كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه بأعضاء مجلس خبراء القيادة

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه بأعضاء مجلس خبراء القيادة

التقى يوم الخميس ١٤/٣/٢٠١٩ رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة بالإمام الخامنئي وكان مما ورد في كلمة سماحته تأكيده على ضرورة التأسيس لخطاب وفهم عام عميق حول لكيفية تصدّي البلد والأفراد ذوي التأثير للأحداث والتحدّيات، كما طرح قائد الثورة الإسلامية ١١ ثنائية في هذا المجال وقال أنّ بالإمكان إلحاق الهزيمة الأكبر تاريخيّاً بأمريكا شرط تعبئة أقصى الإمكانات الذاتيّة.

في ما يلى النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه بأعضاء مجلس خبراء القيادة:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقيّة الله في الأرضين.

نحن مسرورون جداً لأن موعد اللّقاء بحضرات السادة الخبراء قد حلّ من جديد، ووُفّقنا لخدمة الأعزاء واللّقاء بهم. لقد استفدنا جميعاً؛ أنا وأنتم والجميع من كلمات السادة. أسأل الله أن يمدّ لنا يد العون ويوفّقنا للعمل بما نفهمه.

ومن اللازم هنا، أن أبدي بدوري أيضاً أسفي لفقد عالمين وفقيهين جليلين وعالمين بحقّ هما المرحوم السيد الشاهرودي (2) والمرحوم الشيخ مؤمن (3)، وقد كان كلاهما والحقّ يقال من أساطين الحوزة العلمية في قم، ومن المفيدين والعلماء الفاضلين؛ من العلماء الذين تحرّكوا في خدمة أهداف الثورة، وكان فقدانهما خسارة لنا وللحوزة العلمية. فالمرحوم الشيخ مؤمن والمرحوم السيد الشاهرودي كانا بالمعنى الحقيقي للكلمة في خدمة ما يشعران أنّه ضروري للبلاد والثورة؛ ومن دون أيّ توقّعات. أعلى الله درجاتهما إن شاء الله وعوّضنا عن خسارتهما. وإن شاء الله سيزيد فقهاؤنا الشباب مهما أمكنهم من مساعيهم ودقّتهم وأعمالهم في مجال المسائل الفقهية الإسلامية، ويلاحقوا الأعمال ويتابعوها بشكل أكبر؛ فوجود علماء مضطلعين أقوياء مواكبين للعصر واعين لقضايا البلاد مسألة ضرورية.

الموضوع الذي أعددته اليوم لأطرحه على السادة ليس بالموضوع الجديد عليكم. والسبب في طرحي له أنّ كلّ واحد منكم والحمد لله له مكانته في منطقة ما ـ سواء بين الناس أو بين طلبة العلوم الدينية والحوزات العلمية ـ وله كلمة مسموعة. والتطرّق إلى هذه المواضيع هو من أجل تبيين هذه العناوين وهذه الموضوعات التي نطرحها، من قبلكم أنتم السادة، بما تتمتّعون به من علم ومهارة وقدرة على التجزئة والتحليل، ولكي تتحوّل [هذه] إلى خطاب وفهم عامّين. من المهمّ جداً بالنسبة للبلاد أن يصل الشعب إلى فهم عامّ في خصوص القضية التي سأطرحها الآن.

ما أريد طرحه كموضوع للبحث عبارة عن هذه القضية: نوعية مواجهة البلاد والأفراد المؤثرين فيها للتحدّيات والأحداث. هذا ما أريد طرحه ومناقشته. فبالنهاية، لكلّ بلد وكلّ مجتمع أحداثه، وهذه الأحداث قد تكون جيّدة وقد تكون مريرة، وقد تكون هناك ضغوط ـ من قبيل أنّنا معرّضون للحظر ومعرّضون للغزو الثقافي وما إلى ذلك، أو إنّ بعض البلدان عرضة لهجوم عسكري قاسٍ؛ فالبلدان تواجه أحداثاً ـ وأحياناً تحصل حالات تقدّم وتطوّر. فطبيعة مواجهة هذه الأحداث قضيّة على جانب كبير من الأهمية، أن كيف نواجه هذه الأحداث ونتعامل معها. هذا هو الموضوع والبحث الذي أريد طرحه.

وسأعرض في هذا الخصوص لعدد من الثنائيّات المحتملة التي يمكن تصوّرها لطبيعة التعامل والمواجهة: فأحياناً تكون مواجهتنا لهذه الأحداث مواجهة فعّالة، وأحياناً تكون مواجهة انفعالية أو مواجهة منفعلة. المواجهة الفعالة معناها أنّنا عندما نواجه حادثة ما، ننظر لنرى ما الذي يجب أن نفعله قبال هذه الحادثة لدفعها ورفعها وإضعافها، أو لتقويتها في بعض المواطن. فنفكّر ونرد الميدان بنحو فعّال. هذه هي المواجهة الفعّالة. أما المواجهة الانفعالية فهي أنّنا عندما يعرض لنا حدث مرير، صعب، أو مشكلة، نلجأ إلى البكاء والنحيب، ونذكر الحدث دائماً ونكرّره، من دون أن نحرّك ساكناً إزاءه. إذاً، لدينا نوعان من المواجهة: المواجهة الفعّالة والمواجهة الانفعالية.

