نحو ألفين من رجال الشرطة البريطانية عليهم أكثر من شكاية في انتهاكات مختلفة (رويترز)
أيوب الريمي
بعد أشهر من العمل، كشفت لجنة "كاسي" المكلفة بالتحقيق في سلوك الشرطة البريطانية عن مضامين تقريرها، وهي مضامين صادمة فضحت تورط المئات من رجال الشرطة في سلوكيات غير قانونية، من عنصرية وفساد وكراهية للأجانب ومحاولة اغتصاب.
اللجنة قادت أشغالها البارونة لويس كاسي، وهي واحدة من كبار موظفي الدولة العاملين في مجال الحماية المدنية. وتم تكليف كاسي بالتحقيق في انتهاكات القانون بعد غضب عارم ساد البلاد، إثر قيام رجل شرطة باختطاف واغتصاب وحرق جثة الشابة البريطانية سارة إيفرارد، فضلا عن قيام شرطيين بتصوير جثتين لأختين -من الأقلية السوداء- تعرضتا للقتل، وقاما بنشر هذه الصور على مجموعات "واتساب" (WhatsApp) مع تعليقات عنصرية.
هذه الحوادث وضعت الشرطة تحت ضغط كبير، دفعها لتعيين لجنة تحقيق، إضافة لعدم التجديد للقائدة السابقة للشرطة البريطانية كريسيدا ديك، التي انهالت عليها الانتقادات، كونها تساهلت كثيرا مع هذه الخروقات.
القائدة السابقة للشرطة البريطانية كريسيدا ديك (الأوروبية)
جرائم صادمة
وكشف تقرير البارونة كاسي عن آلاف الجرائم التي ارتكبت على أيدي رجال شرطة، ومنهم شرطي متهم بأكثر من 11 خرقا لقواعد العمل الأمني، ومع ذلك ما زال يواصل عمله.
وحسب التقرير، فإن 1809 من رجال الشرطة عليهم أكثر من شكاية في انتهاكات مختلفة، إضافة لكون 500 منهم يواجهون ما بين 3 إلى 5 شكايات منذ عام 2013 من دون أن تتم محاسبتهم أو متابعة هذه الشكايات.
وقالت رئيسة لجنة التحقيق إنها سمعت من أكثر من شخص في سلك الشرطة أنهم مقتنعون وباتوا يؤمنون بوجود حالات كثيرة لم تتم فيها متابعة رجال الشرطة رغم أنهم متورطون في انتهاك قواعد العمل، بل وفي قضايا إجرامية.
كما كشفت اللجنة عن نسبة كبيرة من الإفلات من العقاب في صفوف الشرطة، ذلك أن 1% فقط من رجال الشرطة الذين تورطوا في أكثر من خرق لميثاق العمل المهني -بما فيها الرشوة والفساد- قد تعرضوا للطرد، بينما بقيت الأغلبية الساحقة تمارس مهامها.
وانتقدت رئيسة اللجنة بطء عمل اللجان المعنية في سلك الشرطة بتتبع الشكايات التي يضعها المواطنون ضد بعض رجال الأمن، معتبرة أن النظر في بعض الشكايات قد يطول لأكثر من سنة وهو معدل غير مقبول من وجهة نظرها، خصوصا وأن أغلب هذه الشكايات يتم إغلاقها من دون معاقبة المشتكى عليه.
ومن بين الملاحظات المهمة في تقرير لجنة تقصي الحقائق العنصرية في التعامل مع الشكايات ضد رجال الشرطة، ذلك أنهم من البيض في الغالب ويفلتون من العقاب ويتم التساهل معهم، عكس ما يحدث مع رجال الشرطة من أصول آسيوية أو أفريقية.
واستغرب التقرير كيف أن واحدا من رجال الشرطة ارتكب كل المخالفات الممكنة دون أن تتم معاقبته، وما زال حتى الآن يمارس وظيفته؛ فالشرطي المعني قام بالتحرش والاعتداء الجنسي وإفشاء السر المهني والمعاملة غير اللائقة مع المواطنين ونشر صور فاضحة لنفسه ولم يتعرض للعقاب.
طرد المئات
وفي أول رد فعل على التقرير، أعلن المفتش العام للشرطة البريطانية السير مارك رولي أنه "مصدوم من المضامين المروعة لهذا التقرير"، وأقر المسؤول البريطاني بأن العديد من رجال الشرطة كان يجب طردهم منذ مدة طويلة، لكنهم واصلوا الحفاظ على مناصبهم.
وأعلن رولي أن المئات من رجال الشرطة سوف يتم طردهم بعد أن كشفت لجنة تقصي الحقائق تورطهم في عدد من الجرائم، ليكون هذا القرار واحدا من أكبر عمليات الطرد التي تحدث في سلك الشرطة البريطانية في تاريخها.
وقدم كبير المسؤولين الأمنيين البريطانيين اعتذاره للشعب البريطاني ولضحايا التجاوزات التي قام بها رجال الشرطة، ولأسرهم كذلك، إضافة "إلى رجال الشرطة الصادقين والملتزمين الذين كانوا يشعرون أنه تم التخلي عنهم، في مقابل محاباة رجال الشرطة المذنبين".
واعترف رئيس الشرطة -الذي تم تعيينه الشهر الماضي- بوجود "أنماط تمييز غير مقبول ضد الأقليات في سلك الشرطة ترقى إلى التحيز المنهجي ضد الضباط والموظفين الآسيويين والسود"، بل إن المتحدث أكد -بكثير من التأثر- أنه من الصعب على المرء أن يتمالك دموعه وهو يقرأ كيف عانى الناس، ولم تتم معاقبة المذنبين.
المصدر : الجزيرة