فی الیوم الأول من العام الإیرانی الجدید 1392 هـ ش، حضر سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی عصر یوم الخمیس (21/03/2013 م) وسط حشود الآلآف من زوّار مرقد الإمام علی بن موسی الرضا (ع) و أهالی مدینة مشهد المقدسة، و قدّم فی کلمة بالغة الأهمیة تقییماً للمکتسبات و التقدم فی البنی التحتیة الذی حققه الشعب الإیرانی خلال العام الإیرانی الماضی (1391 هـ ش) علی الرغم من العقبات العملیة و الإعلام و الدعایات الواسعة و الضخمة التی یبثّها أعداء الشعب الإیرانی، و أشار إلی نقاط أساسیة بخصوص قضیة المفاوضات مع أمریکا، و کذلک متطلبات الملحمة الاقتصادیة، لا سیّما ضرورة التحرّر من التبعیة للنفط، و الاهتمام الجاد بالسیاسات الاقتصادیة العامة، و المبادرة الواعیة قبل تنفیذ الأعداء لمخططاتهم. و بخصوص الملحمة السیاسیة اعتبر سماحته انتخابات رئاسة الجمهوریة التی ستقام بعد نحو ثلاثة أشهر مظهر هذه الملحمة و تجسیدها، مؤکداً علی ضرورة مشارکة کل الأذواق و التیارات السیاسیة المؤمنة بنظام الجمهوریة الإسلامیة، و تمنّی بفضل من الله و همّة الشعب الإیرانی أن تکون المشارکة فی الانتخابات واسعة، لأن انتخابات رئاسة الجمهوریة لها تأثیرها فی کل القضایا الرئیسیة فی البلاد.
و بارک الإمام الخامنئی ثانیة فی کلمته فی الحرم الرضوی الشریف للشعب الإیرانی حلول العام الجدید، معتبراً تقییم نقاط قوة البلاد و ضعفها خلال العام الماضی و البرمجة علی أساس هذه التقییمات العامة عملیة ضروریة، و أضاف قائلاً: کما أن الإنسان فی قضایاه الفردیة و الشخصیة بحاجة للتقییم و المحاسبة الدائمیة، کذلک التقییم و المحاسبة الوطنیة فی قضایا البلاد عملیة مهمة، لأن فیها العبر و الدروس النافعة للمستقبل.
و ألمح سماحته إلی أن الشعب الإیرانی و أداءه و نجاحاته مرصودة من قبل الشعوب و النخب فی مختلف البلدان للاستفادة من تجاربه، مضافاً إلی أن مکتسبات إیران و نقاط ضعفها مرصودة بدقة من قبل الأعداء أیضاً، ملفتاً: من هذه الزاویة أیضاً یجب أن یکون للشعب الإیرانی نظرته العامة و الواقعیة و تقییمه الصحیح لظروف البلاد.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامیة تقییم ظروف البلاد بمجرد النظر لأمور من قبیل الغلاء و انخفاض الإنتاج فی بعض الوحدات الإنتاجیة و الضغوط الاقتصادیة تقییماً ناقصاً و غیر صائب، مؤکداً: النظرة الصحیحة هی أن تؤخذ بنظر الاعتبار فی الساحة الهائلة الملیئة بالتحدیات للشعب الإیرانی، حالات التقدم و المکتسبات الکبری إلی جانب نقاط الضعف و المشکلات، و فی هذه الحالة ستکون نتیجة مثل هذا التقییم العام شموخ الشعب الإیرانی و بطولته.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی الأقوال الصریحة للساسة الأمریکان بإن فرض العقوبات و الحظر هو من أجل شلّ الشعب الإیرانی، مردفاً: فی هذه الساحة الملیئة بالتحدیات، استطاع الشعب الإیرانی بوعی و ذکاء و إمکانیات و قدرات عالیة أن یبدّل التهدیدات إلی فرص، و أن یخرج کالبطل الریاضی منتصراً من منازلة صعبة مکتظة بالجهد و المساعی و التعب، و یثیر استحسان و إعجاب الجمیع. و قال سماحته أیضاً: فی مثل هذه النظرة للبلاد و ظروفها، فإن بطل هذه الساحة العظیمة هو الشعب الإیرانی بالتأکید.
