قال تعالى : {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [الصافات : 130 ، 131]
المفسّرون والمؤرخون أبدوا وجهات نظر مختلفة بشأن (الياسين) منها :
أ ـ ذهب البعض إلى أنّ إلياس والياسين هما لغتان ، كما هو شائع بالنسبة لـ (ميكال) و (ميكائيل) إذ أنّهما لغتان في اسم واحد لأحد الملائكة ، ولـ (سيناء) و (سينين) حيث تطلقان على مساحة من الأرض تقع بين مصر وفلسطين ، و (إلياس) و (الياسين) هي أيضاً لغتان في اسم واحد لهذا النّبي الكبير (1)
ب ـ البعض الآخر يعتبرها جمعاً ، وبهذا الشكل (إلياس) اُضيفت إليها (ياء) فأصبحت (الياسي) ، وبعد ذلك جمعت بإضافة الياء والنون إليها فأصبحت (الياسيين) وبعد تخفيفها غدت (الياسين) ، وطبقاً لهذا يفهم منها أنّها تخصّ كلّ الذين أطاعوا الياس والتزموا بنهجه (2)
ج ـ (آلياسين) بالألف الممدودة ، مركّبة من كلمتي (آل) و (ياسين) وقيل أنّ ياسين هو اسم والد (الياس) ، ووفق رواية اُخرى فإنّه أحد أسماء نبيّنا الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبهذا فإنّ كلمة (آل ياسين) تعني عائلة نبي الإسلام أو عائلة ياسين والد الياس .
الدلائل الواضحة الموجودة في القرآن تؤيّد المعنى الأوّل ، والذي يقول : إنّ المقصود من (الياسين) هو (الياس) لأنّ الآية التي تلي هذه الآية المباركة (سلام على إل ياسين) بآية تقول : (إنّه من عبادنا المؤمنين) وعودة الضمير المفرد على (الياسين) دليل على أنّه شخص واحد لا أكثر ، وهو إلياس .
وهناك دليل آخر ، هو أنّ الآيات الأربعة الأخيرة التي وردت في نهاية قصّة إلياس ، هي نفس الآيات التي وردت في نهاية قصص نوح وإبراهيم وموسى وهارون ، وعندما نضع هذه الآيات الواحدة إلى جنب الاُخرى نرى أنّ سلام الله في تلك الآيات مرسل إلى الأنبياء الذين تتطرّق إليهم الآيات المباركة ، (سلام على نوح في العالمين ـ سلام على إبراهيم ـ سلام على موسى وهارون)
وطبقاً لذلك فإنّ (سلام على إل ياسين) تعني السلام على إلياس .
والنقطة التي ينبغي الإلتفات إليها ، أنّ الكثير من التفاسير أوردت حديثاً بسند عن ابن عبّاس يصرّح بأنّ المراد من (آل ياسين) هم آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنّ أحد أسماء نبيّنا هو ياسين.
روى الشيخ الصدوق في كتابه (معاني الأخبار) في باب تفسير (آل ياسين) خمسة أحاديث بهذا الشأن ، كلّها لا تنتهي من حيث السند إلى أهل البيت (عليهم السلام) سوى واحد ، والراوي لهذا الحديث شخص يدعى (كادح) أو (قادح) (3) وهو مجهول ولا توجد ترجمته في كتب الرجال.
وعلى فرض ـ وفقاً لهذه الأخبار ـ أنّ الآية الآنفة تقرأ بصورة (سلام على آل ياسين) وبغضّ النظر عن عدم تناسب الآيات ، ورأينا أنّ إسناد هذه الرّوايات أيضاً قابلة للنقاش ، فمن الأفضل أن نتجنّب القضاء بخصوص هذه الرّوايات ونترك الحكم عليها لأهلها.
المصادر:
- البيان في غريب اعراب القران ، ج2 ، ص308
- المصدر السابق
- معاني الاخبار ، ص122
المصدر : الكوثر