شُبهات وتساؤلات حول المرأة(25)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
شُبهات وتساؤلات حول المرأة(25)

المرأة والعمل...؟!

هل الإسلام يمنع المرأة من العمل، ويحجرها لتكون سجينة أربعة جدران، لخدمة الرجل وتربية الأطفال، أم يسمح لها بالعمل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي؟.

* * * * *

لا شك في أن العمل هو السبب الأعمق لتطور المجتمع، فبالعمل يتحقق الإنتاج الذي يأخذ بالمجتمع إلى درجة الرقي والتطور، وبالعمل ينعم أفراد المجتمع بالاقتصاد والوفر الذي يحقق لهم الرفاه المادي والعيش الرغيد، ومن هنا دعا الإسلام إلى العمل، ومنع من البطالة والاتكال على الآخرين، بل منع من أداء الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة والصدقات للعاطلين إذا لم يمنعهم مانع شرعي أو عقلي أو عقلائي من العمل، ومن هنا فقد أوضح الفقه الإسلامي مستحق هذه الموارد بأنه من لا يملك قوته فعلاً أو قوة، ويُقصد من ذلك عدم القدرة على العمل، أما إذا كان قادراً على العمل فلا يصدق عليه مستحق الزكاة أو الخمس أو الصدقات.

وقد أوجب الإسلام العمل على الرجل لسد حاجات زوجته وأولاده، ولم يكلف به المرأة، لأن الدور الأهم للمرأة في بناء الأسرة ورعاية أطفالها، وتربيتهم تربية كريمة وفاضلة، ولكن عدم تكليفها به لا يعني أنه منعها منه، بل غاية ما في الأمر أنه أسقط وجوبه فقط، أما إذا عملت مع رعاية كرامتها فعملها محترم، وتستحق كل ما يترتب عليه.

وعلى هذا، فيحق للمرأة الدخول في جميع ميادين الحياة العملية، وأن تزاول كل ما تقدر عليه من الأعمال، بل قد يجب عليها العمل في بعض الحقول، كمزاولة الطبابة للنساء بالحد الذي يحقق الكفاية للمجتمع، فبدلاً من أن تعرض المرأة جسدها على الطبيب الأجنبي الذي يحرم عليه النظر إليه، ويحرم عليها أن تبديه أمامه، يجب على المرأة الخبيرة بهذه المهنة أن تتصدى لذلك.

بيد أن عدم منعها من العمل والسماح لها به لا يعني التحلل والسفور، بل لابد وأن تكون حافظة لدينها، صائنة لنفسها، محتشمة في عملها، ساترة لبدنها، ولذا نجد القرآن الكريم يعطي نموذجاً للمرأة العاملة بنتي شعيب(عليه السلام) بما تحملانه من عفة وحشمة وحجاب، قال تعالى: (وَلَمّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمّةً مّنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتّىَ يُصْدِرَ الرّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)([1]).

فهما تعملان، ولكن لا تقفان مع الرعاء الأجانب حتى لا يكون هناك اختلاط محرم، تنتظران حتى ينتهي الرجال من السقاء فتسقيان.

نعم، في قولهما: (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) تعليل للعمل، إذ هما لا أخ لهما ولا زوج، كما أن أباهما عاجز عن العمل، فأحوجهما الدهر أن يتصديا إلى العمل، مما يدل على أن الحاجة هي التي دعتهما للعمل، وهذا يعني أنه لو كانت المرأة غير محتاجة إلى العمل فالأفضل عدمه، لتبقى محافظة على وظيفتها في حماية الأسرة، وتنظيمها وتربية أطفالها تربية صالحة ونقية.

 

 

[1] ـ القصص: 23.

قراءة 1391 مرة