المودّة والرحمة في الزواج الإسلامي

قيم هذا المقال
(0 صوت)
المودّة والرحمة في الزواج الإسلامي

الزواج، سنة بشريّة قبل أن تكون من سنن الأنبياء، فالإنسان يتوق لإشباع حاجاته الغريزيَّة، الجنسيَّة والاجتماعيّة، فهو الوسيلة الوحيدة السليمة من الآفات والتي تصلح لبناء الأُسرة ومنها بناء المجتمع السليم، وإشباع الغريزة الجنسية بالطرق الصحّية والشرعيّة والتي تضمن دوام الجنس البشري بتشريعات عادلة متوازنة. ففضلاً عن الاطمئنان الناتج عن الإحساس بالرضا بكون العبد في طاعة الله مادام متزوجاً ويسير في الطريق الذي رسمته الشرائع الربّانيّة، نرى أنّ الزواج يساعد على علاقة أفضل بين العبد وبين ربِّه، يقول النبي صلى الله عليه وآله:

))ركعتان يصليهما متزوَّج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره.((

وهذه الأفضليّة قد تكون راجعة لحالة الاطمئنان النفسي الذي يشعر به المتزوَّج نتيجة الاستقرار الجنسي، وإحساسه بكونه في الطريق الصحيح لتكوين العائلة، وهو ما يجعله في نظر المجتمع شخصاً يُعتمد عليه، وعضواً )رسميّاً( في العائلة الكبرى التي تُحيط به، والنسيج المجتمعي الذي يحتضنه. إضافة إلى ذلك، فالمردود الصحّي على المتزوَّج صار واضحاً في الأوساط الطبيّة بلا تشكيك، فالكثير من الدراسات الطبيّة أثبتت أنّ المتزوجين أقل عرضة للأمراض، وخصوصاً العصبيّة منها، فعلى سبيل المثال، أُعلن عن دراسة طبية في فنلنده أُجريت على أكثر من خمسة عشر ألف شخص قد تعرضوا لأزمات قلبية ما بين عامي 1993 إلى 2002 حيث توفي منهم نحو ما يقرب من ثمانية آلاف مُصاب في خلال 28 يوماً من النوبة، وبعد تحليل نتائج البحث كان خَطَر النوبات القلبية لدى الرجال العازبين قد وصلت إلى نسب تتراوح بين 58إلى 66 %، بينما كانت العازبات تتراوح نسبتهن ما بين 60إلى 65 %. وأوضح الباحثون أن العلاقات الاجتماعية للمتزوِّجين تبدو أفضل من غير المتزوجين وهذا يعزز من صحَّتهم بشكل أكبر)))، وقد بيّنت دراسات أُخرى أن العلاقة الشرعيَّة بين الزوجين في الزواج الناجح تساعد في:

  1. حرق السعرات الحراريّة بانتظام مما له مردود صحّي كبير على الطرفين.
  2. إفراز هرمون السعادة )الأوكسيتوسين( عند الطرفين مما يساعد بتقليل ضغوط الحياة اليومية كثيراً.
  3. تنشيط الدورة الدمويّة عند الزوجين.
  4. تأخير الشيخوخة وأعراضها من خلال إفراز الجسم لهرمونَي الأستروجين والبروجسترون اللذين يزيدان من الخصوبة، ويحافظان على حيويّة الجلد والبشرة.
  5. تقليل فرص إصابة الرجال بأمراض البروستاتا عند الرجال.
  6. تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والكوليسترول وأن ضغط الدم المسجل خلال 24 ساعة لدى الأزواج والزوجات السعداء في زواجهم كان أقل بأربع درجات منه عند العازبين.
  7. تحفيز جهاز المناعة عند الزوجين وإدامة مقاومة الجسم للأمراض.
  8. تعزيز مقوِّمات الجَمَال عند المرأة، فالدراسات الطبية تبيِّن أن الزواج له مردود صحّي على مفاتن المرأة بما لا يقاس معه عند العزباء.
  9. تقوية الجهاز العضلي، يعمل اللقاء بين الزوجين على تقوية الجهاز العضلي فهو يقي من هشاشة العظام في النساء بعد سن اليأس لأنه يساعد على إفراز هرمون الاستروجين.
  10. كذلك يعمل الزواج على تحسين حاسة الشم، وخاصة بعد العملية الجنسية، حيث يتم إفراز هرمون )البرولاكتين( بكمياتٍ كبيرةٍ ويؤدي ذلك إلى تطوير خلايا عصبيةٍ جديدةٍ في مركز الدماغ الخاص بحاسة الشم.

فالمردود النفسي والعضوي على الزوجين اللذين يتمتعان بزواج مستقرٍّ قد يفوق ما يعرفه البشر بكثير. ومن هنا فالتشجيع على الزواج، والزواج المبكّر له من الدواعي ما يجعله أولويّة لمن ينشد المجتمع المستقر الآمن.

وفي المقابل فحالة عدم الاستقرار التي يعيشها الأعزب قد تجرُّ الخراب على المجتمع، فكثرة العوانس والعزّاب في المجتمع يعني كثرة المشاكل الفرديّة والمجتمعيّة التي ستؤثر على الحياة العامّة الدينية والنفسيّة والاجتماعية والاقتصادية ككل. فبدل اعتماد ميزانيات ضخمة لمعالجة الآثار التي تسببها مشاكل الأفراد والناتجة عن عدم الشعور بالاستقرار يحسن اعتماد برامج مساعدة الشباب على الزواج المبكِّر وتوفير ما يساعدهم في إدامة الحياة المستقرة لمعالجة أسباب المشاكل التي يعاني منها المجتمع بدل معالجة النتائج الوخيمة التي تتشظَّى عن تأخير الزواج وانتشار العزوبيّة.

يقول تعالى:

}واَللَّه جعَلََ لَكُم منِ أَنفُْسكُِم أَزْواَجًا

وجَعَلََ لَكُم منِ أَزْواَجِكُم بنَيِن وحَفََدةًَ

ورَزََقَكُم منِ الطَّيِّباَت أَفَبِالبْاَطلِِ يؤُمْنِوُن وبَنِعِمْةَ اللَّه همُ يكَْفُروُن {)))

 

عبد الرحمن العُقيلي / بغداد

قراءة 1994 مرة