التألق الاجتماعي للشاب

قيم هذا المقال
(0 صوت)
التألق الاجتماعي للشاب

صباح الصافي

◄ما فائدة أن يكتشف الفرد أهمية الشمس بعد غروبها؟ وبعد أن يغيب ضياؤها وتذهب حرارتها؟ هكذا الحال مع مرحلة الشباب التي تمتاز بوفرة الصحّة، وفورة النشاط؛ فلكلاهما نفس العِبرة: هو أن تستفيد مما لديك من قدرات قبل أن يستنفدها الزمن ويُضعفها العجز.

إنّ التألق الاجتماعي للشاب مشروط بعدّة ظروف وعوامل لابدّ من توفرها في وقتها، وهي متاحة ومتوفرة إذا ما أراد الشاب استثمارها..

ومن هذه الشروط والعوامل:

 

أوّلاً- اكتساب العلم والمعرفة:

قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): "اكتسبوا العلم يكسبكم الحياة"، فالعقل والفكر اللذان يُحرِّكان الإنسان غذاؤهما وزادهما العلم والمعرفة، وبدونهما يعيش العقل حالة من الظلمة والتخبط، وبالتالي يشعر الإنسان أيضاً بحالة من الضياع.

إنّ العلم ينتج آفاقاً واسعة للإنسان يستطيع من خلالها أن يُحدِّد الطريق الأفضل. ويمكن الحصول على العلم والمعرفة من خلال الإخلاص، والجهد، والمثابرة، وعدم اليأس.

 

ثانياً- امتلاك الإرادة القويّة:

إنّ الشاب والفتاة يعانيان كثيراً من الضغوط والاغراءات؛ ولكنهما إذا استطاعا المقاومة وتحدّي تلك الاغراءات.. فهذا دليل تحقيق النجاح في أيِّ ظرفٍ كان.

إنّ القرآن الكريم، يقصّ علينا جانباً من تلك الظروف الخطيرة التي عاشها نبيّ الله يوسف (ع) في منزل عزيز مصر.. يقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (يوسف/ 21-23)، أي طلبت زليخا زوجة العزيز منه ممارسة الحرام بعد أن تهيّأت، وغلَّقت الأبواب حتى لا يهرب منها.

ويستمر القرآن الكريم في سرد القصة، لأهمية الموقف، إلى أن يقول عن لسان زليخا زوجة عزيز مصر: (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (يوسف/ 32-34).

وهكذا طلب يوسف (ع) من الله سبحانه، أن يعينه على مقاومة أجواء الانحراف، واستجاب الله تعالى له وتغلَّب على تلك الظروف؛ ولكنّه تحمَّل قسوة السجن الطويل، بإرادة قويّة.

 

ثالثاً- النهوض بالأدوار الاجتماعية:

إنّ ممارسة الدور الاجتماعي يؤدي إلى بناء الشخصية وتنمية الكفاءة والخبرة.. فنبيّنا الأعظم محمّد (ص) حينما أراد أن يبعث سفيراً عنه اختار مصعب بن عمير الشاب المجاهد ليكون سفيره على المدينة، ويُهيئ يثرب لتكون منطلق الإسلام، ويأتي مصعب الشاب في تلك الظروف الحرجة إلى المدينة، متحملاً تلك المسؤوليات الضخمة، وقد وفّقه الله تعالى للنجاح في مهمّته بإيمانه الصادق، وجهاده الدؤوب.

 

رابعاً- اجتناب التسويف:

من أهم قواعد النجاح إنجاز الأعمال في وقتها المناسب. أمّا تأجيل الأعمال أو تأخيرها وهو ما يطلق عليه (التسويف)، من أخطر الآفات التي تؤدّي إلى فوات الفرص، وهدر الوقت الذي لا يُعوَّض بثمن، والحرمان من النجاح، فما أكثر الذين خسروا مستقبلاً زاهراً لا لشيء إلّا لأنّهم فوّتوا فرصاً وأجّلوا أعمالاً.

ويمكن إجمال أسباب التسويف في ثلاثة أسباب، هي: الكسل، التردد، وغياب الهدف والطموح.

ولكي تقضي على التسويف، اعمل ما يأتي:

1- تحديد الهدف، وكيفية الوصول إليه، وإعداد خطة أو برنامج، ثمّ التسلسل في تطبيقها وأدائها.

2- فكِّر مباشرة في تنفيذ الهدف، وضع وقتاً محدداً لإنهاء المهمة دون تأجيل.

3- تذكَّر أنّك كلّما أجَّلت عملاً عن وقته كلَّما اقتربت من الفشل.

4- فكِّر في قيمة النفس وقيمة الوقت وأنّه إذا خسرته لا يرجع.

5- صنِّف أعمالك على ثلاثة أصناف: عمل هام فأقدم عليه، وعمل غير مهم فأتركه، وعمل يمكن أن يقوم به غيرك فأوكله إلى غيرك، وتذكَّر الحكمة التي تقول: "مَن لا يريد حين يقدر، لا يستطيع عندما يريد".

إنّ مرحلة الشباب تمتاز بأنّها أقوى وأجمل مرحلة يعيشها الإنسان، إذ هي مرحلة الظهور والتألق في مجالات الحياة إن استطاع الشاب والفتاة أن يعيشها بعلم، وإرادة قويّة، وعمل صالح في المجتمع، ونبذ التسويف، وهي المرحلة التي ستحدد جزءاً كبيراً من مستقبل الإنسان.►

 

قراءة 446 مرة