كلمة الإمام الخامنئي في المشاركين في المؤتمر العالمي للتيارات التكفيرية من وجهة نظر علماء الإسلام

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كلمة الإمام الخامنئي في المشاركين في المؤتمر العالمي للتيارات التكفيرية من وجهة نظر علماء الإسلام

طيّب الله أنفاسكم إن شاء الله
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على سيدنا و نبينا المصطفى الأمين محمد و آله الطيبين الطاهرين المعصومين (2) و على صحبه المنتجبين و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أولاً أرحب بالضيوف الأعزاء و الحضور المحترمين و علماء المذاهب الإسلامية المتنوعة الحاضرين في هذه الجلسة. و أشكر حضوركم الفعال المفيد في اجتماعات هذا المؤتمر المهم على مدى يومين.
أرى من الضروري أن أتقدم بالشكر لعلماء و فضلاء قم الكبار، و خصوصاً سماحة آية الله مكارم شيرازي و سماحة آية الله سبحاني، الذين ابتكروا هذه الفكرة و نفذوها عملياً و قاموا بحمد الله بالخطوات الأولية التمهيدية لهذا المشروع، و هذه حركة يجب أن تستمر. اطلعت إجمالاً على كلمات المتحدثين المحترمين خلال اليومين الماضيين، و أذكر بدوري بعض النقاط:
أولاً هذا المؤتمر هو من أجل مناقشة التيار التكفيري و هو تيار مضر و خطير في العالم الإسلامي. و مع أن هذا التيار التكفيري ليس بالجديد و له سوابقه التاريخية، لكنه استعاد حياته في الأعوام الأخيرة وفق مخططات الاستكبار و بأموال بعض حكومات المنطقة و بتخطيط من الأجهزة التجسسية للبلدان الاستعمارية - مثل أمريكا و بريطانيا و الكيان الصهيوني - و ازداد قوة. هذه الجلسة و هذا المؤتمر و تحرككم هذا، كله من أجل مواجهة شاملة لهذا التيار، و ليس لأجل ما يسمى اليوم بداعش، فالتيار الذي يعرف اليوم بداعش أحد فروع هذه الشجرة التكفيرية الخبيثة، و ليس الشجرة كلها. هذا الفساد الذي أطلقته هذه الجماعة و هذا الإهلاك للحرث و النسل و سفك دماء الأبرياء جزء من جرائم هذا التيار التكفيري في العالم الإسلامي. ينبغي النظر للمسألة من هذه الزاوية.
إنني آسف قلباً لأننا في العالم الإسلامي حيث يجب أن نبذل كل طاقاتنا لمواجهة مؤامرة الكيان الصهيوني و تحركاته ضد القدس الشريف و المسجد الأقصى - و هذا ما يجب أن يحرّك العالم الإسلامي برمّته - مضطرون اليوم لأن ننشغل بالمشكلات التي أوجدها الاستكبار في داخل العالم الإسلامي، و لا مفرّ من هذا. و الواقع أن الخوض في قضية التكفير شيء فرض على علماء العالم الإسلامي و الواعين و النخبة فيه. لقد أدخل العدو هذه المشكلة المفتعلة المصطنعة في العالم الإسلامي، و نحن مضطرون للخوض فيها.
لكن القضية الأصلية هي قضية الكيان الصهيوني، و القضية الأصلية هي قضية القدس، و القضية الأصلية هي قضية قبلة المسلمين الأولى أي المسجد الأقصى. هذه هي القضايا الأساسية.
ثمة نقطة لا تقبل الإنكار هي أن التيار التكفيري و الحكومات التي تدعمه و تحميه تتحرك تماماً باتجاه نوايا الاستكبار و الصهيونية. أعمالهم تصبّ باتجاه أهداف أمريكا و الحكومات الاستعمارية الأوربية و حكومة الكيان الصهيوني المحتل. ثمة شواهد تجعل هذا المعنى أكيداً و قطعياً. التيار التكفيري له ظاهر إسلامي لكنه عملياً في خدمة التيارات الاستعمارية و الاستكبارية و السياسية الكبرى التي تعمل ضد العالم الإسلامي. هناك شواهد واضحة لا يمكن تجاهلها. أذكر بعض هذه الشواهد. أحد الشواهد هو أن التيار التكفيري استطاع تحريف حركة الصحوة الإسلامية. لقد كانت حركة الصحوة الإسلامية حركة مناهضة لأمريكا و الاستبداد و عملاء أمريكا في المنطقة. لقد كانت حركة قام بها عموم الناس في بلدان مختلفة في شمال أفريقيا ضد الاستكبار و ضد أمريكا. و قام التيار التكفيري بتغيير اتجاه هذه الحركة العظيمة المناهضة للاستكبار و لأمريكا و للاستبداد، و جعلها حرباً بين المسلمين و اقتتالاً بين الإخوة. لقد كانت حدود فلسطين المحتلة الخط الأمامي للكفاح في هذه المنطقة. و جاء التيار التكفيري و بدّل هذا الخط الأمامي إلى شوارع بغداد و المسجد الجامع في سورية و دمشق و شوارع باكستان و مدن سورية المختلفة، فصارت هذه هي الخط الأمامي للكفاح.
