حقيقة "الخلافات" بين ترامب ونتنياهو

قيم هذا المقال
(0 صوت)
حقيقة "الخلافات" بين ترامب ونتنياهو

كثر الحديث في الاوانه الاخيرة، لاسيما في الاعلام والصحافة في امريكا و الكيان الاسرائيلي، عن توتر العلاقات بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى وصل الامر بإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ان تنقل عن مقربين من الرئيس الأميركي انه قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.

وجاء في تفاصيل الخبر الذي نقلته إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ان مقربين من ترامب أبلغوا وزير الشؤون الإستراتيجية في الكيان الإسرائيلي رون ديرمر أن ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو الذي يتلاعب به، لأن أكثر ما يكرهه ترامب هو أن يظهر كشخص يتم التلاعب به، كما تلاعب نتنياهو من قبل بالرئيسين السابقين باراك اوباما وجو بايدن.

يرى المراقبون أن ترامب وبعد ان راى عدم جدية نتنياهو بالتنسيق معه، دفعه تهميشه الى عدم الاخذ برأيه في اربع قضايا خلافية مثل توقيع ترامب اتفاقا مع اليمن واستثناء الكيان من الاتفاق، والانخراط أيضا في مباحثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، واعتبار سوريا تحت قيادة الجولاني منطقة نفوذ تركية، بينما يلوح بالافق اتفاق أميركي سعودي بشأن مشروع نووي من دون تطبيع الرياض مع تل أبيب.

يستند هؤلاء المراقبون الى "دلائل تؤيد ما يعتقدونه بشأن توتر العلاقات بين ترامب ونتنياهو، بالاضافة الى ترك الكيان الاسرائيلي وحيدا امام الصواريخ اليمنية، وتفاوضه مع ايران، دون اي تنسيق مع نتنياهو، فان إقالة ترامب لمستشاره للأمن القومي الأميركي مايكل والتز، بعد اجراء الاخير محادثات سرية مع نتنياهو، الذي ضغط من أجل القيام بعمل عسكري في إيران. واستثناء ترامب الكيان الاسرائيلي من جولته المترقبة للشرق الاوسط والتي سيزور خلالها السعودية والامارات وقطر. وكذلك كشفت وسائل إعلام في الكيان الإسرائيلي، أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ألغى زيارة كانت مقررة إلى الكيان الأسبوع المقبل، دون تحديد موعد بديل.

السفير الأميركي في الكيان الاسرائيلي مايك هاكابي رد وبشكل مباشر على الاستياء الاسرائيلي من اتفاق وقف اطلاق النار بين امريكا واليمن واستثناء الكيان من الاتفاق، بقوله ان واشنطن غير ملزمة بالحصول على إذن من تل أبيب من أجل إبرام أي نوع من الترتيبات من شأنها أن تمنع جماعة أنصار الله من استهداف سفنها. بل وسكب الملح على الجرح الاسرائيلي بقوله:"بعد حديثي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونائب الرئيس جي دي فانس، أستنتج أن تحركات واشنطن ضد هجمات الحوثيين على إسرائيل ستعتمد على ما إذا كان مواطنون أميركيون قد تضرروا أم لا"!!.

الكاتب الأميركي البارز المقرب من الكيان الإسرائيلي توماس فريدمان، ذهب الى ابعد من ذلك عندما وجه رسالة إلى ترامب في عموده بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية يوم امس الجمعة أوضح له فيها إعجابه بأسلوب تعامله مؤخرا مع نتنياهو، مؤكدا أن حكومته ليست حليفة للولايات المتحدة، وأنها تتصرف بطريقة تهدد المصالح الأميركية في المنطقة.

وخاطب فريدمان ترامب قائلا إن استثناءه الكيان الإسرائيلي من جولته المرتقبة في الشرق الأوسط وكذلك التفاوض بشكل مستقل مع حركة حماس وإيران وانصارالله ، رسالة واضحة بأن نتنياهو لا يملك أي نفوذ على ترامب، مبينا أن هذا التجاهل لا شك أنه أصاب نتنياهو ومن معه بالذعر.

وأكد فريدمان في رسالته لترامب أن عدم سماحه بأن يسيطر نتنياهو على تصرفاته مثلما فعل مع رؤساء أميركيين آخرين مسألة تحسب له، مشددا على ضرورة المحافظة على الهيكل الأمني الأميركي الذي بناه الرؤساء السابقون في المنطقة بعيد حرب 1973، والذي ظل يخدم المصالح الجيوسياسية والاقتصادية الأميركية، ويسعى نتنياهو لتقويضه حاليا.

لا يحتاج المراقب لذكاء خارق ليعرف ان سبب الخلاف بين ترامب ونتنياهو هو شخصي، فالرجلان مصابان بنرجسية واضحة، فنتنياهو يريد حرق العالم من اجل ان ينقذ نفسه من مصيره المحتوم وهو السجن. وترامب المهووس بمقولة "عظمة امريكا"، يسعى للاستحواذ على اموال وثروات الدول الاخرى، خاصة في الخليج الفارسي، لاعادة تلك "العظمة"، ويرى ان نتنياهو يضع العراقيل امام تنفيذ هذه الغاية بمغامراته الفاشلة في المنطقة، فترامب اذا ما شعر بخسارة مادية في اي منازلة فانه يتراجع دون ادنى تردد، وإلا فليس هناك رئيس امريكي خدم الكيان الاسرائيلي مثل ترامب، فهو اعترف بالقدس عاصمة الكيان الاسرائيلي، واعترف بسيادة "اسرائيل" على الجولان، وكتم على انفاس منتقدي جرائم الكيان في غزة داخل امريكا، فالرجل منح نتنياهو ما يحتاج من وقت لابادة حماس والفلسطينيين في غزة، دون جدوى، حتى ارتد ذلك سلبا على امريكا التي ما كان نتنياهو ليرتكب ما ارتكب في غزة من جرائم ضد الانسانية لولا الدعم الامريكي المطلق له ولكيانه.

الشيء المؤكد هو انه لا يجب رغم كل ما قيل، فتح اي حساب على الخلافات بين ترامب ونتنياهو، فالتجربة التاريخية اثبتت ان العلاقة بين امريكا والكيان الاسرائيلي علاقة بلد مع قاعدته العسكرية، خاصة بعد تجربة السنتين الماضيتين، فالحرب الدائرة في غزة هي حرب امريكية بامتياز قبل ان تكون حرب "اسرائيلية". فالعلاقة بين الجانبين قوية واكثر من إستراتيجية. فاي توتر بين ترامب ونتنياهو لم ولن يؤثر على امدادات الاسلحة الامريكية الى الكيان الاسرائيلي، والشيء الجديد الذي قد يطرأ على مشهد العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، هو ان تعجل العلاقة المتوترة بين ترامب ونتنياهو، في سقوط نتنياهو. فـ"اسرائيل" تعرف انه لولا امريكا لما بقيت كل هذه الفترة، لذلك سيتم التضحية بنتنياهو من اجل بقاء "اسرائيل"، وترامب اكثر حرصا من نتنياهو على "اسرائيل".

قراءة 3 مرة