ضرورة العمل وذمّ التّكاسل

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ضرورة العمل وذمّ التّكاسل

نستلهم من ثقافتنا الدينيّة أنّ النشاط والعمل ضرورةٌ من ضرورات الحياة التي لا يمكن التخلّي عنها بوجهٍ، فالمجتمع الذي يسوده الكسل، وتنتشر فيه البطالة، سوف تتزلزل أركانه. كما نستوحي منها ضرورة اشتراك جميع أبناء المجتمع في الجهد الإنتاجي بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، وكذلك وجوب تحمُّلهم مسؤولية ما فرضته عليهم الشّريعة العادلة من تكاليف([1]) . لذلك، فإنّ الكسل، والبطالة، والحياة الاتّكاليّة، هي أُمورٌ ذمّتها تعاليمنا الدينيّة، وقبّحتها أشدَّ تقبيحٍ، بل لُعِن مَن يتّكل على الآخرين، حيث قال الإمام موسى الكاظم عليه السلام: "إنّ اللهَ لَيُبغِضُ العبدَ النَّوّامَ، وإنّ اللهَ لَيُبغِضُ العبدَ الفارِغَ"([2]) .

 

وكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَلعونٌ مَلعونٌ مَن ألقَى كَلَّهُ عَلى النّاسِ"([3]) .

 

ولو تصفّحنا التاريخ لوجدنا أنّ أنبياء الله تعالى عليهم السلام وأولياءه الصالحين عليهم السلام كانوا مثالاً يُحتذى وأُسوةً صالحةً، للعمل الحثيث، وتأمين متطلّبات الحياة بعرق الجبين، فقد أعاروا العمل أهمّيّةً بالغةً، وعدّوا ثوابه أعظم من ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى، إذ أشار الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إلى هذا الأمر بقوله: "الذي يَطلُبُ مِن فَضلِ اللهِ ما يَكُفُّ بهِ عيالَهُ، أعظَمُ أجراً مِن المجاهدِ في سبيلِ اللهِ"([4]) .

 

إذن، الروايات ذات الصّلة بهذا الموضوع([5]) تؤكّد جميعها على أنّ العمل الحثيث خصلةٌ من خصال أنبياء الله تعالى وأوليائه الصالحين عليهم السلام، إذ أنّهم يعدّونه عبادةً، كما أنّهم ذمّوا البطالة والتكاسل بشدّةٍ.

 

وبالطبع، علينا أن نتّخذ الروايات الكثيرة التي تحفّز على العمل الحثيث، منهجاً نتّبعه في اختيار نوع العمل الذي يناسبنا، اقتداءً بأنبياء الله تعالى وأوليائه الصالحين عليهم السلام الذين كانت لهم نشاطاتٌ على جميع المستويات، مثل: التجارة، والمضاربة، والزراعة، وتربية الماشية، والسقاية، وما إلى ذلك من أعمالٍ كريمةٍ شجّعوا العباد على مزاولتها([6]) .

 

فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

([1]) السبحاني، جعفر: الخطوط الأساسيّة للاقتصاد الإسلامي(سيماى اقتصاد إسلامى)، ط1، لام، منشورات مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام للأبحاث والتعليم، 1378هـ.ش، ص40.

([2]) ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين(الصدوق): من لا يحضره الفقيه، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط2، قم المقدّسة، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1404 هـ.ق، ج3، كتاب المعيشة، كسب الحجام وكاهته، ح3635.

([3]) الكليني، الكافي، م.س، ج4، أبواب الصدقة، باب كفاية العيال...، ح9، ص12.

([4]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب من كدّ على عياله، ح2، ص88.

([5]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمّة عليهم السلام، ص73-77.

([6]) م.ن.

المصدر:شبكه المعارف الاسلاميه

قراءة 864 مرة