emamian

emamian

شكّلتْ مدرسةُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) منبعاً صافياً لأتباعهم، ولا سيّما في عصر الغيبة؛ فمن مواقفِهم التي نقلَها لنا الرواةُ من أصحابهم تُستَخرجُ الخطوطُ العامة التي ترسمُ ملامحَ المجتمع، ولا سيّما عندما يكونُ للشيعة كيانُهم المستقلُّ، وعندما يتصدَّون بالفعل للمهامِّ والوظائفِ الواجبةِ واللازمةِ في ظلِّ قيادةِ العلماءِ؛ كالإمامِ الخمينيّ (قدّس سرّه).

ومن مفاصلِ السيرةِ التربويةِ للأئمّةِ (عليهم السلام) ما جرى معَ الإمامِ الحسنِ بنِ عليٍّ (عليهما السلام)، حيثُ آلتِ الأمورُ إلى إيقاعِ الصُلحِ المعروف، وفي هذا الصلحِ لا بدَّ من أنْ نلحظَ الآتي:

1- إنَّ هذا الصلحَ شكَّلَ مرحلةً جديدةً من مسيرةَ أهلِ البيت (عليهم السلام)، وهي في غايةِ الأهميّة مِن حيثُ النتائج. يتحدَّثُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظهُ الله) عمّا قامَ به الإمامُ الحسنُ بعد الصلح، قائلاً: «إنَّ الأمرَ جرى تنظيمُه بعد صلحِ الإمامِ الحسنِ المجتبى (عليه السلام) بذكاءٍ وحنكةٍ بنحوٍ لا يدخل فيه (عليه السلام) الإسلامُ والنّهضةُ الإسلاميّةُ في نفقِ الخلافةِ بما تحملُه من مواصفاتِ الملكيّة، وهذا كان فنَّ الإمامِ الحسنِ المجتبى (عليه السلام). فقد قام هذا الإمامُ بعملٍ جعلَ تيّارَ الإسلامِ الأصيلِ -الذي كانَ قدِ انطلقَ من مكّةَ ووصلَ إلى الحكومةِ الإسلاميّةِ وإلى زمنِ أميرِ المؤمنينَ، وإلى زمنِه هو- يسيرُ في مجرًى آخرَ، غايةَ الأمرِ أنّه، وإنْ لمْ يكنْ على شكلِ حكومةٍ؛ لأنّ ذلكَ لم يكنْ ممكناً، فعلى الأقلِّ جرى مرّةً أخرى على شكلِ نهضةٍ. كانت هذه المرحلةُ الثالثةُ للإسلام. مرّةٌ أخرى، نهض الإسلامُ، الإسلامُ الأصيلُ، الإسلامُ المقارعُ للظلمِ، الإسلامُ الّذي لا يُداهِنُ، الإسلامُ البعيدُ عن التحريفِ، والمنزّهُ من التحوّلِ إلى ألعوبةٍ تتقاذفُها الأهواءُ والنزوات. لقد بقيَ، ولكن بقيَ على شكلِ نهضةٍ».

2- إنّ هذا الصلحَ شكَّلَ درساً لضرورةِ أن يمتلكَ الناسُ الوعيَ السياسيَّ والبصيرةَ؛ لأنَّ من أهمِّ الأسبابِ التي جعلتِ الإمامَ (عليه السلام) يذهبُ باتجاهِ الصلحِ هو ضعفَ تحليلِ الوقائعِ السياسيّةِ لدى عامَّةِ الناس، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ: «لقد ذكرتُ كثيراً أنّه عندما تفتقدُ الأمّةُ القدرةُ على التحليل، فستُخدَعُ ويكونُ مصيرُها السقوط. إنّهم .. لم يكنْ لهم قدرةٌ على التحليل، ولم يتمكّنوا من فَهمِ تداعياتِ الأمورِ وما الذي يدورُ حولَهم».

3- إنَّ الزمنَ عندما يكونُ زمنَ فتنةٍ تختلطُ الأمورُ على الناس، فينجرفُ بعضُهم إلى المكانِ الخطأ، وهذا هو ما جرى في زمنِ الإمامِ الحسنِ (عليه السلام)، يقول الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظله): «عندما تعلو غبرةُ الفتنِ الغليظة، نتذكّرُ عهدَ الإمامِ الحسنِ (عليه السلام)، وأنتم تعلمونَ ما الذي حدثَ آنذاك... فقد كان زمانُه زمانَ شبهةٍ وحربٍ مع الكفّارِ المقنّعين، مِن الذين يتمكّنونَ من تسخيرِ شعاراتِهم لأهدافِهم، لقدْ كانَ زماناً صعباً للغاية، ولم يكن هناك بدٌّ من الحذرِ فيه».

ففي أيّ زمانٍ مشابهٍ، حيث تعلو أصواتُ الفتنة التي تريدُ تقسيمَ المجتمع، وهي تحملُ شعاراتٍ جوفاءَ أو تستغِلُّ بعضَ المعاناةِ التي يعيشها الناسُ لتواجِهَ الحقّ، تظهرُ ضرورةُ أنْ يضعَ الإنسانَ الأهدافَ العليا أمامَه، وأنْ يتّسمَ بالبصيرةِ السياسيّةِ، وأنْ لا ينجرفُ إلى المكانِ الخطأ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

الكاتب: كاترين بنهولد

المصدر: نيويورك تايمز

وباء كورونا يهز الافتراضات الأساسية حول استثنائية الولايات المتحدة. ربما تكون هذه هي الأزمة العالمية الأولى منذ أكثر من قرن حيث لا أحد يبحث عن واشنطن كي تتولى القيادة العالمية.

كتبت مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في برلين تحقيقاً تناول كيف يرى الأوروبيون تأثير أزمة فيروس كورونا على صورة الولايات المتحدة وقيادتها العالمية. والآتي ترجمة نص التحقيق:

في الوقت الذي انتشرت فيه صور عنابر المستشفيات المكتظة وطوابير العاطلين عن العمل في أميركا، في جميع أنحاء العالم، ينظر الناس على الجانب الأوروبي من المحيط الأطلسي إلى أغنى وأقوى دولة في العالم بعدم الثقة.

وقال هنريك إندرلين، رئيس جامعة هيرتي التي تتخذ من برلين مقراً لها وتركز على السياسة العامة: "عندما يرى الناس هذه الصور لمدينة نيويورك يقولون: "كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف يكون ذلك ممكناً؟. كلنا فوجئنا. انظر إلى طوابير البطالة. اثنان وعشرون مليون شخص".

وقال تيموثي غارتون آش، وهو أستاذ التاريخ الأوروبي في جامعة أكسفورد وهو أطلسي متحمس: "أشعر بحزن ويأس".

لقد أدى الوباء الذي يجتاح العالم إلى أكثر من مجرد إزهاق الأرواح وسبل العيش من نيودلهي إلى نيويورك. إنه يهز الافتراضات الأساسية حول الاستثنائية الأميركية - الدور الخاص الذي لعبته الولايات المتحدة لعقود بعد الحرب العالمية الثانية كانعكاس لقيمها وقوتها جعلتها رائدة عالمية ومثالاً للعالم.

واليوم يقودها الوباء بطريقة مختلفة: تم تشخيص أكثر من 840000 أميركي مصاب بـفيروس كورونا وتوفي منهم 46464 على الأقل، أكثر من أي مكان آخر في العالم.

ومع ظهور الكارثة، لا يتجادل الرئيس دونالد ترامب وحكام الولايات حول ما يجب فعله فحسب، بل أيضاً حول من لديه السلطة للقيام بذلك. أثار ترامب احتجاجات ضد إجراءات السلامة التي حض عليها المستشارون العلميون، وحقائق مشوهة حول الفيروس ورد الحكومة بشكل شبه يومي، واستخدم هذا الأسبوع الفيروس لوقف إصدار بطاقات الإقامة الخضراء للأشخاص الذين يسعون للهجرة إلى الولايات المتحدة. 

