على وقع أفول نجم «الإخوان المسلمين» في مصر وارتدادات ذلك على المنطقة، كان الرئيس بشار الأسد يؤكد أنّ مشاريع المعارضة وصلت إلى ذروتها. وبالتالي، يرى الرئيس السوري أنّ بلاده ستتخطى محنتها
الرئيس بشار الأسد لا يرى احتمالاً في تغيّر المشهد السوري سوى عبر الغزو الخارجي، «الاحتمال البعيد»، في وقت يجتمع فيه «الائتلاف» المعارض لانتخاب رئيس جديد له ليعمل على «إعادة الثقة» المفقودة بينه وبين رعاته الاقليميين والدوليين.
ورأى الرئيس السوري أنّ حكومته ستتجاوز الحرب الأهلية لأنّها تحملت كل ما يمكن للمعارضة أن تفعله لإطاحته، وأنّه ليس هناك ما يمكن أن يغيّر هذا سوى التدخل العسكري الأجنبي المباشر، وهو احتمال بعيد.
واعتبر أنّ هدف أعدائه كان ضرب البنية التحتية والاقتصاد، واحداث حالة كاملة من الفوضى في المجتمع، لكن حتى الآن لم تصل البلاد إلى هذه المرحلة.
وذكر الرئيس السوري أنّ عامل التدخل المباشر غير مرجّح نظراً لوجهات نظر القوى العالمية المتباينة في المعارضة، التي يسيطر عليها بدرجة كبيرة متشددون اسلاميون. واعتبر أنّ قدرة بلاده على تفادي أن تصبح «دولة فاشلة» يرجع في جزء كبير منه إلى رجال الأعمال السوريين والعمال المستمرين في القيام بعملهم رغم الفوضى.
وفي حديثه إلى صحيفة «الثورة» الحكومية، اعتبر الأسد أنّ دولاً غربية «تدعم الارهاب في سوريا» لاعتقادها «أن هذه المجموعات التي شكّلت لها هاجساً أمنياً على مدى عقود ستأتي إلى سوريا وتقتل، وبالتالي يتخلصون منها وينقلون المعركة من دولهم ومناطق نفوذهم إلى هنا، فيتخلصون منها دفعة واحدة». وأضاف أنّ الغربيين يعتقدون أنهم من خلال هذا الدعم «يضعفون سوريا الدولة أيضاً»، وأنّ «ما يحصل الآن هو تحويل سوريا إلى أرض للإرهاب». وفي سياق متصل، اعتبر أنّ الغرب لم يعد يرى «ثورة» في سوريا، مشيراً إلى أنّ الاعلام الغربي وبعض الغربيين «المعادين» لسوريا «لم يعودوا يذكرون كلمة ثورة، يتحدثون الآن عن الإرهاب».
في هذه الاثناء، بدأ «الائتلاف» المعارض أمس اجتماعاته في اسطنبول لاختيار رئيس جديد له. وتقول مصادر مطلعة داخل «الائتلاف» أنّ القوى الدولية الداعمة له لا تريد تكرار الأزمة التي حدثت منذ نحو شهر، حين اضطر مسؤولون كبار من تركيا ودول غربية وعربية للتدخل للحيلولة دون انهياره.
وإلى اختيار الرئيس، يناقش أعضاء «الائتلاف» البالغ عددهم 114 شخصاً، تسمية وزراء رئيس «الحكومة الانتقالية» غسان هيتو، ومؤتمر «جنيف 2».
وتشمل قائمة المرشحين المحتملين لقيادة المعارضة الصباغ وأحمد جربا، وهو شخصية قبلية تربطها صلات جيدة بالسعودية. وقالت مصادر في الاجتماع إنّ من بين المرشحين التوافقيين المحتملين أحمد طعمة الخضر وبرهان غليون.