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: نجاحات و مکتسبات الشعب الإیرانی فی هذه الساحة الزاخرة بالتحدیات بشکلٍ أثار إعجاب حتی الواعین الدقیقین و النخبة السیاسیین و الجامعیین فی مختلف بلدان العالم، بما فی ذلک بلدن مخاصمة لإیران.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی الجماعة غیر المرتاحة دوماً لما یحققه شعب إیران من تقدّم، مؤکداً: هذه الجماعة و هم أعداء الشعب الإیرانی یستخدمون أسلوبین لمواجهة تقدمه: 1 - خلق العقبات و الموانع العملیة مثل الحظر الاقتصادی و التهدیدات و إشغال المسؤولین و النخبة و الشعب بالأمور الفرعیة التی لا تحظی بالأولویة. 2 - الإعلام و الدعایة الواسعة الضخمة للتعتیم علی تقدم الشعب الإیرانی، و تضخیم بعض نقاط الضعف.
و اعتبر سماحته سنة 91 من هذه الناحیة إحدی أکثر السنوات مشغلةً لخصوم الشعب الإیرانی مردفاً: لقد أعلنوا أن هدفهم شلّ الشعب الإیرانی و إخضاعه، لذلک إذا بقی الشعب الإیرانی مقابل کل هذه الضغوط واقفاً و حیویاً و یحقق مزیداً من التقدم فإن سمعتهم سوف تذهب أدراج الریاح.
بعدها طرح قائد الثورة الإسلامیة سؤالین: 1 - أین هو الوکر الأصلی للتآمر ضد الشعب الإیران؟ 2 - من هم أعداء هذا الشعب؟
و أکد آیة الله العظمی السید الخامنئی فی معرض جوابه عن السؤال الأول: القطب الأصلی للمؤامرات ضد شعب إیران هو أمریکا، و الیوم بعد مضی 34 عاماً متی ما ذکر اسم العدو ینصرف ذهن الشعب الإیرانی بسرعة نحو أمریکا. و أضاف سماحته قائلاً: علی المسؤولین الأمریکان أن یتأمّلوا بدقة فی هذا الموضوع، و یسألوا أنفسهم: لماذا ینصرف ذهن الشعب الإیرانی دوماً نحو أمریکا حین یذکر العدو؟
و لفت قائد الثورة الإسلامیة بخصوص أعداء الشعب الإیرانی: فضلاً عن أمریکا، و هی العدو رقم واحد و مرکز التآمر، هناک أعداء آخرون منهم الحکومة الإنجلیزیة الخبیثة، لکنها لیست مستقلة بنفسها، بل تابعة لأمریکا و مکمّلة لدور الحکومة الأمریکیة.
و لفت آیة الله العظمی السید الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه نظر الحکومة الفرنسیة إلی نقطة قائلاً: لم یکن للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة مشکلة مع الحکومة و الشعب فی فرنسا، لکن الحکومة الفرنسیة فی السنوات الأخیرة و خصوصاً فی زمن سارکوزی، انتهجت سبیل العداء الواضح ضد الشعب الإیرانی، و لا تزال هذه السیاسة الخاطئة مستمرة، و هی ممارسة غیر مدبِّرة و غیر واعیة.
و أشار سماحته أیضاً إلی الکیان الصهیونی قائلاً: الکیان الصهیونی الغاصب لیس بمستوی و حجم یخوّله لأن یعدّ فی عداد أعداء الشعب الإیرانی. و لفت قائد الثورة الإسلامیة إلی بعض التهدیدات التی یطلقها ساسة الکیان الصهیونی بخصوص الهجوم العسکری علی إیران مؤکداً: إذا صدرت عنهم حماقة فإن الجمهوریة الإسلامیة سوف تسوّی تل أبیب و حیفا بالأرض.
و لفت آیة الله العظمی السید علی الخامنئی: تطلق أمریکا دوماً علی هذا العدد القلیل من أعداء الشعب الإیرانی عبارة «المجتمع العالمی» غیر الصحیحة، و الحال أن المجتمع العالمی لم یکن أبداً فی صدد معاداة إیران الإسلامیة و الإیرانی.
و بعد شرحه للأعداء الواقعیین و المعدودین لشعب إیران، شرح سماحته مبادراتهم العدوانیة فی سنة 91 موضحاً: الأمریکان و خلافاً لإبدائهم الصداقة الظاهریة لشعب إیران، بدأوا منذ مطلع السنة الماضیة حظراً نفطیاً و مصرفیاً شدیداً و واسعاً ضد إیران، و یصرّون فی الوقت نفسه و مع وجود مثل هذه الممارسات العدوانیة الخصامیة أن لا یُعتبرون أعداءً.
