كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في لقاء رئيس الجمهوريّة وأعضاء الحكومة

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في لقاء رئيس الجمهوريّة وأعضاء الحكومة

 

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في لقاء رئيس الجمهوريّة وأعضاء الحكومة الثالثة عشرة بتاريخ 2021/08/28م.

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقيّة الله في الأرضين.

مرحباً بكم[1]، أيها الإخوة الأعزاء، وأبارك لكم جميعاً توفيقَ الحضور في مراكز الخدمة الأساسية. لقد تفضّل الله -تعالى- عليكم ووفّقكم للحضور في المراكز الرئيسية لخدمة البلاد والشعب والجمهورية الإسلامية. يجب أن تدركوا قيمة هذا التوفيق. ونتوجّه بالشكر أيضاً إلى «مجلس الشورى الإسلامي» على قيامه على مسؤولياته بسرعة وفي الوقت المناسب، ونسأل الله -تعالى- أن تكون بداية طيبة ومباركة لكم وللبلاد.

أسبوع الحكومة مزيّنٌ باسمي الشهيد رجائي والشهيد باهنر، أي مزيّنة بذكرى الشهادة وعنوان الشهادة. رحم الله هذين الرجلين العظيمين الجليلين النشيطين اللذين فازا بالشهادة. [هما] في الحقيقة قصدا الخدمة، ومع أن حياتهما كانت قصيرة، فإنّهما أثبتا أنّهما دخلا هذا الميدان بإخلاص، وأرادا الخدمة، وطريقتهما كانت إسلامية وشعبية وجهاديّة، [وهذا] درس للحاضرين جميعاً.

أنتم، أيها الإخوة الأعزاء، قبلتم المسؤولية في مرحلة صعبة. إن شاء الله، سيمدكم الله بعونه، وأنا أيضاً سأدعو لكم وأتمنى لكم التوفيق. على أيّ حال الوضع صعب جراء التضخم ومشكلات الناس المعيشية ووباء كورونا والقضايا المختلفة الموجودة. إن شاء الله، إذا ما بُذلت الجهود الدؤوبة، وعملتم حقّاً على مدار الساعة وبلا كلل من ناحية، ووفرتم لأنفسكم ذخيرة التوسّل والتوكّل على الله -تعالى- من ناحية أخرى، فسيكون التوفيق من نصيبكم بالتأكيد وستتغلبون على الصعوبات. لتكنْ نيتكم إلهية. إنّ النية الإلهية في موقعكم تعني النية لخدمة الناس. في الواقع، بمجرد دخولكم إلى الميدان لخدمة الناس، هذه نية إلهية ونقية وسيباركها الله.

كان لديّ توصية للمسؤولين جميعاً في مختلف الأوقات، وأقدم إليكم هذه التوصية: الوقت يمرّ بسرعة وهذه السنوات الأربع تنتهي سريعاً. اغتنموا كل ساعة وكل فرصة. لا تسمحوا بضياع هذا الوقت الذي هو ملكٌ للنّاس وملكٌ للإسلام، واستفيدوا من الإمكانات كافّة، من إمكانات كل لحظة وزمان.

بالطبع لديّ اعتقاد راسخ أنّه إلى جانب المشاغل الكثيرة وبذل الجهود الواسعة لا بدّ أيضاً من الالتفات إلى قضايا عائلاتكم. هذا هو اعتقادي. أُوصي الجميع بالالتفات إلى أسرهم، وألّا تغيبوا عن الأسرة أثناء خدمتكم ومسؤوليتكم.

ركّزوا جهودكم على التجديد الثوري، وبالطبع العقلاني والمدروس، في مجالات الإدارة جميعاً، بإذن الله. أقصد التحرّك على سكّة الثورة في أقسام الإدارة المختلفة في البلاد، وذلك في جميع القطاعات: الاقتصاد، والبناء، والسياسة الخارجية والدبلوماسية، وقطاعات الخدمة للناس، والقطاعات العلمية والثقافية وغيرها. يجب أن تكون هناك حركة ثورية في هذه المجالات كافّة. ذكرنا أن الثوريّة يجب أن تقترن بالعقلانية حتماً، فالطريقة الصحيحة للجمهورية الإسلامية من البداية إلى اليوم هي أن الحركة الثورية تصاحبها حركة مدروسة وعقلانية.

لديّ بعض التوصيات الأساسية التي سأقدمها. هناك عناوين عدّة، وسوف أتحدّث ببضع كلمات حول كلّ منها. أول هذه العناوين الشعبيّة، وهي شعار حكومة السيد رئيسي. نشر العدالة، مكافحة الفساد، إعادة الثقة والأمل إلى الناس، ولا سيما عند الشباب، اقتدار الحكومة، إشراف الحكومة، انسجام الحكومة... هذه موضوعات مهمة سأشير إلى كلّ منها ببضع جمل.

في ما يخصّ الشعبيّة... حسناً، أن تكون شعبياً مقولة واسعة ولها مظاهر مختلفة. من مظاهر ذلك الحضور بين الناس والاستماع منهم مباشرة. هذه الخطوة الطيبة والجديرة بالثناء للسيد رئيسي أمس، حين ذهب إلى خوزستان، وحضر بين الناس، واستمع لهم وتحدّث معهم، هي مظهر من مظاهر الشعبيّة، وأمر جيّد جدّاً.

