المرأة والجهاد...؟!
قد يسأل بعضٌ هل للمرأة جهاد، وهل يمكن أن تمارسه مثل الرجل أو هناك فرق وتفصيل في هذه المسألة؟
* * * * *
وفي مقام الجواب عن ذلك نقول:
إن الجهاد هو حالة اجتماعية عامة يعيشها المجتمع بكل شرائحه، ويقوم كل فرد في المجتمع بدوره الجهادي ضمن مساحته وإمكاناته الخاصة، فالرجل الذي يحمل سلاحاً، وينطلق ويواجه العدو ويطلق النار عليه، هو في الحقيقة وليد بيئة صنعتها له أخت له، وأمّنت احتياجاته أخرى، وطببته إذا جرح ثالثة، ورافقته دعوات مخلصة من رابعة وهكذا، فالمرأة شريكة الرجل في جهاده، وحضورها المتميز هو الذي سهل مقدمات النصر له.
لقد أثبتت التجارب التي مرت بها المرأة في الجمهورية الإسلامية في إيران أهمية دور المرأة وفعاليتها الجهادية حتى صار لها دور خطير، وأساسي في ميادينه.
يقول قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي: Sإن دور النساء في الثورة كان دوراً أساسياً وخلال الحرب كان دورهن مصيرياً، وسيكون دورهن في المستقبل أيضاً مصيرياً إن شاء الله..R.
خلال مرحلتي الثورة والحرب المفروضة على إيران، حوّلت الأمهات أبناءهنَّ إلى جند مضحين وشجعان في سبيل الإسلام والمسلمين.
وأيضاً كان للمرأة وجود متميز خلف الجبهات، وقامت بأدوار لدعم تلك الجبهات، وهو في حد ذاته عمل جهادي ضخم، ويقول قائد الثورة الإمام الخامنئي:Sإننا نشكر الله أن المرأة الإيرانية والمسلمة قد أبدت كامل قدرتها في هذا المجال، نعم إن نساء إيران الشجاعات الواعيات المقاومات الصابرات قد أثبتن حضورهن الفعّال خلال مرحلة الثورة وخلال مرحلة الحرب، وفي جميع الساحات، من خلال نشاطهن خلف الجبهات..R.
ومن الأدوار البارزة للمرأة في ساحات المواجهة التمريض وعلاج الجرحى، فإن عمل المرأة هذا أشبه بالصدقة الجارية، فهي تشارك كل مجاهد برصاصته التي كان يطلقها بعد أن داوت جراحه، وأعادته إلى الميدان ليتابع مسيرته، وهذا الدور كانت تقوم به في صدر الإسلام، وواكب مسيرة المسلمين على الدوام، يقول الإمام الخامنئي: Sفي صدر الإسلام كانت المرأة تتولى مهمة معالجة جرحى الحرب في ساحة المعركة، بل كانت تلبس النقاب وتبارز بالسيف خلال الحروب الشديدةR.
هل يمكن للمرأة أن تكون مقاتلة؟
لا شك في أن الجهاد في الأساس واجب على الرجال فقط، بالأخص فيما لو كان الجهاد ابتدائياً، وأما إذا كان جهاداً دفاعياً فهو بدون خلاف واجب على الرجال بالدرجة الأولى وإذا لم تتحقق الكفاية بالرجال فيجب على النساء أيضاً أن يشاركن في الجهاد الدفاعي، ولا يعني سقوط الجهاد الابتدائي عن المرأة حرمته عليها، وإنما أسقطه الشارع المقدس عنها لما يحمله من صعوبات خاصة؛ إذ يحتاج إلى أجسام قوية وصبر وتحمل بليغ، فالإسلام أسقط الجهاد عنها رفقاً ورأفة بها، ولكن يمكن للمرأة حمل السلاح ومباشرة الجهاد، وهو ما حصل فعلاً لبعض النساء في بعض حروب النبي (ص) فهذه (نسيبة المازنية) المشتهرة بـ(أم عمارة)، تقول: خرجت أول النهار إلى (أحد)، وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله (ص) .
فلما انهزم المسلمون انحزتُ إلى رسول الله (ص) فجعلت أباشرُ القتال وأذب عن رسول الله (ص) بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراح.. ثم إني رأيت أن ابني قد جرح فأقبلت إليه ومعي عصائب قد أعددتها للجراح فربطت جرحه، ثم قلت لولدي: انهض يا بني، فضارب القوم.
فأعجب رسول الله (ص) باستقامتها وثباتها وإيمانها، وقال(ص) : «ومن يُطيقُ ما تطيقين يا أم عمارة؟!R ولقد قال رسول الله (ص) في حقها: «لمَقام نسيبة بنت كعب اليوم خيرٌ من فلان وفلان»([1]).
وهذا نموذج عال في جهاد المرأة، ولقد كشفت هذه القصة عن مشروعية مشاركة المرأة في الجهاد إذا كانت تطيقه وتقدر عليه كنسيبة، ودعاء النبي لها وما قاله في حقها يكشف عن ذلك بجلاء.
إنَّ هذه القضية والنموذج الذي ذكر من جهاد المرأة لا يمكن الاستدلال به على جواز جهاد المرأة وإنما هو تقدير لعملها وتعزيز لإيمانها وثباتها.
[1] ـ سيد المرسلين 1: 176.