ليس الأرق صعوبة الدخول في النوم فقط، بل الاستيقاظ في الليل بعد النوم هو أرقٌ كذلك، وقد يُواجِه بعض الناس هذه المشكلة؛ بسبب ضوضاء خارجيةٍ، أو أضواء خافتة مُسلَّطة على العين، أو ربَّما شرب القهوة قريبًا من موعد النوم، أو لغير ذلك من الأسباب.
وقد نساعد أنفسنا على عدم النوم بالبقاء في السرير فترةً طويلةً دون حراك مُعانين الأرق، أو بالتحديق في الساعة لمعرفة الوقت الذي مرَّ منذ الاستيقاظ؛ فكيف يُمكِن استئناف النوم على أتم وجه؟
لماذا لا نتمكَّن من النوم بعد الاستيقاظ في منتصف الليل؟
تُسهِم كثيرٌ من العوامل في صعوبة النوم بعد الاستيقاظ في منتصف الليل، وهذه العوامل إمَّا ذاتية مُتعلِّقة بالإنسان نفسه، أو تتعلَّق بالبيئة المُحِيطة به على التفصيل التالي:
1- الكافيين
يُقلِّل الكافيين الوقت الذي يستغرقه الجسم في مرحلة النوم العميق، خاصةً إذا تناوله الإنسان قبل النوم بست ساعاتٍ أو أقل، ما قد يُوقِظك خلال الليل، ويُصعِّب العودة إلى النوم.
2- بيئة نوم غير جيدة
يحتاج النوم العميق إلى بيئة داعمة، كهدوء الغرفة، ودرجة الحرارة المناسبة إلى غير ذلك مِمَّا يُساعِد على ديمومة النوم وعدم انقطاعه، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ اضطراب هذه البيئة يُهدِّد بالاستيقاظ ليلاً، كما في حالة:
- الضوضاء: أي ضوضاء، سواء كانت صادرةً من الشارع، أو من غرفة النوم، قد تُؤدِّي إلى الاستيقاظ، كما أنَّ تلك الضوضاء تُشجِّع إفراز الأدرينالين والكورتيزول، ما يزيد ضربات القلب.
- الضوء: أظهر بحثٌ أنَّ تعرُّض الإنسان لضوءٍ ولو كان خافتًا خلال الليل، يحول دون النوم، وقد يكون مصدر الضوء من خارج البيت، ويمر عبر النافذة، أو من الغرف المجاورة، ما يُصعِّب العودة إلى النوم، كما قد يُؤثِّر على مراحل النوم الطبيعية التي تمر على الإنسان خلال الليل.
- الحرارة: لا بُدّ من حرارة غرفة مناسبة للنوم، لذا يُوصِي الخبراء بأن تكون درجة حرارة الغرفة بين 18 - 21 درجة مئوية؛ لتنظيم حرارة البشرة خلال الليل؛ إذ ارتفاع حرارة الغرفة قد ينتشلك من النوم خلال الليل.
3- اضطراب النوم
تمنع بعض اضطرابات النوم العودة إليه، مثل انقطاع التنفس في أثناء النوم، اضطراب الساعة البيولوجية، أو الكوابيس، ومِنْ ثَمَّ ينبغي علاج اضطراب النوم الذي تعانيه؛ كي تستمر في النوم خلال الليل بلا مُنغِّصات.
4- غياب النشاط البدني خلال اليوم
لا يُؤدِّي غياب النشاط اليومي، أو التمارين الرياضية خلال اليوم إلى زيادة فرص الإصابة بالأمراض فقط، بل ويُؤثِّر كذلك على جودة النوم خلال الليل، ويزيد فرص التعرُّض للأرق.
5- اضطرابات نفسية
الاضطرابات النفسية كالتوتر، القلق، أو الاكتئاب تعيق استمرار النوم في أثناء الليل، كما أنَّ انقطاع النوم قد يزيد حالة القلق، مِمَّا يُؤدِّي إلى الأرق، وصعوبة استئناف النوم. ناهيك عن أنَّ قلة النوم تُؤثِّر في المزاج اليومي، بما قد يُسبِّب اكتئابًا.
6- الأدوية
تمنع بعض الأدوية النوم العميق، كأدوية العلاج النفسي، حاصرات بيتا (نوع من أدوية ضغط الدم)، والمُنشِّطات، ومِنْ ثَمَّ ينبغي استشارة الطبيب حال البدء في تناول دواءٍ؛ تزامنًا مع انحسار ساعات النوم.
7- العمر
أظهر بحثٌ، ذكره موقع "sleepfoundation"، أنَّ عدد ساعات النوم يتراجع مع تقدُّم العمر، كما تقل الفترة المنقضية في مرحلة النوم العميق، ما يُسبِّب الاستيقاظ المتكرر خلال الليل، ويُصعِّب استئنافه.
