عاداتك الصحية تعكس شخصيتك

قيم هذا المقال
(0 صوت)
عاداتك الصحية تعكس شخصيتك

آخر صيحة في عالم الدراسات النفسية، التعرف على شخصية الإنسان وطباعه وتصرفاته اليومية من عاداته الصحّية، أي العادات البيولوجية.

حيث إنّ العادات بصفة عامة والعادات الصحّية بصفة خاصة، هي جزء لا يتجزأ من سمات الشخصية بعضها وراثي حيث تنتشر نفس العادة بين أفراد متعددين في الأسرة الواحدة، والبعض الآخر مكتسب تفرضه طريقة التنشئة وظروف البيئة، ومخاوف الوالدين والخبرات السابقة.

ويحدد علم النفس أنماط الشخصية إلى أنواع منها: الشخص الذي يغالي في تطبيق القواعد الصحّية، حتى يصبح أسيراً لها، ففي كلّ صباح يبدأ بحصر عدد ساعات نومه، وفي المساء يبدأ بحساب كلّ ما أكله وما شربه.. فكره دائماً متعلق بدقات قلبه. فإن أسرع قليلاً تملّكه الخوف، وإن أبطأ قليلاً خيّل إليه أنّ نهايته اقتربت. وهو لا يشرب من كوب في مطعم، ولا يستعمل أدوات غير أدواته مهما اضطرته الظروف إلى ذلك خشية المرض. وحديثه في معظم الأوقات في بيته وعمله يدور حول الظواهر الكثيرة التي ينفرد بها في رأسه وصدره وقلبه ومعدته، هذا النوع من الأشخاص يكون مضطرب النفس والأعصاب، يملكه الوسواس، عصبي المزاج، متقلب غير مستقر، علاقته الاجتماعية محدودة ومنطو على نفسه إلّا أنّ النوع الثاني على العكس، يضرب عرض الحائط جميع النصائح المتعلقة بالصحّة، يؤمن بالفلسفة القائلة "كل واشرب وامرح فقد تموت غداً" ويقضي حياته كلّها غارقاً في الملذات، ولا يستطيع السيطرة على حياته ولا يهتم بما يصيبه من آلام دون أن يسرع إلى علاجها.

هذا النمط من الشخصيات، فوضوي متهور مسرف لا يهتم كثيراً بالآخرين، كلّ اهتماماته تدور حول ذاته لدرجة تجعله لا يشعر بأقرب الناس إليه، لكنّه في نفس الوقت طيب القلب، مرح الطباع، اجتماعي إلى حد كبير.

النوع الثالث، هو الشخصية التي تعد من الناحية الطبية مثالية، أي يمثل صورة الشخص الذي يسير في جميع أطوار حياته بقدمين ثابتتين، وهو يؤمن بأنّ الاعتدال هو حجر الزاوية في الحياة الصحّية السعيدة وبأنّ "درهم وقاية خير من قنطار علاج". لذلك يتعرّف على نقط الضعف في جسمه ويتفادى ما يصيبه بسهولة، وهو يثق بأنّ الطبيعة كفيلة بتحقيق ما يهدف إليه من صحّة بدنية ونفسية وعقلية. ومثل هذا الشخص قد يقضي ليلتين ساهراً حتى ساعة متأخرة من الليل، لكنه يأوي إلى فراشه مبكراً في الأمسيات الخمس التالية من الأسبوع.. وإذا أفرط في تناول الطعام يوماً قلل منه في اليوم التالي، إيماناً منه بالحكمة القائلة: "خير الأمور الوسط".

وهذا النوع هادئ النفس والأعصاب متزن التصرفات والتفكير، يقدر الظروف المحيطة به، ناجح في حياته الخاصة والعامة وفي علاقاته مع الآخرين.

ولكن الاتجاه الحديث في علم النفس لم يعد يسجن كلّ شخص في نمط محدد بذاته من أنماط الشخصية، بل أنّ النمط المتكيف هو النمط الغالب في الدراسات الحديثة، بمعنى أنّ كلّ فرد يحمل الوساس حول صحّته وبعض الميل الفوضوي والإهمال وبعض التوسط والاعتدال، وهنا تسمى الشخصية حسب العادات الغالبة عليها.

كما يرى علماء النفس، أنّ الشخصية في تغيير مستمر، فلم يعد يقال: أنّ هذا موسوس، وذاك فوضوي الشخصية، إلّا في وصف مرحلة محدودة من حياة الشخص، فلو وعينا معنى الاختيار لأدركنا أنّ أية مرحلة لابدّ أن يعقبها تغير من نوع ما، وأنّ الإنسان في مرحلة نضجه ومعرفته لذاته وجذور عاداته، يستطيع تعديل هذه العادات باستمرار، حتى تظهر أبعاد شخصيته أكثر عمقاً في دائرة الوعي. حيث تتغير بالتالي نوعية كيان الإنسان، وتتبدل السمات والعادات فيه.

لذا علينا قبول أنفسنا كما هي، والفخر بضعفنا وأنانيتنا في هذه اللحظة، ما دمنا نعمل جاهدين للتخلص منها بوعي واختيار وصبر واستمرار، والسعي بعد ذلك إلى البحث عن البديل في داخلنا لئلا نكون صورة مشوهة عن الآخرين.

 

قراءة 693 مرة