من المظاهر الأخرى اعتماد نمط عيش شعبي. التواضع في المسلك، وتجنب الأخلاق الأرستقراطية والنظرة الفوقية إلى الناس وما شابه. مظهر آخر أيضاً لكونك شعبياً هو اجتناب هذه الصفات الأرستقراطية الشائعة في العالم، والمبتلى بها الحكومات و[أصحاب] المسؤوليات والمسؤولون جميعاً، أي بهذه الطريقة في النظر إلى الناس، بطريقة العيش هذه.

إن التحدث إلى الناس ومشاركة المشكلات والحلول معهم أيضاً من مظاهر الشعبية. اطرحوا قضاياكم مع الناس. تارةً هناك مشكلة، وهناك طريق حلّ [أيضاً]. بالطبع، حاولوا ألا يتسبب كلامكم في إحباط الناس، إذ هناك من يتجاهلون هذه النقطة ويقولون كلاماً غير مناسب ومغاير للواقع، ما يؤدي إلى جعل الناس يشعرون باليأس. كلّا! كل مشكلة ولها حل. ضعوا الناس في الصورة، وتحدّثوا إليهم، واطلبوا منهم المساعدة في مختلف الحالات، سواء المساعدة الفكرية أو العملية. قد يحدث خطأ في مكان ما -حسناً كلنا نرتكب الأخطاء، والخطأ في عملنا ليس قليلاً- فلنعتذر إلى الناس. [قولوا] للناس صراحةً: حدث هذا الخطأ، والتمسوا العذر. هناك جوانب مختلفة تخوّل الإنسان أن يكون شعبيّاً. اعرضوا تقارير خدمتكم على الناس. تقرير صادق، دون مبالغة، دون تضخيم. [قولوا] بصدق إنكم فعلتم هذه الأعمال. هذه جوانب مختلفة تجعلكَ شعبيّاً.

لقد أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى كل هذه الأمور في عهده المهم للغاية الذي وجّهه إلى مالك الأشتر. أُوصي بأن يراجع الأصدقاء هذا الكتاب ويطلعوا عليه. إنّ عبارته في هذا الصدد هي: «فَلا تُطَوِّلَنَّ - أو فَلا تَطولَنَّ، أو فَلا يَطولَنَّ - اِحتِجابَكَ عَن رَعِيَّتِك»، لا تتغيب عن الناس مدة طويلة. بالطبع، لا يمكن للمسؤول أن يكون دائماً بين الناس، لكن في بعض الأحيان يجب أن تكون حاضراً بين الناس. «لا تُطَوِّلَنَّ» احتجابك عن الناس. ثم يتحدث ببضع جمل حول هذا الأمر، فيقول: «وإن ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بكَ حَيفاً فَأصحِرْ لَهُم بعُذْرِكَ»[2]. تحدّث إليهم بصراحة. التفتوا! إن العلاقة بين الحاكم والناس هي في الأساس على هذا النّحو: إنها علاقة أخوية، وإنها علاقة ودية. «وَاعدِل عَنكَ ظُنونَهُم بِإصحارِك». كان هذا توضيحاً حول أن تكون شعبياً. لذا، حاولوا أن تمتلكوا حقّاً التفاصيل المختلفة لهذه الميزة.

القضية التالية هي العدل، فأساس الحكومة الإسلامية والجمهورية الإسلامية هو في إقامة العدل، كما أنّ أساس جميع الأديان إقامة العدل. يقول الله -تعالى- إننا أرسلنا الأنبياء والكتب السماوية {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[3]، وليكون المجتمع عادلاً. حسناً، نحن متأخرون في هذه المجالات، وعلينا أن نعمل بجد، وأن نبذل كثيراً من الجهد. في رأيي، يجب أن يكون لكل قرار يتم اتخاذه، وكل مشروع قانون تتم صياغته في الحكومة، وكل مقرّر يُصدره جهازكم، ملحق عدالة. يجب أن تلتفتوا إلى ألّا يتسبب هذا الأسلوب، وهذا العمل، وهذا القرار، في توجيه ضربة إلى العدالة، وألا يدوس على الطبقات المظلومة. يجب أن يكون هذا الالتفات حاضراً دائماً، سواء بملحق مكتوب، أو يكون الأمر هكذا من ناحية الإعداد.

في بعض الأحيان، يوجّه نهج إداري ما أو سلوك شائع ضربة [إلى العدالة] ولدينا بالفعل [مثل] هذه الحالات. الآن هناك تقاليد وأحوال في مجموعة أعمالنا تحتاج إلى الإصلاح في مختلف المجالات، وبصورة رئيسية في العدالة في توزيع إمكانات البلاد. يجب حقاً توزيع هذه الإمكانات بعدل. في الحقيقة الحال في بعض القطاعات ليست كذلك. طبعاً ما أقوله لا يعني أن هناك خطوةً [متعمدة] وراء ذلك، ولكن في مجال الطاقة، على سبيل المثال، أي في مجال النفط، قدم إلينا أحد المسؤولين في الحكومة السابقة تقريراً في المدة الأخيرة جاء فيه أن دعم الحكومة الخفي[4] للنفط عام 1399[5] قد بلغ نحو 63 مليار دولار! حسناً، إلى من كان يصل هذا الرقم وهذا الدعم؟ من الذي يستخدم النفط والبنزين أكثر في البلاد؟ عدد كبير من الناس لا يستفيدون من هذا الدعم إطلاقاً. وقد حسبوا حينذاك أن 63 مليار دولار تعادل 1500 مليار تومان، أي أكثر من موازنة 1399! هذه هي الأشياء التي ذكرتها للتو، و[بالطبع] ليس لدي أيّ توصية بشأن ما يجب عمله في مجال النفط. عليكم أن تبحثوا بدقّة لتروا ما عليكم فعله. أريد أن أقول إن مثل هذا الوضع في بعض الأحيان هو خلافٌ للعدالة، ولذا يجب الالتفات. لا بدّ أن نعمل على تقليص المسافة بين الطبقات المحرومة والغنية، أي يجب توزيع مقدّرات البلاد بعدل قدر الإمكان.