لاحظوا الوضع الحالي في ليبيا، و انظروا لوضع سورية، و وضع العراق، و لوضع باكستان، و لاحظوا ضد من تشهر السيوف و الطاقات في يد المسلمين؟ هذه سيوف يجب أن تشهر ضد الكيان الصهيوني. لقد غيّر التيار التكفيري اتجاه هذا الكفاح و جاء به إلى داخل البيت و داخل مدننا و داخل البلدان الإسلامية. ينفذون انفجاراً داخل المسجد الجامع في دمشق، و يفجرون حشود الناس العاديين في بغداد، و في باكستان يفتح مئات الناس النار على مئات الناس. و في ليبيا لاحظوا الوضع الذي صنعوه و أوجدوه. هذه كلها إحدى الجرائم التاريخية التي لا تنسى للتيار التكفيري الذي أوجد هذا الوضع. هذا كله يصبّ لخدمة هذا التيار، و هو تغيير في الاتجاه يخدم أمريكا و بريطانيا و الأجهزة التجسسية الأمريكية و البريطانية و الموساد و ما شابه. و الشاهد الآخر هو أن الذين يدعمون هذا التيار التكفيري يتحالفون مع الكيان الصهيوني ليحاربوا المسلمين. لا يعبسون أبسط تعبيس في وجه الكيان الصهيوني لكنهم يوجهون مختلف الضربات و المؤامرات ضد البلدان الإسلامية و الشعوب المسلمة بذرائع شتى. و شاهد آخر هو أن هذه الفتنة التي أوجدها التيار التكفيري في البلدان الإسلامية و في العراق و سورية و ليبيا و بعض مناطق لبنان و بلدان أخرى، أدّت إلى تدمير البنى التحتية القيمة في هذه البلدان. لاحظوا كم من الطرق و كم من المصافي و كم من المناجم و المطارات و الشوارع و المدن و البيوت تدمرت في هذه البلدان نتيجة هذه الحروب الداخلية و الاقتتال بين الإخوة؟ كم من الزمن و المال و التكاليف يجب أن تنفق لإعادة هذه الأشياء إلى حالها الأولى؟ هذه هي الأضرار و الضربات التي وجهها التيار التكفيري للعالم الإسلامي خلال هذه الأعوام و إلى اليوم.
و شاهد آخر هو أن التيار التكفيري شوّه وجه الإسلام في العالم و جعله قبيحاً. لقد شاهد العالم كله في التلفزة أنهم يجلسون شخصاً و يضربون عنقه بالسيف من دون أن تكون هناك جريمة معينة قد ارتكبها: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم» (3) . لقد عمل هؤلاء بعكس هذا تماماً. قتلوا المسلمين و أجلسوا غير المسلمين الذين لم يحاربوهم تحت السيوف، و بثت صور ذلك في العالم كله و شاهده العالم برمته. شاهد العالم كله أن شخصاً و باسم الإسلام مدّ يده و استخرج من صدر إنسان مقتول قلبه و راح يعضّه؛ لقد شاهد العالم ذلك. و قد تسجلت هذه الأحداث باسم الإسلام. إسلام الرحمة و التعقل و المنطق و إسلام «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين» يطرحه هؤلاء بهذه الصورة، فهل جريمة فوق هذه؟! و هل فتنة أخبث من هذه؟! هذا ما قام به التيار التكفيري.
و شاهد آخر هو أنهم تركوا محور المقاومة وحيداً. لقد قاتلت غزة لوحدها خمسين يوماً، و قاومت لوحدها خمسين يوماً. لم تذهب الحكومات الإسلامية لمساعدة غزة، و لم توضع الأموال و الدولارات النفطية لخدمة غزة، مع أن بعضها وضع لخدمة الكيان الصهيوني. هذا شاهد آخر.