و عدّ قائد الثورة الإسلامیة هذه السیاسة استمراراً لسیاسة «القبضة الحدیدیة فی القفاز المخملی» ملفتاً: خلافاً لهذه الظواهر المخادعة، بدأوا أعمالاً مخططاً لها و کانوا یتوقعون أن یستسلم الشعب الإیرانی لتعسفهم بعد عدة أشهر، و یتخلی عن نشاطاته العلمیة المتصاعدة، لکن ما حدث کان بخلاف إرادة الخصوم و توقعاتهم.
و أشار الإمام الخامنئی إلی إبداء الساسة الأمریکان ارتیاحهم لتأثیر الحظر و تصریحات بعض المسؤولین الإیرانیین بهذا الشأن، مردفاً: لقد ترک الحظر تأثیراً، و لکن لیس التأثیر الذی کانوا هم یریدونه.
و لفت سماحته قائلاً: إذا کان الحظر قد ترک تأثیراً فسبب ذلک الإشکال الأساسی فی تبعیة اقتصاد البلاد للنفط، و علیه یجب أن یکون الاقتصاد من دون نفط أحد الخطط الرئیسیة و الأولویات لدی الحکومة المقبلة.
و أشار قائد الثورة الإسلامیة إلی کلامه قبل أعوام بخصوص ضرورة الوصول إلی ظروف تتیح إغلاق آبار النفط و إدارة البلد من دون نفط، مردفاً: فی ذلک الحین تبسّم بعض السادة الذین یسمّون أنفسهم تکنوقراط ابتسامة ذات معنی، و قالوا: و هل مثل هذا الشیء ممکن؟
و أکد الإمام الخامنئی قائلاً: الوصول إلی اقتصاد من دون نفط أمر ممکن، لکنّ شرط ذلک التخطیط الصحیح و التنفیذ.
و بعد شرحه للخطوات و الممارسات العدائیة للأعداء علی الصعید الاقتصادی خلال عام 91 أشار إلی مساعیهم علی المستوی السیاسی أیضاً قائلاً: من ممارسات خصوم الشعب الإیرانی فی المجال السیاسی السعی لعزل النظام الإسلامی، إلّا أن إقامة مؤتمر عدم الانحیاز فی طهران بمشارکة رؤساء و مسؤولی بلدان عدم الانحیاز رفیعی المستوی و إعجابهم بإیران لتقدمها المذهل فی المجالات العلمیة و التقنیة و الاقتصادیة، فرض الهزیمة الساحقة علی مخططات الأعداء هذه.
و اعتبر آیة الله العظمی السید الخامنئی بعض المساعی الفاشلة علی الصعید الأمنی و السعی للحدّ من نفوذ و اقتدار الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إقلیمیاً من الخطوات و الأعمال العدوانیة الأخری للخصوم، مردفاً: المشارکة المقتدرة لإیران فی موضع الإسناد خلال حرب الأیام الثمانیة فی غزة و ترکیع الکیان الصهیونی مقابل المجاهدین الفلسطینیین، و کذلک اعتراف الخصوم بعدم إمکانیة حل قضایا المنطقة من دون مشارکة إیران، مؤشرات علی عدم جدوی ممارساتهم العدوانیة فی هذه المجالات.
و أکد قائلاً: کل هذه الضغوط و العداوات، و خصوصاً الحظر، کان لها إلی جانب آثارها السلبیة آثاراً إیجابیة أخری أهمّها تفعیل الطاقات الداخلیة و مواهب الشعب الإیرانی و تحقیق أعمال عظیمة فی ما یتعلق بالبنی التحتیة خلال العام الماضی.
بعدها أشار آیة الله العظمی الخامنئی إلی بعض نماذج التقدم و المکتسبات الکبری و التأسیسیة خلال عام 91 و التی تحققت فی ظروف الحظر، مردفاً: اکتشاف مصادر نفطیة جدیدة و مصادر جدیدة للیورانیوم، و إنشاء و تنمیة محطات الطاقة و المصافی، و الأعمال التأسیسیة فی قطاعی الطرق و الطاقة، و المکتسبات العلمیة و التقنیة المهمة من قبیل إرسال القمر الصناعی «ناهید»، و إطلاق صاروخ «پیشگام» البحثی مع کائن حیّ، و صناعة طائرات مقاتلة فوق المتطورة، و إنتاج أدویة حساسة و ذات تراکیب جدیدة، و إحراز المرتبة الأولی فی مجال تقنیات النانو فی المنطقة، و إحراز مراتب علمیة جیدة، و زیادة سرعة التقدم العلمی، و نمو عدد الطلاب الجامعیین فی البلاد، و النجاحات العلمیة فی مضمار الخلایا الجذعیة و الأشکال الجدیدة من الطاقة و الطاقة النوویة، جزء من حالات التقدم المذهلة للشباب و العلماء الإیرانیین خلال العام الذی کان من المقرّر لشعب إیران فیه أن یصاب بالشلل نتیجة الحظر.