ومن زاوية أخرى: هناك المواجهة الإبداعيّة، ومواجهة ردود الفعل. مواجهة ردود الفعل هي أنّنا عندما نكون أمام عدوّ مثلاً ويجرّنا هذا العدوّ إلى ساحة مواجهة ما، فنسير نحن أيضاً إلى تلك الساحة نفسها، ونعمل ونتصرّف طبقاً لمخطّطاته وبرامجه، ونتحرّك كردّ فعل للحركة التي يقوم هو بها. هذه مواجهة منفعلة وعلى شكل ردّ فعل. أي إنّ حركتنا هي في الواقع تابعة لطبيعة حركته. أمّا في المواجهة الإبداعيّة فالأمر ليس كذلك، فعندما يهاجمنا العدوّ مثلاً من جهة معيّنة، نهاجمه من جهة وموقع آخر، ونمسك بزمام المبادرة بنحو آخر، ونردّ بطريقة أخرى كأن نوجّه له ضربة. هذان نوعان من المواجهة.

وثمة ثنائية أخرى هي: المواجهة اليائسة والمواجهة المتفائلة. أحياناً عندما يواجه الإنسان حدثاً ما فإن تركيزه على قدرات العدوّ أو حركات العدوّ تجعله يائساً، وقد ينزل إلى الساحة لكنّه ينزل بيأس. هذا نوع من المواجهة. ونوع آخر من المواجهة هو أن يرد المرء الميدان بتفاؤل وأمل. هاتان الطريقتان تختلفان فيما بينهما. فإن وردنا الميدان بيأس سيكون سير العمل بنحو، وإن وردناه بتفاؤل فسيكون سير العمل  بنحو آخر. هذه أيضاً ثنائية أخرى.

وثنائية أخرى، هي ثنائية الخوف والشجاعة. تارة ينزل المرء إلى الساحة وهو خائف. خائف من العدوّ، من الحدث، ومن خوض الغمرات. يدخل بخوف، وهذا نوع من ردود الأفعال والمواجهة للعدوّ. وتارة ينزل المرء إلى الساحة بشجاعة. وقد ورد في الروايات «خُضِ الغَمَراتِ لِلحَقّ‌» (4)؛ فينزل إلى الساحة ببسالة وشجاعة. وهذا أيضاً نوع من المواجهة. لاحظوا، لننظر إلى وضع البلدان في العالم؛ البلدان التي نعرفها ونعرف مشاكلها. إنّنا نلاحظ كلا النوعين من الحراك في أمورها وقضاياها. فتراهم مثلاً يتعاملون في منطقة ما في مقابل الضغوط الأمريكيّة على بعض البلدان، بشجاعة وبسالة، ويتعاملون في منطقة أخرى بخوف. كلّ واحد من البلدان يتعاطى ويتعامل بنحو. فالذي يتعامل بخوف قد يقوم بتحرّك معيّن لكن نوع تحرّكه يختلف عن نوع تحرّك الشخص الذي يتعامل بأمل وتفاؤل وشجاعة.

وهناك ثنائية أخرى، وهي أنّ الحركة التي نريد القيام بها في مواجهة العدوّ هل هي حركة تمتاز بالحزم والتدبير أم تتّصف بالرؤية التبسيطيّة للأمور والتساهل واللامبالاة. على سبيل المثال ما ورد في كلمات السادة في خصوص الفضاء الافتراضي وقضايا من هذا القبيل. نوعية التعامل والتصرّف في هذه القضية يمكن أن تكون على نحوين: يمكن العمل بطريقة مدبّرة، ويمكن التعامل بطريقة التفكير التبسيطي. طبعاً التفكير التبسيطي شيء والتساهل شيء آخر. التفكير التبسيطي يعني أن لا يرى الإنسان تعقيدات الأمور ولا يلاحظ صعوباتها ومنعطفاتها ومشكلاتها. هذا هو التفكير التبسيطي. أمّا التساهل فهو أن يرى الإنسان هذه الأمور ويمر من أمامها دون مبالاة بالخطر. يمكن التصرّف بهذه الطريقة، ويمكن ورود الميدان بتدبير ودقّة، ومع ملاحظة كلّ الأبعاد والجوانب.

ثنائية أخرى: النظر للأحداث على أنّها تهديدات وفرص في الوقت ذاته [من ناحية]، والنظر إليها بنظرة أحادية الجانب، وأنّها إمّا تهديدات أو فرص [من ناحية أخرى]. على سبيل المثال عندما نكون أمام عداء أمريكا يمكننا أن نتعامل بطريقتين: [تارة] ننظر لنرى ما هي فرصنا مقابل هذا العدوّ القوي حسب الظاهر وما هي التهديدات والأخطار التي أمامنا، نلاحظ كلا الأمرين ونخلص إلى نتيجة شاملة ثم نقرّر. وتارة نرى التهديد والخطر فقط ولا نرى الفرص المتاحة لنا، وأحياناً لا، إذ نرى فرصاً أمامنا ولا نرى ما يحيط بنا من أخطار. هذه النظرة الأحاديّة الجانب للأمور خاطئة، ويمكن أن تكون لنا نظرتنا الجامعة الشاملة إزاء مثل هذه القضايا. هذه أيضاً ثنائية أخرى.