سيئة أخرى و شاهد آخر هو أن التيار التكفيري حرّف حماس و اندفاع الشباب المسلم في كل العالم الإسلامي. في كل أرجاء العالم الإسلامي يحمل الشباب اليوم حماساً و اندفاعاً، و قد أثرت فيهم الصحوة الإسلامية، و هم على استعداد للعمل من أجل خدمة الأهداف الإسلامية الكبرى، و قام هذا التيار التكفيري بتحريف اتجاه هذا الاندفاع و الحماس، حيث جرّ أشخاصاً من الشباب الجهلة غير الواعين نحو قطع رؤوس المسلمين و ارتكاب مذابح ضد النساء و الأطفال في قرية؛ هذه من سيئات التيار التكفيري. لا يمكن غضّ الطرف بسهولة عن هذه الشواهد و القرائن، فهي كلها تدل على أن التيار التكفيري يعمل لخدمة الاستكبار و لخدمة أعداء الإسلام و لخدمة أمريكا و لخدمة بريطانيا و لخدمة الكيان الصهيوني. و طبعاً هناك شواهد أخرى، فقد أعلمونا بأن طائرات النقل الأمريكية قذفت الأعتدة التي تحتاجها هذه الجماعة المسماة بداعش في مناطق تواجدها في العراق، قذفتها لها من الجوّ و أوصلت لهم المساعدات. و قلنا ربما كان هذا خطأ، ثم تكرر، و حسب ما أعلموني فقد تكرر هذا الأمر خمس مرات، فهل أخطأوا خمس مرات؟ ثم يتظاهرون بأنهم شكلوا تحالفاً لمحاربة داعش، و هذا محض كذب. إن هذا التحالف ينشد أهدافاً خبيثة أخرى، فهم يريدون إبقاء هذه الفتنة ملتهبة، و إشعال الاقتتال بين الجانبين و استمرار الحرب الأهلية بين المسلمين على حالها. هذا هو هدفهم. و طبعاً سوف لن يستطيعوا؛ اعلموا هذا.
هناك عدة واجبات كبيرة ينبغي النهوض بها. لقد فكرتم أيها السادة المحترمون خلال اجتماعات هذا المؤتمر على مدى يومين بطرق و حلول و تابعتم الموضوع و حددتم واجبات، و أذكر هنا بعض الأعمال الضرورية التي لا يمكن تجاهلها. الشيء الأول هو نهضة علمية و منطقية شاملة من قبل كل علماء المذاهب الإسلامية لاستئصال التيار التكفيري، و هذا الأمر لا يختص بمذهب دون آخر. كل المذاهب الإسلامية التي تهتم لأمر الإسلام و تؤمن بالإسلام و تتحرّق قلوبهم للإسلام لهم نصيبهم في هذا الواجب و هم شركاء فيه. يجب إطلاق حركة علمية هائلة. لقد نزلوا هذه الساحة بشعار كاذب هو اتباع السلف الصالح، و يجب إثبات كراهية السلف الصالح للأعمال التي يقومون بها، بلغة الدين و العلم و المنطق الصحيح. أنقذوا الشباب! هناك البعض يتأثرون بهذه الأفكار المضلة و يتصورون أنهم يفعلون شيئاً حسناً. إنهم مصداق للآية الشريفة: «قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالاَخسَرينَ اَعمالاً. اَلَّذينَ ضلَّ سَعيُهُم فِي الحَيوةِ الدُّنيا وَ هُم يَحسَبونَ اَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعاً» (4) إنهم مصداق هذه الآية. يتصورون إنهم يجاهدون في سبيل الله. إنهم الذين سيقولون لله يوم القيامة: «رَبَّنا اِنّا اَطَعنا سادَتَنا و كُبَراءَنا فَاَضَلّونَا السَّبيلا. رَبَّنا ءاتِهِم ضِعفَينِ مِنَ العَذابِ وَ العَنهُم لَعنًا كَبيرا» (5) هؤلاء هم أولئك التعساء. و منهم ذلك الذين قتل عالماً مسلماً كبيراً في مسجد دمشق. و منهم ذلك الذي يجزّ رؤوس المسلمين بذريعة الانحراف عن الدين. و الذي ينفذ التفجيرات في باكستان و أفغانستان و بغداد و مدن العراق و سورية و لبنان المختلفة و يضرّج الأبرياء بدمائهم هو من أولئك الذين سيقولون يوم القيامة: «رَبَّنا اِنّا اَطَعنا سادَتَنا و كُبَراءَنا