ريشي سوناك سياسي ورجل أعمال بريطاني من أسرة مهاجرة، تقلّد عدة مناصب سياسية توجها برئاسة وزراء بريطانيا. ورغم أنه ابن مهاجر فإنه يتبنى سياسة صارمة ضد المهاجرين، وهو أيضا أول رئيس وزراء بريطاني من أصول مهاجرة.
انتخب زعيما لحزب المحافظين -ومن ثم رئيسا لوزراء بريطانيا- في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد أن أعلن 155 نائبا دعمهم لترشحه، مقابل 25 فقط لزعيمة الأغلبية في مجلس العموم بيني موردنت، وذلك من أصل 357 صوتا.
ومثلما كان باراك أوباما أول رئيس أميركي أسمر ومن أصول أفريقية، فإن ريشي سوناك حقق هذا الإنجاز في بريطانيا؛ فهو من أصول هندية، ويرى مراقبون أن التاريخ أنصفه في وقت قصير، بعد أن تبيّن أن تحذيراته من خطة ليز تراس الاقتصادية ستجر على البلاد خسائر كبيرة، وذلك ما كان بالفعل.
ريشي سوناك (وسط) وزوجته يتحدثان مع الملك تشارلز الثالث (عندما كان وليا للعهد) بلندن في التاسع من فبراير/شباط 2022 (رويترز)
المولد والنشأة
ولد ريشي سوناك في 12 مايو/أيار 1980، بمدينة ساوثهامبتون في بريطانيا، لعائلة مهاجرة من أصول هندية، وغير معروفة بالاهتمامات السياسية.
هاجر أجداده من إقليم البنجاب في الهند إلى شرق أفريقيا، وفي ستينيات القرن الماضي هاجر والداه إلى بريطانيا (أبوه هاجر من كينيا وأمه من تنزانيا).
التقى هو الآخر في بريطانيا فتاة من أصول هندية فتزوجها وأنجبت له ابنتين.
الدراسة والتكوين العلمي
درس ريشي سوناك في مدرسة ستراود (تسمى أيضا مدرسة الملك إدوارد السادس) الإعدادية في بلدة رومسي القريبة من مدينة ساوثهامبتون.
سهر والده الطبيب ياشفير سوناك ووالدته الصيدلانية أوشا سوناك على توفير ظروف تعليم جيد وراق لريشي، وتوج ذلك بالتحاقه بكلية وينشتر الداخلية الخاصة، كما درس في جامعة ستانفورد، وفي جامعة أوكسفورد بقسم الاقتصاد والسياسة والفلسفة.
خلال إجازات فترة الدراسة عمل نادلا في مطعم "كاري هاوس" في ساوثهامبتون، وأثناء دراسته للحصول على الماجستير في جامعة ستانفورد التقى الطالبة مورتي، وهي ابنة الملياردير الهندي نارايانا مورتي، مؤسس شركة خدمات تكنولوجيا المعلومات العملاقة "إنفوسيس" (Infosys).
ريشي سوناك وزوجته أكشاتا مورتي مع ابنتيه أنوشكا وكريشنا أثناء تجمع لحزب المحافظين في 23 يوليو/تموز 2022 (رويترز)
التجربة المهنية
حظي سوناك بحياة مهنية ناجحة، بدأت من عمله في صيدلية أمه، مما ساعده على اكتساب خبرة في ريادة الأعمال، وصولا إلى مشاركته في تأسيس شركة استثمارية كبيرة أسهمت في مساعدة الشركات البريطانية الناشئة والصغيرة.
ويعد سوناك هذه المساعدة واجبا على السياسي لتحقيق التطور والازدهار للمستقبل، وذلك بدعم المشاريع الحرة والابتكار.
كان سوناك بارعا في الاستثمار، فأصبح مليونيرا في العشرينيات من عمره، وساعده على ذلك كونه خريج جامعات عريقة اعتاد المجتمع على كفاءة خريجيها.
ويُعرّف سوناك غالبا بأنه من أغنى السياسيين في البلاد، وهذا راجع لثروة زوجته (أكشاتا مورتي) التي تعد من أغنى نساء المملكة المتحدة، وحول ثروتها أثير كثير من الجدل بعد الكشف عن استفادة شركاتها من الملاذات الضريبية بعيدا عن بريطانيا.
التجربة السياسية
لم يكن سوناك في مراهقته من محبي الموضة واللاهثين وراءها، بل عُرف بمحافظته والتزامه السلوكي مقارنة بأقرانه، واشتهر بأنه لا يشرب الخمر كثيرا، كما أن اعتزازه بقيمه الهندوسية كان جليا في خطاباته وفي الخيط الأحمر الذي يزين به معصمه دائما.
أسهم ثراؤه السريع -الذي دعمته مصاهرته لمؤسس شركة "إنفوسيس"- في ولوجه عالم السياسة، فانتخب نائبا بحزب المحافظين في مايو/أيار 2015 عن مدينة ريتشموند الواقعة شمال مقاطعة يوركشاير معقل المحافظين، وأسهم ماله وسلطته السياسية في حجز مقعد بارز في مجتمع المحافظين ببريطانيا.
عُيّن سوناك سكرتيرا برلمانيا خاصا في إدارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في يونيو/حزيران 2017، ثم عُين وزيرا للمالية عام 2019، وتزامن تعيينه مع الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم إثر جائحة كورونا.
وفرضت الأزمة على ريشي سوناك تخصيص ميزانية إضافية لتخفيف الأثر الاقتصادي للوباء، كما قدم ميزانية طارئة بقيمة 330 مليار جنيه إسترليني لدعم الشركات والموظفين المتأثرين، ومدد هذه الخطة عدة مرات أثناء الجائحة.
سياسة صارمة ضد المهاجرين
يتبنى سوناك سياسة صارمة ضد المهاجرين، حتى إن بعض خصومه استغلوا ذلك ووصفوه بأنه "خائن للبرالية".
وبالعودة لتاريخ تصويت ريشي سوناك على قوانين الهجرة واللاجئين، فإنه كان دائما من مؤيدي أي قانون يقلص أعداد المهاجرين للبلاد، وكذلك يتشدد في موضوع استقبال اللاجئين.
وخلال قيادته وزارة الخزانة -التي تعدّ ثاني أهم وزارة بعد رئاسة الوزراء- منح كثيرا من التمويل لكل الجهود المبذولة لمنع وصول اللاجئين عبر القناة البحرية.
ولم يصدر عن سوناك أي موقف معارض للقوانين المثيرة للجدل الخاصة بالهجرة، مثل قانون الجنسية والحدود، الذي يمهد لسحب الجنسية من أي شخص حتى من دون إخباره بالأمر، أو مشروع ترحيل المهاجرين إلى رواندا، وهو مشروع ما زال مجمدا في انتظار قرار المحكمة العليا البريطانية.
المصدر : وكالات + مواقع إلكترونية