نحن نعرف إن مسألة الإله قد يصعب فهمها بدقّة على الطفل، لأنه يألف المحسوسات، فهو يريد أن يرى الله ويتلمّسه ويتعرّف عليه من خلال الحواس، وهذا تحدٍ على الصعيد التربوي. لكن أعتقد أن المرونة في العمل التربوي والمرونة في بيان المفاهيم الدينية قادرة على أن تذلّل الصعاب، فعلينا أن نبيّن للأطفال أنّ مسألة وجود هذا العالم العظيم بدون خالق مرفوضة عقلياً، ويمكننا أيضاً العمل على استنطاق فطرة الأطفال. فلا يمكن في الفطرة الا أن ينشدّ الأطفال الى الاله. وأعتقد أن مجرد سؤال الأطفال لنا أين الله؟ هو مؤشر على أنهم في فطرتهم يؤمنون بوجود الاله، لكن يبحثون عن مصداقه الخارجي، كأنهم يظنون أن الله كائن لا بدّ أن يروه. وعليه فدورُ الأهل والمربين هو في شرح تسامي الخالق وتنزهه عن الرؤية، وأنه مثلاً – أشبه بالنور، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. فاذا طوى الطّفل مرحلة عمرية أخرى ونمت مداركه فان علينا أن نتجه الى مستوى أعلى في بيان المفاهيم الدينية معتمدين أسلوب التدرّج والحكمة. ومن الضروري ألا نقدِّم للطفل اجابات خاطئة عن الله أو عن غيره من الحقائق الدينية، بل نسعى لتقريب الأفكار الى ذهنه على طريقة الأمثال. أجل، ان مسألة الاله الجلّاد لا بد أن نزيلها من قاموسنا التربوي على الاطلاق. فالأطفال يجب أن يقدّم الله سبحانه وتعالى اليهم باعتباره محبٌاً وليس جلّاداً، وعلينا أن نربّيهم على السعي لنيل رضى الله كسعيهم لنيل رضى الأهل، وبدل أن نقول للطفل اذا غششت أو سرقت فان الله يعذّبك، فالأجدى أن نقول له: اذا تركت الغش والسرقة فانّ الله يحبّك ويدخلك جنّته..
الشيخ حسين الخشن