لاحظوا، هذه كلّها مهمّة بالنسبة للشعب، وهي ليست قضية خاصّة بالمسؤولين. حتماً المسؤولون هم المخاطبون قبل غيرهم بمثل هذه التوصيات والكلام ـ المسؤولون السياسيون بنحو والمسؤولون العسكريون بنحو ومسؤولو الشؤون الاجتماعية بنحو ـ لكنّ عموم الناس يجب أن يكونوا هم أيضاً أصحاب رؤية في هذه المجالات ويتوفروا على وعي وفهم عميق لها. وهذا هو معنى قولي إنّنا يجب أن نصل إلى فهم عام بين الناس. وسوف أوضح هذه النقطة بعض الشيء لاحقاً.

وهناك ثنائية أخرى: معرفة واقع الميدان. معرفة واقع الميدان وعدم معرفته. بمعنى أن نعلم أين نتموضع ونقف الآن: «أين نحن، أين العدوّ، وما هو موقعنا؟» هذه من جملة الأمور التي يبذل العدوّ مساعيه حولها. ولقد انصبّت محاولاته دائماً طوال هذه الأعوام وكرّر عملاؤه الداخليّون الأمر نفسه، بأن يظهروا موقعنا وموقفنا ضعيفين، وموقف العدوّ وموقعه قويّين، والإيحاء بأنّنا «مساكين ومنكوبين وحلت بنا الويلات ولا نستطيع فعل شيء». هذه من جملة تلك الأمور التي تمثل إحدى هذه الثنائيات الأساسية. يجب أن نعلم أين نحن في الواقع. على سبيل المثال، إذا لم نكن نعلم بأنّ موقعنا وموقفنا في المنطقة الآن بحيث يحسب لنا العدوّ حساباً فسوف نتصرّف بنحو، وإذا علمنا بأنّ موقعنا بحيث يحسب لنا العدوّ حساباً فسوف نتصرّف بشكل آخر. هؤلاء الذين يتكلمون حول وجودنا في المنطقة، ويكتبون، ويعترضون، ويوردون إشكالات في غير محلّها، هؤلاء في الواقع يساعدون ـ ولا أتّهم الآن أحداً ـ على تحقيق مخطّط العدوّ من دون أن يشعروا. هذه أيضاً ثنائية أخرى وهي أن نعرف موقعنا في الساحة وموقع عدوّنا في ساحة المواجهة والتحدّي.

وثنائية أخرى هي قضية إظهار المشاعر. في بعض الأحيان قد يطلق الإنسان العنان أحياناً لمشاعره ـ سواء كانت مشاعر إيجابية من قبيل الفرح حيث يفرح الإنسان بنجاح ما ويبتهج فيطلق العنان لمشاعره، أو المشاعر السلبية نظير الحزن أو الإنزعاج والألم ـ هذه حالة وهناك حالة معاكسة هي ضبط المشاعر وإظهار العواطف وإبداؤها بالقدر اللازم. من الحالات التي قد نتلقى منها ضربة حقاً ـ وقد تلقينا منها ضربات في بعض الأحيان ـ عدم السيطرة على المشاعر العامة. أنا مثلاً أعتمد كثيراً على الشباب وأؤمن بالشباب بالمعنى الحقيقي للكلمة ـ وقد عملنا مع الشباب منذ ما قبل الثورة وكنّا على امتداد عمر الثورة دائماً وإلى الآن معهم وإلى جانبهم ـ لكن ينبغي التفطّن إلى أنّنا نعتمد على الشباب ونثق بهم لكن لا ينبغي  لمشاعر الشباب أن تسود المجتمع بصورة مطلقة وبنحو غير مسيطر عليه، فالمشاعر يجب السيطرة عليها. يمكن التصرف بطريقتين: الأولى التعامل مع العواطف والمشاعر من دون سيطرة، والثانية التعامل مع المشاعر بحيث تبرز بالمقدار اللازم، وهذه ليست بالعمليّة السهلة.

ثنائية أخرى تتمثّل في مراعاة الضوابط والحدود الشرعيّة وعدم مراعاتها. كنّا نلاحظ أحياناً خلال فترة الكفاح ما قبل الثورة أيضاً أنّ البعض ممن ينشطون بشدة في عملية الكفاح والنضال لا يهتمون للكثير من المسائل الشرعية وما شابه. كانوا يقولون يا سيدي إنّنا نعمل في الكفاح ولأجل هدف معين، فإذا لم نؤدِّ الصلاة في أول وقتها مثلاً فلا بأس بذلك، أو إذا لم تتحقّق المسألة الفلانية فلا ضرر في ذلك، وإذا ما حصلت حالات تهمة وغيبة وما شاكل فلم يكن ذلك يشكّل بالنسبة لهم أهمّيّة. حسنٌ، هذا نوع من التعامل، ونوع آخر من التعامل هو أن يراعي الإنسان التقوى. يقول الإمام أمير المؤمنين كما يروى: «لَولَا التُّقىٰ لَكنتُ اَدهَى العَرَب» (5). من أدهى من أمير المؤمنين وأوعى وأكثر فطنة وذكاء؟ لكن التقوى بالتالي تحول دون بعض الممارسات. هذه أيضاً ثنائية أخرى.