وقال دومينيك مويزي، وهو عالم سياسي وكبير المستشارين في معهد مونتين ومقره باريس: "إن أميركا لم تكن سيئة، بل كانت سيئة للغاية". وأشار مويزي إلى أن الوباء قد كشف عن نقاط القوة والضعف في كل مجتمع تقريباً. لقد أثبت قوة الدولة الصينية الاستبدادية ومنعها لنشر المعلومات لأنها فرضت إغلاقاً في مدينة ووهان. لقد أظهرت قيمة الثقة العميقة لألمانيا وروحها الجماعية، حتى مع التأكيد على إحجام الدولة عن التقدم بقوة وقيادة أوروبا.

وفي الولايات المتحدة، كشف الوباء عن نقطتي ضعف كبيرتين، في نظر العديد من الأوروبيين، ضاعفتا بعضهما البعض: القيادة غير المنتظمة للرئيس ترامب، الذي لديه خبرة قليلة وكثيراً ما رفض اتباع نصيحة مستشاريه العلميين، وغياب نظام قوي للرعاية الصحية العامة وشبكة أمان اجتماعي.

 قال مويزي: "أميركا استعدت لنوع خاطئ من الحرب. لقد أعدت لهجمات 11 / 9 جديدة، ولكن بدلاً من ذلك جاء فيروس". ويطرح سؤالاً: "هل أصبح لدى أميركا النوع الخطأ من السلطة مع النوع الخاطئ من الأولويات؟".

منذ أن انتقل ترامب إلى البيت الأبيض وحول "أميركا أولاً" إلى شعار إرشادي لإدارته، كان على الأوروبيين أن يعتادوا على رغبة الرئيس غير الرسمية في المخاطرة بتحالفات استمرت عقوداً طويلة وبتمزيق الاتفاقات الدولية. في وقت مبكر، وصف ترامب حلف الناتو بأنه "عفا عليه الزمن" وسحب دعم الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن المناخ والاتفاق النووي الإيراني.

ولكن ربما تكون هذه هي الأزمة العالمية الأولى منذ أكثر من قرن حيث لا أحد يتطلع إلى الولايات المتحدة لقيادة العالم.

في برلين، قال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس لمجلة دير شبيغل أخيراً إن الصين اتخذت "إجراءات استبدادية للغاية، بينما تم التقليل من أهمية الفيروس في الولايات المتحدة لفترة طويلة". وأضاف: "هذان طرفان متطرفان، ولا يمكن لأي منهما أن يكون نموذجاً لأوروبا".

لقد قصت أميركا ذات مرة قصة أمل، وليس فقط للأميركيين. فقد عرف الألمان الغربيون مثل السيد ماس، الذي نشأ على الخط الأمامي للحرب الباردة ، تلك القصة عن ظهر قلب، وآخرون كثيرون في العالم صدقوها. لكن بعد ما يقرب من ثلاثة عقود، قصة أميركا في مشكلة.

الدولة التي ساعدت في هزيمة الفاشية في أوروبا قبل 75 سنة الشهر المقبل، ودافعت عن الديمقراطية في القارة في العقود التالية، تقوم بحماية مواطنيها بطريقة أسوأ من العديد من الأوتوقراطيات والديمقراطيات.

هناك مفارقة خاصة: أصبحت ألمانيا وكوريا الجنوبية، وهما منتجا القيادة الأميركية المستنيرة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مثالان قويان على أفضل الممارسات في أزمة فيروس كورونا.

لكن النقاد يرون الآن أن أميركا تفشل ليس فقط في قيادة استجابة العالم، ولكن أيضاً تخلت عن شعبها.

وقال ريكاردو هاوسمان، مدير مختبر النمو في مركز التنمية الدولية بجامعة هارفارد: "لا توجد قيادة عالمية ولا قيادة وطنية ولا قيادة فدرالية في الولايات المتحدة. إلى حد ما هذا هو فشل قيادة الولايات المتحدة في الولايات المتحدة".

بالطبع، بعض الدول في أوروبا أغرقها الوباء، حيث كان عدد القتلى نتيجة فيروس كورونا أعلى بكثير كنسبة مئوية من السكان في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا مقارنة بالولايات المتحدة. ولكن تم ضربها في وقت أقرب وكان لديهم وقت أقل للاستعداد والتفاعل.

والتناقض بين كيفية استجابة الولايات المتحدة وألمانيا للفيروس لافت للنظر بشكل خاص. وفي حين تم انتقاد المستشارة أنجيلا ميركل لعدم قيامها بدور قيادي قوي بما فيه الكفاية في أوروبا، يتم الإشادة بألمانيا لاستجابتها المنظمة للوباء، على الأقل بالمعايير الغربية، وذلك بفضل نظام رعاية صحية عام قوي، ولكن أيضاً استراتيجية اختبار جماعي وقيادة سياسية موثوقة وفعالة.

فعلت السيدة ميركل ما لم يفعله السيد ترامب. لقد كانت واضحة وصادقة بشأن المخاطر مع الناخبين وسريعة في ردها. لقد حشدت جميع حكام الولايات الـ16 خلفها. هي عالمة فيزياء مدربة، اتبعت النصائح العلمية وتعلمت من أفضل الممارسات في أماكن أخرى.

منذ وقت ليس ببعيد، اعتبرت السيدة ميركل قوة سياسية مستهلكة، بعد أن أعلنت أن هذه ستكون ولايتها الأخيرة. الآن بلغت معدلات تأييدها 80 في المائة.

قال غارتون آش: "لديها عقل عالمة وقلب ابنة القس".

وبسبب تعجله لإعادة ترشيد الاقتصاد في سنة انتخابية، عين ترامب لجنة من رجال الأعمال التنفيذيين لرسم مسار الخروج من الإغلاق.

تود ميركل، مثلها مثل الجميع، أن تجد مخرجاً أيضاً، لكنها حذرت الألمان هذا الأسبوع من توخي الحذر. إنها تستمع إلى نصيحة لجنة متعددة التخصصات من 26 أكاديمياً من الأكاديمية الوطنية للعلوم في ألمانيا. لا تضم ​​اللجنة خبراء طبيين واقتصاديين فحسب، بل تشمل كذلك علماء النفس السلوكي وخبراء التعليم وعلماء الاجتماع والفلاسفة والخبراء الدستوريين.

وقال رئيس الأكاديمية جيرالد هاوج، الذي يرأس اللجنة الألمانية: "إنك بحاجة إلى نهج شامل تجاه هذه الأزمة. سياسيونا يحصلون على ذلك".

اعتاد هوغ، عالم المناخ، على إجراء الأبحاث في جامعة كولومبيا في نيويورك. وقال إن الولايات المتحدة لديها بعض من أفضل وألمع العقول في العالم في مجال العلوم. وأوضح أن الاختلاف هو أنه لم يتم الاستماع إليهم. وأضاف "إنها مأساة".

وحذر البعض من أن التاريخ النهائي لكيفية أداء البلدان بعد الوباء لا يزال بعيداً جداً عن الكتابة.

وقال غارتون آش، أستاذ التاريخ، إن الوباء هو نوع محدد للغاية من اختبارات الإجهاد للأنظمة السياسية. لم يتغير ميزان القوة العسكرية على الإطلاق. لا تزال الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم. ولم يكن من الواضح تماماً ما هي المنطقة العالمية الأكثر استعداداً لبدء النمو بعد الركود العميق. وأضاف: "ستواجه جميع اقتصاداتنا اختباراً رهيباً. لا أحد يعرف من سيخرج أقوى في النهاية".

كتب بنجامين حداد، وهو باحث فرنسي في المجلس الأطلسي، أنه بينما كان الوباء يختبر القيادة الأميركية، فإن "من السابق لأوانه معرفة" ما إذا كان سيحدث أضراراً طويلة المدى. وقال حداد: "من المحتمل أن تلجأ الولايات المتحدة إلى موارد غير متوقعة، وفي الوقت نفسه تجد شكلاً من أشكال الوحدة الوطنية في سياستها الخارجية فيما يتعلق بالمنافسة الاستراتيجية مع الصين، والتي كانت تفتقر إليها حتى الآن".

