من أبرز التحدّيات التربوية التي قد تواجه الأهل هو تحدّي التعامل مع طفل عنيد، سنتحدّث هنا عن مميزات الطفل العنيد وكيفية التعامل معه.
تختلف أساليب التربية وحيلها باختلاف شخصيات الأطفال، فالطفل ذو الشخصية العنيدة يحتاج لمهارات تربوية خاصّة وقدرة عالية على الاحتواء الأمر الذي يرهق الأهل. إليك مميزات الطفل العنيد وكيفية التعامل معه.
مميزات الطفل العنيد
الطفل العنيد هو طفل مميز، ولديه الكثير من مقومات النجاح التي ننصحك بتذكّرها دائماً، فتذكّرها سيرفع من قدرتك على الاحتواء تلقائياً، إلّا أنّه بالإضافة إلى هذا التميز الإيجابي قد يمتلك خصائص سلوكية سلبية:
في الواقع لكلّ عملة وجهان حتى على صعيد التربية، فالعناد في بعض الأحيان قد تتحوّل إلى مهارة التصميم والعزم على تحقيق الأهداف، وذلك بفضل البُعد المعنوي والمضموني الذي قد يحمله تصرُّف الطفل.
العناد لا يعني الغباء، على العكس تماماً، بعض الأطفال العنيدين هم أساساً أطفال أذكياء جدّاً ولديهم وجهة نظر معينة الأمر الذي يجعلهم متمردين في سبيل فرض وجهة نظرهم.
على الرغم من أنّ كلّ الأطفال قد يعانون من نوبات الغضب، إلّا أنّ الطفل العنيد يتميّز سلوكياً بكثرة نوبات الغضب التي قد تصيبه.
يتمتع الطفل العنيد بمقومات قيادية واضحة، إلّا أنّها قد تنقلب تسلُّطاً في أحيان كثيرة.
أحياناً يتميّز الطفل العنيد باستقلاليته عن أهله، لكنّه في أحيان كثيرة يكون مستقلاً بشكل عنيف ورافض.
ببساطة الطفل ذو المميزات الشخصية العنيدة يحبّ فعل الأُمور بوتيرته الخاصّة.
حقيقة رغم ما تنطوي عليه تربية الأطفال العنيدين من مصاعب، إلّا أنّهم أكثر تميزاً في الإنجازات العلمية والمهنية.
تشير الدراسات إلى أنّ الأطفال العنيدين أقل ميلاً للمُعاناة من التبعية لأصدقاء السوء وأقل تأثراً بالضغوط الاجتماعية.
العناد عند الأطفال قد يكون وراثياً أو مكتسباً، بالإضافة إلى كون الأطفال العنيدين يتأثّرون كثيراً من سلوكيات أهلهم وغالباً ما يتحلّى الأب أو الأُم بالصفة ذاتها. إلّا أنّ الجيِّد بالأمر أنّها صفة قابلة للتطويع.
مبادئ كيفية التعامل مع الطفل العنيد
هل تعتقدون أنّ طفلكم عنيد وتحتاجون لبعض التوجيهات من أجل التعامل معه ومساعدته في إدارة عناده بشكل سليم؟ إليكم بعض النصائح في سبيل ذلك:
1- اصغوا جيِّداً لما يحاول قوله ولا تجادلوه
كونوا متأكدين أنّ طفلكم عندما يعاندكم لا يقصد بذلك أن يغيظكم ويعمل على أذيتكم، بالعكس تماماً، أنتم عائلته التي يحبّها وهو يحاول أن يخبركم شيئاً من وراء هذا العناد كلّه.
التواصل هو ببساطة قناة مفتوحة بين طرفين، لذا لا تتوقعوا أن يسمع طفلكم كلامكم ويهتم لاحتياجاتكم إن لم تسبقوه بالإصغاء له أوّلاً.
غالباً ما يكون الطفل العنيد متمسك برأي معين أو بموقف معين ويحاول إيصاله ربّما بطُرق غير مناسبة وربّما بحدّة إن لم يتم الإصغاء له، دعوه يُعبّر عن رأيه وقوموا بمعالجة هذا الرأي بمنطق وذكاء.
2- احترموا عقله ولا تعطوه الأوامر
الطفل مهما كان صغيراً هو ذكي جدّاً، حيث لا يقتصر تأثره بكم فقط، لذا فهو من جيل صغير له كيانه الخاص وقناعاته التي تستوجب المناقشة لا القمع.
في الحقيقة قد تعمل طريقة إعطاء التوجيهات والأوامر مع الطفل حتى جيل السنتين والنصف كأقصى حدّ، بعد ذلك عليك أن تدركوا أنّك بحاجة إلى تفسير الهدف من وراء الطلب أو الأمر الذي تصدرونه.