و أکد سماحته قائلاً: الدرس الکبیر لنجاحات و مکتسبات عام 91 هو أن الشعب الحیّ لا یرکع أبداً نتیجة الحظر الذی یفرضه الأعداء و ضغوطهم و تشدّدهم.
و لفت قائد الثورة الإسلامیة: کان عام 91 فی الواقع ساحة تدریب و مناورة استطاع فیه شعب إیران التعبیر عن قدراته و تقدمه، و التعرّف فی الوقت نفسه علی بعض نقاط الضعف.
و فی استعراضه لنقاط الضعف الاقتصادیة للبلاد خلال العام المنصرم قال سماحته: تبعیة البلاد للنفط، و عدم الاهتمام للسیاسات الاقتصادیة العامة، و الانهماک فی السیاسات الیومیة، من جملة نقاط الضعف التی یجب علی مسؤولی البلاد، و خصوصاً الحکومة المقبلة، أن تهتمّ بها و أن تعلم أن البلد لا بدّ أن یکون لها سیاساته الاقتصادیة الشاملة و الواضحة و المبرمجة و المدوّنة.
و أوضح سماحته أن من الدروس الأخری فی عام 91 التأکّد من البنیة المتینة و القویة للبلاد منوّهاً: کلما کانت بنیة البلاد قویة و عمل المسؤولون بوحدة و وئام و علی أساس التدبیر، کلما انخفضت تأثیرات الخصوم العدائیة إلی أدنی المستویات.
و شدّد قائد الثورة الإسلامیة علی أن القضایا ذات الصلة بالأمن و سلامة الناس و التقدم العلمی و الاستقلال و العزة الوطنیین هی أیضاً من الأمور المهمة فی البلاد إلی جانب القضایا الاقتصادیة، مضیفاً: لقد أثبت الشعب الإیرانی بنجاحاته فی السنة الماضیة أن عدم الارتباط بأمریکا و القوی الکبری لا یسبب التخلف إطلاقاً، و لیس هذا و حسب بل یؤدی إلی التقدّم و النمو.
و بعد تقدیمه تقییماً عاماً لظروف البلاد الواقعیة فی سنة 91 أشار الإمام الخامنئی إلی نقطتین بخصوص المستقبل باستلهام الدروس من أحداث الماضی.
و کانت النقطة الأولی التی أشار لها قائد الثورة الإسلامیة تشخیص مخططات الأعداء و المبادرة الفعالة و الواعیة فی مواجهة هذه المخططات.
و أضاف السید الخامنئی فی هذا الخصوص: ما قام به العلماء الإیرانیون الشباب من تأمین الوقود المخصّب بنسبة عشرین بالمائة لمفاعل طهران البحثی بهدف إنتاج الأدویة الرادیویة نموذج لهذه المبادرات الفطنة التی یجب تعمیمها علی کل قضایا البلاد الأساسیة.
و عدّ سماحته المبادرة فی الأعمال العملیة واجب أخلاقی و عقلائی کبیر علی عاتق الحکومات و الصناعیین و المزارعین و أصحاب الرسامیل و صنّاع فرص العمل و الباحثین و المخططین العلمیین و الصناعیین و أستاذة الجامعات و المدراء الاقتصادیین و المتنزهات العلمیة و التقنیة، مؤکداً: واجب الجمیع تحصین البلد إزاء الأعداء و جعله غیر قابل للتغلغل و التأثر.
و نبّه قائد الثورة الإسلامیة: إن هذا الشیء هو أحد متطلبات الاقتصاد المقاوم.
و النقطة الثانیة التی أشار لها الإمام علی الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه هو قضیة الرسائل المتکرّرة و تصریحات المسؤولین الأمریکان للتفاوض بین الجانبین.
