ملك الموت

قيم هذا المقال
(4 صوت)
ملك الموت

آيات قرآنية:
1 ـ ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَ﴾([1]).
الله تعالى يسترجع الروح حين موت الأبدان، والآية نسبت التوفي إلى الله، لأن الملائكة يعملون بأمره.

2 ـ ﴿قُـلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَـوْتِ الَّذِي وُكِّـلَ بِكُـمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُـمْ تُرْجَعُون﴾([2]).
الموت حقٌ لا محيد عنه.. وقد أوكل اللهُ تعالى لملك الموت قبض الأرواح، الذي لا يفوته منها شيء.

3 ـ ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾([3]).
إنّ الذين ظلموا أنفسهم من أهل الكفر والشرك، لا يملكون إلا أن يخضعوا وينقادوا لملائكة الموت التي تقبض أرواحهم.

4 ـ ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِين﴾([4]).
عن الصادق «عليه السلام»: إنّ اللهَ تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح([5]).

5 ـ ﴿حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾([6]).
إنّ فعل الملائكة ورسل الموت هو فعل الله، لأنهم بأمره يعملون.
 
روايات معتـبرة ســـنداً:    
1 ـ روى الشيخ الصدوق عن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، عن عَبْد اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ «عليه السلام» قَالَ:
إِنَّ اللهَ تَعَالَى عَرَضَ عَلَى آدَمَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وأَعْمَارَهُمْ، قَالَ: فَمَرَّ آدَمُ بِاسْمِ دَاوُدَ النَّبِيِّ، فَإِذَا عُمُرُهُ فِي الْعَالَمِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَقَالَ آدَمُ «عليه السلام»: يَا رَبِّ، مَا أَقَلَّ عُمُرَ دَاوُدَ، وَمَا أَكْثَرَ عُمُرِي، يَا رَبِّ إِنْ أَنَا زِدْتُ دَاوُدَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً أَثْبَتَّ ذَلِكَ لَهُ؟
قَالَ: يَا آدَمُ نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنِّي قَدْ زِدْتُهُ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَأَنْفِذْ ذَلِكَ لَهُ، وأَثْبِتْهَا لَهُ عِنْدَكَ، واطْرَحْهَا مِنْ عُمُرِي.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ «عليه السلام»: فَأَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى لِدَاوُدَ فِي عُمُرِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللهِ مُثْبَتَةً، فَلِذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:‏ ﴿يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ﴾.
قَالَ: فَمَحَا اللهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مُثْبَتاً لِآدَمَ، وأَثْبَتَ لِدَاوُدَ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مُثْبَتاً.
قَالَ: فَمَضَى عُمُرُ آدَمَ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً.
فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا آدَمُ، أَلَمْ تَجْعَلْهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ النَّبِيِّ وطَرَحْتَهَا مِنْ عُمُرِكَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْكَ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، وعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَارُهُم‏([7]).

2 ـ روى الشيخ الصدوق، عن أبيه، عن سَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» وأَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَالَ:
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا قَضَى مَنَاسِكَهُ رَجَعَ إِلَى الشَّامِ فَهَلَكَ، وكَانَ سَبَبُ هَلَاكِهِ: أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاهُ لِيَقْبِضَهُ، فَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْتَ، فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ، فَقَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَرِهَ الْمَوْتَ.
فَقَالَ: دَعْ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَعْبُدَنِي.
قَالَ: حَتَّى رَأَى إِبْرَاهِيمُ شَيْخاً كَبِيراً يَأْكُلُ ويَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَأْكُلُهُ، فَكَرِهَ الْحَيَاةَ، وأَحَبَّ الْمَوْتَ، فَبَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَتَى دَارَهُ، فَإِذَا فِيهَا أَحْسَنُ صُورَةٍ مَا رَآهَا قَطُّ.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَنِ الَّذِي يَكْرَهُ قُرْبَكَ، وزِيَارَتَكَ، وأَنْتَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ؟
فَقَالَ: يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً بَعَثَنِي إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَة([8]).

3 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» قَالَ:
أَمَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْجِنَّ، فَصَنَعُوا لَهُ قُبَّةً مِنْ قَوَارِيرَ، فَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ فِي الْقُبَّةِ يَنْظُرُ إِلَى الْجِنِّ كَيْفَ يَعْمَلُونَ وهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ إِذْ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ، فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ فِي الْقُبَّةِ.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا الَّذِي لَا أَقْبَلُ الرِّشَا، ولَا أَهَابُ الْمُلُوكَ، أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَبَضَهُ وهُوَ قَائِمٌ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصَاهُ فِي الْقُبة([9]).

4 ـ روى الشيخ الكليني عن علِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ الله «عليه السلام»: مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَعْرٍ ولَا وَبَرٍ إِلَّا ومَلَكُ الْمَوْتِ يَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ([10]).

