كلمة قائد الثورة الاسلاميّة الامام الخامنئي (دام ظلّه الوارف) في حفل تخريج عدد من الضبّاط في كليّة الامام الحسين (عليه السلام) بتاريخ 30/6/2018
لن نستسلم للعدو: تكلفة الصمود أقل بما لا يقاس من تكلفة الاستسلام
محاور رئيسية
• حياة الشعوب منوطة بعناصر قدرتها
• الصبر والتقوى يدفعان شرّ الأعداء وضُرَهم
• مسيرة الثورة تحتاج إلى الصبر لبلوغ أهدافها
• العدو يحاول اليوم قهر شعبنا بفصله عن النظام
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين.
إنني مسرور جداً وأشكر الله سبحانه أن منَّ عليّ بالتوفيق مرة أخرى للحضور في هذا الجمع النوراني الباعث على الأمل، وفي هذا المركز الحساس والمهم جداً.
حياة الشعوب منوطة بعناصر قدرتها
هذه الساحة وهذا الجيل وهذه الجماعة الشابة هي إحدى تجليات تسامي بلدنا العزيز ورفعته وحياته. إنَّ حياة أي شعب وتعاليه منوط أساساً بأن يُعزز في داخله مكونات وعناصر القدرة، وأن ينتفع ويستفيد منها في المكان والوقت المناسبين. وما يُشاهَد في هذه الساحة اليوم نموذج لهذا المبدأ العام.
الصبر والتقوى يدفعان شر الأعداء وضُرَهم
يجب أن أقدم إيضاحاً في هذا الخصوص، ولكن قبل هذا الإيضاح أشير إلى آية قرآنية لكم أيها الشباب الأعزاء. وهذه الآية الشريفة في سورة آل عمران، وهي واحدة من الآيات التي تحكي عن الأعداء المعاندين للإسلام وللمجتمع الإسلامي. وهناك عدة آيات حول الأعداء المعاندين المشحونين بالبغضاء والأحقاد ضد الإسلام والمسلمين والرسول: «قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أكبَرُ» (2). بعد أن يذكر هذه الصفات لهؤلاء الأعداء ـ وصفات هؤلاء الأعداء تنطبق على صفات الأعداء الذين يعادونكم اليوم ويعادون الشعب الإيراني المسلم ويعادون إيران الإسلامية، وحقاً «قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أكبَرُ» أو «إن تُصِبك حَسَنَةٌ تَسُؤهُم» (3). إن أحرزتم مفخرة ونجاحاً فإنهم ينزعجون بشدة ـ وبعد هذه الآيات يقول القرآن في نهاية المطاف: «وَإن تَصبِروا وَ تَتَّقوا لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (4). هذا قانون وسنّة، إنه قانون الخِلقة. الصبر والتقوى يجعلان هذا العدو المعاند [الأشبه] بأسطوانة قبيحة من الحقد والبغضاء، على الرغم من كل قدراته التي وفرها لنفسه، عاجزاً عن ارتكاب أية حماقة في مواجهتكم. «لَا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا»؛ أي لا يستطيعون إصابتكم بأي ضرر. ولكن بأي شرط؟ بشرط الصبر والتقوى. هذا ما أريد أن أقوله لكم اليوم في هذا الساحة الزاخرة بالمعاني والدلالات؛ أيها الشباب الأعزاء. وأنتم بحق نور عيون هذا الشعب. وهذا الدرس ليس لكم وحدكم، بل هو درسٌ لكل الشعب، ولكل الحرس الثوري، ولكل القوات المسلحة، ولكل أبناء المجتمع، خاصّة المسؤولين ومديري المجتمع الإسلامي، الصبر والتقوى.
أ ــ الصبر يعني الثبات والبقاء في الميدان
ما معنى الصبر؟ الصبر يعني البقاء في الساحة وعدم الخروج منها. البعض يهربون من الساحة، والبعض لا يخرجون؛ لكنهم يعتزلون الساحة تدريجياً. وهذا بخلاف الصبر. الصبر يعني الثبات والبقاء في الميدان والاستقامة. الصبر يعني التطلُّع والنظر إلى الأهداف والآفاق البعيدة.