و أضاف سماحته قائلاً: منذ مدة و الأمریکان یوصلون بطرق متعددة رسائل یطلبون فیها المفاوضات المستقلة مع إیران بخصوص الملف النووی، لکننی انطلاقاً من التجارب الماضیة لستُ متفائلاً بمثل هذه المفاوضات.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة علی أن المفاوضات من وجهة نظر الأمریکان لا تعنی التفاوض لأجل الوصول إلی حل منطقی، مردفاً: الحوار من وجهة نظر الأمریکان یعنی أن یفرضوا علی الجانب الآخر قبول کلامهم، لذلک نعتبر دوماً مثل هذه المفاوضات أمراً مفروضاً، و الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة لا تخضع للأمر المفروض.
و أکد آیة الله العظمی الخامنئی ثانیة علی عدم تفاؤله بمثل هذه المفاوضات مضیفاً: طبعاً أنا فی الوقت نفسه لا أعارض هذه المفاوضات.
ثم بیّن سماحته بصراحة عدة مواضیع للأمریکان.
الموضوع الأول الذی أشار له السید القائد هو الرسائل المتکرّرة للأمریکان بشأن عدم نیّتهم تغییر نظام الحکم فی إیران.
و أکد سماحته فی هذا الخصوص: إننا غیر قلقین من نیّتکم تغییر نظام الجمهوریة الإسلامیة، لأنکم یوم کنتم تریدون هذا الشیء و تعلنونه بصراحة لم تستطیعوا فعل شیء، و سوف لن تستطیعوا ذلک بعد الآن أیضاً.
کما أشار سماحته إلی الموضوع الثانی و هو تأکیدات الأمریکان بأنهم صادقون فی اقتراحهم المفاوضات موضحاً: لقد قلنا مراراً إننا لا نسعی لامتلاک سلاح نووی، لکن الأمریکان یقولون إننا لا نصدّق هذا. فی مثل هذه الظروف لماذا یجب أن نصدّق نحن کلام أمریکا بشأن صدقهم فی اقتراح المفاوضات؟
و أردف قائد الثورة الإسلامیة: تصوّرنا هو أن اقتراح المفاوضات تکتیک أمریکی لخداع الرأی العام العالمی و الشعب الإیرانی، و إن لم یکن کذلک فیجب علی الأمریکان إثبات ذلک عملیاً.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه إلی أحد التکتیکات الإعلامیة الأمریکیة قائلاً: قالوا فی بعض الحالات إن بعض الأشخاص تفاوضوا من قبل القیادة فی إیران مع أمریکا، و الحال إن هذا الکلام کذب محض، و لم یتفاوض أحد لحد الآن من قبل القیادة مع أمریکا.
و أضاف سماحته: فی حالات معدودة فقط، قامت حکومات مختلفة بالتفاوض مع أمریکا فی خصوص موضوعات محدودة، و فی تلک المفاوضات أیضاً کانت الحکومة ملزمة بمراعاة الخطوط الحمراء للقیادة، و الیوم أیضاً یجب أن تراعی هذه الخطوط الحمراء.
الموضوع الثالث الذی أشار له قائد الثورة الإسلامیة بشأن التفاوض مع أمریکا هو عدم میل الأمریکا لتمخّض هذه المفاوضات النوویة عن نتیجة و انتهائها.
و أضاف آیة الله العظمی السید الخامنئی: إذا کان الأمریکان یرغبون حقاً فی حلّ الملف النووی الإیرانی فإن الحل سهل، و یجب أن یعترفوا بحق إیران فی التخصیب النووی للأغراض السلمیة.
و أوضح سماحته بأن تنفیذ المقررات الإشرافیة للوکالة الدولیة للطاقة النوویة بوسعه أن یبدد القلق، منوّهاً: تجارب الساحة و ظروفها تشیر إلی أن الأمریکان لا یسعون لحلّ هذا الموضوع، و یریدون عن طریق إبقائه إبقاء ذرائعهم للضغط علی شعب إیران، و علی حد تعبیرهم شلّ الشعب الإیرانی، لکن الشعب الإیرانی سوف لن یشلّ علی رغم أنف الأعداء.
و کانت النقطة الأخیرة فی هذا الموضوع تقدیم قائد الثورة الإسلامیة طریقة حلّ للأمریکان.
و قال آیة الله العظمی الخامنئی: إذا کان الأمریکان یریدون بصدق انتهاء الموضوع فإن حلّنا المقترح هو أن یقلعوا فی أقوالهم و أفعالهم عن معاداة الشعب الإیرانی.
