كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في جامعة الإمام الخميني للعلوم البحرية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في جامعة الإمام الخميني للعلوم البحرية

كلمة القائد العام للقوات المسلحة الإمام الخامنئي في جامعة الإمام الخميني للعلوم البحرية في نوشهر_9/9/2018

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

أبارك لكم جميعًا أيها الشباب الأعزاء، سواء الذين تخرّجوا منکم ضبّاطًا من الجامعات العسكرية لجيش الجمهورية الإسلامية في إيران، أو الذين حازوا على رتبهم العسكرية وهم في أول هذا الطريق المبارك؛ إنّ مشاهدة آلاف الشباب الواعي والمؤمن من جامعات جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية يبعث الأمل بالمستقبل في نفس كل إنسان حكيم.

مسؤوليّتُكم مصدرُ اعتزاز وفخر
إنّ العبء الثقيل لقضايا مستقبل البلاد يقع على عاتق الشباب، وأنتم أيها الشباب الأعزاء الذين تتصدّون للخدمة بهذه البدلات العسكرية المباركة، تحملون على عاتقكم جزءًا مهمًّا وحسّاسًا وثقيلًا من هذا العبء العام، ونأمل أن تتمكّنوا إن شاء الله خلال حياتكم العذبة والناجحة أن تتقدموا بهذه المسؤولية العظيمة وتؤدّوها على أكمل وجه.

أعزائي! إنّ الزيّ العسكري اليوم، هو زي مبارك؛ مسؤولية الجيش اليوم مسؤولية تبعث على الفخر والاعتزاز؛ فأنتم تدافعون عن بلد وعن شعب يرفع راية التحرر والعدالة على مستوى العالم. العديد من شعوب البلدان المختلفة تحب العدالة، لكن ميدان إظهار اعتقادها بالعدالة والتحرّر من مخالب الاستكبار مغلق في وجهها. في جمهورية إيران الإسلامية، في بلادنا العزيزة تتوفر هذه الميزة وهي أن الشعب وبلسان بليغ وبدون أي تكتّم يعلن ويظهر صموده في مواجهة الظلم العالمي والاستكبار العالمي؛ هذا هو سبب عداء الاستكبار لإيران الإسلامية وللشعب الإيراني. إنكم تدافعون عن هذا الشعب، إنكم تدافعون بكل وجودكم وبمشاعر ودوافع دينيّة ووطنيّة عميقة عن هذا البلد، وهذا افتخار كبير، فاغتنموه وحافظوا عليه.

الجمهوريّة الإسلاميّة في وجه سياسة الاستكبار
أيها الشباب الأعزاء؛ إن العالم اليوم يشهد ظلمًا شاملًا من قبل القوى العالمية الغاصبة؛ انظروا كيف أنّ منطقتنا والعديد من مناطق العالم الأخرى تعاني اليوم من مشاكل صنعتها يد الاستكبار العالمي. إننا نتحدّث عن القوى الظالمة في العالم بدون تقية وبمنتهى الوضوح والصراحة. إن السياسة التي يتّبعها الاستكبار وعلى رأسه أمريكا الظالمة الجائرة هي سياسة شريرة، فقد جعلوا تحقيق مصالحهم رهن بخلق الاضطراب والتوتر في الكثير من مناطق العالم وخصوصًا في منطقتنا ـ منطقة غرب آسيا ـ هذه هي سياستهم؛ لقد حدّدوا مصالحهم بهذه الطريقة بحيث يجب أن تقع الحروب في هذه المنطقة، فتنشب الحروب الأهلية، ويتصارع الإخوة فيما بينهم، وأن ينمو الإرهاب في المنطقة بأشكال مفجعة؛ هذه هي السياسة التي تتّبعها أمريكا اليوم وبمساعدة الكيان الصهيوني، وللأسف بمساعدة بعض بلدان المنطقة. هدفهم هو أن لا تنهض أي قوة إسلامية في هذه المنطقة ولا تقوم لها قائمة؛ هذا هو هدفهم. هم يعلمون بأن رسالة الإسلام هي رسالة الدفاع عن المظلومين والمحرومين، وسياسة الاستكبار هي حرمان الشعوب وظلمها، لذلك فهم يخافون من نهوض قوة إسلامية. ولذلك ينشطون في هذه المنطقة؛ إشعال حروب داخلية، وزعزعة الأمن، وإيجاد الاضطرابات، وخلق الإرهاب، هذه هي الأعمال التي-وللأسف- تمثل حاليًا سياسة أمريكا المؤكدة في هذه المنطقة. ويقف نظام الجمهورية الإسلامية بكل قوة وصمود في مواجهة هذه السياسة.