• مسيرة الثورة تحتاج إلى الصبر لبلوغ أهدافها
أحياناً يفرح الإنسان ويبتهج بنجاح عاجل، وأحياناً يصاب بالغرور، والخطر يكمن في أن يقنع [بهذا المقدار]. هذا شيء خطير، ويؤدي إلى عدم بقاء الإنسان في الساحة. لا، انظروا إلى الأهداف البعيدة، وانظروا إلى القمة، ولاحظوا ما هي الرسالة الحقيقية للثورة وللنظام الإسلامي، ونحو أي أهداف يريد سوق الشعب الإيراني والأمة الإسلامية والمجتمع البشري. انظروا إلى هناك. مسيرة الثورة الإسلامية تحتاج إلى مثل هذا الصبر. لاحظوا أنهم في زمن صدر الإسلام وفي تلك العقود الأولى حيث كان الوضع صعباً جداً ـ وخصوصاً في زمن الرسول الأعظم ـ صبروا وثبتوا وقاوموا فكانت النتيجة أنه على الرغم من النواقص والسلبيات التي حصلت خلافاً لتعاليم الإسلام الحقيقيّة، إلا أنَّ ذروة الحضارة الإنسانية كانت في القرنين الثالث والرابع للهجرة من نصيب الأمة المسلمة والبلدان الإسلامية. هكذا هو الأمر. إذا صبرنا فستكون الآفاق البعيدة لنا. وإذا صمدتم اليوم فسوف ترتقي الأجيال القادمة إلى تلك القمة. إنهم سوف يرتقون إلى القمة لكن الفضل يعود لكم والجهد جهدكم. وبالطبع فإني أتمنى بتوفيق من الله أن تشاهدوا أنتم شباب اليوم، والجيل الحالي ذلك اليوم، وسوف تشاهدونه بتوفيق الله. الثورة متجذرة ولها مستقبلها وتحتاج إلى الاستمرار. هذا عن الصبر.
ب ــ التقوى تعني الحيطة والحذر والاستعداد
[أمّا] التقوى. فقد طُرحت في هذه الآية الشريفة بمعناها الواسع؛ أي بالمعنى العام للتقوى وهو مراقبة الذات حتّى لا تنحرف عن جادة الشريعة الإسلامية المستقيمة ـ وهو ما جاء في مواضع كثيرة ـ وأيضاً بمعنى الورع ومراقبة الذات مقابل العدو، وذلك بقرينة الآيات السابقة لهذه الآية والتي تتحدّث عن الأعداء. كونوا حذرين متنبهين يقظين مقابل العدو. يعيش الإنسان في ساحة الحرب بشكل مختلف، ويعيش بشكل آخر عندما لا تكون هناك حرب. الإنسان في الخندق يجلس ويستريح وينام بشكل، وفي غرفته المريحة داخل بيته ينام ويعيش بشكل آخر .اعلموا أنكم تقفون [اليوم] مقابل الأعداء -علينا جميعاً أن نعلم ذلك- والتقوى بهذا المعنى: مراقبة الذات عند مواجهة العدو، وتجنب الثقة بالعدو. لا تثقوا بالعدو. هذا هو معنى التقوى؛ بمعنى الحذر والحيطة من حيل العدو ومكره. لا تكتفوا بعدم الثقة به بل افهموا حيله وأحابيله وخططه واعلموا ما الذي يفعله، وما هي حيلته. وكونوا مستعدين يقظين؛ فحيل العدو ليست حيلاً عسكرية فقط. وكذلك التقوى بمعنى مراعاة التدبير. أي تجنب الأعمال غير المنضبطة والمخالفة للقواعد والمخالفة للعقلانية وتجنب التراخي والتساهل. هذا هو معنى الآية الشريفة. إذا عملتم أنتم الشباب الأعزاء ومسؤولو الشؤون العسكرية والأمنية والاقتصادية والآخرون بالدرجة الأولى، بذلك الصبر وهذه التقوى، وإذا عمل بها عموم الشعب بالدرجة الثانية «لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (5)، فلن يستطيعوا إلحاق أي ضربة أو ضرر بكم. وهذا ما سيكون بتوفيق من الله.
