القمار

قيم هذا المقال
(0 صوت)
القمار

يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾1.

﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾2.

رسم الإسلام منهجاً للإنسان في معيشته هو منهج العمل والكسب الحلال، فحثّ على التجارة والعمل حتّى ورد أن النبي (صلى الله عليه وآله) قبّل يد عامل، معتبراً أنّها يدٌ يحبّها الله.

وحاولت الشريعة الحنيفة أن تبعد الإنسان عن الكسب الذي يعتقده أيسر إلا أنّ فيه شائبة السلبيات والمخاطرة، ومن هذا الكسب السلبي القمار الذي أطلق عليه أسم ميسر من اليسر، لأنه يأخذه دون جهد مع ما فيه من مخاطر وضّحها الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾3.
 
المقامر بين الربح والخسارة
وإذا ربح المقامر فسينجر نحو الفساد وارتياد الملاهي، ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ﴾4؛ لأن كسبه من غير جهد يدفعه نحو ذلك، والمثل يقول: "ما جاءت به الريح، تذهب به الريح".

فمن لا يشعر بتعب المال لا يبالي به أين يذهب .

وإذا خسر المقامر فإنه سيحقد على الرابح الذي أخذ منه ماله بيسر، وقد لا يتوانى عن أيّ عمل ينطلق من الحقد ولو كان جريمة كما يحصل في أحيان كثيرة.

في الولايات المتحدة الأميركية تقرير أنّه كل ثانية تحدث جريمة عنف، وأنّ 30 % من الجرائم المرتكبة هي بسبب القمار.
 
ما هو القمار المحرّم؟
الإمام الهادي (عليه السلام) يجيب: "كل ما قومر به فهو الميسر"5.

وقيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): "ما الميسر، فقال(صلى الله عليه وآله): " كل ما تقومر به، حتى الكعاب والجوز"6.

قال أحدهم للإمام الصادق (عليه السلام): "الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون؟ فقال(عليه السلام): لا تأكل منه فإنه حرام"7.
 
القمار وأسوار الحرمة
في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) بعد أن عدّد أنواع ادوات القمار: "وكل هذا بيعه وشراؤه، والانتفاع بشيء من هذا حرام..."8.
 
كما أفتى مشهور الفقهاء بحرمة التسلية بأدوات القمار كورق الشدّة حتى الكمبيوتر كما أفتّى بذلك بعض الفقهاء، والحكمة من ذلك أن الإسلام وضع أسواراً محرّمة أمام المحرّم الأشدّ، كما حرّم النظر بشهوة، ولمس الأجنبية، والخلوة كأسوار حرام أمام المحرّم الأشدّ وهو الزنا.

فلو كانت هذه الأسوار مباحة، فاقتحم النظرة والخلوة واللمسة على أساس الحلية، فسيكون حاله بعد ذلك كحال من وصفه الشاعر بقوله:
ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له    إياك إياك أن تبتل بالماء9.

وهكذا حال من يلعب بأدوات القمار عن تسلية، فإن انشداده إلى ذلك قد يشدّه نحو القمار.

فضلاً عن أنّ ذلك يصدّه عن سبب سعادته المتحقّق بذكر الله والذي به تطمئن القلوب ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾10 وهذا ما ألفت إليه القرآن الكريم بقوله: ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ﴾11 .

لقد أراد الإسلام للإنسان أن لا يترك نفسه لساحة لهوٍ تُفسد حياته وتحول بينه وبين التركيز على الأولويات في هذه الحياة : ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً﴾12. سواء على مستوى تزكيّة النفس أو الاهتمام بقضايا المجتمع والأمّة.
 
 سماحة الشيخ د. أكرم بركات

1- البقرة 219.
2- المائدة، 90.
3- المائدة، 91.
4- المائدة، 91.
5- الحر العاملي، وسائل الشيعة، 7 17، ص 326.
6- الحلي، تذكرة الفقهاء،ج12، ص 141.
7- روح الله، الخميني، المكاسب المحرّمة، ج2، ص 15.
8- المنتظري، المكاسب المحرّمة، ج2، ص 187.
9- المظفر، محمد رضا، عقائد الإمامية، ص 23.
10- الرعد، 28.
11- المائدة، 91.
 12- الملك،2.

قراءة 1460 مرة