وأشار مويزي إلى أن هناك ورقة جامدة أخرى على المدى القصير. تجري الولايات المتحدة انتخابات في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل. وقد يؤثر ذلك، وأيضاً عواقب الأزمة الاقتصادية الأعمق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، على مسار التاريخ. فقد أدى الكساد الكبير إلى ظهور أميركا الجديدة. ورأى مويزي أن فيروس كورونا قد يقود الولايات المتحدة إلى تبني شبكة أمان عام أقوى وتطوير توافق وطني حول الرعاية الصحية التي يسهل الوصول إليها.

وقال مويزي: "الأنظمة الديمقراطية الاجتماعية في أوروبا ليست أكثر إنسانية فحسب، بل إنها تجعلنا أكثر استعداداً وملاءمة للتعامل مع أزمة كهذه من النظام الرأسمالي الأكثر وحشية في الولايات المتحدة".

قد يخشى البعض أن الأزمة الحالية يمكن أن تعمل كمسرع للتاريخ، مما يسرع من تراجع نفوذ كل من الولايات المتحدة وأوروبا.

قال مويزي: "في وقت ما في عام 2021 سنخرج من هذه الأزمة وسنكون في عام 2030. سيكون هناك المزيد من آسيا في العالم وأقل من الغرب".

وقال غارتون آش إن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ عبرة عاجلة من سلسلة طويلة من الإمبراطوريات التي صعدت وسقطت. وأضاف: "بالنسبة للمؤرخ، لا شيء جديد، هذا ما يحدث. إنها قصة مألوفة للغاية في تاريخ العالم أنه بعد فترة معينة من الوقت تنخفض القوة". وأوضح: "أنت تراكم المشاكل، ولأنك لاعب قوي، يمكنك تحمل هذه الاختلالات لفترة طويلة. حتى يحدث شيء ما ولا يمكنك بعد ذلك".

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم

كلمة الإمام الخامنئي (دام ظلّه) في جلسة الأنس بالقرآن_25-4-2020

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

تهنئة كل مسلمي العالم بحلول شهر رمضان
أتقدم بجزيل الشكر للأخوة الأعزاء الذين أعدّوا ونظّموا هذا البرنامج وأسعدونا اليوم بتلاوة الآيات القرآنية الكريمة؛ كذلك أشكر من صميم القلب كل القرّاء المحترمين الذين قدّموا التلاوات اليوم، لقد استمتعنا حقًّا، واستفدنا، وانتفعنا من هذه التلاوات، كذلك أشكر المذيع المحترم الذي أدار الجلسة بشكل جيد.

أولًا، أبارك لجميع الذين يسمعون هذا الحديث وجميع الإخوة المسلمين في جميع أنحاء العالم حلول شهر رمضان المبارك، وأرجو أن يوفقنا الله لأداء حق هذا الشهر. إنّه شهر القرآن؛ وفي الآية الكريمة من القرآن، عندما يذكر اسم شهر رمضان، يذكر: «الذي أُنزِلَ فیهِ القُرآن»(2). هذه ميزة مهمة جدًّا لهذا الشهر العزيز والشريف.

سعادة الدنيا والآخرة رهن بالعمل بالقرآن الكريم
لقد دوّنتُ بعض الأفكار، لكي أتحدّث حول القرآن، ولكن ليس هناك وقت كافٍ، هناك القليل من الوقت؛ سأطرحها باختصار. لطالما تحدّثنا عن القرآن مرارًا، وسمعنا تكرارًا أن القرآن هو كتاب الحياة. وهذه هي حقيقة الأمر أيضًا: القرآن كتاب الحياة. إذا طابق البشر قواعد الحياة مع القرآن، فسيحظون بسعادة الدنيا والآخرة. مشكلتنا هي أننا لا نقوم بهذا العمل؛ مشكلتنا هي أننا لا نطابق الحياة مع قواعد القرآن؛ مثلنا كشخص يذهب إلى الطبيب ويأخذ وصفة طبيّة، لكنه لا يتّبع هذه الوصفة. لن يكون لهذه الزيارة إلى الطبيب نفع بدون العمل بالوصفة الطبية؛ هذا هو وضعنا اليوم.

القرآن كتاب العلم والمعرفة، وهو قانون للحياة أيضًا
القرآن هو كتاب العلم والمعرفة، أي إنه يروي القلب والعقل البشري- القرآن بالنسبة لأولئك الذين هم أهل معرفة وحب تعلم هو ينبوع لا ينفد- ولكن بالإضافة إلى ذلك، القرآن قانون الحياة أيضًا؛ بالإضافة إلى البعد المعرفي وكسب المعرفة، القرآن لديه تعليمات عملية للحياة؛ أي إنه يقوم بعمارة الحياة، يمنح الحياة أمانًا وسلامًا وراحة. «يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام» (3). يدلّ الإنسان على طرق السلامة، طرق الأمان وطرق الطمأنينة والسكينة في الحياة. لطالما كان البشر وعلى مر التاريخ، يعانون القمع والتمييز والحرب وانعدام الأمن وسحق القيم، واليوم هم كذلك أيضًا؛ القرآن هو سبيل علاج كل هذا. إذا عملنا بالقرآن، ستُحلّ كل هذه المشاكل. أي إن المجتمعات البشرية إذا اتّبعت التعليمات العملية للقرآن - التي سأعرض بعضها باختصار وبقدر الوقت المتبقي – ستنجو من كل هذه المشاكل. في ظاهر القرآن هذا، هناك الآلاف من قواعد الحياة. قال أمير المؤمنين: «إن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق» (4)، أنيق يعني رائع وجميل. إن ظاهر القرآن رائع وجميل؛ بالنسبة لمن هم من أهل النظرة الجمالية، فإن القرآن فريد من نوعه في جماله وروعته، لكن باطنه عميق كذلك.

تعاليم القرآن العملية للحياة:
1)
عدم جعل الحياة الدنيا محورًا
هذه الأمور التي أقول إنها موجودة في القرآن وهي درس في الحياة، تتعلق بظاهر القرآن؛ إنها ترتبط بما أفهمه أنا العبد وأمثالي من القرآن؛ وإلّا فإن ما يفهمه الكمّل من أهل التوحيد والراسخون في العلم من القرآن، ما يفهمه أولياء الله هو بواطن القرآن وبحر القرآن العميق، فإن القرآن أعمق بكثير من هذه الكلمات؛ ما أقوله هو، إن هذه الآلاف من قوانين الحياة هي من الأشياء التي نستفيدها من ظاهر القرآن.
حسنًا، هذه الأشياء العملية: بعضها يتعلق بتنظيم قواعد الحياة؛ على سبيل المثال، خذوا مثلا «فَمِنَ النّاسِ مَن یَقولُ رَبَّنا آتِنا في الدُّنیا وما لَه في الآخِرَةِ مِن خَلاق»(5)؛ فالبعض يحصرون جميع قواعد الحياة البشرية والمحبة والصداقات والعداوات والعلاقات والأهداف والدوافع في أمور الدنيا؛ ماذا تعني الدنيا؟ تعني المال، تعني السلطة، تعني الشهوة؛ هذا هو المراد من الدنيا هنا. فصداقتهم لهذه الغايات، عداوتهم لهذه الغايات، تواصلهم وعلاقاتهم لهذه الغايات، سعيهم لهذه الغايات، أهدافهم لهذه الغايات؛ وهذا ما يرفضه الله سبحانه وتعالى. يرفض بناء قاعدة كهذه للحياة؛ «وما لَه في الآخِرَةِ مِن خَلاق». هؤلاء سيحصلون على أشياء في هذه الحياة الدنيوية - في هذه الحياة المؤقتة والقصيرة -، ولكن في الحياة الأصلية والحقيقية والأخروية حيث حياة الإنسان هناك؛ لا يملكون شيئًا، لا نصيب لهم فيها، ولا ينتفعون منها.

