في الوقت الذي قرّرت فيه أمريكا بناء أكبر قنصلية لها في العالم بمدينة أربيل في كردستان العراق، ردّ سياسي كردي عراقي على القرار الأمريكي بأن أمريكا لم تكن فقط السبب في عدم استقرار العراق والمنطقة، بل هي أيضاً السبب الرئيسي للمشكلات والأزمات التي اُبتليت بها دول المنطقة.
وقال محمد بازياني الأمين العام لحركة الإصلاح والتنمية الكردستانية العراقية في تصريحات صحفية فيما يخصّ بناء أكبر قنصلية في العالم من قبل أمريكا في أربيل: "في الواقع إن أمريكا لم تتجاهل أو تنسى بعد خطة بايدن لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فدرالية، وقد أشرت مراراً وتكراراً في العديد من المؤتمرات إلى أنّ واشنطن لا تزال تبحث عن هذا الأمر، ويأتي تخطيطها الآن لبناء أكبر قنصلية في أربيل في هذا السياق، ومن جهةٍ أخرى فإنّ بناء هذه القنصلية يشير إلى أن أمريكا أعدّت خططاً للعراق والشرق الأوسط وإنها ستنطلق من إقليم كردستان العراق لتنفيذ خططها تلك في المستقبل".
وأضاف: "هذه حقيقة أن لدى أمريكا استراتيجية خاصة لدول المنطقة، وقد رتّبت أوراقها ومصالحها الخاصة في هذه الاستراتيجية، وتسعى واشنطن وبأي ثمن لتنفيذ هذه الاستراتيجية".
ونوّه بازياني إلى أن الطريقة التي سيتفاعل بها المناخ الكردستاني العراقي في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة قضية مهمة، فيجب ألّا تصبح كردستان رأس حربة ضد الدول الأخرى، وهنا يتعيّن على السياسيين العراقيين الأكراد أن يكونوا يقظين في هذا الصدد".
وأشار الأمين العام لحركة الإصلاح والتنمية الكردية إلى أن الخطوة الأمريكية الجديدة تُظهر أن واشنطن لديها خططها الخاصة لمواصلة وجودها في المنطقة وذلك لمواصلة نهب المنطقة وجني خيراتها سعياً لتحقيق مصالحها.
وفي إشارته إلى احتلال أمريكا للعراق أكد السياسي الكردي العراقي أن أمريكا التي تعتبر نفسها سبب سقوط حكم الطاغية صدام حسين، صرّحت مراراً وتكراراً بأنها تكبدت الكثير من التكاليف المادية والبشرية في سبيل احتلال العراق، وعلى الرغم من ذلك فإنّ إحكام سيطرتها على العراق لن تكون سهلة أو قريبة المنال، ويأتي اليوم بناء قنصليتهم في أربيل لتكون مركزاً مهمّاً ومتقدماً لهم، كما ستكون هذه القنصلية مسؤولة عن إدارة سياسات واشنطن في العراق والمنطقة بشكل كامل في المستقبل.
وذهب بازياني إلى أن أمريكا لم تكن فقط عاملاً لعدم استقرار وسلام العراق والمنطقة وحسب، ولكن أيضاً كانت سبباً رئيسياً في المشكلات والأزمات التي انتشرت في بلدان المنطقة، ويمكن النظر إلى الوضع العراقي منذ عام 2003 وهو ما يُشكّل دليلاً واضحاً على طبيعة السياسيات الأمريكية وطرق معالجتها للقضايا".
وعن دوافع قبول حكومة كردستان العراق بناء هذه القنصلية يقول بازياني: "الحقيقة هي أن الحكومة الإقليمية الكردية في كردستان العراق لا تثق بالحكومة المركزية في بغداد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الدول الإقليمية لم تتمكن من حل مشكلات حكومة أربيل مع بغداد، ومن المتوقع أن تتزايد تلك المشكلات مع مرور الوقت لذلك تريد حكومة الإقليم العثور على مدافع عنها يمكن الاعتماد عليه في المستقبل فوجدت واشنطن الفرصة مواتية لها لبناء هذه القنصلية في أربيل".
وشدد بازياني على أنّ أمريكا ليست صديقة أو مدافعة عن أي دولة أو جماعة كما أنها لا تسعى سوى لتحقيق المصالح التي رسمتها لنفسها، وما مصير شاه إيران السابق، أو الطاغية صدام حسين أو حتى الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك إلّا مثال على تخلي أمريكا عن حلفائها.
وتابع بازياني: "إن المنطقة الكبيرة التي قررت أمريكا بناء قنصليتها عليها يمكن أن تشمل كل ما تريده واشنطن، وهنا يمكن مشاهدة أنّ العلاقات الأمريكية التركية قد خضعت لعدد من التغييرات على مدى السنوات الماضية، حيث رفضت أنقرة مراراً الاستجابة للطلبات الأمريكية لاستخدام قاعدة إنجرليك الجوية، ويمكن أن تكون الرغبة الأمريكية لبناء هذه القنصلية الكبيرة ردّاً على الرفض التركي، وعلى كل الأحوال فإنّ آثار هذه القنصلية ستكون أكثر وضوحاً في المستقبل.
وختم بازياني حديثه بأنّ الوضع السياسي الغامض نسبياً في العراق يعود في جزءٍ كبير منه إلى أن الانتخابات البرلمانية العراقية وحتى الآن لم يُحسم أمرها، ومن جهةٍ أخرى فإنّ معضلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لاتزال يكتنفها هي الأخرى حالة من الغموض، ومن غير الواضح أيُّ مستقبلٍ سيكون في انتظار العراقيين، وبناءً على ما سبق فإن رغبة الساسة الكرد قد تكون بطريقة أو بأخرى نوعاً من استقراء المستقبل.