كثّفت إسرائيل، أمس، ضغوطها على مصر من بوابة سيناء، عبر مطالبتها بسحب أسلحتها الثقيلة التي أدخلتها مؤخراً إلى شبه الجزيرة، برغم استمرار العملية الأمنية الواسعة التي تنفّذها القوات المسلحة المصرية ضد الجماعات الجهادية في المنطقة، والتي تقرر تعليقها خلال عطلة عيد الفطر، وسط معلومات ترددت عن إجراء تعديلات على الخطة من قبل القيادة العسكرية الجديدة بحيث يتم تطهير سيناء خلال فترة شهرين.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية إن تل أبيب «طلبت من مصر سحب أسلحتها الثقيلة التي أدخلتها مؤخرا إلى شبه جزيرة سيناء وذلك بعد انتهاء العملية العسكرية واسعة النطاق التي نفّذتها القوات المصرية لملاحقة المجموعات المسلحة».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر حكومية قولها إنها «تتابع بقلق هذه التحركات». وأضافت إن «قنوات الاتصال بين إسرائيل ومصر على المستويين السياسي والأمني لا تزال مفتوحة»، مشيرة إلى عقد لقاءات بين مسؤولين كبار في وزارة الخارجية المصرية والسفير الإسرائيلي في القاهرة يعقوب أميتاي للبحث في ما يجري في سيناء.
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ذكرت، أمس الأول، أن قوات مصرية إضافية قد تم نشرها في سيناء من دون موافقة مسبقة من إسرائيل، ونقلت عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية قولهم إنهم علموا بأمر هذه القوات بعد نشرها بالفعل. وذكرت الصحيفة أنه وفقا لمعاهدة كامب ديفيد فإنه لا يسمح لمصر باستقدام دبابات إلى بعض المناطق في سيناء، بما في ذلك العريش، التى وصل إليها بالفعل عشرات الدبابات على مدار الأيام القليلة الماضية. وأضافت الصحيفة أن المصريين قد يطلبون بقاء قواتهم الموجودة حاليا فى سيناء، لحين انتهاء العمليات العسكرية هناك، رغم أنه لم يتضح متى سيحدث ذلك.
يأتي ذلك، في وقت قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن صحراء سيناء تؤوي «خلايا ارهابية»، مشيراً إلى أن سبب ذلك يعود إلى أن «مصر فشلت حتى الان في فرض الأمن في هذه المنطقة». وقال هذا المسؤول لصحافيين اجانب خلال زيارة لمعبر كرم ابو سالم إنه «منذ الثورة في مصر وسقوط الرئيس حسني مبارك، حصل تدهور ملحوظ في سيناء التي اصبحت منطقة خارجة على السيطرة».
واشار إلى أن البدو «يسيطرون على المنطقة وهم يجنون الاموال من خلال التهريب ومساعدة الارهابيين»، لافتاً إلى أن مجموعات تنتمي الى «الجهاد العالمي» تبحث عن مناطق فيها فراغ امني. وتابع المسؤول الإسرائيلي إنه «على غرار افغانستان وغيرها، هم يبحثون عن غياب الحكومة لأنه بهذه الطريقة بإمكانهم مواصلة العيش».
وتحدثت مصادر أمنية اخرى للصحافيين الأجانب عن البدو، قائلة إنهم «ليسوا ملتزمين دينيا وسياسيا على غرار الناشطين ولكنهم يقبضون ثمن دعمهم لهم». وأوضحت المصادر «هم لا ينتسبون الى عقيدة تدفعهم الى تفجير انفسهم. إن مقتل مصريين او يهود سيان بالنسبة لهم وما يحفزهم هو المبلغ الذي يدخل الى حساباتهم في المصارف السويسرية»، لكنه لفت إلى أن «الارهابيين يدفعون كثيرا، هم لا يعرفون الارض، هم لا يعرفون كيف يصلون الى بعض المواقع من دون دليل».
وأوضحت المصادر أن «الذين يقومون بتهريب المخدرات هم انفسهم الذين يقومون بدور الدليل للارهابيين ولكن بدل ان يحصلوا على مئة الف دولار (لنقل المخدرات او لتهريب مهاجرين افارقة غير شرعيين) يتقاضون نصف مليون دولار لمساعدة ارهابيين».
في هذا الوقت، قال مصدر في الجيش المصري إن العملية الأمنية، المعروفة بـ«عملية نسر»، التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة في سيناء لتمشيط وتطهير المنطقة من البؤر الإرهابية ستتوقف خلال إجازة عيد الفطر على أن تستأنف بعد ذلك مباشرة.
وأكد المصدر استمرار حالة الطوارئ مع تشديد إجراءات التفتيش خلال أيام العيد تحسباً لأي أعمال تهدد الأمن وسلامة المواطنين وحماية المقار الأمنية والمصالح الحيوية.
وكان الجيش المصري بمساعدة الشرطة بدأ حملة أمنية واسعة النطاق في سيناء مع وصول تعزيرات عسكرية مكثفة للمنطقة في أعقاب هجوم رفح الذي أودى بحياة 16 جنديا مصريا.
ونقلت مواقع إخبارية مصرية على شبكة الانترنت إن وزير الدفاع المصري الجديد عبد الفتاح السيسي ورئيس الأركان صدقي صبحي يعكفان حالياً على وضع تعديلات جوهرية على خطة «عملية نسر»، مشيرة إلى أن هذه التعديلات تقضي بوضع جدول زمني لتنفيذ العمليات، وتطهير سيناء بشكل كامل خلال 60 يوماً، وذلك من خلال نشر أكبر عدد من القوات على الأرض لخلق كثافة عددية من رجال الجيش، وبالتالى شعور العناصر المسلحة والمتطرفة بأنها أقلية أمام كثافة القوات.
وبحسب مصادر عسكرية فإنه ستفرض حالة عالية من التأمين في مدن القناة، وذلك في ظل التوقعات بأن تحاول العناصر المتطرفة والمسلحة نقل عمليات القتال داخل هذه المدن لتشتيت القوات، وتخفيف الحصار عن العناصر الموجودة في سيناء. وأضافت المصادر ان السيسي وصبحي سيعرضان الخطة الجديدة على رئيس الجمهورية محمد مرسي للتشاور بشأنها والبدء في تنفيذها بعد عيد الفطر مباشرة.