2) الغاية الحقيقية للحياة؛ في جمع الدنيا والآخرة
ولكن في مقابل هذا، يوجد قاعدة أخرى للحياة: «ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»(6)؛ وهذه هي قاعدة البناء الثانية. أي أولئك الذين يسعون إلى حسنة الدنيا وإلى أي شيء؛ "آتنا في الدنيا" لا يقولون أعطنا كذا؛ لكن من الواضح أنه يريد الدنيا، ولكن هذا القول "آتنا في الدنيا حسنة" يعني أعطنا الأشياء الحسنة في الدنيا؛ الأشياء التي تتوافق مع فطرة الإنسان، والتي تنسجم مع حاجات الإنسان الحقيقية؛ "وفي الآخرة حسنة"؛ إنهم يسعون وراء الآخرة أيضًا، "وقنا عذاب النار"(7)؛ هناك أشخاص يوفقهم الله تعالى لنيل مقاصد الحياة الحقيقية. وهناك مجموعة آيات من هذا القبيل؛ حيث تحدد قواعد الحياة. أو افرضوا، على سبيل المثال، في آية متعلقة بعقلاء بني إسرائيل حيث إن البعض منهم كانوا ينصحون قارون ويقولون له: «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك»(8). لم يقولوا لقارون تخلّص من كل ما لديك؛ بل قالوا له اجعل ما لديك وسيلة. إن مال الدنيا وثروتها وسيلة، وسيلة للوصول إلى المراتب البشرية والإنسانية السامية، وسيلة للوصول إلى المراتب المعنوية؛ يمكن أن تكون وسيلة. يمكنكم إعمار العالم بالمال، وإنقاذ حياة البشر، والقضاء على التمييز، وإخراج الفقراء والضعفاء من الفقر والضعف. «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة»؛ أولًا، كل مالك وما لديك هو ممّا "آتاك الله"، أعطاه الله لك؛ وثانيًا، الغاية منه هو أن تنفقه في سبيل الله "ولا تنس نصيبك من الدنيا"، وليس المقصود أن لا يكون لك حظ ونصيب منه؛ بل لديك حصة منه، فاستفد من حصتك أيضًا. "وأحسن كما أحسن الله إليك"؛ التفتوا، هذه هي قاعدة الحياة التي حدّدها الإسلام لنا. بعكس ما كان يتصوره عديم العقل ذلك؛ قارون ذو الثراء الفاحش كان يقول: «إنما أوتيته على علم»(9)؛ أنا استطعت أن أحصل عليه بنفسي، حصلت عليه بذكائي؛ لكن لم يكن الواقع كذلك؛ فالله تعالى هو من سخّر الوسائل، وهو استطاع أن يحصل عليها. لذلك فإن بعض آيات القرآن على هذا النحو، ولدينا الكثير من قبيل هذه الآيات التي تحدّد قواعد الحياة.

3) تنظيم العلاقات الاجتماعية
هناك بعض الآيات تتعلق بتنظيم العلاقات الاجتماعية؛ وهذه التعاليم العملية تتعلق بالعلاقات الاجتماعية. خذوا مثلًا: "ولا یَغتَب بَعضُكُم بَعضًا"(10)؛ لا تغتابوا؛ هذا الأمر ينظم العلاقات الاجتماعية. عندما تغتابون، فإنكم تلوّثون قلوبكم، وتلوّثون قلوب مخاطبيكم، وتفضحون الحقيقة المخفية لأخ مؤمن، وأخت مؤمنة، من دون سبب أمام هذا وذاك؛ وهذا أمر خاطئ وغير صحيح. وقد يفعل هو أيضًا الشيء نفسه لكم. هذا العمل، يخرج الحياة والعلاقات الاجتماعية عن انتظامها السليم.

4) مراعاة العدل والإنصاف، حتى مع المخالفين والأعداء
أو افرضوا مثلًا حين يقول: «لا يجرمنّكم شنآنُ قومٍ على ألّا تعدلوا»(11)؛ إذا اختلفت مع شخص ما، كنت على عداوة مع شخص ما، فلا ينبغي أن يجعلك ذلك غير منصف له، وتكون ظالمًا وغير عادل. التفتوا، هذا قانون عملي. نعم، قد تختلفون مع شخص ما، ولكن في الأمور التي يكون الحق معه فينبغي ألّا يجعلكم هذا تخفون الحق أو تضيّعون ذلك الحق، ولا تنصفونه بسبب مخالفتكم له. لاحظوا في المجتمعات، بل حتى في مجتمعنا - كي لا نذهب بعيدًا- إذا عملنا بهذه الآية مع أولئك الذين يخالفوننا، أي أن نكون منصفين معهم، وهم أيضًا يكونوا منصفين معنا، تخيلّوا كيف سيكون وضع المجتمع مناسبًا وجيدًا.

5) تجنب نشر الشائعات والأكاذيب
أو افرضوا مثلًا: «لا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»(12)؛ لقد قلت إنّه يوجد - مثل هذه الآيات في القرآن - الآلاف من التعاليم القرآنية؛ «لا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»؛ لا تسعَ وراء الشيء الذي ليس عندك يقين به؛ لا تثق بما أنت لا تتيقن منه. تتصرّف الصحافة السائدة في العالم الآن بعكس هذا تمامًا؛ أي إنهم يقومون عبثًا بنشر الشائعات، ينشرون الأكاذيب، وهم غير مطّلعين عليها، وليس لديهم علم بها. للأسف، هناك بعض هذه الأشياء موجودة داخل مجتمعنا أيضًا. وهذه النقطة في الآية الكريمة هي بالضبط عكس ما يحدث في العالم اليوم. إذا قمنا بتنفيذ هذا الأمر فإن جزءًا كبيرًا من مشاكلنا سوف يُحَلُّ.

6) عدم الثقة بالظالمين
أو قوله تعالى «لا تركنوا إلى الذين ظلموا»(13)؛ لا تثقوا بالمستبد، بالظالم، ولا تميلوا نحوه - «الركون» يعني الميل إليه والتوجه نحوه والوثوق به - لا تثقوا بالإنسان الظالم. فنتيجة الثقة بالظالم هي ما ترونه حاليًّا؛ حيث الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية تثق بأظلم الظالمين وأشدّ المستبدين في العالم، وهم يرون نتائجها وترونها أيضًا.

7) عدم خيانة الأمانة
أو آية: «اقسطوا إن الله يحب المقسطين»(14)؛ أقيموا العدل، لقد أُمرنا بالقسط والعدل والإنصاف في جميع أمور الحياة؛ أو قوله: «لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم»(15)؛ لا تخونوا الأمانة. الأمانة لا تعني الأمانة في المال الذي وضعتموه عندي فقط؛ فالمنصب والمسؤولية التي منحتموني إياها هما أمانة أيضًا. فإذا لم أعمل بهذه الأمانة بشكل صحيح، أكون قد خنت الأمانة. لاحظوا ما سيحصل لو أننا تقيّدنا بهذا الأمر فقط. فلذلك ما يقدّمه القرآن لنا هو عبارة عن تعليمات عملية.

8) الصمود وعدم الخوف من الأعداء
أو مثلًا: «فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»(16) والتي هي تتمة لآية «إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ»(17)، حيث جاؤوا وقالوا لهم "إنهم يتآمرون عليكم، فاخشوهم"، يخوّفون [المسلمين]. القرآن يقول كلّا، لا تخافوا منهم، بل خافوا مني؛ اعبدوا الله تعالى، ثقوا بالله، واصمدوا في وجه العدو فيمكنكم أن تهزموا العدو.

هذا الذي يخوّف الناس من الظالمين والذي يقول للإنسان اخشَ هذا وخَفْ من ذاك، اخشوا من هذه القوى وتماشوا معها، هو بنفسه شيطان! وما نشاهده على مرّ التاريخ هناك أشخاص خافوا من هذه القوى، وبذلك ابتلوا بامتحانات صعبة ومريرة في حياتهم. اليوم القوى الإسلامية، الدول الإسلامية تراعي القوى المستبدة، يخافون منهم ويتعامون عن قوة أنفسهم؛ ونتيجة ذلك فإنهم يحصدون المذلّة.