و ذکّر سماحته بالسیاسات العدائیة لأمریکا ضد شعب إیران طوال الأعوام الـ 34 و هزیمة هذه السیاسات، مؤکداً: إذا استمرت هذه السیاسات فسوف تُهزم مرة أخری.
و فی الجانب الأخیر من کلمته، تحدث السید قائد الثورة عن موضوع انتخابات رئاسة الجمهوریة بالغ الأهمیة التی من المقرر أن تقام فی الرابع و العشرین من شهر خرداد قائلاً: الانتخابات تجسید للملحمة السیاسیة و اقتدار النظام الإسلامی و الإرادة الوطنیة و سمعة النظام.
و شدّد آیة الله العظمی السید الخامنئی علی أهمیة المشارکة الواسعة للشعب فی الانتخابات قائلاً: المشارکة الواسعة و الملحمیة للشعب فی الانتخابات فضلاً عن تأمین أمن البلاد، تبطل مفعول تهدیدات الأعداء و تفرض علیهم الیأس.
و أکد سماحته علی ضرورة مشارکة کل التیارات و الأذواق السیاسیة المؤمنة بالنظام الإسلامی فی انتخابات رئاسة الجمهوریة مردفاً: لا تختص الانتخابات بتیار و مشرب سیاسی معین، إنما المشارکة فی الانتخابات واجب و حق لکل الذین یهمّهم استقلال البلاد و المصالح الوطنیة.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة: الإعراض عن الانتخابات یناسب الذین یعارضون النظام الإسلامی.
و اعتبر الإمام الخامنئی أصوات الجماهیر هی الحاسم النهائی فی الانتخابات مردفاً: تشخیص الشعب فی معرفة المرشح الأصلح أمر مهم، و علی أبناء الشعب أن یحققوا و یبحثوا الأمر مع من یثقون به و یدققوا فی المرشحین لیصلوا إلی المرشح الأصلح.
و أکد سماحته علی أن القائد لیس له فی الانتخابات سوی صوت واحد، و لن یطلع أحد علی هذا الصوت، ملفتاً: أی کلام أو تصریح بشأن أن القائد یمیل إلی مرشح معین، کلام خاطئ.
و أوصی قائد الثورة الإسلامیة الشعب قائلاً: احذروا عند تشخیص المرشح الأصلح من التأثر بما یُنسب، و من التصریحات التی تُنشر فی وسائل الإعلام المتنوعة، بما فی ذلک رسائل الهواتف الجوّالة التی شاعت بشکل مکثف.
و شدّد آیة الله العظمی السید علی الخامنئی علی ضرورة خضوع الجمیع للقانون موضّحاً: بدأت أحداث سنة 88 عندما لم یشأ البعض قبول القانون و أصوات الشعب، بل دعوا الناس فی المقابل إلی التمرّد فی الشوارع، و کانت هذه من الأخطاء التی لا تعوّض.
و أضاف قائلاً: لحسن الحظ هناک آلیات قانونیة لرفع کل ألوان الشبهات، لذلک علی الکل الرضوخ لأکثریة الشعب فی الانتخابات.
و أوضح قائد الثورة الإسلامیة بخصوص ممیزات رئیس الجمهوریة القادم قائلاً: یجب أن یتحلی رئیس الجمهوریة القادم بإیجابیات رئیس الجمهوریة السابق، و یکون بعیداً عن نقاط ضعفه.
و أضاف سماحته: الذین یخوضون فی ساحة انتخابات رئاسة الجمهوریة یجب أن یکونوا ملتزمین بالثورة الإسلامیة و قیمها و بالمصالح الوطنیة و مؤمنین بإدارة البلاد بالتدبیر و العقل الجمعی.
قبل کلمة الإمام الخامنئی تحدّث آیة الله الشیخ واعظ طبسی ممثل الولی الفقیه فی خراسان و المسؤول عن سدانة الروضة الرضویة المطهرة مرحّباً بزوّار الإمام الرضا (ع)، و أشار إلی تسمیة العام الجدید قائلاً: فی سنة «الملحمة السیاسیة و الملحمة الاقتصادیة» سیحقق الشعب الإیرانی الواعی البصیر نجاحات کبری علی الصعد السیاسیة و الاقتصادیة، و سوف یتجاوز المشکلات بمساعیه و تعاطفه.