الاستفادة من التجارب أو التعرض للّدغ مرّتين من جحر واحد. هذه أيضاً قضية. في قضية مواجهتنا للأعداء الخارجيّين هذه ـ مع الغرب مثلاً ومع أمريكا ومع أوروبا ـ لدينا بعض القضايا والشؤون بالتالي، ولدينا قضايا سابقة، وكانت لنا قضايانا منذ بداية الثورة، لكن في الآونة الأخيرة كانت قضيّة الاتّفاق النووي والتزامات هؤلاء تجاهه، ثم نكثهم لإلتزاماتهم وعدم مراعاتهم لها، حسنٌ، هذه تجربة. علينا في تعاملنا مع هذا التيار، الذي تعامل معنا بهذه الطريقة ولم يعمل بواجباته على الرغم من العهود والمواثيق المؤكّدة، والذي مرّر الأمور هكذا بالابتسامات والابتسامات الساخرة وما شابه، وفي طريقة تعاطينا مع هذا الطرف، ومع هذا الشخص، ومع هذه الحكومة، ومع هذه الجبهة، أن نستفيد من هذه التجربة، ونعلم كيف يجب التعامل مع هؤلاء.

وهناك نقطة أخرى ونوع آخر من التحرّك وثنائية أخرى وهذه هي الثنائية الأخيرة، وهي أن نتهجّم دائماً عند مواجهة الأحداث على بعضنا البعض، وننتقد بعضنا البعض، وتدور عجلة الاتّهامات فيما بيننا، فأعدّك أنا مقصّراً وتعدّني أنت مقصراً. هذا نوع من التعامل يحدث للأسف في كثير من الأحيان، فحين تواجه الجماعات موقفاً أو ظرفاً صعباً ـ سواء كانت هذه الجماعات حزباً أو حكومة أو شعباً ـ تبدأ باتّهام بعضها البعض، أو لا، فبدل تبادل الصراخ على بعضنا البعض، على حدّ تعبير الإمام الخميني «وجهوا كل صرخاتكم ضد أمريكا» (6)، فأمريكا هي الخصم المقابل لنا. وقد قلت مراراً في خطاباتي العامّة بأنّه علينا أن لا نقع في هذا الخطأ وهو أن لا نعرف عدوّنا، فعدوّنا معروف. هناك أناس آخرون يعملون ضدّنا ـ أما بسبب الغفلة أو ما شاكل ـ لكنّ هؤلاء لا أهمية لهم، فالعدوّ الحقيقي «وَهَلُمَّ‌ الخَطبَ في ابنِ أبي‌ سُفيان» (7) كما قال الإمام أمير المؤمنين. فلا نصرخنّ في مثل تلك القضايا على بعضنا البعض من دون مبرّر، ولا نتشاجر فيما بيننا دون سبب. لننظر ونرى مع من يجب أن تكون المعركة حقّاً، ومن يجب أن نخاصم، فنعمل على هذا النحو.

أعتقد أن هذه الثنائيات تمثل أسئلة مهمّة. يجب أن نسأل أنفسنا كيف ينبغي لنا أن نعمل ونتصرّف إزاءها؟ طبعاً الإجابة اللسانية عن هذه الأسئلة سهلة لكن الإجابة العملية عنها والالتزام بها ليست بالأمر السهل. وبرأيي أنّ الإجابة عن هذه الأسئلة واضحة في مصادرنا الإسلامية. على سبيل المثال يعلّمنا القرآن درساً في كيفيّة التعامل والتعاطي حيال الانتصار: «إذا جاءَ نَصرُ اللهِ وَالفَتحُ، وَرَأيتَ النّاسَ يدخُلونَ في دينِ اللهِ أفواجًا، فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّك وَ استَغفِرهُ إنَّه كانَ تَوّابًا» (8) لا يقول ابتهج وافرح وانزل مثلاً وسط الساحة وارفع الشعارات، بل يقول: «فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّك» عليك أن تسبّح وتستغفر، فهذا النصر ليس من عندك بل هو من الله. وربّما صدرت عنك خلال هذه المسيرة غفلة فاطلب المغفرة من الله تعالى. ينبغي التعامل مع الحوادث الإيجابية بهذه الطريقة: عدم الإصابة بالغرور، وعدّ النجاحات من الله «وَما رَمَيتَ اِذ رَمَيتَ وَلكنَّ اللهَ رَمى» (9). ليس من الصحيح أن يغترّ الإنسان بنفسه ويغرّه بالله الغَرُور، «فَحَقُّ لَك أن لا يغتَرَّ بِك الصِّدّيقون» (10). ورد في دعاء الصحيفة السجّادية أنّ الصدّيقين أيضاً يجب أن لا يغتروا بالله فيقولوا «طالما كنّا مع الله فحالنا ووضعنا واضح إذاً...»، لا، فالله تعالى لا يجامل حتّى الصدّيقين، وإن أخطأوا سيتلقّون الضربة. وعلينا أن لا نحسب العمل الذي يُنجز والعمل الحسن الذي يحصل، من أنفسنا بل من الله. وهذه هي حقيقة الأمر.

