كيف يحقّق المؤمن الفلاح؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كيف يحقّق المؤمن الفلاح؟

 إنّ الله سبحانه تعالى أولى عناية خاصّة لصفات المؤمنين، واختار لهم سورة خاصّة باسمهم وهي سورة "المؤمنون"، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ...﴾.
 
وكلمة "أفلح" في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾: مشتقّة من الفلح والفلاح، وتعني في الأصل الحرث والشقّ، ثمّ أُطلقت على أيّ نوع من النصر والوصول إلى الهدف والسعادة، فالمنتصرون والفائزون يزيلون من طريقهم كلّ الموانع والحواجز والحجب، لينالوا الفلاح والسعادة، ويشقّون طريقهم لتحقيق أهدافهم في الحياة.
 
فإذا أردا المؤمن أن يكون من المفلحين، فعليه التحقّق بالصفات الآتية:

1- الخشوغ: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾: "اعتبر القرآن الخشوع صفة المؤمنين، وليس إقامة الصلاة، إشارة منه إلى أنّ الصلاة ليست مجرّد ألفاظ وحركات، لا روح فيها، ولا معنى، وإنّما تظهر في المؤمن حين إقامة الصلاة حالة توجّهه إلى الله، تفصله عن الغير وتلحقه بالخالق.."[1].
 
2- الإعراض عن اللغو: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾: أي ما لا يغنيهم من القول أو الفعل، كاللعب والهزل، وما توجب المروّة إلقاءه وإطراحه.
 
3- الزكاة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾: "أي يؤدون ما يجب عليهم في أموالهم من الصدقات، وسمّيت زكاة، لأنّه يزكو بها المال عاجلاً وآجلاً"[2].
 
4- العفّة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾: الآية فيها إشعار واضح بالمدح، أي يمدحهم على حفظ فروجهم عمّا أمروا بحفظه وعلى عدم حفظها عمّا أبيح لهم.
 
5- حفظ الأمانة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ﴾: والأمانات ضربان: أمانات اللَّه، وأمانات العباد، فأمانة اللَّه تعالى هي العبادات كالصيام والصلاة وغيرها من الأفعال المكلّف بها، وأمانات العباد هي مثل الودائع والشهادات وغيرها. وأمّا العهد فعلى ثلاثة أضرب: أوامر اللَّه، ونذور الإنسان، والعقود الجارية بين الناس. فيجب على الإنسان الوفاء بجميع ضروب الأمانات والعهود والقيام بما يتولّاه منها"[3].
 
6- مراعاة العهد: ﴿وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾: هذه الآية الكريمة تكون في جهة بيان الأوصاف للمؤمنين، فتبيّن أنّ رعاية العهد والوفاء به من صفات المؤمنين الواجبة عليهم.
 
7- المحافظة على الصلاة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾: أي يواظبون عليها ويؤدّونها في أوقاتها، من غير تقديم على الوقت ولا تأخير عنه.
  


[1] الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب، إيران - قم، 1426ه، ط1، ج10، ص419، صفات المؤمنين البارزة.
[2] الطوسيّ، الشيخ محمّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العامليّ، دار إحياء التراث العربيّ، مطبعة مكتب الإعلام الإسلاميّ، إيران، 1409ه، ط1، ج7، ص 348.
[3] الكاظمي، الجواد، مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام، تحقيق الشيخ محمّد باقر شريف زاده، المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة، إيران، ج3، ص 154، النذر والعهد واليمين.

قراءة 364 مرة