إن قضية مكافحة الفساد التي أشرنا إليها هي أيضاً مكمّلة للعدالة. لا بدّ من مكافحة الفساد. من المصائب المهمة التي تنشأ في البلاد، والتي هي على النقيض من العدالة، وجود الفساد والجشع والتجاوزات والاختلاس والاستفادة غير الصحيحة وغير المبرّرة وما شابه. قد يفعل شخص ما عملاً مهماً، فتمنحه مكافأة. حسناً لا إشكال في ذلك، ولكن قد يُمنح المقربون امتيازات واسعة من إمكانات البلاد دون وجه حق. لماذا؟ وموضوع الرواتب النجوميّة الذي طُرح كان جزءاً صغيراً من هذه القضية.

لحسن الحظ، عمل الرئيس المحترم خلال رئاسته السلطة القضائية على هذه القضية، ما أدى إلى أن ينظر الناس إليه بعين الأمل، وقد زادت شعبيته بينهم. المكان الرئيسي لهذه [القضية] هو السلطة التنفيذية، أي المكان الرئيسي للتعامل مع الفساد ومكافحته هو السلطة التنفيذية التي تزيل أرضية نشوء الفساد. يأتي دور السلطة القضائية بعد ذلك. فبعدما بذلتم الجهود ومنعتم وأزلتم أرضيات الفساد وما شابه، ثم بعد ذلك حدث شيء ما، هنا يأتي دور السلطة القضائية. لا بد من معالجة تضارب المصالح الشخصية والمصالح العامة والرشوة والاختلاس وأمثال ذلك في الأجهزة الحكوميّة.

من المصاديق المهمّة في قضية الفساد الانتهاكات في تنفيذ سياسات المادة 44 [من الدستور] التي تابع السيد رئيسي موارد متعددة منها أثناء حضوره في السلطة القضائية، وقد أبلغني عنها في ذلك الوقت، إذ إن طريقة أداء وتنفيذ سياسات المادة 44 - هذه السياسات يمكن أن تجعل اقتصاد البلاد مزدهراً بالمعنى الحقيقي للكلمة - كانت على نحو أوجد هذا الفساد هناك. بالطبع ثمة أيضاً وسائل لهذه المواجهة، [بما في ذلك] نظم المعلومات وأنظمة الخدمة التي تمت قبل سنوات بطريقة قانونية. قد أوصيت مراراً بإيجاد هذه الأنظمة وربطها ببعضها بعضاً، ما يمنح الحكومة إشرافاً كاملاً لتكون قادرة على منع الفساد، [ولكن هذا الأمر] لم يتم ولم يحدث فيه تقدم. ابذلوا الجهد لاستكمال هذه الأنظمة، بإذن الله. ستوفر هذه الأنظمة الذكاء التام للحكومة والأجهزة الحكومية حتى تتمكن من الإشراف على الأمور.

إنّ مسألة استعادة ثقة الناس وأملهم مهمة للغاية، لأن ثقة الناس أكبر ثروة للحكومة. عندما يثق بك الناس ويأملون، سيتوجهون إليك ويساعدونك. هذا أكبر رصيد للحكومة لتكون قادرة على كسب ثقة الشعب، وللأسف، قد تضرر هذا بعض الشيء ويجب ترميمه، وحلّه أن تكون أقوال المسؤولين وأفعالهم متطابقة. إذا ما قدمتم وعداً إلى الناس وأوفيتم به، فسيثق الناس بكم. [أما] إذا قدمتم وعداً ولم يتحقق أو قلتم إن ذاك العمل قد أُنجز دون أن يلمس النّاس شيئاً على أرض الواقع، فستخسرون ثقتهم. في الواقع عليكم أن تأخذوا هذا المعنى على محمل الجد.