عناصر قوتنا: الإيمان والاستقلال والحرية والثقة بالذات وقدراتنا الذاتية
أ ــ قبل الثورة لم يملك الشعب من أمره شيئا
حسناً، لنعد إلى مُكوِنات القوة وعناصرها. لاحظوا يا أعزائي: لقد حكمت بريطانيا ومن ثم أميركا هذا البلد خلال العهد البهلوي بالمعنى الواقعي للكلمة لمدّة 57 سنة. بأي معنى؟ بمعنى أنهم هم الذين جاؤوا بالشاه وهم الذين عزلوه ثم جاؤوا بشاه آخر، وكانت الحكومات في هذا البلد تتألف طبقاً لآرائهم. والسياسات المهمة والأساسية لهذا البلد كانت ترسم طبقاً لآراء بريطانيا وأميركا. هكذا أدير البلد لمدة 57 سنة. وقبل ذلك أي في أواخر العهد القاجاري كان الوضع مؤسفاً بشكل آخر، وخاضعاً لعوامل أخرى باعثة على التعاسة. أي لم يكن الشعب يملك من أمره شيئاً طوال هذه المدة، وكان متفرجاً، وأحياناً لم يكن حتّى متفرجاً. أي لو سألنا شخصاً من أبناء الشعب من هو نائب مدينتكم لما علم ذلك، لأنه لم ينتخبه. ومن باب أولى لو سألنا من هو المسؤول عن الوزارة الفلانية لما كان سيعلم. وفي أحيان كثيرة لم يكونوا يعرفون حتى رئيس الوزراء. لم يكن للشعب من أمره شيء، كان معزولاً.
ب ــ الثورة تضع عن الشعب إصره والأغلال
وحين وقعت الثورة ـ ولعوامل الثورة تحليلها وتفسيرها الطويل ـ زالت هذه الأغلال عن أيدي الشعب وأرجله، وتحطَّم هذا القيد. كان الشعب أسيراً وعديم الاختيار وكان الآخرون مهيمنين عليه، فزالت هذه الهيمنة عن الشعب وذاق الشعب الإيراني طعم الاستقلال والحرية. وبتواجد الشعب الإيراني في ساحات الثورة وانتصار هذه الثورة تولّدت الثقة الوطنية بالذات، وأدرك أبناء الشعب الإيراني أنهم مؤثرون ويستطيعون التأثير في أوضاع بلادهم – تأثيراً بهذا الحجم أيضاً - واستئصال جذور ملكية امتدّ عمرها على حد تعبيرهم إلى 2500 سنة من أعماق الأرض، والإلقاء بها في مزبلة التاريخ.
ج ــ الشعب يبدأ مسيرة الاقتدار والتقدم
هذا ما شعر به الشعب الإيراني؛ وهو ما منحه ثقة بالذات. وكانت هذه الثقة بالذات الوطنية مصحوبة بقوة الإيمان. لم نكن مثل بعض البلدان الأخرى التي قامت بثورة، لم نكن بلا إله ولا توكل ولا روح معنوية، حتى نتوقف في وسط الطريق. إنما كان الإيمان هو الذي صاننا وحفظنا وهدانا وتقدَّم بنا إلى الأمام. هذا الإيمان كان جوهرة ثمينة، وكان روحاً في جسد هذه الحركة العامة. الإيمان هو الذي أحيا فينا روح الأمل وروح الإيثار والتضحية. أن تبعث أمّ أبناءها الشباب الثلاثة الذين ربَّتهم كالورود في أحضانها إلى ساحة الحرب وتعرِّض أرواحهم للخطر ثم تفتخر بأنها فعلت ذلك؛ فهذا ما لا يمكن حدوثه إلا مع الإيمان. وذلك الشاب الذي يقف أمام القادة ويغضُّ الطرف عن حياته المريحة الوادعة بكل إصرار وتوسل وبكاء ليأخذوه إلى ساحة الحرب، حالة لم تكن ممكنة إلا بالإيمان. لقد بعث الإيمان الأمل والإيثار والإقدام لدى الشعب، وتحرَّك الشباب، وتأسس الحرس الثوري، وتأسس جهاد البناء، وتأسست التعبئة، وتشكّلت الحركات العامة، واكتسبت القوات المسلحة روحاً جديدةً واستطاعت التعبير عن تواجدها ومشاركتها الحقيقية في الميدان، وتكونت المجاميع الخدمية ومجاميع البناء والمجاميع العلمية وانطلقت الحركة العلمية في البلاد، وذاق الشعب والنُخب والعناصر الناشطة الدؤوبة طعم استقلالهم وشموخهم ورفعتهم. هذه هي مكونات الاقتدار الوطني، وهذا هو معنى الاقتدار الوطني.
