مسؤولية العلماء في توحيد الأمة

قيم هذا المقال
(0 صوت)

بسم الله الرحمن الرحيم
إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون
تقع المسؤولية الكبر‍‍‍ی في وحدة الصف الإسلامي علی عهدة علماء الإسلام المهتمّين بشؤون المسلمين في العالم الإسلامي .
و لو أن علماء المسلمين اجتمعوا علی التفاهم و التواصل و الإنفتاح فيما بينهم ، و اتفقوا علی الإحترام المتبادل و نبذ العنف و الإرهاب و السجالات المذهبية المتشنجة فيما بينهم ، و دعوا أمّة رسول الله (ص) إلی التفاهم و التعاون و التكافل و التناصر فيما بينهم . . . لاتفقت هذه الأمة و تعاضدت و تناصرت في وجه الظلم و الإستكبار العالمي . و عندئذ تتحول هذه الأمة المباركة التي جعلها الله أمة وسطاً إلی قوة كبيرة علی وجه الأرض ، تحمل كلمة التوحيد و رسالة الله إلی شعوب العالم جميعا ، و تنقذ البشرية من ظلمات الجاهلية و الشرك و الظلم و الإستكبار و الإستضعاف . و لو اتّحدت  كلمة المسلمين ومواقفهم السياسية ، و تعاملوا و تناصروا في مواجهة أنظمة الإستكبار العالمي و العدوان الإسرائيلي السافر علی العالم الإسلامي ، سيكون النصر قريباً.
و من رحاب بيت الله الحرام نرفع هذه الدعوة نقية خالصة لله تعالی إلی علماء المسلمين في كل مكان من العالم الإسلامي و من أوساط الجاليات الإسلامية خارج العالم الإسلامي ، و ندعوهم إلی وحدة الصف و الكلمة و التعاون و التكافل و التّبري من الإرهاب و العنف و نبذ السجالات المذهبية المتشنجة .
و من هذا المنطلق ، نعلن رفضنا لكل الإساءات التي توجّه من أيّ جانب كان إلی مقدّسات المذاهب الإسلامية ، و نعتبرها من أهمّ عوامل التفرقة و التّشنج و التقاطع في الأمّة الإسلامية . كما نرفض الخطابات المذهبية المتشنجة التي تثير الحقد و البغضاء في نفوس المسلمين بعضهم تجاه بعض في الأجواء الإعلامية السياسية الصاخبة .
و ندعو أن يتمّ الحوار المذهبي بصورة موضوعية بين علماء الأمّة و في جوّ علمي هادیء بعيد عن الإثارة الطائفية .
و لقد كان لفتوی الإمام الخامنئي الأخيرة الأثر البالغ في رأب الصدع و توحيد صفوف المسلمين بعد فتنة أثارها رجل متلبس بزيّ علماء الدين . و هذه الفتاوی ليست بغريبة عن علماء الأمة الرساليين ، ومنها العمل الكبير الذي قام به إمام الأزهر الشريف المغفور له الشيخ محمود شلتوت رحمه الله في إزالة الحواجز المذهبية بين المسلمين في بيانه التاريخي المعروف الذي أجاز فيه التعبد بفقه أهل البيت عليهم السلام و الذي يتعبد به الشيعة الإمامية في العالم .
و ختاماً نرفع آيات الشكر و الثناء لكلّ العلماء الذين ساهموا في إزالة الحواجز المذهبية بين المسلمين كالإمام البروجردي و الشيخ محمود شلتوت و الشيخ محمد الغزالي و السيد عبد الحسين شرف الدين و غيرهم من أعلام هذه الأمّة .
و في هذه الرسالة التي ننشرها بين علماء المسلمين من رحاب بيت الله الحرام نذكر بعض كلمات أعلام الأمة و أئمة الفقه و الفتيا و التي تؤكد تشييد الأمة الواحدة و نبذ التفريق و الإثارة المذهبية و الفتن الطائفية في صفوف المسلمين .
قال تعالی : ‹‹ و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ››

فتوی إمام الأزهر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله
سئل الشيخ محمود شلتوت :
إن بعض الناس يری أنه يجب علي المسلم لكی تقع عباداته و معاملاته علی وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة و ليس من بينها مذهب الشيعه الإمامية و لا الشيعة الزيدية فهل توافقون فضيلتكم علی هذا الرأي علی إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعه الأمامية الاثناعشرية مثلا ؟
فأجاب فضيلته :
1-إنّ الإسلام لايوجب علی أحد من أتباعه اتّباع مذهب معين ، بل نقول إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أی مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا و المدونة أحكامها في كتبها الخاصة ، و لمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلی غيره – أي مذهب كان – و لاحرج عليه في شيء من ذلك .
2-إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثناعشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة .
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك و أن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ، فما كان دين الله و ما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة علی مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالی يجوز لمن ليس أهلاً للنظر و الإجتهاد تقليدهم و العمل بما يقررونه في فقههم ، و لا فرق في ذلك بين العبادات و المعاملات .