حسنٌ، الثاني والعشرون من بهمن لهذه السنة كان أقوى وأكثر ازدحاماً من السنين الماضية، فمن الذي قام بذلك؟ أيّ عامل وأيّ إنسان يستطيع الإدّعاء بأنّه كان مؤثراً في هذه القضية؟ مهما نظرنا ودقّقنا لا نجد سوى يد القدرة الإلهية. قال الجميع إن المشاركة كانت هذه السنة في مختلف المناطق أفضل من السنوات الماضية، وهذه ليست سوى يد القدرة الإلهية، هذه يد القدرة الإلهية. ذات مرة خلال فترة مرض الإمام الخميني (رضوان الله عليه) حينما تكلّمت حول أمر ما، وقلت إنّه من فعل الله، وأنّه كان توفيقاً كبيراً قال لي: إنّني منذ انتصار الثورة أو منذ بداية الأمر وإلى الآن أرى مثل هذا الشيء، وهو أنّ يداً قديرة هي التي تسيّر أمورنا. وقد كتبت عين عبارته بعد ذلك عندما خرجت من عنده، ولا أذكر الآن العبارة بالتحديد، قال إنّني أرى يداً قديرة. وهذا هو واقع القضية. هناك يد قديرة تسيّر الأمور وتنجزها. بيد أن يد القدرة الإلهية هذه [تتدخّل] خاصّة عندما نحسن سلوكنا وتصرّفنا فتشملنا رحمة الله تعالى. «أللهُمَّ إنّي أسئَلُك موجِباتِ‌ رَحمَتِك‌» (11)، موجبات الرحمة في أيدينا. قال الإمام الخميني (رضوان الله عليه) إنّ الله هو الذي حرّر مدينة خرّمشهر. لقد جاهد كلّ أولئك الشباب هناك واستشهدوا وعملوا، وقال الإمام الخميني إن الله هو الذي حرّرها، وهذا هو الصحيح، فالله هو الذي حرّرها. فقد كان يمكن أن يقدّموا هذا العدد نفسه من الشهداء من دون تحقيق أيّ نتيجة. في عمليات رمضان ـ في المعركة التي دارت في تلك الآونة نفسها ـ لم يشأ الله لنا الفتح، لكنّ خرّمشهر تحرّرت، وقد كانت هذه إرادة الله. كان هذا فيما يتعلّق بالأحداث المفرحة الإيجابية.

في مواجهة الأحداث الصعبة من قبيل هذا الحظر وهو حدث صعب، أو خذوا على سبيل المثال الهجوم العسكري والتحرّك العسكري ـ هذه أحداث صعبة قد تفرض من قبل العدوّ ـ هناك أيضاً يعلّمنا الله قاعدته والمنهاج الصحيح: «وَلَمّا رَءَا المُؤمِنونَ الأحزابَ قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسولُه وَصَدَقَ اللهُ وَرَسولُه وَما زادَهُم ‌إلّا إيمانًا وَتَسليمًا» (12). لم نكن نتوقّع أن تتشكّل الحكومة الإسلامية في عصر هيمنة النزعة المادية والحكومات المادية في العالم، ويبقى المادّيون في العالم الذين يمسكون بكلّ أسباب القوى المادية في أيديهم ساكتين يتفرجون، فقد كان من الواضح أنّهم سوف يعارضوننا، وكان من المعلوم أنّهم سوف يفرضون الحظر إن استطاعوا، وكان من البيّن أنّهم سيخوضون حرباً عسكرية ضدّنا إن استطاعوا. علينا أن نقوم بعمل لا يفكّرون معه بالقيام بهذه الأعمال، وإن فكّروا وقاموا بها، فإنّهم سيتلقّون الضربات. وإلا فتوقّع عدم مهاجمة العدوّ لنا ليس بالتوقّع الصحيح. إذاً، هذا أيضاً أمر إلهي.

في مواجهة الأحداث ينبغي أن لا يعترينا الخوف والفزع. «ألا إنَّ أولِياءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يحزَنون» (13). هذه الآية في سورة يونس، وقد نظرت فوجدت أنّه في سورة البقرة أيضاً هناك ربّما أربعة أو خمسة مواضع (14) وردت فيها عبارة «لا خَوفٌ عَلَيهِم وَ لاهُم يحزَنون» بشأن المؤمنين. هذا بفضل الإيمان وبسبب الارتباط بالله، وبسبب القبول بالولاية الإلهية. يجب أن لا يكون هناك خوف وما شاكل. الإمام الخميني (رضوان الله عليه) لم يكن يخاف حقّاً. ذات مرّة كنت جالساً في حضرته ـ في بداية الثورة، في الآونة التي كانت لنا مع ذلك المسكين (15) مشكلات بشأن قضايا القوات المسلّحة وما شاكل ـ فقلت له «إنّ السبب في أنّكم قلتم العبارة الفلانية عن الشخص الفلاني هو أنّكم تخافون ...» أردت أن أقول «أنّكم تخافون أن يسوء ذلك القوات المسلّحة»، لكنني ما إن قلت «تخافون» حتّى قال مباشرةً وعلى الفور : «إنّني لا أخاف من أي شيء». ولم ينتظر أن أذكر متعلّق الخوف، فبمجرد أن قلت «أنك تخاف» حتى قال «إنني لا أخاف من أيّ شيء». وقد كان هكذا فعلاً. لم يكن يخاف من أي شيء. هذا هو معنى «ألا إنَّ أولِياءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يحزَنون‌». ولماذا سيخاف؟ إنسان عظيم مثله كان هكذا فعلاً.