فَاَضَلّونَا السَّبيلا. رَبَّنا ءاتِهِم ضِعفَينِ مِنَ العَذابِ» (6) ، و يقول القرآن الكريم في موضع آخر: «لِكُلٍ‏ّ ضِعفٌ» (7) ؛ لا يقبل الله منهم قولهم «رَبَّنا ءاتِهِم ضِعفَينِ»، بل يقول: «لِكُلٍ‏ّ ضِعفٌ». أي إن كلا الفريقين التابع و المتبوع سينال ضعفاً من العذاب. «تَخاصُمُ اَهلِ النّار» (8) ؛ سوف يتنازعون. يجب إنقاذ هؤلاء. يجب إنقاذ هؤلاء الشباب، و هذا يقع على عاتق العلماء. و للعلماء علاقاتهم بالأوساط التنويرية و كذلك بأوساط الناس و المجتمع و يجب أن يسعوا سعيهم. سوف يسأل الله تعالى يوم القيامة من العلماء عن هذا و ما الذي فعلوه. لذلك يجب أن يعملوا و يبادروا. هذا أحد الواجبات.
العمل الثاني و هو ضروري جداً التنوير بخصوص سياسات أمريكا و بريطانيا الاستكبارية؛ يجب التنوير؛ يجب أن يعلم العالم الإسلامي كله ما هو دور السياسات الأمريكية في هذا الخضمّ؟ و ما هو دور الأجهزة التجسسية الأمريكية و البريطانية و الصهيونية في إحياء تيار الفتنة التكفيرية؟ ينبغي للجميع أن يعلموا هذا. يجب أن يعلم الجميع أن هؤلاء يعملون لأولئك، فالمخططات من أولئك و الدعم منهم و رسم الطرق منهم. و المال من عملائهم في حكومات المنطقة. هم الذين يمنحون الأموال، و أولئك هم الذين يرسمون الخطط، و هؤلاء التعساء المساكين ينزلون هذه المشكلات بالعالم الإسلامي. هذه أيضاً عملية ضرورية أخرى يجب القيام بها.
العمل الثالث الذي يجب بالتأکید القيام به هو الاهتمام بالقضية الفلسطينية. لا تسمحوا بنسيان قضية فلسطين و القدس الشريف و قضية المسجد الأقصى، فهم يريدون هذا. إنهم يريدون للعالم الإسلامي أن يغفل عن قضية فلسطين. لاحظوا أن حكومة الكيان الصهيوني في هذه الأيام أعلنت عن يهودية بلد فلسطين. أعلنوا عنه بلداً يهودياً. كانوا يسعون لهذا منذ فترات طويلة و قاموا بهذه العملية الآن بصراحة. يسعى الكيان الصهيوني وسط غفلة العالم الإسلامي و غفلة أبناء الشعوب المسلمة لاحتلال القدس الشريف و المسجد الأقصى و إضعاف الفلسطينيين أكثر فأكثر. ينبغي التنبّه لهذا.
على كل الشعوب أن تطالب حكوماتها بالاهتمام بقضية فلسطين. على علماء الإسلام أن يطالبوا حكوماتهم بهذا و بمتابعة قضية فلسطين. هذا من الواجبات الأساسية المهمة. إننا نشكر الله على أن الحكومة و الشعب في الجمهورية الإسلامية كلمتهم واحدة في هذا الخصوص. لقد أعلنت الجمهورية الإسلامية منذ البداية و أعلن إمامنا الخميني الجليل بأن سياسيتنا هي دعم فلسطين و معاداة الكيان الصهيوني، و رفع هذا الراية التي لا تزال مرفوعة إلى اليوم، و لم ننحرف عن هذا النهج منذ ثلاثة و خمسين عاماً، و شعبنا يواكب هذا النهج بكلّ رغبة. أحياناً حين يراجع بعض شبابنا لا يسمعون جواباً، و يكتبون لي الرسائل و يتوسلون بأن نسمح لهم بالذهاب للقتال في الخطوط الأمامية ضد الكيان الصهيوني. الشعب يعشق الكفاح ضد الصهاينة و قد أثبتت الجمهورية الإسلامية ذلك. لقد تجاوزنا بتوفيق و فضل من الله قيود الاختلافات المذهبية. نفس المساعدة التي قدمناها لحزب الله لبنان و هو شيعي قدمناها لحماس و للجهاد و سوف نقدمها أيضاً (9). لم نقع أسرى القيود المذهبية، و لم نقل إن هؤلاء شيعة و هؤلاء سنة، و هؤلاء حنفية و هؤلاء حنابلة و هؤلاء شافعية و هؤلاء زيدية. مناطق فلسطين الأخرى أيضاً يجب أن تتسلح.
