفاعلين.

وفي وقت سابق، اعتبر زير الشؤون المحليّة والبيئة بتونس، رياض المؤخر، أن "الحكم المحلي سيكون أداة قاطرة للتنمية والتنمية المستدامة في البلاد"، رغم أنه سبق وأن قال، قبل ذلك، إن "إرساء مسار اللامركزية توجه صعب ومعقد، ولكنه سيعطي التّدبير الحر للبلديات."

تصريحات متضاربة وجدل لم يضع أوزاره حتى وقت قريب، طال أيضا الفصل 6 من القانون الانتخابي المصادق عليه في يناير/كانون الثاني الماضي.

وينص الفصل 6 على حق القوات المسلّحة من جيش وشرطة، لأول مرة في تاريخ البلاد، في التصويت خلال الانتخابات البلدية.

وبمقتضى هذا القانون، تقتصر مشاركة العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي، على الانتخابات البلدية والمحلية دون سواهما، ولا يمكن لهم تقديم ترشحاتهم لهذا الاقتراع.

ويفرض الاستحقاق الانتخابي المرتقب استعدادات لوجستية هامّة على الأحزاب السياسية المطالبة بتمثيل وجودها في 350 دائرة بلدية، ينتخب فيها أكثر من 7 آلاف عضو بمجالسها البلدية.

قراءة 1179 مرة