ليس معنى الاقتدار الوطني أن يعطي الإنسان أموال البلد لبلد أجنبي فيشتري أسلحته الحديثة ويخزنها في المخازن ولا يكون هو نفسه قادراً حتى على استخدامها بشكل صحيح. هذه حماقة وليس اقتداراً. ليس الاقتدار الوطني بأن يأتي بلد من تلك الناحية من العالم للدفاع عن إحدى الحكومات أو الدول، فيتواجد في تلك الدولة ويقيم قاعدة عسكرية فيها، ويمتص دماء شعبها، ويفعل كل ما يحلو له من حماقات في ذلك البلد من أجل الحفاظ على تلك العائلة المشؤومة [الحاكمة هناك]؛ مثلاً. هذا ليس اقتداراً بل هو ذلة. الاقتدار هو أن تتدفق طاقات البلد من الداخل، وأن يكتسب لنفسه العلم والقدرة العسكرية والبناء والتقدُّم والعزة الدولية. هذه هي عناصر اقتدار الشعب الإيراني. وهو ما تمتلكونه اليوم، وتمتلكون أيضاً النوع الجيد والنوع الكامل منه بتوفيق الله. ينبغي الاستفادة من عناصر القدرة هذه في المكان والزمان المناسبين.
الحرس الثوري أحد عناصر القوة والاقتدار. وينبغي للحرس الثوريّ أن يحقق الرفعة والجودة أكثر، ويوماً بعد يوم. إنني أشاهد تقارير الإخوة وأطّلع عليها. هناك أعمال جيدة يتم إنجازها لكنَّ الحرس الثوري لا يزال ينطوي على طاقات وإمكانيات كبيرة للتقدم. من الذي ينبغي أن يفعل هذا؟ أنتم الشباب، فهذا على عاتقكم، فأعدوا أنفسكم للتقدم بالحرس الثوري، ولكي يمكنكم التقدّم بهذا المكون من مكونات الاقتدار إلى الأمام.
1 ــ صمود الشعب بوجه أقوى البدان وأعتاها دليل اقتداره
يقول لنا البعض: «يا سيدي، إنكم تبالغون في توصيف اقتدار الشعب الإيراني وشرحه». وأقول في الجواب: إننا لا نبالغ بل نذكر الواقع. وأكبر دليل على اقتدار الشعب الإيراني وقوته أنَّ واحدة من أكثر قوى العالم سفكاً للدماء وأكثرها قسوة وخساسة ـ أي أميركا ـ تعمل منذ أربعين عاماً ضدَّ الشعب الإيراني وتمارس عراقيلها وشرورها ولم تستطع الإضرار بهذا الشعب ولم تستطع ارتكاب أيَّ حماقة. وقد سار الشعب الإيراني في طريقه وتقدَّم إلى الأمام وازداد قوة. هذا دليل على قوة الشعب الإيراني. ولو لم يكن الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية قويين مقتدرين، لكان عُشر مساعي الأعداء كافياً للانتصار على هذا الشعب وسلبه نظامه المحبوب. وقد وقف النظام بوجه هؤلاء وازداد قوة يوماً بعد يوم.