لقد نظرنا إلى ذلك الهدف الأصلي و قدمنا المساعدة و استطعنا تعضيد إخوتنا الفلسطينيين في غزة و في المناطق الأخرى، و سوف نستمر إن شاء الله، و قد أعلنتُ و هذا ما سوف يحدث بالتأكيد بأن الضفة الغربية أيضاً يجب أن تتسلح مثل غزة و تكون مستعدة للدفاع. و أقولها لكم أيها الإخوة الأعزاء: لا تخيفكم الهيمنة الأمريكية، فالعدو صار ضعیفاً. عدو الإسلام، و هو الاستكبار، أصبح اليوم أضعف من كل الفترات السابقة التي تمتد لمائة عام أو لمائة و خمسين عاماً. لاحظوا الحكومات الاستعمارية الأوربية. إنها تعاني من مشكلات اقتصادية و مشكلات سياسية و مشكلات أمنية و مختلف صنوف المشكلات. و أمريكا أسوء منهم، فهي تعاني مشكلات أخلاقية و مشكلات سياسية و مشكلات مالية شديدة و تعاني من ضعف في مكانتها كقوة عظمي في كل العالم، و ليس في العالم الإسلامي فقط بل في كل العالم. و الكيان الصهيوني ازداد ضعفاً بشدة قياساً إلى الماضي. إنه نفس الكيان الذي كان يرفع شعار من النيل إلى الفرات! كان يصرح و يهتف بصراحة إن المنطقة النيل إلى الفرات هي لي! طوال خمسين يوماً في غزة لم يستطيعوا فتح أنفاق الفلسطينيين. إنه نفس الكيان. استخدم طوال خمسين يوماً كل طاقاته لتخريب أنفاق حماس و الجهاد و الفلسطينيين تحت الأرض و احتلالها فلم يستطيعوا. إنه نفس الكيان الذي كان يقول إن النيل إلى الفرات هو لنا! لاحظوا كم اختلف وضعه و كم صار ضعيفاً. مشكلات أعداء الإسلام كثيرة. لقد أخفق أعداء الإسلام في العراق، و أخفقوا في سورية، و أخفقوا في لبنان، و أخفقوا في مناطق أخرى، و لم تتحقق أهدافهم. و في مواجهة الجمهورية الإسلامية تلاحظون أن أمريكا و البلدان الاستعمارية الأوربية اجتمعوا في قضية الملف النووي و استخدموا كل طاقاتهم لتركيع الجمهورية الإسلامية فلم يستطيعوا تركيعها و لن يستطعيوا (10). هذا ينمّ عن ضعف الطرف المقابل. و أنتم سوف تزدادون إن شاء الله قوة يوماً بعد يوم، فالمستقبل لكم، «وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى‏ اَمرِه» (11) .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - أقيم هذا المؤتمر في يومي الثالث و العشرین و الرابع و العشرین من نوفمبر 2014 م بدعوة من آية الله الشيخ ناصر مكارم شيرازي (رئيس المؤتمر) و آية الله جعفر سبحاني (الأمين العلمي للمؤتمر) في مدينة قم.
2 - ارتفاع أصوات الحضور بالصلاة على النبي و آله.
3 - سورة الممتحنة، الآية 8 و شطر من الآية 9 .
4 - سورة الكهف، الآيتان 103 و 104 .
5 - سورة الأحزاب، شطر من الآية 67 و الآية 68 .
6 - م ن .
7 - سورة الأعراف، شطر من الآية 38 .
8 - سورة ص ، شطر من الآية 64 .
9 - ارتفاع أصوات الحضور بالتكبير.
10 - ارتفاع أصوات الحضور بالتكبير.
11 - سورة يوسف، شطر من الآية 21 .

قراءة 2734 مرة