السيد رئيسي، أمس في الأهواز، في خوزستان، قد قدمت بعض الوعود إلى الناس، وأعطيت بعض التعليمات، فلتتأكد من الوفاء بها بجدية حتى يرى الناس أن ما تريده وما تقوله قد تحقق بالفعل. هذه الأمور ضرورية. لأمير المؤمنين (عليه السلام) عبارة في هذا الصدد في عهده لمالك الأشتر: »إِيَّاكَ والْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ، أَوِ التَّزَيُّدَ فِي مَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ»؛ أولاً لا تمنّ على الناس، ونحن قد فعلنا هذا، وثانياً لا تبالغ بما فعلته، ونحن قد فعلنا هذا. يضخّم الإنسان الأعمال التي يفعلها. »أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ»[6]؛ يقول لمالك الأشتر إياك أن تفعل ذلك. وهذا مهم جداً. بالطبع، في بعض الأحيان، تقدمون وعوداً ولا تتمكنون من تحقيقها، أي تحدث حادثة طبيعية تحول دون ذلك. حسناً، لا ضير في ذلك؛ اشرح هذا للناس وقل إنني قطعت هذا الوعد وقد حدثت هذه المشكلة ولم أتمكن من الوفاء به، وألتمس المعذرة منكم. هذه واحدة من تلك الأشياء التي يجب التحدث عنها مع الناس، وهذا مصداق لتلك الملاحظة التي ذُكرت حول الشعبيّة، لكن عموماً ضعوا الوعود نصب أعينكم.
حدّدوا جدولاً زمنياً للوعود. قدّروا المدة التي سيستغرقها ذلك العمل الذي تقولون إنني سأفعله، وحددوا جدولاً زمنياً، وتابعوا بدقّة. لقد قلت مرات عدة في مجموعات حكومية إنه ليس لدينا نقص في القواعد والقوانين وأمثال ذلك، بل لدينا كثير من القوانين والهياكل والقواعد وكثير من الخطط والبرامج وأشياء من هذا القبيل، وما نفتقر إليه هو المتابعة الجادة. هذا أحد العناوين أيضاً.

إن انسجام الحكومة واقتدارها وإشرافها أمور مهمّة للغاية. الانسجام الحكومي يعني ألا يكون هناك كلام مختلف داخل الحكومة. أحدهم يقول شيئاً ما فيأتي الآخر ويقول العكس. حسناً، هذا يدمّر عقلية الناس والرأي العام تماماً. يجب أن تكون هناك حالة من الانسجام، وفي الممارسة أيضاً يجب أن تكون هناك حالة من الانسجام. ترتبط مهمات عدة لقسم واحد بأقسام أخرى. يرتبط قطاعك الزراعي جبراً بقطاعات أخرى. القطاعات الأخرى كذلك أيضاً. لذا، إن الانسجام أمر مطلوب لكي يتقدم العمل. الاقتدار مطلوب أيضاً. على الحكومة أن تظهر أنها تستطيع أن تفعل وتنفذ ما أرادت وما قرّرت، وألّا يكون هناك شعورٌ بحالة التسيب. إذا لم تظهروا اقتدار الحكومة من الناحية العملية وكانت هناك حالة من التسيّب في البلاد، فإن سياساتكم لن تمضي إلى الأمام، بالتأكيد. هذا مهم أيضاً. الإشراف يعني أن تكونوا على اطلاع على ما يجري في زوايا الحكومة. فعلى الحكومة أن تؤدي واجباتها باقتدار وانسجام وإشراف.

هذا بالطبع جزء من التحول في السلطة التنفيذية. من المهمات الضرورية، التي كانت في خطط السيد رئيسي وبعض السادة، إحداث تحوّل في السلطة التنفيذية. هذا التحول أمر مهم. وهو حاجة مستمرة، ويجب أن يكون محط الأنظار دائماً. بالطبع التحول نحو التقدم يعتمد على سيادة القانون، وتعزيز الشفافية، والانضباط المالي، ومعالجة أرضيات الفساد، ومنع تضارب المصالح، والجدية في تنفيذ القرارات والمقرّرات.

بالطبع التجديد مهم جداً أيضاً. من الأعمال المهمة في الحكومة تجديد شباب الحكومة. يمكنكم الاستفادة من الشباب النخبويين الذين هم كثر، بحمد الله، في أجهزة الحكومة والإدارة الوسطى قدر الإمكان. وهذا يزيل أيضاً الشعور بالانسداد في البلاد. عندما يرى الشباب أنه يمكنهم الدخول إلى ميدان العمل والتحرّك واتخاذ القرارات، لن يكون هناك شعورٌ بالانسداد في البلاد، كما أنكم توفرون ذخيرة قيّمة للمستقبل، إذ توفّرون مديرين على مستوى عالٍ ومجربين وذوي خبرة. هذا الشاب الذي يدخل مجال العمل اليوم سيكون بعد عشر سنوات مديراً مجرّباً ذا خبرة، وسيكون ذخيرة مهمة جداً للبلاد. هؤلاء المديرون الأكفاء سيكونون حقاً وإنصافاً إحدى الذخائر [القيّمة].

إحدى النقاط المهمة في مسألة التحوّل هي استخدام الحكمة الجماعية والاعتماد على العقلانية لاستخدامها. استفيدوا من النخب من خارج الحكومة. فحيثما تمكن الاستفادة من وجهة نظر النخبة - في هذه القضية، ضعوا مسألة التيارات السياسية جانباً على نحو تام -، استفيدوا من وجهة نظرهم قدر الإمكان. لا تنظروا إلى أنه ينتمي مثلاً إلى فريق سياسي يتوافق معكم أو يعارضكم. فلتتم الاستفادة منهم داخل الحكومة، وكذلك الاستفادة من رأي النخب.

