"الصلاة في جميع الأديان الإلهية هي أهم الممارسات الدينية و أوضح و أشمل علامات الإيمان". الإمام الخامنئي 07/04/2009
أساس كل المرارات التي يتجرعها البشر هو الغفلة عن الله وعدم الخروج عن دائرة المصالح الشخصية. الصلاة تحرر الإنسان من هذه الأسوار المظلمة. الصلاة في جميع الأديان الإلهية هي أهم الممارسات الدينية و أوضح و أشمل علامات الإيمان. و صلاة الإسلام أكمل و أجمل الصلوات.
كل واحدة من كلمات الصلاة و أذكارها خلاصة لجانب من معارف الدين، و هي تذكر المصلّي بتلك المعارف دائماً و بلا انقطاع. الصلاة التي تقام بتدبّر في المعاني و بلا سهو أو غفلة تعرِّف الإنسان باطراد على المعارف الإلهية و تزيد من حبه لها.
حينما تكون الصلاة مصحوبةً بالتوجه و حضور القلب فسوف لن تلطِّف وتنوِّر و تعطِّر قلب المصلّي و روحه و حسب، بل تلطِّف و تنوِّر و تعطِّر الأجواء المحيطة به أيضاً، و تضيئ البيت و العائلة و أجواء العمل و محافل الأصدقاء و تجمعات المواطنين و كل أجواء الحياة. الصلاة بتوجه و حضور قلب و المفعمة بالذكر و التذكر، و التي تعلِّم الإنسان دوماً أرقى المعارف الإسلامية، مثل هذه الصلاة تحرر الإنسان من العبثية و اللاهدف و الضعف، و تمنحه الهمّة و الإرادة و ترسم له الأهداف، و تضيئ آفاق الحياة في عينيه، و تحرر قلبه من الميول المنحطّة و المعوجّة.
من هنا فإن الإنسان يحتاج للصلاة دائماً، و هو أحوج إليها في مواطن الخطر. الواقع أن الصلاة أفضل أسس الدين و طروحاته و يستطيع كل إنسان الانتفاع منها بمقدار ما يريد. الصلاة أول خطوات السلوك إلى الله. بيد أن سعة و استيعاب هذا العامل الإلهي إلی درجة يستطيع معها أن يكون أجنحة عروج الإنسان حتى في ذروة الكمال الإنساني.
فالإنسان الأرقى في التاريخ أعني رسول الإسلام الكريم يقول: »قرة عيني في الصلاة«. ربما أمكن القول إنه ما من عامل عبادي آخر كالصلاة يستطيع منح الإنسان الحلول و القوة و التقدم به إلى الأمام في كافة مراحل تكامله المعنوي.
الصلاة ركن الدين الأساسي و يجب أن تحتل المكانة الرئيسية في حياة الإنسان. الحياة الإنسانية الطيبة في ظل سيادة الدين الإلهي تتأتّى حينما يُحيي الإنسان قلبه بذكر الله، و يستطيع بمعونته أن يجاهد كل جاذبيات الشر و الفساد، و يحطِّم كافة الأصنام و يقصِّر أيدي جميع الشياطين الداخلية و الخارجية عن التطاول على كيانه. هذا الذكر و الحضور الدائم لا يحصل إلا ببركة الصلاة.
و الصلاة في حقيقتها رصيد هائل و كنـز لا يفنى يتوفّر عليه الإنسان دائماً و في كل الأحوال في كفاحه ضد شيطان نفسه التي تجرفه نحو الانحطاط و الجبن، و ضد شياطين الهيمنة التي تفرض عليه الذلة و الاستسلام بما لها من إمكانيات مادية و قوة قاهرة. الإنسان و المجتمع اليوم يتعرضان لضغوط شديدة في العصر الراهن حيث سيطرة النظام الآلي على كل المجتمعات البشرية. أبناء البشر في مثل هذا النظام مضطرون لتنظيم و ملاءمة أنغام حياتهم الفردية و الاجتماعية على إيقاع الماكنة الثقيل الناخر للأرواح.
لذلك فإن حاجة الإنسان في العالم اليوم للعلاقة المعنوية مع الله الرحيم أمسُّ و أكبر من أي وقت مضى، و الصلاة أفضل و أنجع وسيلة لإشباع هذه الحاجة. ثمة في الصلاة ثلاثة خصائص رئيسية تعزز دورها الأفضل في تهذيب النفس و تربية الإنسان روحياً.الخصوصية الأولى هي أن الصلاة بالشكل المحدد لها في الإسلام، أي هذه الحركات و الأذكار الخاصة تدعو المصلّي بشكل طبيعي للبعد عن الذنوب و التلوث بها.
الخصوصية الثانية هي أنها تحيي لدى الإنسان روح العبودية و الخضوع أمام الباري تعالى الذي يمثل المحبوب الحقيقي و الفطري لكل إنسان. و الخصوصية الثالثة هي أنها تهدي لروح المصلي و قلبه الطمأنينة و السكون الذي يعد الشرط الرئيس للنجاح في كل ميادين الحياة، و تعالج فيه حالة التزلزل و الاضطراب التي تعتبر عقبة كبيرة في سبيل المبادرات الجادة للتربية الأخلاقية. والإنسان معرض لمختلف أنواع الخطأ.
لكل إنسان بالتالي سهوه و أخطاؤه و خطاياه التي تعرض له. إذا أراد الإنسان النجاح في طريق الحياة فبمقدور الصلاة أن تمارس دور التعويض له. يقول الباري في الآية القرآنية الشريفة: »أقم الصلاة طرفي النهار و زلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات«. الصلاة نور يبدد الظلمات و يمحو المساوئ و يغسل آثار الذنوب عن القلب. قد يتعرض الإنسان على كل حال لصنوف من الأدران و التلوث، و إذا التزمتم بالصلاة فسوف تبقى هذه النورانية فيكم و لا تجد المعاصي الفرصة للتغلغل إلى أعماق أرواحكم. والمسجد ليس للصلاة فقط. هناك أنواع من العبادة يمارسها الإنسان في المسجد.
من هذه العبادات التفكر الذي يكسبه رواد المساجد بواسطة كلام علماء الدين و الفقهاء هناك. إذن، المسجد مدرسة و جامعة و مكان للتفكّر و التأمل و محل لتنقية الروح و التمرّن على الإخلاص و اتصال العبد بربه. إنه مكان لارتباط الأرض بالسماء. مكان يعرج فيه الإنسان بنفسه إلى مصدر الفيض و القدرة الخالد. إقامة الصلاة هي الثمرة و العلامة الأولى لحكومة الصالحين.
من أكبر أعمال إمامنا الجليل (رضوان الله تعالى عليه) هو استئنافه لإقامة صلاة الجمعة. هو الذي أعاد صلاة الجمعة لشعبنا. كنّا محرومين من صلاة الجمعة سنوات طوالاً. اعتقد أن من أهم عوامل حفظ إيمان الجماهير و معنوياتهم هو صلاة الجمعة و خطب الجمعة و المشاركة المعنوية للجماهير في ميدان صلاة الجمعة، و أن يقف إنسان أمين يثق به الشعب ليطلع الجماهير كل جمعة بلسان صادق على أوضاع البلاد، و ينصحهم و يصحح توجهاتهم. يجب أن تكون صلاة الجمعة موقعاً لاستقطاب الجماهير و نصيحتهم و تعليمهم. على أئمة الجمعة المحترمين بذل كل جهودهم بمساعدة المصلّين في هذا الاتجاه.