نص الإستفتاء الموجّه إلی المرجع الأعلی آية الله العظمی الإمام السيد علي الخامنئي دام ظلّه
من قبل مجموعة من علماء الأحساء في الحجاز
تمرّ الأمّة الإسلامية بأزمة منهج يؤدي إلی إثارة الفتن بين أبناء المذاهب الإسلامية ، و عدم رعاية الأولويات لوحدة صفّ المسلمين ، مما يكون منشأً لفتن داخلية و تشتيت الجهد الإسلامي في المسائل الحساسة و المصيرية ، و يؤدي إلی صرف النظر عن الإنجازات التي تحققت علی يد أبناء الأمة الإسلامية في فلسطين ، و لبنان ، و العراق ، و تركيا ، و إيران ، و الدول الاسلامية . و من إفرازات هذا المنهج المتطرف طرح ما يوجب الإساءة إلی رموز و مقدسات أتباع الطائفة السُّنيّة الكريمة .
فما هو رأي سماحتكم في ما يطرح في بعض وسائل الإعلام من فضائيات و انترنت من قبل منتسب إلی العلم من إهانة صريحة و تحقير بكلمات بذيئة و مسيئة لزوج الرسول (صلی الله عليه و آله ) أم المؤمنين عائشة ، و اتهامها بما يخلّ بالشرف و الكرامة لأزواج النبي (ص) أمهات المؤمنين رضوان الله تعالی عليهنّ .
لذا نرجو من سماحتكم التكرّم ببيان الموقف الشرعي بوضوح ، لما سببته الإثارات المسيئة من اضطراب وسط المجتمع الإسلامي ، و خلق حالة من التوتر النفسي بين المسلمين من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) و سائر المسلمين من المذاهب الإسلامية .
ختاما دمتم عزّاً و ذخراً للإسلام و المسلمين .
التوقيع
جمع من علماء و مثقفی الأحساء
4 / شوال / 1431 ق

فتوی آية الله العظمی الإمام الخامنئي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
‹‹ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يحرَّم النيل من رموز إخواننا السُنَّة ، فضلاً عن اتهام زوج النّبي (ص) بما يخلّ بشرفها ، بل هذا الأمر ممتنع علی نساء الأنبياء و خصوصاً سيدهم الرسول الأعظم (ص) . ››
كما كان الإمام الخامنئي قد أكّد في كلمة ألقاها في اجتماع السنة و الشيعة في محافظة كردستان غربي إيران، أكّد حرمة التعرّض للمقدّسات الإسلامية ، قائلاً : ‹‹ إن الشخص الشيعي الذي يسيء لمقدسات أهل السُنّة هو عميل للعدو. ››
و قد رحَّب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالفتوی التي أصدرها الإمام الخامنئي بتحريم سب الصحابة و الخلفاء الراشدين، واعتبرها خطوة مهمة و مقدّرة في إطار السعی نحو التقريب بين أهل المذهبين الكبيرين: السُنّة و الشيعة .
و كان الإمام الخامنئي قد أكّد رداً علی سؤال وجه إليه حول حكم سب الصحابة و الخلفاء الراشدين قائلاً : ‹‹ إن أي قول أو فعل أو سلوك يعطي الحجة و الذريعة للأعداء أو يؤدي إلی الفرقة و الانقسام بين المسلمين هو بالقطع حرام شرعاً . ››