هذه توصيات عامة. بالطبع، يجب وضع خطة عمل لها. إذا ما اكتفينا بهذا القدر الذي ذكرته، وأنتم احتفظتم به في ذهنكم أو دوّنتموه، فلا فائدة من ذلك. لا جدوى من أن يأخذ هذا الكلام جانب النصيحة فقط. يجب تحويله إلى خطة وبرنامج عمل، وعندما يصبح برنامجاً، من الطبيعي أن [يُؤتي ثماره].

هناك أولويات أيضاً في العمل من أجل البلاد، وأودّ أن أشير إلى أنّه لا بدّ من الالتفات إلى ترتيب هذه الأولويات وربما أهمها الاقتصاد، ثم الثقافة والإعلام والعلم التي هي الأولويات الرئيسية للبلاد. لكن لدينا مشكلة ملحّة هي وباء كورونا. إن لقضية الصحة الآن جانباً فورياً يحتاج إلى معالجة. بالطبع، في موضوع الصحة، تم بذل جهد جيد في الحكومة السابقة، ولقد فعلوا أشياء جيدة وتابعوها، وعملوا على إنتاج اللقاحات وكذلك استيراد اللقاحات. الآن هناك شائعات تتناقلها الألسن وغالباً ما تكون غير صحيحة ولا اعتبار لها في الغالب. تم أداء أعمال جيّدة وتجب متابعة هذه الأمور وتأكيدها. لا بدّ حتماً من العلاج والوقاية والرعاية والفحص. فحص المرضى المحتملين أمر مهم للغاية.

التلقيح العام أمر مهم للغاية ويجب أداؤه حتماً وكذلك الحجر الصحي الذكي. لقد سمعت أن بعض الدول الغربية التي تمكنت من السيطرة على عدد الضحايا وخسائرها باتت أقل من خسائرنا - عدد الإصابات أقل أيضاً - قد أغلقت الحدود بإحكام مع [الدولة] الجارة المتقدمة أيضاً حيث هناك كثير من العدوى، فبات لا يوجد أي إمكانية للتردد [بين البلدين]، أي يجرون المراقبة. حسناً، نحن يجب أن نكون حذرين للغاية بشأن مراقبة حدود البلاد، والحذر من دخول الأنواع الجديدة من الأمراض إلى البلاد - هذا المرض أو غيره من الأمراض - وهذا أمر مهم للغاية.

بالطبع للناس مسؤوليات أيضاً. لقد قلت هذا مرات عدة. على شعبنا العزيز أن يقبل ويتحمل هذه المسؤوليات الأربع المهمّة: الأولى مسألة الكمامة، والأخرى التباعد، والثالثة التهوية، والأخيرة تعقيم اليدين. هذه ليست مهمات صعبة، فكلها سهلة. [إذا] التزموا هذه الملاحظات، من المؤكد أنها ستؤثر في هذا الابتلاء ولن تحدث هذه الخسائر الفادحة التي تؤذي قلب الإنسان.

هناك بعض المطالب حول الاقتصاد والثقافة والفضاء المجازي والدبلوماسية وما شابه [لكن] لا يتسع المجال لمناقشتها في هذه الجلسة. لاحقاً، إن كان هناك فرصة ومتسع من العمر، فسنذكر بعض المطالب، إن شاء الله.

في ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية هناك مشكلات في البلاد الآن. التضخّم المرتفع هو إحدى المشكلات الأساسية، وهناك عجز في الميزانية، والدخل المنخفض للناس - إنها مشكلات مهمة - وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وهذا من الأشياء المُخجلة حقّاً، فهناك انخفاض في القوة الشرائية للناس، وهناك مشكلات في بيئة الأعمال. قد شددنا على كلّ هذا والمسؤولون الاقتصاديون أيضاً، أي الجميع قالوا وشددوا، ولكن هناك مشكلات في تحسين بيئة الأعمال وفي النظام المصرفي. هذه هي المشكلات الاقتصادية في البلاد وهناك مشكلات أخرى يجب التخطيط بصورة منفصلة لكل واحدة منها والعمل عليها. من المهم حل هذه المشكلات.

النقطة الأساسية هي أن رجالنا الاقتصاديين والمسؤولين الاقتصاديين لدينا في هذه الحكومة يجب أن يعملوا معاً وينسقوا لحل هذه المشكلات. ومن المصاديق المهمّة الانسجام الذي أشرنا إليه سابقاً هنا، أي توحيد وجهات النظر في هذه المجالات الاقتصادية والتنسيق في العمل. الآن إذ قال رئيس الجمهوريّة إن مسؤولية التنسيق تقع على عاتق النائب الأول للرئيس[7] فهذا أمرٌ مهمّ جداً، إنه مهمّ للغاية. يجب أن يكون هناك تنسيق في هذه المجالات الاقتصادية، وهذه المهمة ستتحقق على نحو جيّد، بإذن الله.
وإذا كان هناك أي اختلاف في وجهات النظر، فإنني أنصحكم بشدة، أيها السادة، بألا تثيروا الخلاف بين الناس، لأنه عندما ينعكس الاختلاف الاقتصادي في وجهات النظر بين الناس، سيكون له آثاره الحقيقية في البيئة الاقتصادية. فتلك المشكلات الوهمية ستصير حقيقية في أسواق العمل للناس وفي البيئة الاقتصادية لهم. إن كان هناك مشكلة أو خلاف، فليتم دلّه داخل الحكومة دون أن يعرضوه على الناس.

