ليلة 23 من شهر رمضان المبارك، إحدى الليالي الوترية في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، تُعرف لدى بعض المسلمين بـ”ليلة الجهني”، وهي من الليالي التي يُحتمل أن تكون ليلة القدر، التي قال الله عنها: “ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر”
وكالة أنباء الحوزة - ليلةُ الجُهَني ليلةٌ مباركة جاء ذكرها في عدد من الروايات والأحاديث، وهي ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك والتي يُتوقع أن تكون ليلة القدر.
أما سببُ تسميتها بالجُهني كما صرَّح بذلك الشيخ الصدوق (1) (قدَّس الله نفسه الزَّكية) فيعود إلى نسبتها إلى رجل من أصحاب النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) يُسمى بعبد الله بن أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِي الْجُهَنِي (2) إثرَ حديثٍ جرى بينه وبين الرسول (صلى الله عليه وآله).
ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني
أما قصته فهي كما ترويها الأحاديث والروايات كالتالي:
رَوى مُحَمَّدُ بْن يُوسُف عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (3) (عليه السَّلام) يَقُولُ:
"إِنَّ الْجُهَنِيَّ أَتَى النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِبِلًا وَغَنَماً وَغِلْمَةً وَعَمَلَةً، فَأُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا (4) فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَسَارَّهُ فِي أُذُنِهِ (5)، فَكَانَ الْجُهَنِيُّ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ دَخَلَ بِإِبِلِهِ وَغَنَمِهِ وَأَهْلِهِ (6) إِلَى مَكَانِهِ" (7) .
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (8) (عليهما السلام) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّيَالِي الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
فَقَالَ: " لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَلَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَلَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ".
وَقَالَ: "لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ هِيَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ".
"وَحَدِيثُهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): إِنَّ مَنْزِلِي نَاءٍ عَنِ الْمَدِينَةِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا؟
فَأَمَرَهُ بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ" (9) .
ويبدو أن المسلمين لمَّا تعودوا رؤية الجهني في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان فقط خلال السنة لإنشغال هذا الرجل بإبله وغنمه وعدم تمكنه من الحضور في غيرها من الأيام والليالي لذلك أسموا هذه الليلة بإسمه .
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يُستفاد من مجموع الروايات والأحاديث الواردة بهذا الشأن أن المسلمين آنذاك فهِموا بصورة غير مباشرة من إسْرارِ النبي (صلى الله عليه وآله) للجُهَني، وما لَحِقَ ذلك اللقاء من مواظبة الجُهني على إحياء هذه الليلة والحضور في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة المنورة للعبادة والذكر أن ليلة الثالث والعشرين هي ليلة القدر.
1. الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، والمتوفى سنة: 381 هجرية، في كتابه من لا يحضره الفقيه: 2 / 161، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران.
2. نسبة إلى جُهَيْنَة، وهي قبيلة معروفة، راجع مجمع البحرين: 6 / 230، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف/ العراق ، والمتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، والمدفون بالنجف الأشرف / العراق، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران .
3. أي الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)، خامس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
4. أي أدخل فيها المدينة.
5. أي أسَرَّ له حديثاً في أذن ، بحيث لم يطلع على ذلك أحد.
6. وفي مستدرك وسائل الشيعة زيادةٌ، وهي: وَوُلْدِهِ وَغِلْمَتِهِ، فَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَصْبَحَ خَرَجَ بِمَنْ دَخَلَ بِهِ، فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ، راجع: مستدرك وسائل الشيعة: 7 / 469، للشيخ المحدث النوري، المولود سنة: 1254 هجرية، والمتوفى سنة: 1320 هجرية، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1408 هجرية، قم / إيران.
7. تهذيب الأحكام: 4 / 330، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، والمتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية / شمسية، طهران / إيران.
8. أي الإمامين محمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام).
9. من لا يحضره الفقيه: 2 / 160، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، والمتوفى سنة: 381 هجرية، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران .