القبول بالضغوطات الأجنبية لاستعادة موجات من الإرهابيين العائدين من معسكرات العدوان الإرهابي تلفّه ضبابية متواصلة حول الإجراءات الأمنية الاستباقية والإجراءات القانونية وتكتنفه مقاربات معالجة هذا الملف داخل وخارج السجون والعلاقات الديبلوماسية والاستخبارية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الشقيقة المتضررة والارتهان لسياسة خارجية تابعة تزيد وفي واقع عدم وضوح رؤية ائتلاف الحكم والتعتيم على سير التعاطي مع كل هذه الملفات وعدم اطلاع التونسيين على أهمها.
التراخي وترك الفراغات تحثّ على التحذير من مغبة تخطيط العصابات الارهابية لحشد الخلايا والعودة الإستراتيجية إلى العمليات الموضعية أو متعددة المسارح من مدخل العائدين من بؤر العدوان الإرهابي على سوريا وليبيا ومن منطلق استغلال لحظة احتياجات الساحة التونسية إلى مخرج سياسي للأزمة المستفحلة متعددة الأبعاد.
الكيانات الإرهابية ورعاتها المحليين والاقليميين والدوليين لا تجد مثل كيان العدو الإسرائيلي ما يصرف على طاولات الهزيمة الدولية في المدة المقبلة. وربما لا قضاء على الإرهاب دون معادلة تكون فيها المقاومة الشعبية (وإن انحصرت في جانب الدعم المعنوي ولفظ العصابات الإرهابية ومن يتعامل معها) جزءا أساسيا ويكون فيها النظام الحاكم نظاما وطنيا. فمن غير المنطقي أبدا أن تعمل وزارة الداخلية بوزير بالنيابة على رأسها في مثل هذا الظرف بعد الصراعات على المواقع والفراغات الأمنية والاقالات الواسعة والسريعة والغامضة. بل لعلّها فضيحة في حد ذاتها وجريمة في حد ذاتها (بصرف النظر عن حقيقة التفاصيل). وارتباطا ترِد الأسئلة التالية:
- إن ترصد تلك الطريق وصعوباتها وفي ذلك التوقيت القريب من انتهاء السوق الأسبوعية، مريب.
- إن حدوث الجريمة وقت التناوب (كما أوردت صحيفة الخبر الجزائرية) يطرح مشكلاً أيضاً.
- أن يكون الشهيد رئيس فرقة الحرس الوطني بالمركز الحدودي المتقدّم بالصريّة في أول يوم يباشر فيه العمل يطرح أسئلة كذلك
- إن بقاء الإرهاب كل هذه السنوات في تلك المناطق بالذات يثير قلقا استثنائيا
- يعتبر نجاحه في كل عملية في تلك المناطق (3 عمليات إرهابية سنة 2014 مثلاً) مصورة لأسئلة كبرى
وانطلاقاًَ من كل ما سبق ونظراً للحساسية المضاعفة لعملية غار الدماء الإرهابية والتي عكست حالة من الوقوع في كماشة فراغ الحلقة والانتقال من الفوضى إلى العبث، والاستنتاج المنطقي :
1 ــ المس من كبرياء ومن كرامة التونسيين والجزائريين على حد السواء
2 ــ ىتلويث سمعة الفقراء والمناطق المعزولة والحدودية أكثر من غيرهم (المناطق التي يريدها الاستعمار ضعيفة ومحرومة وهشة وذريعة استنزاف وحزاما إرهابيا احتياطيا كاسرا لوحدة الشعوب والدول ولتمرير سياساته غصبا وتبريرها بالإرهاب وتبرير نظريته في الوصاية والحماية والانتداب وصناعة الإرهاب والتفقير والمرتزقة والعملاء بالفقر والدكتاتورية)
3 ــ قضم حياة الشباب حديثي العهد بمباشرة المهام والمنفيين إلى المناطق البعيدة والوعرة والمعتزلة ممن لا جاه ولا وجاهة لهم
4 ــ احتكار عامل التأثير الارهابي لإسقاط حكومات وتصعيد حكومات أخرى لا دخل للشعب فيها وتحول دونه ودون الدفاع عن حقوقه والوصول إلى أهدافه
5 ــ فرض معادلات معينة على الشعب المعدم والمنهوب والمهدور دمه؛ معادلات اقتصادية ومالية وانتخابية يكون العامل الإرهابي قد مهد لها بكل وظائفه وحدد نتائجها
6 ــ إدامة حكم التوجيه الخارجي والإدارة المحلية لمصالح الاستعمار على جميع الصعد داخلياً وخارجياً.
صلاح الداودي