وفي ثنائية الأمل واليأس يجب أن لا نصاب باليأس: «لا تَيأسوا مِن رَوحِ اللهِ إنّه لا ييأَسُ مِن رَوحِ اللهِ إلَّا القَومُ الكافِرون» (16)، الواردة في سورة يوسف. وهذا الأمر يتعلّق بالشؤون الدنيوية. «لا تَيأسوا مِن رَوحِ الله» لا تتعلّق بالشؤون المعنوية، [بل] بالعثور على يوسف: «يا بَنِي اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأخيهِ وَلا تَيأسوا مِن رَوحِ الله‌» (17). «لا تَيأَسوا مِن رَوحِ الله» في العثور على يوسف وهو شأن دنيوي. إذن، «لا تَايئَسوا مِن رَوحِ الله» أمر عامّ في الشؤون الدنيوية. طبعاً الحالة نفسها تنطبق على الشؤون الأخروية، بيد أن الآية تتعلّق بالشؤون الدنيوية. «لا تَيأسوا»، ولماذا يصاب الإنسان باليأس؟ لا، فنحن نأمل أن نستطيع تمريغ أنف هذه القوى المستكبرة في التراب ونذلّها، ويمكننا فعل ذلك، نحن متفائلون آملون. إذا ما سعينا وعقدنا الهمم، وأردنا، وتوكّلنا على الله، وطلبنا من الله، فإن ذلك سيكون ممكناً.

كما يجب أن لا نصاب بالتسرّع ولا باختلاق الذرائع. من الأمور التي ينبغي أن نلاحظها كلّنا بحقّ ـ أنا وأنتم السادة ـ في المدن، وفي خطب صلاة الجمعة، وبين الطلبة والفضلاء والحوزات العلمية، هي أنّ من عيوب العمل عدم الصبر والتسرّع، وأن يصرّ الإنسان إصراراً شديداً ويقول: لماذا لم يحصل كذا ولماذا لم يحصل كذا؟ كلّ شيء له قدره ومقداره ولكلّ شيء أجله وأمده، ولا يمكن لكلّ شيء أن يحدث بسرعة. ذات مرّة جاء رجل إلى الإمام الخميني وشكا إليه وضع الحكومة ـ وقد كنت حينها رئيساً للجمهورية ـ قال شيئاً ما، فقال له الإمام الخميني جملة واحدة لا أنساها، قال: «يا سيد، إدارة البلد صعبة». أنا كنت رئيساً للجمهورية وحين قال الإمام الخميني هذه العبارة صدّقتها حقاً ومن أعماق القلب. الكثير من الأعمال يجب أن تُنجز ويجب الاستعداد وعقد الهمم لها، لكنّ الوصول إلى النتائج يحتاج إلى مقدار من الوقت والفرص.  فالتسرع  والعجلة والشعور بالتأخير ليس بالشعور الجيّد.

سجلت هنا هذه الآية الشريفة التي تروي قصة النبيّ موسى عندما عاد ومعه الألواح ورأى حادثة العجل قد وقعت. «قالَ يقَومِ ألَم‌ يعِدكم‌ رَبكم‌ وَعدًا حَسَنًا» لقد وعدكم الله أن يحسّن لكم حياتكم ويصلحها «أفَطالَ عَلَيكمُ العَهد» فهل طال عليكم الأمد؟ هل انقضي الزمن الذي كان ينبغي أن ينجز فيه الوعد الإلهي حتى رحتم تتبرّمون هكذا؟ انتظروا إذن واصبروا وسوف ينجز الله وعده. حسن الظنّ بالله تعالى ـ وهو ما ذكرته ذات مرّة في هذه الجلسة نفسها (18) ـ أمر ضروريّ، وسوء الظنّ بالوعد الإلهي والقول «لماذا لم يحصل؟ ولماذا لم يحصل؟» أمر مذموم جدّاً. في الآيات «أفَطالَ عَلَيكمُ العَهدُ أم أرَدتُم أن يحِلَّ عَلَيكم غَضَبٌ مِن رَبّكم» (19) أنا أحتمل أنّ الآية «ياَ أيّهَا الَّذينَ ءامَنوا لا تَكونوا كالَّذينَ ءاذَوا موسىٰ فَبَرَّأهُ اللهُ مِمّا قالوا» (20) تشير إلى هذا الشيء: «وَإذ قالَ موسىٰ لِقَومِه! يا قَومِ لِمَ تُؤذونَني وَقَد تَعلَمونَ أنّي رَسولُ الله» (21)، ربما كانت إشارة إلى أنّهم كانوا يضغطون ويصرّون عليه دائماً أن «لماذا لم يحصل كذا ولماذا لم يحصل كذا؟» وهذا حتماً يعود إلى ما بعد النجاة من أيدي فرعون، لكن الأمر كان على هذا النحو حتى قبل النجاة من أيدي فرعون «قالوِّا أوذينا مِن قَبلِ أن تَأتِينا وَمِن بَعدِ ما جِئتَنا» (22). كانوا يعترضون على النبيّ موسى بأنّ الأذى لا يزال يطالنا حتّى من بعد ما جئتنا. أي إن الاعتراضات والإشكالات الإسرائيلية التي ترد ويتكلّمون عنها هي حقيقةً من هذا القبيل، فيجب أن نحذر من أن نصاب بها.