الإمام (رضوان الله تعالى عليه) علّمنا جميعًا عدم الخوف من القوة المستبدة، أنا لا أنسى في العام 58 (هجريًّا ــ شمسيًّا) [١٩٨٠ ميلاديًّا] عندما اعتقل شبابنا الجواسيس الأمريكيين، وأيضًا استولوا على وكر الجاسوسية الأمريكية (السفارة الأمريكية)، ضغط البعض على مجلس قيادة الثورة لكي يفرجوا عنهم، ذهبت أنا والمرحوم الشيخ هاشمي الرفسنجاني وبني صدر، نحن الثلاثة من مجلس قيادة الثورة ذهبنا إلى قم؛ في تلك الفترة كان الإمام في قم؛ ذهبنا إلى الإمام لنسأله عمّا علينا فعله. أخبرناه بما يحدث وبأنهم يضغطون علينا لكي نفرج عنهم بأسرع وقت؛ فالتفت الإمام إلينا وقال: هل تخافون من أمريكا؟ فأجبته أنا كلا لا نخاف، فقال إذًا، لا داعي لأن يفرجوا عنهم! وهكذا كان واقع الحال؛ فلو أن أحدًا خاف من أمريكا وراعى ذلك، لكان سيعكس نتائج سلبية ومرّة على البلد في ذلك اليوم. نحن قد شاهدنا الحالات التي كانت تخاف فيها الحكومات والسلطات في بلدنا من العدو، وكيف كان هذا الخوف يسبب لهم الكثير من المشاكل. القرآن يقول: «فلا تخافوهم وخافونِ»(18)؛ «خافونِ» يعني بأن تراعوا قراراتي؛ هناك حيث قال الله تعالى جاهِدوا، فجاهِدوا؛ وحيث قال توقّفوا، توقّفوا؛ هذا هو معنى "خافونِ".

9) إقامة الصلاة عنوان للذكر الإلهي
وأيضًا آية: «أقِم الصلوة لِذكري»(19)؛ والآن بمناسبة شهر رمضان التفتوا إلى هذه النقطة أيضا «وأقِم الصلوة لِذكري»؛ هذه أحد التعاليم العملية. الصلاة هي للذِّكر، للتذكُّر؛ حافظوا على الصلاة من أجل ذِكر الله.

اليوم إذا ما عملنا جميعنا بهذا الأمر، فيما يتعلق فينا نحن، وكلنا نستطيع أن نعمل بهذا؛ أن نؤدي الصلاة بتركيز، وأن لا نجول بقلبنا إلى مكان آخر أثناء الصلاة، وأن نصلي من أجل ذِكر الله تعالى، فباليقين سيترك هذا تأثيرات كبيرة في ارتقائنا وتكاملنا الروحي؛ وكذلك: «يا أيّها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحًا»(20) فهذه الأيام، هي أيام التوبة، أيام الاستغفار، أيام العودة إلى الله.

أرجو من الله تعالى بأن يوفّق جميع أفراد شعبنا وجميع أفراد المسلمين لأن يتمكنوا من القيام بواجبات شهر رمضان، والواجبات الإسلامية. بأن نعمل بالقرآن؛ هذه التعاليم القرآنية، هذه الآلاف من التعاليم القرآنية العملية العملانية، أي إنّها قابلة للعمل؛ طبعًا الحكومات تتحمّل مسؤوليات أكثر، القوى الحاكمة في البلد ومديرو المجتمع عليهم مسؤوليات أكثر.

على ما يبدو لقد انتهى الوقت؛ أظن الآن أنه قد حان وقت الأذان؛ لذلك سأختم حديثي. أنا مسرور كثيرًا؛ كان لقاءً جيدًا جدًّا اليوم، أجدد شكري لكل من ساهم في هذا العمل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الهوامش:
1- في بداية هذه المراسم - التي عقدت عبر تقنيّة الاتصال المتلفز - قام عدد من القرّاء بتلاوة آيات من القرآن الكريم وإنشاد الأشعار والمدائح.
- 2 سورة البقرة، جزء من الآية 185.
-3 سورة المائدة، جزء من الآية 16.
-4 نهج البلاغة، الخطبة 18.
-5 سورة البقرة، جزء من الآية 200.
-6 سورة البقرة، الآية 201.
-7 سورة البقرة، جزء من الآية 201.
-8 سورة القصص، جزء من الآية 77.
-9 سورة القصص، جزء من الآية 78.
-10 سورة الحجرات، جزء من الآية 12.
-11 سورة المائدة، جزء من الآية 8.
-12 سورة الإسراء، جزء من الآية 36.
-13 سورة هود، جزء من الآية 113.
-14 سورة الحجرات، جزء من الآية 9.
-15 سورة الأنفال، جزء من الآية 27.
-16 سورة آل عمران، جزء من الآية 175.
-17 سورة آل عمران، جزء من الآية 175.
-18 سورة آل عمران، جزء من الآية 175.
-19 سورة طه، جزء من الآية 14.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 21:00

في ذکری وفاة ابي طالب

استدلّ على إيمان أبي طالب بأمور

أولها: الإجماع على إيمانه، وقد ادعاه الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والطبرسي والسيد فخار بن معد الموسوي والفتال النيسابوري والسيد ابن طاووس والعلامة المجلسي وغيرهم، ونقل ابن أبي الحديد إجماع الشيعة وأكثر الزيدية وجملة من أعاظم المعتزلة على ذلك1.

وثانيها: الروايات التي ورد فيها أنه شبيه مؤمن آل فرعون وأصحاب الكهف وأنّ الله أتاه أجره مرتين.
وممّا ورد أيضاً ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فشرح صلى الله عليه واله وسلم ولادته، إلى أن قال: ثمّ انصرف أبو طالب إلى مكة، قال جابر: يا رسول الله، الله أكبر !! إن الناس يقولون إن أبا طالب مات كافراً !!! قال: يا جابر الله أعلم بالغيب، لما كانت الليلة التي أسري بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار فقلت: إلهي ما هذه الأنوار؟ فقال: يا محمّد هذا عبد المطلب، وهذا أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا أخوه طالب، فقلت: إلهي وسيدي فبم نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر وصبرهم على ذلك حتى ماتوا.

وروى الكراجكي في كنز الفوائد بسنده عن مفضّل بن عمر عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : أنّه كان جالساً في الرحبة، والناس حوله، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك الله، وأبوك معذب بالنار !! فقال لـه: مه، فض الله فاك، والذي بعث محمداً بالحق نبياً لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله، أأبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟ والذي بعث محمداً بالحق إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفي أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار، نور محمّد ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ونور ولده من الأئمة ، نوره من نورنا، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام 2.

وروى السيد فخار بن معد الموسوي بسنده عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفر: سيدي إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، فقال عليه السلام : كذبوا والله، إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم، ثمّ قال: كان والله أمير المؤمنين يأمر أن يحج عن أب النبيّ وأمه، وعن أبي طالب، أيام حياته، ولقد أوصى في وصيته بالحج عنهم بعد مماته 3 .

وروى الكراجكي بإسناده عن يونس بن نباته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون: هو في ضحضاح من نار يغلي منها رأسه، فقال: كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً4 .
وروى أيضاً بإسناده عن أبان بن محمّد قال: كتبت إلى الإمام الرضا علي بن موسى عليه السلام : جعلت فداك قد شككت في إيمان أبي طالب، قال: فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فمن يبتغ غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى، إنك إن لم تقرّ بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار5 .

1 _ منية الراغب في إيمان أبي طالب: 65 الطبعة الثانية.
2 _ كنز الفوائد: 80.
3ـ منية الرغب في إيمان أبي طالب: 40 الطبعة الثانية.
4ـ كنز الفوائد: 80 الطبع القديم.
5ـ نفس المصدر: 80 ، وأوردها ابن أبي الحديد في شرح النهج باختلاف يسير راجع شرح نهج البلاغة 14 : 68 دار إحياء الكتب العربية.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:57

خضروات تحميك من العطش في رمضان

نتيجة للشعور بالعطش في شهر رمضان، وبسبب نقص السوائل في الجسم، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ينصح خبراء التغذية بمجموعة من الخضراوات الطازجة.