ملاحظة أخرى في مسألة الاقتصاد هي الالتفات إلى القطاعات الاقتصادية المحرّكة. بعض القطاعات الاقتصاديّة هي قطاعات محرّكة بالمعنى الحقيقي للكلمة. لنفترض الآن، على سبيل المثال، أن قطاع الإسكان - يقول الخبراء إنه إذا تحرّك، فسيؤدّي إلى تحرّك قطاعات عدّة - أو قطاع الصناعات المهمة مثل الصلب والسيارات والطاقة والبتروكيماويات وما إلى ذلك، عندما يتم العمل فيها، ستكون لها آثار تدفع نحو الأمام. يجب العمل على تحريك هذه القطاعات. وفي هذه المجالات، يُعدّ التنسيق بين المسؤولين أمراً مهمّاً للغاية.

نقطة أخرى مهمة في مشكلاتنا الاقتصادية هي السيطرة على النظام المصرفي بخصوص ضخ الأموال والسيولة. ما يقدمه إلينا الخبراء الاقتصاديون هو أن طباعة النقود يجب أن تتناسب مع الإنتاج. وفي حالة فقدان هذا التناسب، يجب إيقاف طباعة النقود ووقف إنتاج السيولة. هذا يعني أنه ينبغي لهم أن ينتبهوا بجدية إلى هذه القضية. إذا ما تمّ العمل بطريقة صحيحة في هذا الصدد، فسيكون لذلك نعمٌ كثيرة: منع التضخم، وزيادة الإنتاج، وتعزيز التوظيف، وتقوية العملة الوطنية، وما إلى ذلك. هذه إحدى النقاط المهمة التي أرى أنه يجب اعتمادها.

حسناً، هناك حديث آخر [أيضاً] في الاقتصاد. في رأيي هناك نقطتان مهمتان هنا. الأولى أنه في حل المشكلات الاقتصادية لا ينبغي البحث عن حلول مؤقتة ومسكّنات وما شابه، لأنها في بعض الأحيان تزيد المشكلة. المسكّنات والحلول المؤقتة تزيد هذه المشكلة أحياناً، ولحل هذه التحديات لا بد من حلول أساسية والبدء بالأمل بالله وبالتوكل عليه وبالعمل الصحيح والخطوات المحكمة، إن شاء الله. النقطة التالية هي ألا يتكّل حل هذه المشكلات على رفع الحظر. إن رفع الحظر ليس بيدنا أو أيديكم، وإنما في أيدي الآخرين. خططوا لحل المشكلات مع افتراض وجود الحظر، وخططوا حتى تستطيعوا أداء هذا العمل، بإذن الله. يجب أن تحل هذه المشكلات بجهودكم وتدبيركم، وبعملكم الجهادي، إن شاء الله، وسوف يتم حلها.

في ما يتعلق بالثقافة والإعلام، أعتقد أن البنية الثقافية للبلاد بحاجة إلى تجديد ثوري. لدينا مشكلة في البنية الثقافية للبلاد. وهناك حاجة إلى حركة ثورية. بالطبع، «الحركة الثورية» تعني [الحركة] بحكمة وعقلانيّة. فأن تكون «ثورياً» لا يعني أن تتحرك بلا هدف أو دراسة. الحركة يجب أن تكون ثورية وأساسية، وفي الوقت عينه أن تنطلق من الفكر والحكمة. الثقافة هي الأساس حقّاً. أخطاء كثيرة مما نرتكبها في مجالات مختلفة ترجع إلى الثقافة السائدة في أذهاننا. إذا كان لدينا الإسراف وتقليد أعمى ونمط عيش خطأ، فهذا بسبب المشكلات الثقافية. إن الثقافة التي تحكم الأذهان هي التي تخلق هذه المشكلات في الممارسة. غالباً ما يكون للتقليد في الحياة والرفاهية والحياة الأرستقراطية أصول وجذور ثقافية. في الحقيقة إن برمجيات هذه الأحداث هي الثقافة الرائجة في البلاد والأخطاء والانحرافات التي تسود بعض الأذهان.

يجب أن تزدهر الأدوات الثقافية من [قبيل] السينما والفن والوسائط المرئية والمسموعة وما شابه. الصحافة والكتب وأمثالها هي أدوات ثقافية ويجب أن تزدهر بالمعنى الحقيقي للكلمة. حسناً، اليوم، بحمد الله، هناك جيش عظيم من الشباب المهتمين بالقضايا الثقافية، وهم موجودون ويبذلون الجهود ويعملون.

إذا ما ساعدت الحكومات والإدارات الثقافية في الحكومة هذه المجموعات الشابة والمهتمة، فمن المؤكد أنه سيتم أداء أعمال عظيمة واتخاذ خطوات إبداعية. هناك المئات من المبادرات الإبداعية في هذا المجال لهؤلاء الشباب، ويرى أحياناً الإنسان الذي هو على تواصل مع الشباب أنّه يمكنهم فعل أعمال عظيمة، وباستطاعتهم ذلك. حسناً، يحتاجون إلى الإمكانات وهي تحت تصرّف الحكومة. يجب توفير الدعم الذكي. اكتشفوا المواهب وقوموا على دعمها وأمّنوا حرياتهم. بالطبع الحرية في إطار الدستور.