إشادة إمام الأزهر الدكتور الشيخ أحمد الطيب
بفتوی المرجع الأعلی الإمام الخامنئي
وصف شيخ الأزهر فتوی الإمام الخامنئي بأنها ‹‹ صادرة عن علم صحيح ، و عن إدراك عميق لخطورة ما يقوم به أهل الفتنة ، و تعبِّر عن الحرص علی وحدة المسلمين ، و قال إنه مما يزيد أهمية هذه الفتوی أنها صادرة عن عالمٍ من كبار علماء المسلمين ، و من أبرز مراجع الشيعة باعتباره المرشد الأعلی للجمهورية الإسلامية الإيرانية .››
و وجَّه شيخ الأزهر تحية صادقة للإمام الخامنئي علی فتواه الكريمة التي أتت في أوانها لترأب الصدع و تغلق أبواب الفتنة ، و دعا الله تعالی أن تكون فاتحة خير ، و بدايةً لعملٍ جاد موصول لجمع المسلمين علی كلمة سواء ، بعيداً عن دعاوي الغلو و التطرف ، و دعاة الفرقة و الخلاف .
و قال إمام الأزهر في بيان له : ‹‹ إنه من موقع العلم ، و من واقع المسؤولية الشرعية أقرر أن السعي لوحدة المسلمين فرض ، و أن الاختلاف بين أصحاب المذاهب الاسلامية ينبغي أن يبقی محصوراً في دائرة الاختلاف في الرأي و الإجتهاد بين العلماء و أصحاب الرؤی ، و ألّا يمس وحدة الأمّة ، مصداقاً لقوله سبحانه و تعالی : « بسم الله الرحمن الرحيم  . . . و لا تنازعوا فَتَفشلُوا و تذهبَ ريحُكم و اصبِروا إنّ الله معَ الصابرين » صدق الله العظيم ‌[الأنفال/46]
و أشار فضيلته إلی أن كل من يذكي نار الفتنة بين المسلمين آثم ، مستحق لعقاب الله و إنكار الناس ، و أضاف أن الأزهر الشريف يدعو المسلمين إلی أن يعتصموا بحبل الله جميعاً و لا يتفرقوا ، و أن يجمعوا جهودهم للعمل من أجل رفعة الإسلام ، و وحدة المسلمين و عزة الأوطان ، و إرساء السلام بين الناس علی اختلاف أديانهم و مذاهبهم و أجناسهم .

بيان مكتب آية الله العظمی السيد علي الحسيني السيستاني
السؤال :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تدَّعي قناة المستقلة و بشكلٍ متكرر أن السيد السيستاني ( حفظه الله ) قد أفتی بكفر من لا يعتقد بالإمامة و منهم الإخوة السُنّة ، كما هو منقول من موقع الأبحاث العقائدية التابع لسماحة السيد ، كما يدَّعي مقدِّم برنامج الحوار الصريح في القناة ، فما هو ردّكم علی ادعاءاتهم ، خاصةً و أنهم يكررون ذلك كل يوم تقريباً ابتداءً من بداية شهر رمضان الجاري ، مع الشكر .
الجواب :
بسم الله الحرمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد نصّ سماحة السيد السيستاني دام ظلّه في رسالته الفتوائية ‹‹ منهاج الصالحين ›› ، في المجلد الأول ، ص ( 139 ) ، من الطبعة الأولی ، علی أن الكافر هو مَن لم ينتحل ديناً ، أو انتحل الإسلام و أنكر ما يُعلم أنه من الدين الإسلامي ، أي مما جاء به النبي (ص) ، بأن رجع إنكاره إلی تكذيب النبي (ص) في بعض ما بلَّغه عن الله تعالی .
و نظراً إلی أنّ عموم إخواننا من أهل السُنّة و الجماعة الذين ينكرون إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام يعتقدون بأن الإمامة ليست مما جاء به النبي (ص) ، فلا يكون إنكارهم لها مُضرّاً بإسلامهم وفق نظر سماحة السيد دام ظلّه .