حسنٌ، قضية أخرى نطرحها أيضاً هي وضع الحدود وتحديدها مع العدوّ للمصونيّة والمنعة ضدّ الهجمات الناعمة. فمن الأمور اللازمة والضرورية جداً أن لا نسمح لحدودنا الفاصلة بيننا وبين العدوّ بالاضمحلال والتبدد. تحديد الحدود مع العدوّ. إن لم يكن هناك من تحديد للحدود مع العدوّ، ولم تكن هذه الحدود بارزة واضحة لأمكن اجتياز هذه الحدود سواء من هذا الجانب إلى ذاك أو من ذاك الجانب إلى هذا. وهذا تماماً كالحدود الجغرافية. إذا لم تكن هناك حدود جغرافية ولم تكن هذه الحدود بارزة واضحة فسوف ينهض شخص من ذلك الجانب ويعبر وينفذ إلى هنا؛ شخص مهرّب أو سارق أو جاسوس يدخل من هناك إلى هنا. ومن هنا [أيضاً] ينهض إنسان غافل فيجتاز الحدود ويذهب إلى هناك ويقع في الفخ. والحدود العقائدية والحدود السياسية أيضاً على هذا النحو تماماً. عندما لا تكون الحدود واضحة سيستطيع العدو التغلغل والنفوذ وممارسة الخداع والحيلة والتسلط والهيمنة على الفضاء الافتراضي. أمّا إذا كانت الحدود مع العدوّ بيّنة جليّة فلن تكون سيطرته على الفضاء الافتراضي والأجواء الثقافية بهذه البساطة والسهولة. إليكم أيضاً هذه النقطة فقد ورد في قوله تعالى «لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكم أولِياءَ تُلقونَ إلَيهِم» إلى أن يقول «تُسِرّونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَأنَا أعلَمُ بِما أخفَيتُم» (23). لقد نهانا الله تعالى أن نتعامل مع العدوّ بهذه الصورة. هذه أيضاً نقطة.

ولوضع الحدود وتحديدها مع الأعداء وحفظها هامش أرى أنّه على جانب كبير من الأهمية، وهو أن لا نحسب الجميع أعداءً. هذه أيضاً قضية مهمّة. أحياناً بسبب تعصبّنا ضدّ العدوّ ـ وهذا التعصّب تعصب في محلّه وحسن ـ ما إن ينطق شخص بكلام معيّن لا يتفق مع رؤيتنا ونظرتنا للعدوّ حتّى نتّهمه بأنّك مع العدوّ، هذا غير صحيح. حسنٌ، افترضوا الآن أنّ هناك داخل البلاد نقاشاً يدور حول المعاهدة الفلانية أو حول القضية الدولية الفلانية والبعض يعارضون والبعض يؤيّدون، فما من سبب على الإطلاق لأن يتّهم المؤيّدون المعارضين، أو يتّهم المعارضون المؤيّدين. فهما بالتالي رؤيتان واستدلالان. هذا لا يقبل بدليل ذاك، وذاك لا يقبل بدليل هذا. عدم اتّهامنا لبعضنا البعض وعدم التنازع والعراك فيما بيننا هو الفكرة التي سبق أن ذكرتها، وهي أن لا نضيّع الحدود التي وضعناها بيننا وبين العدو. إنّ قضيّة وضع الحدود الفاصلة مع العدوّ قضية على جانب كبير من الأهمية، لكن لا ينبغي لهذا أن يؤدّي بنا إلى أنّنا بمجرّد أن نرى شخصاً يخالفنا أدنى مخالفة وجهة النظر في قضيّة ما، نربطه فوراً بالعدوّ ونقول إن هذا الشخص عميل للعدوّ، لا، فهذا أيضاً غير صحيح برأينا.