عليكم مواجهة ومحاربة الفساد الأخلاقي والفساد في مجال الثقافة بصراحة. هكذا تجب المواجهة حقّاً. الطريق الرئيسي لمواجهة الحرب الناعمة للعدو ومقابلتها هو دعم الحركة الصحيحة في مجال الثقافة وتشجيعها وتقديرها والوقوف ضد الحركات غير الصائبة. إنّ مجالي الإعلام والثقافة يمكنهما أن يكونا جامعة عظيمة من ناحية، ومن ناحية أخرى مقرّاً للصلاح والفساد، ومقرّاً للحق والباطل، وميدان حرب ثقافية مع أولئك الذين تُنتج ثقافتهم الفساد في العالم. لا بدّ من النظر من هاتين الزاويتين.

لا بدّ من التحدّث بكلمة مختصرة في مجال السياسة الخارجيّة أيضاً. طبعاً هناك كلامٌ كثير في السياسة الخارجيّة، وسوف يُصرّح به في الزمان والمكان المناسبين، إن شاء الله. عموماً السياسة الخارجيّة ذات أهميّة كبيرة، وهي مؤثّرة جدّاً في شؤون البلاد. لا بدّ من مضاعفة حركتنا وزيادتها في الساحة الدبلوماسيّة. يجب أن يُقوّى الجانب الاقتصاديّ للدبلوماسيّة؛ الدبلوماسيّة الاقتصاديّة أمرٌ بالغ الأهميّة. اليوم في عدد من البلدان التي تملك وزير خارجيّة أيضاً، يرى المرء رئيس الجمهوريّة يخوض على نحو خاصّ وبشخصه في الشؤون الاقتصاديّة مع مختلف البلدان أو مع البلد الفلانيّ المعيّن، ويتابع القضيّة. المعنى أن التواصل في المجال الاقتصاديّ مع مختلف الدّول مهمّ جدّاً. تنبغي تقوية الجانب الاقتصاديّ للدبلوماسيّة.

حسناً، التجارة الخارجيّة مهمّة جدّاً خاصّة مع الجيران. لدينا بين أربع عشرة دولة جارة أو خمس عشرة تُشكّل جموعاً هائلة وتُطلق سوقاً واسعاً، لكن لا ينبغي الاكتفاء بهؤلاء، فالتواصل مع سائر الدّول له الأهميّة نفسها أيضاً. هناك أكثر من مئتي دولة في العالم ونحن قرّرنا ألا نقيم العلاقات مع عدد محدود جدّاً منها، مع دولة أو اثنتين، وقد لا تتوفّر إمكانيّة لإقامة العلاقات مع بعض الدّول لكن هناك إمكانات لإقامة العلاقات الجيّدة والسّلسة مع غالبية هذه الدّول؛ الأمر يحتاج إلى بذل الجهود.

لا ينبغي جعل الدبلوماسيّة متأثّرة بالقضيّة النوويّة، أي لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النّحو: أن تكون دبلوماسيّة البلاد مرتبطة بالقضيّة النوويّة. لا! الملفّ النووي قضيّة منفصلة وينبغي أن يعملوا على حلّها بما يناسب ويليق بالبلد، لكنّ دائرة الدبلوماسيّة أوسع بكثير. في الملفّ النّووي، اجتاز الأمريكيّون بالفعل بوقاحتهم الحدود كلها. في الحقيقة، لقد اجتازوا بوقاحتهم الحدود كافّة: انسحبوا من الاتّفاق النّووي على مرأى من الجميع، ويتحدّثون الآن بأسلوب يوحي أنّ إيران هي المنسحبة من الاتّفاق، ويطالبون كأنّنا من نكثنا الالتزامات! لم تصدر أيّ خطوة من إيران مقابل خطوة الأمريكيّين لمدة طويلة، ثمّ بعد انقضاء وقت معيّن، تمّ التخلّي عن بعض الالتزامات مع إعلان ذلك ولفت الأنظار. بعضها وليس كلّها، وهم الذين لم يؤدّوا التزاماتهم.
هذه هي حال الدّول الأوروبيّة الحليفة لأمريكا أيضاً. هم أيضاً ليسوا أقلّ من أمريكا من ناحية نكث العهود وسوء التعامل. هم مثل أمريكا لكنّهم أصحاب مطالب من حيث التلاعب بالكلام وإطلاق التصريحات. هم دائماً أصحاب مطالب. كأنّنا نحن من هزئنا بأوقات طويلة من التّفاوض ودُسنا بأقدامنا على التزاماتنا ولم نعمل بها! هم من فعلوا ذلك. والحكومة الأمريكيّة الحاليّة لا تختلف بتاتاً عن السّابقة، أي ما يطالبون به إيران اليوم في ما يتّصل بالقضايا النوويّة هو الشيء نفسه الذي كان يطالب به ترامب. في ذلك اليوم، كان كبار المسؤولين الحكوميّين يقولون إنه لا يمكن قبول ذلك وليس الأمر منطقيّاً وأمثال هذه الأمور. هم يطالبون اليوم بالأمور عينها. لم تختلف أبداً. ذاك كان يتحدّث بلهجة معيّنة، وهؤلاء يتحدّثون بلهجة مغايرة. لا بدّ من الالتفات إلى هذه الأمور.