نصائح لاستئناف النوم بعد الاستيقاظ ليلًا
معرفة السبب نصف الحل، ولذا فإنَّ استئناف النوم يعتمد على التعامل الصحيح مع السبب وراء انقطاع النوم خلال الليل، وفي سبيل تحقيق ذلك، هاك النصائح الآتية:
1- التخلص من الأضواء والضوضاء
إذا عسر التخلص من الضوضاء، فيمكن الاستعانة بسدادات الأذن؛ لحجب تأثير الضوضاء، أمَّا الأضواء، فبالتأكيد لا ينبغي إبقاء المصابيح مشتعلة في الغرفة، لكن إن كان ولا بُدّ من وجود ضوءٍ ما، فيُمكِن استخدام أقنعة العين؛ لحجب ذلك الضوء.
2- تجنُّب الشاشات الإلكترونية
تُصدِر الشاشات الإلكترونية ضوءًا أزرق، مُثبِّطًا لإنتاج الميلاتونين (وهو الهرمون المُساعِد على النوم)؛ لذا فمن الواجب عدم التعرُّض لهذه الشاشات، سواء كانت هاتفًا جوالًا، لاب توب، أو تلفازًا، قبل النوم بساعةٍ على الأقل، ومِنْ ثَمَّ لا يُنصَح بالتعرُّض لها عند الاستيقاظ خلال الليل؛ لاستئناف النوم.
3- درجة حرارة منخفضة نسبيًّا
ينبغي أن تقل درجة حرارة الجسم؛ للدخول إلى النوم واستمراره، ودرجة حرارة الغرفة المناسبة لذلك تتراوح بين 18 - 21 درجة مئوية، وإن صعب تحديد حرارتها، فلا أقل من فتح نافذةٍ، أو تشغيل مروحة؛ لإبقاء حرارة الغرفة منخفضة باعتدال، خاصةً إذا استيقظت إثر ارتفاع حرارة جسمك.
4- تخلّ عن سريرك
ما لم تكن قادرًا على استئناف النوم بعد الاستيقاظ في غضون 15 - 20 دقيقة، فمن المُفضَّل النهوض من السرير، وتغيير الغرفة؛ لمنع الذهن من ربط السرير باليقظة بدلًا من النوم، ويُمكِن تجربة أشياء تساعد على الاسترخاء كقراءة كتاب.
5- لا تُحدِّق في الساعة
ربَّما ترغب في تتبُّع عدد الدقائق التي بقيت فيها على هذا الحال منذ أن استيقظت، لكن ذلك لن يساعدك على النوم؛ إذ أشار بحثٌ إلى أنَّ هذه العادة، تُحفِّز التوتر والقلق بشأن عدم القدرة على استئناف النوم، ما يزيد انتباه المخ، وتظل في دائرة مفرغة لا فكاك منها، فلا تُحدِّق في الساعة، وحاول أن تنام.
6- التنفس العميق
أوصى الخبراء بممارسة التنفس العميق؛ لاستئناف النوم؛ إذ يُنشِّط هذا التنفس الجهاز العصبي اللاوُدِّي، والذي يُساعد على الاسترخاء والنوم.
وإحدى تقنيات ذلك التنفُّس، طريقة 4-7-8، المُتضمِّنة للاستنشاق لمدة 4 ثوان عبر الأنف، ثُمَّ الإمساك عن التنفس 7 ثوان، ثُمَّ الزفير عبر الفم لمدة 8 ثوان.
كيف تتجنَّب الاستيقاظ ليلًا مستقبلًا؟
الاستيقاظ ليلًا وانقطاع النوم، مرتبطٌ بما يصحب النوم من عاداتٍ، أو ما يسبقه من نشاطاتٍ تتضمَّن الحالة النفسية، أو النشاط البدني، أو حتى الحمية الغذائية، وفي إطار تفادي انقطاع النوم خلال الليل مُستقبلًا، إليك ما ينبغي فعله:
- عدم التحديق في الشاشات الإلكترونية قبل النوم بساعةٍ واحدةٍ على الأقل.
- لا تبقَ في السرير وقتًا طويلًا طالما وجدتَ نفسك عاجزًا عن استئناف النوم (مرور 15 - 30 دقيقة دون نوم)، وانشغل بدلًا من ذلك فيما يساعد على الاسترخاء، مثل قراءة كتاب أو ممارسة تمارين التنفس العميق.
- التزام جدول نومٍ، يتضمَّن موعدًا ثابتًا للنوم والاستيقاظ كل يوم، فهذا مُساعِد على ضبط الساعة البيولوجية الخاصة بك.
- تجنُّب شرب القهوة أو الحصول على الكافيين قبل النوم ب6 ساعاتٍ على الأقل.