وأشير في الخاتمة إلى نقطتين: أوّلاً إنّ هجوم العدوّ بأقصى الدرجات يحتاج إلى تعبئة قصوى للقوى. إنّ هجوم العدوّ في الوقت الحاضر قد بلغ أقصى الدرجات، أي إنّهم يستخدمون كل طاقاتهم وأدواتهم. وهذا ما يفعله الأمريكان بالدرجة الأولى، وعلى هامشهم وتبعاً لهم الصهاينة أي الحكومة الصهيونية. وإلى جانبهم ومن خلفهم عموم الغربيّين وكلّ الأوروبيّين. لنفترض الآن مثلاً أنّ أمريكا قد رفعت حظر شراء النفط الإيراني عن بعض البلدان الأوروبية، لكنّ هؤلاء لا يزالون يمتنعون عن شراء النفط منّا، هذا عداء بالتالي، أي لا وجه آخر لهذا الأمر على الإطلاق. بيد أن هذا نوع من العداء، ونوع خاصّ منه. لقد عبّأوا الناس ضدّنا بأقصى درجات التعبئة. ولطالما كرّر الأمريكان وردّدوا أنّ الحظر الذي فرضناه على إيران هو الحظر الأشدّ على مرّ التاريخ، وهم على حقّ في هذا. وقلت ذات مرّة في الردّ عليهم بأنّ الهزيمة التي ستمنى بها أمريكا في هذه القضية ستكون إن شاء الله الهزيمة الأشدّ على مر التاريخ (24)، هذا إن عقدنا نحن الهمم إن شاء الله وتحرّكنا بصورة صحيحة وتقدّمنا إلى الإمام. إذاً لا بدّ من تعبئة كلّ الطاقات والإمكانيات. وفي مقابل الهجوم بحدوده القصوى لا بدّ من التعبئة بحدودها القصوى. هذه نقطة.

والنقطة الثانية، هي أنّ ذكر الله هو أساس العمل: «وَلا تَنِيا في ذِكرِي» (25). يقول الله تعالى لموسى وهارون في ذلك الظرف الحسّاس حيث يسير رجلان لوحدهما إلى قوة جبّارة قاهرة مسيطرة كفرعون بكلّ تلك الإمكانيات والطاقات: «وَلا تَنِيا في ذِكرِي»، إلتفتوا! قال مراراً: «لا تَخافا إنَّني مَعَكما أسمَعُ وَأرى» (26). إنّني أساعدكما وأحميكما، لكنّه قال أيضاً «ولا تَنِيا في ذِكرِي»، أي لا تقصّرا. الذكر الإلهي وسيلة ومصدر لكلّ هذه القدرات التي عدّدناها وأشرنا إليها، والتي يجب استخدامها والاستفادة منها. الذكر الإلهي هو الأرضية لكلّ هذا.

أسأل الله تعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالتوفيق لذكره والتوجّه إليه إن شاء الله، وأن يحقّق وعده قريباً بحقّ هذا الشعب وحقّ هذه الأمّة إن شاء الله.

وأقول ضمناً، سمعت البعض يقولون إنّ فلاناً قال: «التوجّه نحو شريحة الشباب يعني إقصاء الشيوخ»، وأنا أنكر هذا الشيء فليس مرادي إقصاء الشيوخ والمسنّين. النزعة الشبابية معنى من المعاني يجب التفكير والتأمل فيه. لدينا معنى واضح للنزعة الشبابية، ولا نعني بها إقصاء المسنّين والشيوخ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش:

1 ـ في بداية هذا اللقاء ـ الذي أقيم في نهاية الاجتماع السادس من الدورة الخامسة لمجلس خبراء القيادة ـ تحدّث آية الله الشيخ أحمد جنّتي (رئيس مجلس خبراء القيادة) وآية الله الشيخ محمّد علي موحّدي كرماني (نائب رئيس مجلس خبراء القيادة).

2 ـ آية الله السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي.

3 ـ آية الله الشيخ محمّد مؤمن قمي.

4 ـ نهج البلاغة، الكتاب رقم 31 .

5 ـ الكافي، ج 8 ، ص 24 .

6 ـ صحيفة الإمام الخميني، ج 11 ، ص 121 ، كلمة للإمام الخميني أمام حشد من حرس الثورة الإسلامية في طهران بتاريخ 25/11/1979 م .

7 ـ أمالي الصدوق، ص 619 .

8 ـ سورة النصر، الآيات 1 إلى 3 .

9 ـ سورة الأنفال، شطر من الآية 17 .

10 ـ الصحيفة السجّادية، الدعاء 39 بقليل من الاختلاف.

11 ـ مصباح المتهجّد، ج 1 ، ص 61 .

12 ـ سورة الأحزاب، الآية 22 .

13 ـ سورة يونس، الآية 62 .

14 ـ من ذلك الآيات 62 و 112 و 262 و 274 و 277 .

15 ـ أبو الحسن بني صدر.

16 ـ سورة يوسف، شطر من الآية 78 .

17 ـ م. ن .

18 ـ كلمة الإمام الخامنئي في لقائه بأعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 03/09/2015 م .

19 ـ سورة طه، شطر من الآية 86 .

20 ـ سورة الأحزاب، شطر من الآية 69 .

21 ـ سورة الصف، شطر من الآية 5 .

22 ـ سورة الأعراف، شطر من الآية 129 .

23 ـ سورة الممتحنة، شطر من الآية 1 .

24 ـ كلمة الإمام الخامنئي في لقائه بمختلف شرائح الشعب من أهالي مدينة قم بتاريخ 09/01/2019 م .

25 ـ سورة طه، شطر من الآية 42 .

26 ـ سورة طه، شطر من الآية 46 .

قراءة 1733 مرة