للحقّ والإنصاف أمريكا ذئبٌ مفترس في الكواليس الدبلوماسيّة. ظاهرها دبلوماسيّة وابتسامات وإطلاق تصريحات واتّخاذ منحى الحقّ في الكلام أحياناً لكنّ باطن الأمر ذئب، ذئب متوحّش ومفترسٌ يراه المرء في كثير من بقاع العالم. طبعاً، في بعض الأحيان، تكون ذئباً، وفي أحيانٍ أخرى، ثعلباً مخادعاً. إنها تتّخذ أشكالاً متنوّعة. أحد مظاهرها أوضاع أفغانستان اليوم. أفغانستان دولة شقيقة لنا؛ لدينا اللغة نفسها والدين، ومن الناحية الثقافيّة لدينا الثّقافة نفسها. إنّ مشكلات أفغانستان ومصائبها تؤلم الإنسان بشدّة. هذه الأحداث التي تتوالى في الوقوع، حادثة يوم الخميس[8]، هذا القتل، هذه المشكلات، هذه الصّعوبات التي يعاني منها هؤلاء، كلّ هذه الأمور من صُنع أمريكا. جاؤوا واحتلّوا أفغانستان عشرين سنة، وخلال هذه السنوات العشرين مارسوا مختلف أنواع الظّلم بحقّ الأفغان: قصفوا مآتمهم وأعراسهم، قتلوا شبابهم، ألقوا كثيرين منهم في مختلف السّجون دون مبرّر، ضاعفوا إنتاج المخدّرات عشرات المرّات في أفغانستان... مارسوا هذه الأعمال، ولم يخطوا خطوة واحدة في سبيل تقدّم أفغانستان. فأفغانستان اليوم إن لم تكن متخلّفة من ناحية التقدّم المدنيّ والتطوّر العمراني وأمثال هذه الأمور عن تلك المرحلة، فهي ليست أكثر تقدّماً، أي لم يفعلوا أيّ شيء. والآن هم يغادرون بهذا الأسلوب الفاضح. الأوضاع في مطار كابول، تجمّع النّاس، وهذه المشكلة... أولئك الذين يأخذون الأفغان -من كانوا يتعاونون معهم طوال هذه الأعوام الطويلة- ويريدون إخراجهم من أفغانستان... تتوفّر تقارير تُفيد بأنّ الأوضاع في المكان الذي يأخذونهم إليه أسوأ من أفغانستان. هناك مشكلات عدة في تلك المراكز التي يُسكنونهم فيها. هذه هي حال أمريكا.

على أيّ حال، في ما يخصّ أفغانستان، نحن إلى جانب الشّعب الأفغاني. الحكومات تأتي وتغادر. مختلف أنواع الحكومات تعاقبت على الحكم في أفغانستان خلال هذه الأعوام. الحكومات تأتي وتغادر، ومن يبقى هو شعب أفغانستان. نحن إلى جانب الشعب. طبيعة علاقتنا بالحكومات أيضاً تعتمد على طبيعة علاقتهم بنا. ونحن نأمل أن يُقدّر الله -تعالى- الخير للشعب الأفغانيّ، إن شاء الله، وأن يُنقذهم من هذه الأوضاع، ويجعل أوضاعهم في أحسن حال، ويشملهم وإيّانا بفضله، إن شاء الله.
نسأل الله التوفيق للشعب الإيراني، وأن يحلّ المشكلات، وندعو لكم، أنتم أيها المسؤولون الموقرون في الحكومة الجديدة، أن تنالوا التوفيق في الأعمال التي بدأتم بها، وأن تتغلبوا على المشكلات وتكونوا قادرين على فعل ما قلتم، بإذن الله، وتخلصوا الناس من مشكلاتهم، وأن يرضوا عنكم، إن شاء الله. رضا الناس، إن شاء الله، يتبعه رضا الله، تعالى. النيات الخالصة ونيّة الخدمة والنية الإلهية ستساعدكم، إن شاء الله. رحم الله شهداءنا الأعزاء، ورحم الله إمامنا [الخميني] العظيم، ورحم الله جميع عباده الذين بذلوا جهودهم في طريق الحقّ ومن أجل الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] في بداية هذا اللقاء الذي أُقيم بمناسبة أسبوع الحكومة وبداية تشكيل الحكومة الثالثة عشرة، ألقى كلمةً حجّةُ الإسلام والمسلمين السيّد إبراهيم رئيسي (رئيس الجمهوريّة).
[2] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، الرسالة 53، ص441-442.
[3] سورة الحديد، الآية 25.
[4] المقصود من الدعم الخفي هو الدعم الذي يشمل بعض الاحتياجات الأساسيّة كالطاقة والمياه والغاز، وذلك لتمييزه عن الدعم المباشر الذي تضعه الحكومة شهرياً في حساب كل مواطن إيراني.
[5] 1399 هجري شمسي، من 20/3/2020 إلى 20/3/2021م.
[6] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، الرسالة 53، ص444.
[7] الدكتور محمد مخبر.
[8] إشارة إلى الهجوم الانتحاري في أطراف مطار كابول الخاضع لرقابة القوات الأمريكية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 160 شخصاً وجرح عدد أكبر من ذلك.

قراءة 1137 مرة