بدوره، أشار لؤي صافي، إلى أنّ كتلة ميشال كيلو اجتمعت مع أحمد الجربا قبل يومين واتفقوا على دعمه. كذلك، لفت إلى أنّ اسمه، بالإضافة إلى جورج صبرا، هما مرشحا «المجلس الوطني السوري»، على أنّ «يحسم المجلس غداً (اليوم) قراره، ويدعم اسماً واحداً».
في سياق متصل، قال مصدر رفيع المستوى في المعارضة السورية على اتصال بمسؤولين أميركيين أنّ واشنطن وضباطاً فرنسيين يركّزون على دعم وحدات للمعارضة في محافظة حلب على حدود تركيا، حيث تساعد صواريخ جديدة مضادة للدبابات على تحويل دفة القتال.
وأضاف المصدر، لوكالة «فرانس برس»، «أعتقد أننا سنسمع أنباء طيبة من حلب قريباً. لا يريد أحد أن يتكرر نقص الامدادات الذي سمح لحزب الله بالاستيلاء على القصير، ومهّد الطريق أمام الهجوم على حمص».
في موازاة ذلك، قال دبلوماسي غربي «سيكون للأميركيين الكلمة النهائية بشأن الدعم السعودي. والظاهر أن التعهدات الأميركية ضئيلة، لكن دور واشنطن كبير بشكل غير مباشر».
وقال كمال اللبواني، وهو عضو في كتلة ليبرالية بالائتلاف، إنّ «المعارضة بدأت في بناء قدراتها العسكرية من خلال المجلس العسكري الأعلى، لكن الإسلاميين لا يزالون يهيمنون على ساحة المعركة».
وأضاف أنه يتوقع زيادة في شحنات الأسلحة للمعارضة، ورفض الخطط الأميركية الروسية لعقد مؤتمر «جنيف 2»، معتبراً أنّ المؤتمر سيكون إعداداً لمزيد من القتال، مشيراً إلى أن (الرئيس بشار) الأسد لن يتخلى عن السلطة لحكومة انتقالية تأمر الجيش بسحب الدبابات من الشوارع وتفرج عن عشرات الآلاف من السجناء وتسمح بالتظاهرات.
من ناحية أخرى، عرقلت روسيا، أمس، مشروع بيان لمجلس الأمن الدولي يطالب بامكانية وصول عاملي الوكالات الانسانية بشكل عاجل إلى مدينة حمص.
ومشروع البيان يطلب من الحكومة السورية السماح للمنظمات الانسانية بالوصول بحرية الى حمص واخراج المدنيين «العالقين فيها».
لكن موسكو لم تقدم حتى الآن اقتراحاً مضاداً، كما أعلن دبلوماسي في المجلس، مشيراً إلى أنّ الروس «يريدون أن يثبتوا أنه من غير الممكن الاتفاق حول سوريا».
وخلافاً لقرار يصدر عن مجلس الأمن، فان البيان يتطلب اجماع الدول الـ15 الأعضاء من أجل اصداره.
ويطالب النص «كل الأطراف في سوريا ببذل أقصى الجهود لحماية المدنيين بما يشمل السماح لهم بمغادرة حمص وتجنب وقوع خسائر مدنية، ويذكر بالمسؤولية الأساسية للحكومة السورية في هذا الصدد».
وهذا البيان مشابه تقريباً لذلك الذي اعتمده مجلس الامن الدولي في 7 حزيران الماضي بخصوص مدينة القصير. وقد عرقلت روسيا آنذاك اعتماد النص قبل أن توافق عليه بعد سيطرة القوات الحكومية على المدينة.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية السورية أنّ واشنطن وحلفاءها يطلقون تصريحات «مضلّلة» حول حمص، «تهدف إلى التحريض ضد الحكومة السورية خاصة بعد الحملة العسكرية لاستعادة الأمان» إليها، مشيرةً إلى أنّ الحكومة السورية طالبت الصليب الأحمر «بإرسال قوافل إغاثة للمدنيين المحاصرين في هذه المدينة».