ترووا قليلاً قبل أن تتوجهي لطفلك بطلب ما، وحاولوا أن تتأكدوا أنّكم قادرون على الإجابة على سؤاله في حال سألكم لماذا عليه أن يفعل ذلك.
3- اعطوه بعض الخيارات
هل يحتاج طفلكم لاتّخاذ القرار بنفسه؟ لا بأس في ذلك، قوموا أنتم بتحديد الخيارات واعطوه شرف الاختيار فعلى سبيل المثال قوموا أنتم باختيار 3 بدلات مختلفة للمدرسة واسمحوا له باختيار واحدة منها.
أحياناً يمكنكم التلاعب أيضاً بنوعية الخيارات، هل تودون أن يخلد طفلكم إلى النوم؟ بدل أن تقوموا بأمره قائلين: «هيا إلى النوم» اسألوه هل تود أن نقرأ قصّة قبل النوم أم قصيدة؟
في حال اعترض قولوا له ببساطة وهدوء أنّ هذه هي الخيارت الموجودة، حافظوا على هدوءكم وسوف يمل المحاججة ويختار.
4- تفاوضوا مع طفلكم
لابدّ لنا أن نعترف كأهل أنّ الأطفال في النهاية هم الأقوى، ففي حال قرّر الطفل عدم تناول وجبة معينة لن نستطيع فعل أي أمر حينها.
عندما تصلون لطريق مسدود في الحوار، قوموا بالتفاوض مع طفلكم، مثلاً، إن لعب طفلكم مع ضيف معين، فلم يساعده إعادة ترتيب الألعاب ورفض طفلكم أن يرتّبها بمفرده، تفاوضوا معه: «إن رتبت الألعاب، نشتري اللعبة التي أردتها».
5- ابقوا هادئین مهما يكن
الصراخ على الطفل يقطع أي إمكانية باقية للتواصل معه، هذا الأمر يجعله يقف وحيداً أمام مشاعره التي لا يستطيع معالجتها لوحده.
بالإضافة إلى ذلك لا يساعدكم الصراخ في شرح أهدافك وبالتالي لن يؤثِّر إيجابياً على المدى البعيد حتى وإن انصاع طفلكم لأوامركم حالياً.
مثال: إن كنتم تريدون من طفلكم ألا يقفز على الكنبة، يمكن للصراخ أن يجعله ينزل في الحال لكنّه سيعيد الكرة، أمّا عند الشرح له أنّ الوقوع عن الكنبة يؤذيه وبالمقابل يمكنه القفز على الفرشة الأرضية سيقتنع بذلك للمدى البعيد أيضاً.
6- استخدموا لغة المشاركة وشاركوه فعلاً
يود الطفل أن يشعر بأنّه شريك للأهل وأنّه يحمل المسؤولية مثلهم، لذا قد تجدون أنّ لغة الشراكة فعّالة جدّاً مع طفلك.
بدل أن تطلبوه منه أن يقوم بتوضيب غرفته، قولوا له: «ما رأيك أن نتساعد في توضيب البيت؟» اجعلوه يساعدكم في وضع شرشف الطاولة ثمّ وجهوه بحنكة للاهتمام بغرفته بينما توضبونن الصالون.
7- افهموا ما يجول في خاطره
لا تصدروا حُكماً بحقّ طفلكم وتعتبروا تصرّفه نابعاً من العناد فقط، ربّما كان لديه أُمور أُخرى لا ينجح في التعبير عنها، مثلاً طفلكم يرفض واجب النسخ؟ قد يجد صعوبة بإمساك القلم، أو هو غير راضٍ عن خطه.
حاولوا أن تضعوا نفسكم مكان طفلكم وتتوقعوا كيف له أن يفكّر، واحرصوا على عكس ذلك له لترفعوا من قدرته على إدراك ذاته وأفكاره.
8- حافظوا على بيئة مريحة للطفل في المنزل
البيئة المريحة تفسح المجال أمام الطفل للتعلم السريع، استخدموا حس الدعابة واملأوا البيت بالفرح.
احرصوا على عدم التجادل أمام طفلكم، وتبادلوا الودّ أمامه حيث أنّ الدراسات تشير إلى كون الخلافات الزوجية تنعكس سريعاً على الأطفال وكثيراً ما يتم ترجمتها بمشاكل سلوكية وعدوانية.
9- عززوا السلوكيات الإيجابية
في خضم الضغوطات الحياتية من شأن طفلكم أن يشعر أنّه ليس أولوية بالنسبة لكم، وذلك لمتابعتكم لاحتياجاته العامّة وإسقاط الاحتياجات العاطفية، هذا الأمر قد يجعل طفلكم يتمسك ببعض السلوكيات السلبية ليلفت انتباهكم إليه.
عندما تقومون بالالتفات إلى صفات طفلكم الإيجابية فتثنوا على السلوكيات الجيِّدة حينها قد يشعر باهتمامكم دون الحاجة إلى اللجوء للتصرُّفات السلبية.