توصلت الحكومة الباكستانية، الجمعة، إلى اتفاق مع الجماعات الدينية التي شلت الحركة اليومية في عموم البلاد لليوم الثالث على التوالي، على خلفية تبرئة المحكمة العليا سيدة مسيحية تدعى "آسيا بيبي"، حُكم عليها بالإعدام شنقا بتهمة تطاولها على الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقبعت بيبي في السجن لمدة تسع سنوات، قبل أن يصدر حكم ببراءتها الأربعاء، من قبل المحكمة العليا في باكستان.
ووافقت الجماعات الدينية على إلغاء الاحتجاج في أعقاب تأكيدات الحكومة بفرض حظر سفر على "بيبي"، وعدم الاعتراض على مراجعة التماس ضد الحكم في المحكمة العليا.
واتفق ممثلون عن الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم البنجاب، مع قادة أبرز الجماعات المحتجة وتدعى "تحريك لبيك باكستان" (TLP) على عدة بنود، أبرزها حظر الحكومة سفر "بيبي".
كما قدمت الحكومة تعهدا بعدم الاعتراض على أي التماس لإعادة النظر في الحكم الصادر عن الهيئة القضائية التابعة للمحكمة العليا، والإفراج عن جميع المعتقلين الذين ألقي القبض عليهم خلال الاحتجاجات.
في المقابل، أعلنت "تحريك لبيك باكستان" إنهاء الاحتجاجات، وقدمت اعتذارا رسميا إن كانت آذت المشاعر، أو تسبب بأي إزعاج ضد أي شخص من دون سبب، وفق ما جاء في نص الاتفاق.
ونشرت صحيفة "داون" صورة لوثيقة الاتفاق الذي تم توقيعه اليوم من قبل الطرفين.
وأغلق المحتجون الشوارع الرئيسية في المدن الكبرى، وتجمعوا في محيط المباني والمؤسسات الحكومية، وطالبوا بإعدام بيبي، والقضاة الثلاثة الذين أصدروا قرار التبرئة.
وأفاد مراسل الأناضول، أن المتظاهرين أغلقوا مداخل مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب، كما أغلقوا الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ومدينة كراتشي، وبيشاور.
وأضاف أن المتظاهرين أغلقوا مداخل ومخارج منطقة (D-Chowk) التي تكثر فيها أبنية الوزارات وسفارات الدول الأجنبية في إسلام آباد.
وسمحت الشرطة للمتظاهرين بإقامة صلاة الجمعة عند الحواجز المنصوبة أمام المنطقة بعد أن طالبوا بذلك، حيث أقام نحو ألفي شخص الصلاة على مسافة تبعد 200 متر من مقر الرئاسة.
وأشار المراسل أن تظاهرات انطلقت في مناطق أخرى من العاصمة بعد الصلاة، دون أن تتخللها أعمال عنف.
وأغلق المتظاهرون 25 شارعا رئيسيا في مدينة كراتشي، التي تعتبر أكبر المدن الباكستانية، وفي مدينة لاهور أضرم المتظاهرون النار في العديد من الحافلات، والشاحنات، والسيارات.
وقال وزير الداخلية شهريار أفريدي، في تصريحات صحفية، إنهم سيفتحون الطرق المغلقة في المدن الكبيرة بالحكمة.
وفي ولايات بنجاب، والسند، وبلوشستان، منعت السلطات الأمنية تجمع أكثر من أربعة أشخاص في الأماكن العامة لغاية 10 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري.
وألغت السلطات عددا من رحلات الحافلات بين المدن، بعد أن توقفت خدمات سكك الحديد والحافلات جراء التظاهرات.
كما تعطلت شبكات الهواتف اللاسلكية بسبب التظاهرات، وتعطل الدوام في المدارس لفترة مؤقتة.
فيما تم الاحتفاظ بالسيدة "بيبي" في مكان آمن، لم يتم الكشف عنه حفاظا على سلامتها، بحسب المصدر نفسه.
من جانب آخر، قال الناطق باسم الجيش "عاصف غفور" في تصريح صحفي، اليوم، إن قضية بيبي تم تداولها منذ ما يقارب 10 سنوات في المحاكم، وهذا موضوع قضائي بحت، وإنه من المحزن حشر الجيش في كل سجال في البلاد".
والأربعاء، قال رئيس المحكمة العليا ميان ساقب نصار، إن محاكمة بيبي لم تكن عادلة، وإن المحكمة قررت إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقها من قبل المحكمة المحلية ومحكمة لاهور العليا عامي 2010 و2014.
وأكد نصار أن المحكمة العليا اطلعت على اعتراض بيبي على قرار الإعدام، وقررت إلغاء الحكم الصادر بحقها وإخلاء سبيلها.
وعقب قرار إخلاء سبيل بيبي، عمت التظاهرات شوارع المدن، حيث طالب حزب "تحريك لبيك باكستان" بقتل القضاة الـ 3 الذين برؤوها.
جدير بالذكر أن سيدتين مسلمتين اتهمتا الباكستانية المسيحية آسيا بيبي (53 عاما) بشتم الدين الإسلامي والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أثناء شجار وقع بينهن، حيث أودعت السجن في 2009.
وصدر حكم الإعدام بحقها من قبل محكمة محلية في 2010، وفي 2014 أصدرت المحكمة العليا في لاهور حكم الإعدام بحقها أيضا، الأمر الذي أعقبه العديد من الحملات الحقوقية والنسوية تطالب بمنع تنفيذ الحكم.