..لقد نصَرَ الله وثبَّت الأقدام
أيها الأعزاء! إنّه لمن المدهش بالنسبة لعقلاء العالم كيف استطاعت الجمهورية الإسلامية، بالتوكل على الله تعالى وبالاعتماد على القوة الوطنية، أن تهزم أمريكا وتمنعها من تحقيق معظم أهدافها في هذه المنطقة. هذا ليس كلامًا نقوله نحن هنا؛ بل هو ما يعترف به المحللون السياسيون في العالم ويندهشون لهذا الواقع؛ هذه حقيقة. إن القوى الاستكبارية تحقق أهدافها بالتهديد وتقطيب الجبين وإبراز الغضب وعرض العضلات أكثر مما تحققه بقوتها وقدراتها الحقيقية! فإذا قام شعب ولم يرتعب من هذه التهديدات ولم يتراجع أمام هذه الاستعراضات، إذا اعتمد شعب على قوته الذاتية ووثق بقدرته ومشى واثق الخطوة بشجاعة في ميدان الحق والعدالة، فإنه سيهزم القوى الكبرى ويجبرها على التراجع. وهذا قد حدث فعلًا. لقد تعرضت الجمهورية الإسلامية منذ أربعين سنة لحملات تخريبية من أمريكا وأعوان أمريكا؛ فما الذي حدث طوال هذه الأعوام الأربعين؟ تحولت الجمهورية الإسلامية من غرسة يانعة إلى شجرة قوية ومثمرة. لقد استطاعت الجمهورية الإسلامية، ورغمًا عن أنف القوى الاستكبارية وأمريكا، أن تجذب قلوب الشعوب الإسلامية إلى رسالتها، وتمكنت من إحباط مؤامرة أمريكا في هذه المنطقة؛ سوريا مثال على هذا الأمر، والعراق نموذج، ولبنان نموذج آخر. لقد اختبرت شعوب المنطقة قدرتها على الصمود في مواجهة مؤامرة الاستكبار؛ لقد وقف الشعب العراقي بشجاعة ونزل الشعب السوري إلى الميدان وقدّم التضحيات؛ هذه علامات قدرة الله ومظاهر صدق الوعد الإلهي حيث قال تعالى: «ياَ اَيهَا الَّذينَ ءامَنُوا إن تَنصُرُوا اللهَ ينصُركم وَيثَبِّت اَقدامَكم» (2). لقد نصر الله، وثبت الأقدام كذلك.

وأعدّوا لهم..
أعزائي أيها الشباب! أنتم اليوم حراس أمن هذا الشعب؛ أنتم اليوم حراس حدود هذا البلد البرية والجوية والبحرية؛ أعدّوا ما استطعتم من قوة وضاعفوا جهوزيتكم وفعِّلوا قدرة الإبداع.

إنّ الجيش اليوم يختلف كثيرًا عما كان عليه قبل عشرين سنة وثلاثين سنة؛ لقد تقدم الجيش اليوم كثيرًا. اعملوا ما من شأنه أن يتقدّم الجيش إلى الأمام أكثر ومضاعفة أمجاده ومفاخره حين تُلقى المسؤوليات الثقيلة لجيش الجمهورية الإسلامية على عاتقكم أنتم الشباب والطلبة الجامعيّين والخرّيجين في الوقت الحاضر. أنتم قادرون على القيام بهذا العمل. «وَاَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ ومِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِه عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكم» (3). إنّ جهوزيتكم وإظهار قوتكم تخيف العدو وتفرض عليه التراجع؛ هذا هو الأمر الذي أمرنا به القرآن، ويجب أن نزيد من هذه الجهوزية والإعداد والاستعداد يومًا بعد يوم. إن أملي بكم كبير جدًا، وأنا أؤمن بكل ما قيل في هذا الميدان عن الشباب المؤمن وجهوزيته المعنوية. أعلم أن لديكم القدرة على الصمود والثبات، ولديكم الدافع لذلك، وسوف تستخدمون وتظهرون هذه القدرات وهذا الاستعداد في مختلف الساحات – في الساحة العلمية والساحة التنظيمية والساحة العسكرية وساحة التقدم على مختلف الأصعدة - إن شاء الله.

أعزائي! احذروا من أن تترك وساوس العدو تأثيرها في الجو العام للحياة، واحذروا من أن يؤدي نفوذ العدو إلى خلل في صفوف الشباب المؤمن المتلاحم. إن العدو اليوم ناشط جدًا في جميع المجالات – في الفضاءات الافتراضية وسائر المجالات- وبالطبع فإن كل جهوده يشوبها اليأس، وهذا ما يمكن إدراكه تمامًا من كلامهم، لكنهم يسعون سعيهم. يجب أن تصمدوا وتظهروا استعدادكم واقتداركم، يجب أن تفعّلوا إبداعاتكم وتضاعفوا دوافعكم في المجالات المختلفة؛ سوف يعينكم الله تعالى وسيكون مستقبل الجيش بتواجدكم أيها الشباب المؤمن، مستقبلًا أفضل وسوف تقر أعين الشعب الإيراني إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 ـ في بداية هذه المراسم التي أقيمت في مجمع الإمام الخميني (رض) الجامعي للعلوم البحرية التابع لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مدينة نوشهر (شمال إيران)، تحدث الأمير اللواء عبد الرحيم موسوي (القائد العام لجيش الجمهورية الإسلامية) والقبطان أول كريم مصدري (عميد الجامعة(.
2 ـ سورة محمد، الآية 7.
3 ـ سورة الأنفال، شطر من الآية 60.

قراءة 2076 مرة