5 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا حَضَرَه الْمَوْتُ أَوْثَقَه مَلَكُ الْمَوْتِ، ولَوْلَا ذَلِكَ مَا اسْتَقَرّ([11]).

6 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِدْرِيسَ الْقُمِّيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» يَقُولُ:‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَأْمُرُ مَلَكَ الْمَوْتِ، فَيَرُدُّ نَفْس‏ الْمُؤْمِنِ لِيُهَوِّنَ عَلَيْهِ، ويُخْرِجَهَا مِنْ أَحْسَنِ وَجْهِهَا، فَيَقُولُ النَّاسُ: لَقَدْ شُدِّدَ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتُ، وذَلِكَ تَهْوِينٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ عَلَيْهِ.
وقَالَ: يُصْرَفُ عَنْهُ‏ إِذَا كَانَ مِمَّنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ، أَوْ مِمَّنْ أَبْغَضَ اللهُ أَمْرَهُ: أَنْ يَجْذِبَ الْجَذْبَةَ الَّتِي بَلَغَتْكُمْ بِمِثْلِ السَّفُّودِ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَقُولُ النَّاسُ: لَقَدْ هَوَّنَ اللهُ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتَ([12]).

7 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَال‏: ِ
إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَعَادَهُ النَّبِيُّ «صلى الله عليه وآله»ـ فَإِذَا هُوَ يَصِيحُ، فَقَالَ النَّبِيُّ «صلى الله عليه وآله»: أَجَزَعاً أَمْ وَجَعا؟ً
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا وَجِعْتُ وَجَعاً قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ.
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ لِقَبْضِ رُوحِ الْكَافِرِ نَزَلَ مَعَهُ سَفُّودٌ مِنْ نَارٍ، فَيَنْزِعُ رُوحَهُ بِهِ، فَتَصِيحُ جَهَنَّم‏([13]).

8 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» قَالَ:
حَضَرَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله» رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وكَانَتْ لَه حَالَةٌ حَسَنَةٌ عِنْدَ رَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، فَحَضَرَه عِنْدَ مَوْتِه، فَنَظَرَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِه، فَقَالَ لَه رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»: ارْفُقْ بِصَاحِبِي...
فَقَالَ لَه مَلَكُ:. ..ولَوْ أَنِّي يَا مُحَمَّدُ أَرَدْتُ قَبْضَ نَفْسِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ عَلَى قَبْضِهَا حَتَّى يَكُونَ الله عَزَّ وجَلَّ هُوَ الآمِرَ بِقَبْضِهَا([14]).
 
هذه عقيدتنا في ملك الموت:     
وكّل الله «عزّ وجلّ» ملك الموت لقبض أرواح العالمين، وجعل له أعواناً من الملائكة لا يتعبون ولا يكلّون ولا يملّون.
وإنه ليرفق بالمؤمنين، ويخفّف عنهم عند قبض أرواحهم، فيحضر لقبض روح المؤمن بأحسن صورة، ورائحة طيّبة زكيّة، ويسلّم عليه ويبشّره بالجنّة، ويكون به أبرّ وأشفق من والد رحيم، فتخرج الروح شوقاً.
ويحضر لقبض روح الكافر والفاجر بصورة سيئة مخيفة، ورائحة نتنة، وينزع الروح بسفود من نار.
فصورة ملك الموت تعكس ما يتناسب مع إيمان وأعمال الإنسان.
وما يتوفى ملكُ الموت وأعوانه، إنما هو بإذن الله ومشيئته.
الأرض بين يديه كالقصعة، يطالها حيث يشاء. فيدخل دون استئذان، وحين يتوفى الأنفس تجيبه بإذن الله.
 
سماحة الشيخ نبيل قاووق

([1]) الآية42 من سورة الزمر.
([2]) الآية 11 من سورة السجدة.
([3]) الآية 27 من سورة النحل.
([4]) الآية 32 من سورة النحل.
([5]) من لا يحضره الفقيه ج1 ص136
([6]) الآية 61 من سورة الأنعام
([7]) علل الشرائع، ج2 ص553. والبرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ج3 ص265و266.
([8]) علل الشرائع، ج1 ص38. وبحار الأنوار، ج12 ص79.
([9]) علل الشرائع، ج1 ص74.
([10]) الكافي، ج3 ص256.
([11]) الكافي، ج3 ص250.
([12]) الكافي، ج3 ص135، وبحار الأنوار، ج6 ص166.
([13]) الكافي، ج3 ص253. وبحار الأنوار، ج6 ص170.
([14]) الكافي، ج3 ص136. والبرهان في تفسير القرآن، السيد هشام البحراني، ج4 ص390.

قراءة 2802 مرة