رجّحت بعض الدراسات أن تكون الثعابين عموما أو أفعى كرايت والكوبرا الصينية خصوصا المصدر الرئيسي لفيروس كورونا المكتشف حديثًا في الصين، والذي أدى في الوقت الأخير إلى تفشي مرض تنفسي معدٍ ومميت في البلد، والذي انتشر لاحقا في بلدان أخرى متعددة.
يعد هذا النوع من الأفاعي سامّاً للغاية، وهو موجود بكثرة في وسط وجنوب الصين وجنوب شرق آسيا.
تمكن العلماء في الصين من تحديد الرمز الوراثي للفيروس، باستخدام عينات للفيروس مسحوبة من المرضى واستخدموا المجاهر لتصويره. وتوصلوا الى نتيجة مفادها أن العامل الممرض المسؤول عن هذا الوباء هو فيروس كورونا جديد، من نفس عائلة الفيروسات مثل متلازمة التنفس الحاد الخطير، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية اللذين تسببا في وفاة المئات من الأشخاص في السنوات الماضية. وأطلقت منظمة الصحة العالمية اسم "2019-nCoV" على فيروس كورونا الجديد الذي ظهر عام 2019.
يعد تفشي فيروس كورونا 2019-nCoV بمثابة انذار للناس للحد من استهلاك الحيوانات البرية لمنع انتقال العدوى اليهم.
فيروس ينتقل عن طريق الهواء
سمّي هذا الفيروس بـ "كورونا" نسبة لشكله الذي يشبه التاج أو التاج الشمسي عند تصويره باستخدام مجهر إلكتروني.
ينتقل فيروس كورونا عن طريق الهواء ويصيب في المقام الأول الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي العلوي للثدييات والطيور. ورغم أن معظم أفراد عائلة الفيروس التاجي لا يتسببون إلا في أعراض شبيهة بالأنفلونزا أثناء الإصابة، الا ان بإمكان كل من فيروس السارس وفيروس MERS-CoV أن يصيبا مجرى التنفس العلوي والسفلي، ويسببا أمراضًا تنفسية شديدة ومضاعفات أخرى لدى البشر.
حيواني المنشأ
تم تصنيف كل من السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية كأمراض فيروسية حيوانية المصدر، وهذا يعني أن المرضى الأوائل الذين أصيبوا بهذا الفيروس حصلوا على هذه الفيروسات مباشرة من الحيوانات. كان ذلك ممكنًا لأن الفيروس اكتسب سلسلة من الطفرات الوراثية أثناء وجوده في الجسم الحيواني، مما سمح له بالعدوى والتكاثر داخل البشر.
وهكذا بات بإمكان هذه الفيروسات أن تنتقل من شخص لآخر. وقد كشفت الدراسات الميدانية أن المصدر الأصلي لمرض السارس وفيروس كورونا هو الخفافيش، وأن ما يعرف بمسامير النخيل المقنّعة (وهي من الثدييات الأصلية في آسيا وإفريقيا) والجِمال، كانت بمثابة وسيط بين الخفافيش والبشر.
تشير التقارير إلى أن معظم مرضى المجموعة الأولى من فيروس 2019-nCoV، الذين تلقوا العلاج في المستشفى كانوا من العمال أو العملاء في سوق الجملة للمأكولات البحرية المحلية التي باعت أيضًا اللحوم المصنعة والحيوانات المستهلكة الحية، بما في ذلك الدواجن والحمير والأغنام والخنازير والإبل والثعالب وفئران الخيزران والقنافذ والزواحف.
ومع ذلك، بما أنه لم يبلغ أي شخص عن انتقال فيروس كورونا اليه من الحيوانات المائية، فمن المعقول أن يكون هذا الفيروس قد نشأ من حيوانات أخرى تباع في هذا السوق.
تدعم نظرية انتقال الفيروس من الحيوانات الموجودة في السوق، دراسة جديدة نشرت في مجلة علم الفيروسات الطبية. ووجد الباحثون كذلك أن تسلسل ترميز الحمض النووي لبروتين كورونا، يشير إلى أن فيروس الخفافيش ربما تحور قبل إصابة الناس. ولكن عندما أجرى الباحثون تحليلًا أكثر تفصيلًا للمعلوماتية الحيوية عن تسلسل فيروس كورونا 2019-nCoV ، فتوصلوا إلى أن فيروس كورونا قد يأتي من الثعابين.
من الخفافيش إلى الثعابين
استخدم الباحثون تحليلًا لرموز البروتين التي يفضلها فيروس كورونا الجديد، وقارنوها برموز البروتين من فيروسات كورونا الموجودة في مضيفات حيوانية مختلفة، مثل الطيور والثعابين والمارموت والقنفذ والخفافيش والبشر. والمثير للدهشة أنهم وجدوا أن رموز البروتين في 2019-nCoV تشبه إلى حد كبير تلك المستخدمة في الثعابين.
تشير التقارير إلى أن الثعابين قد بيعت في سوق المأكولات البحرية المحلي في ووهان، مما زاد من احتمال أن يكون 201-nCoV قد قفز من الخفافيش إلى الثعابين ثم إلى البشر في بداية تفشي فيروس كورونا، خصوصا وأن الثعابين غالبا ما تبحث عن الخفافيش في البرية.
والأمر الغريب يكمن في الطريقة التي يمكن أن يتكيف بها الفيروس مع كل من المضيفين من ذوات الدم البارد والدافئ، والتي لا تزال لغزا.
يعد تفشي فيروس 2019-nCoV بمثابة تذكير بأنه يجب على الناس الحد من استهلاك الحيوانات البرية لمنع انتقال العدوى الحيوانية المنشأ اليهم.
ماذا عن اللقاح؟
أكد التحالف العالمي للقاحات والتحصين من أن تطوير لقاح ضد فيروس كورونا الجديد يحتاج على الأرجح عاما على الأقل.
اعتبر المدير التنفيذي سيث بيركلي، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أنه من الصعب الآن تقييم مخاطر الفيروس، مشيراً الى ان "الخبر السار أن العلماء قد فكوا بالفعل الشفرة الجينية للفيروس ونشروها، وهو ما يمكن العديد من المنظمات في جميع أنحاء العالم من البدء في تطوير لقاح مضاد لهذا الفيروس".
صرح مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم جبرايسوس أن الإجراءات التي اتخذتها الصين حتى الآن "قوية جدا"، لكنه دعاها إلى "اتخاذ إجراءات أكبر للحد من الانتشار الدولي".
أمراض الصين
أغلقت السلطات مدينة ووهان التي تعتبر مركز انتشار فيروس كورونا الجديد، في حين تسعى السلطات الطبية على مستوى العالم لمنع انتشاره وتحوله إلى وباء.
شهدت الصين تفشي عدة أمراض خلال السنوات الماضية مثل فيروس السارس وإنفلونزا الطيور، وحاليا تشهد انتشارا لنوع جديد من فيروس كورونا أدى لوفاة 17 شخصا وإصابة نحو ستمئة.
ونجحت الصين في القضاء على 11 مرضا معديا، بما في ذلك الجدري قبل 19 عاما من استئصاله عالميا، وتم القضاء لاحقا على عشرة أمراض معدية أخرى، بما فيها شلل الأطفال.
وتعتمد أنظمة المراقبة للأمراض المعدية في الصين بشكل رئيسي على المستشفيات.