نتيجة للشعور بالعطش في شهر رمضان، وبسبب نقص السوائل في الجسم، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ينصح خبراء التغذية بمجموعة من الخضراوات الطازجة.

وأفادت بوابة "الأخبار"، مساء يوم الثلاثاء، بأن هذه الخضروات هي الخس والخيار والفجل.

أولا: الخس

يعد الخس من الخضروات التي تحتوي على نسبة مياه عالية، وعدد سعراته الحرارية قليلة، في وقت يمكن الاستعانة به في وجبة السحور أيضا.

ثانيا: الفجل

يحتوي الفجل علي 94 %من الماء والسوائل، وفيه مضادات للأكسدة أيضا، بالرغم من تصنيف البعض له على أنه من الخضروات الجافة.

ثالثا: الخيار

يعتبر الخيار من أكثر الخضروات التي تحتوي على نسبة مياه كبيرة، لذلك ينصح به في وجبة السحور، وكذلك يمكن الاستفادة منه في عمل سلطة الجبن بالخيار والطماطم.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:54

أقوال العلماء في إيمان أبي طالب

تأييداً لحقيقة إيمان أبي طالب نذكر أقوال يعض العلماء فمن ذلك
1 ـ قال ابن الأثير في جامع الأصول: وما أسلم من أعمام النبيّ غير حمزة والعباس وأبي طالب عند أهل البيت عليهم السلام 1.
2 وقال البرزخي : فمن وقف على ما ذكره العلماء في ترجمته علم يقيناً أنّه كان على التوحيد، وهكذا بقية آبائه إلى أدم ، وبهذا يعلم أن قول أبي طالب هو على ملة عبد المطلب إشارة إلى أنّه على التوحيد ومكارم الأخلاق، ولو لم يصدر من أبي طالب من الأشارات الدالة على توحيده إلاّ قوله: وهو على ملة عبد المطلب كان ذلك كافياً 2.
3 ـ وقال التلمساني في حاشيته على الشفاء عند ذكر أبي طالب: لا ينبغي أن يذكر إلاّ بحماية النبيّ صلى الله عليه واله وسلم لأنه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذية للنبي صلى الله عليه واله وسلم ، ومؤذي النبيّ صلى الله عليه واله وسلم كافر، والكافر يقتل 3.
4 ـ وقال أبو طاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافر 4.

هذا ومن شاء الوقوف على المزيد من الأقوال فليرجع إلى الجزء السابع من الغدير وإلى كتاب منية الراغب في إيمان أبي طالب وكتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب.
وخلاصة القول إن إيمان أبي طالب حقيقة ثابتة لا يرتاب فيها إلاّ مريض القلب والإيمان.

ونضيف على تلك الأقوال : إنّ المتيقّن من سيرة الرسول صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته عليه السلام أنهم ما كانوا ليحابون أحداً على حساب الدين، وشاهده أنهم يبرؤن من كل مشرك لم يؤمن بالله وبالرسول ولو كان من أقرب الناس إليهم وهذا أبو لهب ـ وهو عم النبيّ صلى الله عليه واله وسلم ـ ينزل فيه قرآن يُتلى: تبت يدا أبي لهب وتب إخباراً من الله تعالى بأنه لن يؤمن وأن مصيره بئس المصير سيصلى ناراً ذات لهب. وأمّا أبو طالب فقد شهد النبيّ صلى الله عليه واله وسلم والأئمة عليه السلام ـ ـ بإيمانه وأن الله أتاه أجره مرتين حيث بذل وجوده في خدمة نبي الإسلام بل والدعوة إلى الإسلام.

ونقل الكراجكي في كنز الفوائد أن أبا طالب عليه السلام قال لابنه جعفر وقد أمره بالصلاة مع النبيّ صلى الله عليه واله وسلم وقال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أجابه قال:
إن علياً وجعفراً ثقتي
والله لا أخذل النبيّ ولا
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما
عند ملمّ الزمان والكُرَبِ
يخذله من بنيّ ذوي حسب
أخي لأمي من بينهم وأبي
وقال بعضهم
ولولا أبو طالب وابنه
فهذا بمكة آوى وحامى
لما مثل الدين شخصاً فقاما
وهذا بيثرب جسّ الحماما 5.

1-  منية الراغب في إيمان أبي طالب: 62 الطبعة الثانية.
2- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 64 الطبعة الثانية.
3- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 65 الطبعة الثانية.
4- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 66 الطبعة الثانية.
5- الغدير 7 : 336 .

ترامب: الأميركيون أذكياء ولا أظن أنهم سيؤيدون رجلا غير كفء (الجزيرة)
 

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا يصدق استطلاعات الرأي التي تظهر أن منافسه في انتخابات الرئاسة جو بايدن المرشح المحتمل للحزب الديمقراطي يتقدم في سباق انتخابات 2020.

وقال الرئيس الجمهوري أثناء مقابلة مع رويترز في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض إن الأميركيين أذكياء "ولا أظن أنهم سيؤيدون رجلا غير كفء".

وأشار ترامب إلى أنه لا يتوقع أن تكون الانتخابات استفتاء على تعامله مع جائحة فيروس كورونا المستجد، وانتقد سجل بايدن على مدى عقود بصفته عضوا بمجلس الشيوخ ونائبا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

تفوق واضح لبايدن
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس هذا الأسبوع أن 44% من الناخبين المسجلين قالوا إنهم سيؤيدون بايدن في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما قال 40% إنهم سيدعمون ترامب.

 

وفي ثلاث ولايات رئيسية أجري فيها الاستطلاع مؤخرا -وهي ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا- تفوق بايدن بوضوح على ترامب بنسبة 45% مقابل 39%.

يذكر أن انتصار ترامب في تلك الولايات الثلاث في انتخابات عام 2016 قد ساعده في الوصول إلى البيت الأبيض.


بيلوسي: بايدن سيكون رئيسا استثنائيا (الفرنسية)
بيلوسي: بايدن سيكون رئيسا استثنائيا (الفرنسية)

شكوك في إجراء الانتخابات
ورجح ثلثا الأميركيين أن يعطل وباء كورونا القدرة على التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة رغم ثقتهم بأنها ستجرى بنزاهة ودقة، بينما أعلنت المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون دعمها حملة جو بايدن.

ورفض ترامب يوم الاثنين الماضي مزاعم بايدن بأنه سيحاول تأجيل الانتخابات، وقال للصحفيين في البيت الأبيض إنه لم يفكر قط في تغيير موعد الانتخابات.. وإنه يتطلع إليها، واصفا ذلك بأنه مجرد دعاية مختلقة "ليس من قبل (بايدن) لكن من قبل العديد من الأشخاص الذين يعملون لصالحه".

وكان بايدن قد قال في حفل لجمع التبرعات عبر الإنترنت الأسبوع الماضي "تذكروا كلامي، أعتقد أنه سيحاول تأجيل الانتخابات بطريقة ما وطرح مبرر يمنع إجراءها.. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعتقد ترامب أن بإمكانه الفوز من خلالها".

كلينتون وبيلوسي تشيدان ببايدن
من جهة أخرى، قالت المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون خلال مؤتمر عبر الفيديو مع بايدن "أريد أن أضم صوتي إلى العديد من الذين أيدوك لتكون رئيسنا".

وأضافت هيلاري -التي عملت سابقا وزيرة للخارجية- "فكروا فيما يعنيه أن يكون لدينا رئيس حقيقي ليس مجرد شخص يلعب دور رئيس على شاشة التلفزيون"، في إشارة إلى ترامب الذي خسرت أمامه الانتخابات السابقة.

كذلك أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي يوم الاثنين الماضي تأييدها بايدن لخوض السباق إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة، قائلة إنه سيكون رئيسا استثنائيا.

ولم يعلن الحزب الديمقراطي بعد تسمية جو بايدن (77 عاما) رسميا مرشحه لخوض السباق الرئاسي في انتظار انعقاد مؤتمره في أغسطس/آب المقبل، لكنه بات المرشح الوحيد من جانب الديمقراطيين بعد انسحاب منافسه بيرني ساندرز مطلع الشهر.