و هذا واضح من خلال سائر فتاوی سماحته ، و منها حكمه بوجوب الصلاة علی جنازة المسلم و إن كان مخالفاً في المذهب ( لاحظ منهاج الصالحين : ج 1 ، ص 106 ) ، و حكمه بصحة زواج المؤمنة من المخالف في المذهب ( لاحظ منهاج الصالحين : ج 3 ، ص 70 ) ، و منها حكمه بأن المسلمين يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد ( لاحظ منهاج الصالحين : ج 3 ، ص 323)
و بالجملة : إن كل مطلع علی فتاوی سماحة السيد يعلم أنه يری أن عامة أهل السُنّة و الجماعة هم من المسلمين الذين تُحقن دماءهم ، و تحترم أموالهم ، و يثبت لهم سائر الأحكام المختصة بالمسلمين ، و قد صدر قبل أعوام بيان بشأن ما أثير في بعض الفضائيات حول موقف سماحة السيد في هذه المسألة .
هذا ، و أمّا موقع ‹‹ مركز الأبحاث العقائدية ›› فهو و إن نشأ برعاية مكتب سماحة السيد دام ظلّه إلّا أنه يشتمل علی آراء مختلف العلماء و الفضلاء ، و لا يمثّل رأي سماحة السيد إلّا ما هو موثق بختمه أو ختم مكتبه .
وفَّقكم الله و سدَّد خطاكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
12 رمضان المبارك 1431 ق
مكتب السيد السيستاني
النجف الأشرف
فتوی المرجع الديني الراحل آية الله السيد محمد حسين فضل الله
و أنا أنقل كلمة عن الإمام علي (ع) عندما كان في طريقه إلی صفين ، و سمع قوماً من أهل العراق يسبون أهل الشام ، فقال لهم : ‹‹ إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، و لكنكم لو وصفتم أعمالهم و ذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، و أبلغ في العذر ، و قلتم مكان سبِّكم إيّاهم : اللهمَّ احقن دماءنا و دماءهم، و أصلح ذات بيننا و بينهم ، و اهدهم من ضلالتهم ، حتی يعرف الحق مَن جَهله ، و يرعَوي عن الغيِّ و العدوان مَن لَهج به ›› ، و هذا النص موجود في نهج البلاغة .
أنا أحرّم سبّ أي صحابي ، بمن فيهم الخلفاء الراشدون ، و في هذا المجال ، أحب أن أتحدّث عن أسلوب الإمام علي (ع) في تعامله مع الخلفاء ، الذين يعتقد الشيعة أنهم هم الذين نازعوه حقه ، ففي كتابه لأهل مصر قال : ‹‹ فما راعني إلا انثيال الناس علی أبي بكر يبايعونه ، فأمسكت يدي ، حتی رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلی محق دين محمد (ص) ، فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام و أهله ، أن أری فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فَوت وِلايتكم التي إنما هی متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان ، كما يزول السراب ، أو كما يتقشّع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتی زاح الباطل و زهق ، و اطمأن الدين و تنهنه ››
لذلك نحن نتعاطی مع الخلفاء في مسألة الخلافة كما تعاطی الإمام علي بن أبي طالب (ع) الذي كان منفتحاً عليهم ، و كان يعاونهم و يشير عليهم بكل ما فيه مصلحة لهم .
أمّا أمّهات المؤمنين ، فنحن نحرّم سبهنّ ، و نقول إنّه لابدّ من إكرامهنّ إكراماً لرسول الله (ص) ، و أنا أنقل بيتاً من قصيدة لأحد علمائنا المتوفي قبل مئة سنة ، و اسمه السيد محمد باقر حجة الإسلام يقول :
فيا حميراً سبُّكِ محرّمُ                              لأجل عينٍ ألف عين تكرمُ
لذلك نحن نحرِّم سبّ أمهات المؤمنين و الإساءة إليهن ، كما نحرِّم سب الصحابة ، و قد أصدرنا فتوی في ذلك انتشرت في العالم .