2 ــ هزيمة القوى الداخلية المعادية للثورة دليل آخر
ولم يكن أولئك وحدهم. كذلك كان الأمر في داخل البلاد أيضاً. وأقولها لكم: ظهرت منذ اليوم الأول للثورة ثلاثة تيارات معارضة للثورة الإسلامية ولحركة إمامنا الخميني الجليل: أحد هذه التيارات كان التيار المسمى بالتيار الليبرالي الميَّال للغرب وأميركا والمحبّ لأميركا والغرب. التيار الآخر كان تيار الشيوعيين الذين كانوا يحملون السلاح والذين لم يكن يردعهم رادع ولم يكونوا يتورعون عن أي شيء. وأحد هذه التيارات كان المنافقون ذوو الظاهر الإسلامي وباطنهم الخبث والكفر وانعدام الهوية والذين كانوا على استعداد للذهاب والوقوف تحت لواء صدام سيئ الصيت ليستفيدوا منه. كانت هذه ثلاثة تيارات أساسية في هذا البلد. وقد هُزمت كلُّ من هذه التيارات الثلاثة على يد الثورة الإسلامية، وراحت الآن تتملق للقوى [العالمية] وتقدِّم خدمات تجسسية واستخباراتية لحكومات مثل فرنسا وبريطانيا وأميركا وما شاكل، وانضوت تحت رايتها لتستفيد منها. وأحد التيارات [المعارضة للثورة الإسلامية] طبعاً هو تيار التحجُّر والرجعية الداخلية والذي كان يقف هو الآخر بوجه الثورة ومسيرتها بشكلٍ آخر ويخلق المتاعب. وهؤلاء طبعاً ليسوا جديرين بالذكر والاهتمام كثيراً، وقد تجاوزهم الشعب، تجاوز تيار الرجعية والتحجُّر والتشدق الديني. استطاعت الجمهورية الإسلامية بمساعدة الشعب، وبإبداعات شباب هذا الشعب وقدراته، فرض التراجع على أولئك الأعداء الخارجيين وهؤلاء الأعداء الداخليين، بحيث لم يستطيعوا الإضرار بالجمهورية الإسلامية ولم يستطيعوا الحؤول دون تقدُّمها أيضاً.
أعزائي، شبابي: إنكم اليوم أمام جمهورية إسلامية تختلف عن اليوم الذي ولدتم فيه في هذه الجمهورية كالاختلاف فيما بين السماء والأرض. فالحراك والإمكانيات والقدرات والتجارب والأداء، كلُّ ذلك شهد تقدماً ورقياً بدرجات وأضعاف كبيرة، وسوف تتقدم المعنوية أيضاً بين شبابنا إن شاء الله على النحو نفسه، ولا شكَّ أنَّ هذه المعنوية موجودة لدى فئة مهمة وجديرة بالملاحظة.
3 ــ احتياج أميركا للتحالف مع دول المنطقة دليل ثالث
وأحد الأدلة على قوة الجمهورية الإسلامية هذه التحالفات التي تقيمها أميركا في المنطقة. لو كانت أميركا قادرة على القيام بما تريده مقابل الجمهورية الإسلامية لما احتاجت إلى هذه البلدان المخزية وسيئة السمعة والرجعية في المنطقة لتشكيل تحالف معها، وطلب مساعدتها لإيجاد اضطرابات وتوترات وزعزعة للأمن [داخل الجمهورية الإسلامية]. هذا دليل على قوة الجمهورية الإسلامية. وبالطبع فإنَّ عداواتهم وعداوات أميركا ازدادت يوماً بعد يوم، وكذلك ازدادت كراهية الشعب الإيراني لأميركا يوماً بعد يوم.
العدو يحاول اليوم قهر شعبنا بفصله عن النظام
وأقولها لكم إنَّ خطة العدو اليوم بعد يأسه من كلِّ أعماله الأخرى هي خلق هوَّة بين نظام الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني العزيز. هذه هي حماقتهم. لا يعلمون أنَّ نظام الجمهورية الإسلامية ليس شيئاً سوى الشعب الإيراني. وهذان [شيئان] لا يمكن الفصل بينهما. ليس النظام الإسلامي نظاماً بيروقراطياً جالساً في القصور ومنفصلاً عن الشعب. إنه نظام متكوّن من الشعب نفسه ومعتمد على أبناء الشعب وعلى إيمان الشعب وعلى محبة الشعب وعواطفه. هذا هو النظام الإسلامي. فكيف يريدون فصل هذا النظام عن الشعب؟ طبعاً كان هناك ستة رؤساء أميركيين قبل هذا الشخص (6) حاولوا هذا الشيء أيضاً، وخرجوا كلهم من الساحة ولم يستطيعوا تحقيق هدفهم الشيطاني هذا. وضغوطهم الاقتصادية هذه – التي غالباً ما يمارسونها على الشعب - هدفها أنّه، لربّما يستطيعون [من خلالها] إنفاد صبر الناس وإتعابهم. وإننا بحول الله وقوته سنزيد ونقوّي ارتباطنا بالشعب يوماً بعد يوم. إننا نحافظ على انسجامنا المحطم للعدو. إننا نقوي الشباب المؤمن المتحفز والمقدام كل يوم أكثر من الماضي بحول الله وقوته.