المصدر : رويترز
الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:41

أبو طالب في التاريخ

إن مما مني به تاريخ المسلمين أن تحكّمت فيه الأهواء والرؤى الضيقة، وسيطرت شهوات النفس وحب الدنيا على بعض كتابه طمعاً في حفنة من دراهم، أو تزلّفاً لظالم، أو إرضاء لحقد وعداء، وكان من جرّاء ذلك أن أصبح بعض تاريخ المسلمين المكتوب موضع ريب أو توقف.

إن عنصر الأمانة المفتقد في كتابة التاريخ ـ وهو عنصر أساس ـ أدّى إلى تلبيس وتدليس في صياغة الأحداث، فأشاد بمن لا يستحق الذكر، وأغفل ـ عن عمد ـ ذكر من يستحق التخليد والإكبار.

وكان أحد ضحايا هؤلاء المؤرخين أبا طالب فقد نسب إليه زوراً وبهتاناً أنّه مات وهو من المشركين، وكان في هذه الفرية تطاولٌ على كرامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ومساس بمقام النبوة الأقدس من حيث لا يشعرون.

إن أبا طالب في شخصيته وعظمته ومواقفه البطولية صفحة بيضاء في تاريخ الإسلام، وإن لـه الشرف العظيم في حماية الإسلام بحماية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من كيد قريش الذين خانهم سوء الحظ والفهم والتقدير فاجتمعت كلمتهم على قتل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والقضاء على دعوته.

وما كانت حمايته للنبي والاسلام إلا لأجل إيمانه العميق بالله تعالى ويقينه الصادق بدعوة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كيف لا وهو القائل يخاطب النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي
ولقد علمت بأنّ دين محمد
حتى أوسّد في التراب دفينا
وابشر بذاك وقرّ منك عيونا
ولقد دعوت وكنت ثمّ أمينا
من خير أديان البريّة دينا.


لم يكن أبو طالب أغنى بني هاشم وأكثرهم مالاً ليكون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حمايته، وما كان لتحركه العصبية القبلية لحماية ابن أخيه، بيد أنّه كان المؤمن الصادق بما جاء به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولذاك تفانى في حب النبيّ ورعايته وخدمته وكان يوصي أبناءه بذلك.1

1- الغدير 7: 334 -334.

الأحد, 26 نيسان/أبريل 2020 01:27

من ثمار شهر رمضان المبارك

  
في شهر رمضان المبارك تمكّن الكثير من الناس أن ينالوا ثماراً ونتاجات كثيرة، ثماراً سيكون لها بركات لا لسنتهم الآتية فحسب، بل في بعض الأحيان لكلّ عمرهم. فبعضهم نال حالة الأُنس مع القرآن واستفاد من معارفه وتدبّر فيه، وبعضٌ جعلوا الأُنس والمناجاة مع الله في هذا الشهر سيرتهم ومنهاج حياتهم ونوّروا قلوبهم بذلك.
 
صام الناس، وبواسطة الصيام حقّقوا في أنفسهم صفاءً حيث سيكون لهذا الصفاء وهذه النورانيّة والأُنس بركات كثيرة في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. فهذا الصفاء النفسانيّ يُعطي الإنسان حُسن الفكر وتطهير النفس من الحسد والبخل والكبر والشهوات. الصفاء في نفس الإنسان يجعل بيئة المجتمع بيئة آمنة وأمينة على المستوى الروحي والمعنوي، يُقرّب القلوب ويجعل المؤمنين يتراحمون مع بعضهم بعضاً ويزداد التعاطف والتراحم بين أبناء المجتمع الإيماني. كلّ هذه هي ثمار شهر رمضان المبارك للنّاس الفائزين والسعداء.

الثمرة الأساس الأخرى لهذا الشهر هي التقوى، حيث قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾1، "اليد التي تمسك بزمامه وعنانه"، هذا هو معنى التقوى. فأحياناً، نمسك بعنان الآخرين جيّداً، لو استطعنا أن نمسك بعناننا ونمنع أنفسنا من الجموح والسَبُعية ومن تجاوز الخطوط الإلهية الحمراء، فهذه مهارة كبرى. التقوى تعني مراقبة النفس من أجل الحركة على الصراط الإلهيّ المستقيم، وتحصيل العلم والمعرفة والبصيرة، والتحرّك على أساس العلم والمعرفة والبصيرة.
 
ولحسن الحظّ كان لمجتمعنا في شهر رمضان الكثير من هؤلاء الأفراد السعداء الذين تمكّنوا من كسب هذه البركات. يمكن القول إنّ الصورة الغالبة عن بلدنا وشعبنا بحمد الله هي مثل هذه. ففي المجالس المختلفة، في مجالس الذكر والدعاء، ومجالس تلاوة القرآن في ليالي القدر، في المراسم المختلفة كما كنّا نتابع أخبارها ورأينا مشاهدها وصورها واطّلعنا فإنّ شبابنا، نساءً ورجالاً من الشرائح المختلفة والفئات المتعدّدة في مجتمعنا، اجتمعوا كلّهم على اختلاف سلائقهم وتوجّهاتهم حول سفرة هذه الضيافة الإلهية في شهر رمضان المبارك ونالوا فيضاً.
 
قال الشاعر يوماً: "اليد التي تمسك بعنانه ليست موجودة اليوم في كمّ أحد"، لكن في زماننا فإنّ الأيدي التي تُمسك بعنانها ليست قليلة. فهذا المجتمع المتشكّل من شباب البلد، وهذه الشريحة للجيل اليافع الفاعل والنشيط في بلادنا تتحرّك على الطريق الصحيح وتتمرّن على التقوى، فإنّ هذا بالنسبة لمستقبل بلدنا وأُمّتنا الإسلاميّة بشارة كبرى.

ما هو ضروريّ هو أن نحفظ هذه النتاجات وهذه الثمار، وأن لا ندع صاعقة الذنوب تُحرق هذا الحصاد القيّم وتقضي عليه. أن نحفظ طريق الله وسبيل التوجّه وصراط صفاء النفس والأُنس بالقرآن والحفاظ على علاقتنا بالله والتوجّه القلبيّ إليه ومخاطبته في أنفسنا. لو أنّكم تحدّثتم مع الله، فإنّ الله يتحدّث معكم، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾2.

الإمام الخامنئي (دام ظله) ،الزمان: 1/10/1432ﻫ.ق.،  31/08/2011م.

1- سورة الأنعام، الآية 153.
2- سورة البقرة، الآية 152.

شارل أبي نادر

هل يمكن، ومن خلال الرسائل البعيدة التي تحملها الواقعتان، إيجاد أي رابط أو قاسم مشترك بينهما؟

شهد الأسبوع المنصرم (بين 15 و18 نيسان/أبريل الجاري) واقعتين من الاحتكاك غير المباشر، تحمل كلّ منها عدة أبعاد عسكرية استراتيجية يجب التوقف عندها. الأولى في خليج عمان، حيث ادَّعى الأميركيون تعرّض كوكبة من سفنهم البحرية المنتشرة في المنطقة البحرية المذكورة لتحرّش خطير واستفزازي من قبل عدة زوارق عسكرية سريعة تابعة للحرس الثواري الإيراني، والأخرى على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث كشفت وحدات الحرس الحدودي التابع للعدو الإسرائيلي عن وجود 3 فتحات في الشريط الشائك الحدودي مع لبنان، مدَّعية أيضاً أن عناصر من حزب الله أحدثوها.