بيان المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام
(حول التصريحات المثيرة للفتنة الصادرة عمّن يتظاهر بالتشيّع )
ندّد المجمع العالمي لأهل البيت (ع) بالتصريحات المثيرة للفتنة التي أطلقها شخص متظاهر بالتّشيع ، و جاء ذلك في بيان أصدره المجمع ، و فيما يلي نصّه :
بسم الله الرحمن الرحيم
النّبيُّ أَولي بِالمؤمنينَ مِن أنفسهم وَ أزواجُهُ أمّهاتُهُم و أولو الأرحامِ بعضُهم أولي ِببعضٍ . . . [الأحزاب/6]
لقد وصل إلينا خبر التصريحات الجهولة المثيرة للفتنة في حق إحدی زوجات النبي الأكرم (ص) التي أطلقها شخص يرتدي زيّ رجال الدين الشيعة ، مما أثار أسفنا الشديد .
و نحن نری أن هذه التصريحات مخالفة للشرع ، و تأتي في ظروف حرجة يواجه فيها المسلمون أشد التحديات ، و يتعرضون لهجمات شرسة من أعدائهم المتربصين بهم .
فمن جهة تواجه بعض البلدان الإسلامية غزواً أجنبياً كأفغانستان و العراق ، كما أن الكيان الصهيوني يوغل في تقتيل المسلمين في فلسطين و لبنان و يضرّج أبناء الأمة الاسلامية بدمائهم ؛ و من جهة أخری يواجه المسلمون حرباً علی مقدساتهم تجسدت في الأيام الأخيرة بنوايا بعض المتعصبين إحراق القرآن الكريم ، و كل ذلك يهدد المجتمع الإسلامي و الهوية الإسلامية ؛ و من جهة ثالثة فإن الإرهابيين التكفيريين قد لوغوا في دماء أبناء الأمة ، و نراهم يزهقون في كل يوم أرواح الكثير من المسلمين الأبرياء في باكستان و العراق و أفغانستان و سائر البلدان الإسلامية ؛ و أخيراً نری جمعاً من المتعصبين الجهلة يؤججون نار الفتنة و التكفير التي أشغلها هؤلاء الإرهابيون .
و في خضم هذه الأجواء المتأزمة سمعنا شخصاً نكرة يدعی ‹‹ ياسر الحبيب ›› ، يدلي بتصريحات ليست مخالفة للمعتقدات الإسلامية و لمباني مدرسة أهل البيت (ع) فحسب ، بل هی مخالفة للعقلانية و السياسة، و تصب في صالح الأهداف القديمة لأعداء الإسلام و مذهب أهل البيت (ع) ، و اليوم يستغل المستكبرون و الإرهابيون التكفيريون هذه التصريحات أبشع استغلال .
و تأتي هذه التصريحات لتهتك حرمة المقام الشامخ المعصوم للرسول الأكرم (ص) ، و تتعرض لحرمه الشريف ، و تسيء إساءة بشعة لعرضه الطاهر ، و تتنافی بوضوح مع تعاليم القرآن الكريم و سيرة أهل البيت (ع) .
و نحن نقتدي و نتأسی في احترام النبي الأكرم (ص) بالقرآن الكريم ، و بسيرة الإمام علي بن أبي طالب(ع) ، والسيدة فاطمة الزهراء(س) ، و الأئمة الأطهار (ع) ، و فتاوی مراجع الشيعة الكبار – خصوصاً قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي دام ظله – حيث حرَّموا الإساءة بأي نحو كان لأسرة النبي (ص) ، و لأصحابه ، و أزواجه .
و من هنا فإن توجيه التهم الباطلة غيراللائقة لبعض زوجات النبي (ص) هو ما يبتغيه أعداء الإسلام ، و هو ما أثاره المرتدّ ‹‹سلمان رشدي›› في كتابه ‹‹آيات شيطانية›› ، مما أدی إلی غضب الأمة الإسلامية عامة و الشيعة علی وجه الخصوص ، و كان علی رأس المتصدين لهذا المرتد الإمام الخميني قدس سرّه.
و لا ينبغي أن ننسی أن جذور هذه التصريحات غير اللائقة و الكاذبة تعود إلی المستعمرين و الساسة المعادين للإسلام ، و نری أيديهم القذرة تقف وراء هذه التصريحات ، و لن ينسی التاريخ المؤامرات الاستعمارية لإيجاد التفرقة بين المسلمين ، و تشتيت أبناء الأمة الإسلامية ، و مع الأسف يستثمر هؤلاء الأشخاص الذين يثيرون هذه التصريحات التسهيلات التي تقدمها لهم الدول المعادية للإسلام و للتشيع ، و يلتحقون بعملهم بصفوف عملاء الإسلام .
و المجمع العالمي لأهل البيت (ع) يدين بشدة هذه التصريحات ، و يعلن بصراحة أن هؤلاء الأشخاص لايمثلون شيعة أهل البيت (ع) ، و لاتتبع هذه التصريحات مدرسة أهل البيت و معارفهم النقية ، و من هنا يشعر أتباع النبي الأكرم (ص) و آل محمد (ص) بالأسی الشديد و التأثر العميق من هذه التصريحات الباطلة .
و المجمع العالمي لأهل البيت (ع) يناشد مراجع التقليد العظام ، و المؤسسات الشيعية و المفكرين للتنديد بهذه التصريحات ، و أن لا يسمحوا لكل جاهل و متقمص للباس رجال الدين أن يبدي تصريحات باطلة مخالفة للإسلام و للمذهب الجعفري بالخصوص مما يؤدي إلی تعكير صفو المسلمين ، و يقدم بذلك ذريعة لأعداء مدرسة أهل البيت لكي يكفروا الشيعة و يسفكوا دمائهم .
و في الختام ندعو جمع المسلمين و علماء الإسلام الواعين أن يتنبهوا لهذه المؤامرات ، و أن يتمسكوا بالقرآن الكريم و سُنّة النبي (ص) و أهل بيته الكرام (ع) ، و أن لا يسمحوا لبعض القنوات الإعلامية و المنشورات المنحرفة بشق وحدة المسلمين .
اللهمَّ إنّا نشكو إليك فقد نبيّنا – صلواتك عليه و آله - ، و غيبة وليّنا ، و كثرة عدوّنا .
ربّنا أفرغ علينا صبراً ، و ثبِّت أقدامنا ، و انصرنا علی القوم الكافرين .
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام
29 رمضان المبارك 1431 ق .

قراءة 3248 مرة