-المعروف أن كرعي هذا من أبرز شخصيات حزب الليكود، بقيادة مجرم الحرب والمطلوب للعدالة الدولية، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. أي أن ما يقوله مقبول لدى حزبه وزعيمه، وبالتالي يُعد مقبولًا من باقي مكونات الحكومة، من الأحزاب اليمينية والعنصرية، مثل بن غفير وسيموتريتش.
-اللافت أن تصريحات كرعي تزامنت مع شن طائرات الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا على كفر عدرا في ريف دمشق، ما أسفر عن استشهاد 17 مدنيًا على الأقل، وفقًا لما ذكره المركز السوري لحقوق الإنسان.
-العدوان على عدرا، الذي وقع بالأمس، يأتي استكمالًا للمخطط الإسرائيلي لفرض واقع جديد على سوريا والمنطقة. إذ توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب سوريا، واحتلت المنطقة العازلة وجبل الشيخ ومناطق في حوض اليرموك بدرعا والقنيطرة، وباتت تبعد نحو 40 كيلومترًا فقط عن العاصمة دمشق. هذا بعد أن شنت أكثر من 500 غارة جوية، دمرت خلالها البنية التحتية العسكرية والعلمية في سوريا، وما تبقى من منشآت الجيش السوري.
-اللافت أكثر هو أن التوغل الإسرائيلي في عمق الأراضي السورية يتزامن مع إطلاق تصريحات مهادنة، وإرسال رسائل اطمئنان من زعماء في هيئة تحرير الشام إلى الكيان الإسرائيلي. تلك الرسائل تؤكد أن سوريا لم تعد تشكل خطرًا على "إسرائيل"، وأن الخطر الذي كان يستدعي اعتداء "إسرائيل" على سوريا قد "زال". ومع ذلك، يبدو أن الكيان الإسرائيلي لا يُلقي بالًا لمثل هذه التصريحات، أو حتى يجد الوقت لقراءة رسائل السلام المرسلة من دمشق.
-النظام السوري السابق، رغم محاولاته المتكررة لإثبات ولائه لمحور المقاومة، لم يتمكن من منع تدمير المنشآت العسكرية والعلمية في البلاد، والتي كانت هدفًا رئيسيًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل. بل إن التوجهات السياسية لهذا النظام خلال العقود الماضية لم تفلح في حماية الأراضي السورية من الأطماع الإسرائيلية المتزايدة.
-محافظ دمشق، ماهر مروان، وفي لقاء له مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية (NPR)، قال: "في الفترات الأخيرة، قد تكون إسرائيل شعرت بالخوف، فتقدمت قليلًا وقصفت قليلًا". مشيرًا إلى أن هذه المخاوف كانت "طبيعية". وأكد أنه ليس لدى الحكومة السورية الجديدة "أي خوف تجاه إسرائيل"، وأن "مشكلتنا ليست مع إسرائيل". وأضاف: "لا نريد أن نعبث بما يهدد أمن إسرائيل"، ودعا الولايات المتحدة للمساعدة في تحسين العلاقات مع إسرائيل. نفس الكلام ردده أحمد الشرع (الجولاني)، لكن بصيغة أخرى.
-رغم كل هذه التصريحات والمواقف المطمئنة للكيان الإسرائيلي، إلا أن رد زعماء الكيان، قولا وفعلا، كان سريعًا كما رأينا. وزير خارجية الكيان، جدعون ساعر، ضرب بتلك التصريحات والمواقف عرض الحائط. الأمر الذي يؤكد حقيقة ثابتة، وهي أن الكيان الصهيوني كيان سرطاني. طبيعة هذه الغدة السرطانية هي التمدد والتوسع على حساب دول الجوار عبر قضم أراضيها وضمها إليه، خاصة من سوريا ولبنان والأردن ومصر والسعودية.
-لا يأبه هذا الكيان بالتوجهات السياسية لهذه الدول، حتى لو كانت تطبّع معه. ولا يمكن لأي تصريحات مهادنة، تتحدث عن السلام مع الكيان، أن توقف شهيته لابتلاع أراضي الغير، طالما أنه يحظى بدعم أمريكي مطلق وغير محدود. كما قال الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، صراحة إن الكيان الصهيوني دولة ذات مساحة صغيرة، ويجب عليها التوسع في المستقبل القريب. فهل تقرأ الجهات التي تسيطر على دمشق هذه الرسالة قبل فوات الأوان؟