عملياً، حصلت كلّ واقعة في منطقة بعيدة جغرافياً عن الأخرى، ولا ترتبطان ببعضهما البعض، لا في الشكل ولا في أطراف الاحتكاك، فالأولى بين زوارق الحرس الثوري الإيراني والبحرية الأميركية، والأخرى بين وحدات صهيونية وعناصر من حزب الله اللبناني، ولكن هل يمكن، ومن خلال الرسائل البعيدة التي تحملها الواقعتان، إيجاد أي رابط أو قاسم مشترك بينهما؟

 الاحتكاك البحري في الخليج 

صحيح أنَّ الحرس الثوري الإيراني نفى التصريح الأميركي الذي أشار إلى "تحرش خطير واستفزازي" قامت به الزوارق الإيرانية، ولكن هذا لا ينفي أن وحدات الحرس الثوري الإيراني تنفذ مهمّة دفاعية ثابتة في تلك المنطقة البحرية من الخليج، عبر مناورة مركّبة تقوم على المراقبة والحراسة وتأمين الجهوزية العسكرية المناسبة لحماية مياهها الإقليمية وشواطئها وأمنها بشكل عام، إذ كيف يُسمح للسفن البحرية الأميركية بأن تتواجد وتنتقل بشكل دائم في تلك المنطقة الحساسة، التي تحضن كامل الواجهة الساحلية الإيرانية الشرقية على الخليج الفارسي، عبر نشر عدد كبير من القطع البحرية الهجومية المجهَّزة بقدرات عسكرية كبيرة، وتكون الحركة العسكرية للحرس الثوري والضرورية لحماية أمن إيران تحرشاً استفزازياً وخطيراً؟

في نفيه الادّعاء الأميركي عن "عملية تحرش خطير واستفزازي"، هذا لا يعني أن الحرس الثوري لا يقوم بكل الإجراءات التي تفترضها سيادته على مياهه الإقليمية، أو أنه لا يقوم بما يستوجب احترام خصوصية حيثيته الجغرافية والتاريخية في المنطقة.

وهذه الإجراءات تفترض عملياً تنفيذ مناورة لزوارقه البحرية، انتشاراً أو انتقالاً أو تمركزاً، وخصوصاً أن التواجد البحري الأميركي في منطقة الاحتكاك هو تواجد ضخم، فنحن نتكلم عن البوارج المدمرة "يو إس إس بول هاميلتون" و"يو إس إس لويس بي. بولر" و"يو إس سي جي سي ماوي"، وهو ما يحتاج إلى مساحة واسعة للانتقال وتأمين حماية مباشرة، الأمر الذي يُضيّق مساحة عبور الزوارق الإيرانية العاملة في المنطقة، ويوسّع إمكانيات الاحتكاك أو الاقتراب عند المرور المشترك.

ما أثار حفيظة الأميركيين عملياً أن لزوارق الحرس الثوري الإيراني السريعة خصوصية حسّاسة، بنوها من خلال معلوماتهم عن مصطلح "هجوم النحل"، وهو عبارة عن استراتيجية إيرانية لمواجهة حاملات الطائرات الأميركية في الخليج، من خلال توظيف أسراب القوارب السريعة والصغيرة الحجم من طراز "بليد رانر"، إضافة إلى الغواصات الصغيرة والصواريخ المثبتة على السواحل، والطائرات المسيّرة المحمّلة بالمتفجرات، مع نشر شبكة معقّدة من الألغام البحرية العائمة أو الغاطسة.

فتحات الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة 

صحيح أن حزب الله أيضاً لم يتبنَ عملية الفتحات في الشريط الشائك الحدودي، ولكن يمكن اعتبار الموضوع تحصيلاً حاصلاً. أولاً، لأنه في الغالب لا يعلّق على أي احتكاك أو صدام تكون "إسرائيل" أساساً قد تجاهلته أو تجاوزته. ثانياً، من الطبيعي أن لا قدرة لطرف آخر غير حزب الله أن يقوم بتنفيذ تلك العملية الحسّاسة والدقيقة التي جاءت أيضاً في رسالة مشفّرة وواضحة في الوقت نفسه، رداً على عملية الاعتداء التي نفّذتها "إسرائيل" باستهدافها سيارة مدنية لعناصره على معبر جديدة يابوس بين لبنان سوريا من دون وقوع إصابات، وذلك قبل أقل من يومين من عملية الفتحات.

 وهنا النقطة الجديدة التي فرضها حزب الله في رسالته بفتح الثغرات على الشريط الشائك الحدودي، والتي هي وصول عناصره إلى خط الربط النهائي مباشرة، قبل الولوج إلى البقعة التي يسهل الانتقال فيها داخل الجليل، حيث تصبح حينها المناورة ممكنة ومتوفرة بسهولة، وتصبح تأثيراتها مباشرة في البقعة الخلفية غير المحصّنة للعدو، لأنه عملياً يكون الخط الدفاعي المتماسك ضعيفاً بعد الشريط الذي تم إحداث الثغرات فيه، والوصول إليه من الخارج، أي من لبنان، يعتبر الإنجاز الأصعب.

واعتباراً منه باتجاه الداخل المحتل، تفقد القوات المدافعة الكثير من عناصرها المنتجة، مثل المراقبة الإلكترونية وحساسات الكشف للصوت أو الصورة، فهي عملياً غير صالحة لكل تحرك داخل الشريط، حيث تختلط تقريباً حركة الآليات العسكرية مع حركة السيارات المدنية لأبناء المستوطنات الحدودية. 

أوجه الشبه والارتباط الاستراتيجي بين الرسالتين 

 من خلال دراسة المضمون العملاني لحركة الزوارق الإيرانية السريعة قرب البوارج والمدمرات الأميركية في الخليج، وما يمكن أن توفره من فرص مؤثرة في حركة الأخيرة، أو من خلال تحليل ما تعنيه أو توفره الفتحات التي أحدثها حزب الله في الشريط الشائك الحدودي مع فلسطين المحتلة من إمكانيات عملانية وعسكرية، يمكن ربط الواقعتين انطلاقاً من المعادلة التالية:

أولاً: بالنسبة إلى حزب الله، لم يعد من الضروري فرض الردع بمواجهة العدو الإسرائيلي بأسلحة كاسرة للتوازن، فالردع الفعال لحزب الله أصبح وارداً وممكناً وقابلاً للتحقق بشكل أكيد اعتباراً من الوصول إلى الشريط، وإحداث الفتحات، وتأمين نقاط ارتكاز لدخول عناصر المقاومة إلى الجليل، حيث المواجهة المباشرة وتأثيراتها في المدنيين من المستوطنين أو في العسكريين من جيش الاحتلال.

 وعند تلك المواجهة، لا قيمة لأي قاذفات أو طوافات أو مسيرات إسرائيلية، حتى إن أسلحة الدعم المباشر (مدفعية أو مدرعات) لن تعود ذات قيمة عملانية في تلك المواجهة، وكأن رسالة حزب الله من فتحات الشريط، وبمعنى آخر، تقول: 

 لا ضرورة بعد اليوم أو لا قيمة لملاحقة صواريخ حزب الله الكاسرة للتوازن، لا في سوريا ولا في لبنان، على الرغم طبعاً من أهمية ثباته واستمراره في تفعيل دور تلك القدرات النوعية عند المواجهة الواسعة. 

وبعد اليوم، مع صواريخ نوعية أو من دونه، الوجع الذي سيخلق الردع حاصل بين أزقة المستوطنات ومنازلها، وعلى مفارق طرقاتها الفرعية غير الظاهرة، وأيضاً على مداخل الملاجئ التي كلفت المليارات لمواجهة عصف الصواريخ النوعية. 

ثانياً: بالنسبة إلى إيران، مع بقاء القوات البحرية الأميركية في الخليج ومضيق هرمز وسواحل خليج عدن وبحر العرب، حيث مناورة زوارق الحرس الثوري السريعة فاعلة، لن يكون مهماً لدى طهران التركيز على استراتيجية تطوير الصورايخ الباليستية الدقيقة والطائرات المسيّرة المختلفة الاستعمال.

وأيضاً مع أهمية المحافظة على مسار تطوير تلك القدرات، فإن أي استهداف مماثل لعملية استهداف قاعدة عين الأسد أو لأي قاعدة عسكرية أميركية أخرى، سيتم تجاوزه واعتباره ثانوياً، حيث الأهداف الثمينة من مدمرات وبوارج أميركية تنتقل وتنتشر في أحضان تلك الزوارق الإيرانية السريعة، وفي متناول صواريخها وعبواتها الناسفة. 

المصدر:المیادین