رغم ان فرنسا وألمانيا وبريطانيا ارسلت مبعوثين لإقامة علاقات مع السلطات الانتقالية في سوريا، قبل زيارة الوفد الامريكي، الا ان الانظمة العربية لم تجد فيها ضوء اخضر، لذلك كانت تنتظر الضوء الاخضرالامريكي، الذي جاء قويا، بعد أن أبلغت باربرا ليف الجولاني إلغاء بلادها المكافأة المرصودة للقبض عليه والبالغة قيمتها 10 ملايين دولار، والتي عرضتها واشنطن سابقا مقابل الحصول على معلومات عنه.
وزادت باربرا على ذلك عندما وصفت الشرع (الجولاني) بأنه” براغماتي” و رحبت بـ”الرسائل الإيجابية ”التي أعرب عنها خلال المحادثات وتضمنت تعهدا بمحاربة الإرهاب. كما سمعت منه تصريحات”عملية ومعتدلة للغاية” حول قضايا المرأة والحقوق المتساوية، مؤكدة أن المناقشات معه كانت جيدة ومثمرة للغاية ومفصلة.
ووفقا لوسائل اعلام امريكية، فان الشرع دعا السلطات الامريكية ، خلال اللقاء الذي استمر اكثر من ساعتين مع الوفد الامريكي، الى إزالة تصنيف الإرهاب عن "هيئة تحرير الشام" ورفع العقوبات الامريكية المفروضة على سوريا في زمن النظام السابق.
اللافت ان المبعوثة الأميركية، وفي موقف في غاية الوقاحة والصلف قالت أنه لن يكون لإيران أي دور على الإطلاق في سوريا، ولا ينبغي لها ذلك. وفي المقابل أكدت أن تركيا لها دور كبير ونفوذ تاريخي ومصالح أمنية وطنية في سوريا!!.
هذه المواقف كانت كفيلة لدفع كبار المسؤولين في الانظمة العربية للحج الى دمشق حيث شهدت العاصمة السورية حراكا عربيا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة، تميز بتوافد مسؤولين عرب لإجراء مباحثات مع الشرع ، من بينهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي، ووفد سعودي، بالاضافة الى مسؤوالين اتراك كبار من بينهم رئيس المخابرات إبراهيم قالن، ووزير الخارجية هاكان فيدان. واللافت ان الجميع اكدوا عن استعدادهم لمد يد العون والمساعدة للشعب السوري، ورفع العقوبات المفروضة عليه، منذ عام 2011 وحتى اليوم، وهذه الظاهرة، ظاهرة تفتق المشاعر الانسانية لهؤلاء المسؤولين العرب والمسلمين ومن قبلهم الامريكيين والغربيين على الشعب السوري، اثارت العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة هذه المشاعر الانسانية ازاء معاناة الشعب السوري المظلوم.
رغم اننا نتفهم معاداة هذه الانظمة للنظام السوري السابق، ولكن ما لا نفهمه هو لماذا حبست هذه الانظمة كل هذه المشاعر الانسانية الجياشة ازاء الشعب السوري المحاصر على مدى 13 عاما؟. لم يكن مطلوبا من هذه الانظمة ان تقيم جسورا جوية وبرية وبحرية لمساعدة الشعب السوري، وكان من المنتظر منها ان تخفف على الاقل جانبا من هذه المعاناة، وهو ما لم يحصل ابدا، بل على العكس تماما كانت كل شاحنة تحاول الدخول الى سوريا كانت تستهدف من قبل الطيران الاسرائيلي تحت ذريعة انها تحمل اسلحة الى النظام السوري.
كان حريا على هذه الانظمة واغلبها ترفع شعارات رنانة، تدافع فيها عن الشعب الفلسطيني، ان تفيض من مشاعرها الانسانية التي تحاول اغراق سوريا بها اليوم، ان تفيض على غزة واهلها الذين يتعرضون لابادة جماعية منذ اكثر من عام واربعة اشهر!.
من الواضح ان المايسترو الذي يحرك هذه الجوقة هو الذي يحرك فيهم ايضا المشاعر الانسانية في الوقت الذي يراه مناسبا، ولكن بامكان اي انسان ان يكشف نفاق وزيف السردية الامريكية لما يحدث في الشرق الاوسط، وبكل بساطة، فهي سردية تتحدث "عن احتلال ايراني لسوريا"، بينما على الارض لم يكن لايران عجلة عسكرية واحدة في سوريا. في المقابل تقول هذه السردية ان تركيا لديها دور كبير ونفوذ تاريخي ومصالح أمنية وطنية في سوريا!!. بينما على الارض الامر مختلف تماما.