• العدو يعادي عزة شعبنا وتقدمه
ليعلم الجيل الشاب الغيور المتحفز في البلاد أنَّ العدو يعادي استقلاله ويعادي عزته ويعادي تقدمه ويعادي تواجده في ساحات العلم والسياسة. عدو الشعب الإيراني يعني عدو عزة الشعب واستقلاله وتقدمه ورقيه. لن يترك العدو ممارساته الإيذائية مهما أمكن، ولكن يجب التيقن من أنه لن يحصل على نتيجة من إيذائه هذا، شرط أن يواصل الشعب الإيراني هذا الدرب الذي عرفه بتوفيق الله وهدايته باقتدار وعزيمة. وهو درب الصمود والصبر والتقوى المصحوبة بالوعي والتدبير والانسجام الوطني.
لن نستسلم للعدو
البعض يصفون وصفات أخرى ويقولون استسلموا حتى لا يمارس العدو إيذاءه ضدنا. هؤلاء لا يعلمون أنَّ تكلفة الاستسلام أكبر بكثير من تكلفة المقاومة والثبات. نعم، قد تكون للصمود تكلفة، لكنَّ له نتائج كبيرة جداً ذات أهمّيّة بالنسبة للشعوب تفوق مئات المرات تلك التكلفة. بينما الاستسلام مقابل العدو المعاند والوقح والخبيث فلن يكون له من أثر سوى الانسحاق والذلة وانعدام الهوية. هذا ما يجب على الجميع معرفته. هذه سنّة إلهيّة لا تقبل الخلف حيث قال تعالى: «فَلا تَهِنوا وَتَدعوا إلى السَّلمِ وَأنتُمُ الأعلَونَ وَاللهُ مَعَكم وَلَن يتِرَكم أعمالَكم» (7). لا تتراخوا ولا تدعوا إلى الاستسلام مقابل العدو. فقد جعلكم الله تعالى عالين متفوقين «وَلَن يتِرَكم» أي «لَن يُنقُصَكم». الله تعالى لن يترككم ولن يقصِّر معكم مقابل الجهاد الذي قمتم به وسوف يوفيكم أجر هذا الجهاد بشكل كامل.
حاذروا الغفلة والتهاون والكسل تجهضوا كيد أعدائكم
ونقطة أخرى أقولها في خاتمة كلامي. ذكرنا إجمالاً ما يجب أن نعلمه عن العدو، أمّا بالنسبة لنا فعلينا أن نراقب أعمالنا أيضاً: جميعنا، من الصغير إلى الكبير، من الشاب إلى الشيخ، من الأفراد العاديين إلى المسؤولين. وخاصّة المسؤولين يجب أن يحذروا من الغفلة والتهاون والكسل والنزعة الارستقراطية والتكبر على أبناء الشعب والاعتماد على موقع المسؤوليّة الذي لن يستمر إلا لأيام قلائل. وإذا ما حدث هذا، فإنَّ الله تعالى سوف يمنُّ عليكم أيّها الشعب الايراني بالتوفيق في قادم الأيّام أيضاً، كما فعل إلى اليوم. ولن يكون بعيداً إن شاء الله اليوم الذي يستطيع فيه الشعب الإيراني أن يكون في الموقع الذي لا يتجرأ معه الأعداء حتى بأن يفكروا في مخيلاتهم بالهجوم العسكري والاقتصادي والأمني والسياسي. وسوف تشهدون أنتم الشباب الأعزاء إن شاء الله ذلك اليوم بتوفيق من الله. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- في بداية هذه المراسم التي أقيمت في جامعة الإمام الحسين (ع) العسكرية، تحدَّث كل من اللواء محمّد علي جعفري (القائد العام لحرس الثورة الإسلامية) والعميد علي فضلي قائد جامعة الإمام الحسين (عليه السلام).
2- سورة آل عمران، شطر من الآية 118.
3- سورة التوبة، شطر من الآية 50.
4- سورة آل عمران، شطر من الآية 120.
5- سورة آل عمران، شطر من الآية 120.
6- الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
7- سورة محمد، الآية 35.