لقد كان للظلم الذي مارسه الروم على رعاياهم ,والتنكيل الوحشي الطائفي، الذي كان يتم تحت ستار الدفاع عن الدين والمسيح، وخصوصاً ذلك الذي مورس ضد النساطرة واليعاقبة , دور فعال في هزيمة الروم أمام المسلمين، إذ تبين من مجريات الأمور، أن الشعب كان ينتظر من يتقدم لإنقاذه من هذا الظلم والجور، حتى يمد له يد التعاون ,ويقدم الدعم والمساعدة.
ولكن الفضل الأكبر، والدور الأهم في انتصار المسلمين على الروم،يبقى للأيمان الروحي العظيم,والمعنويات العالية التي كان يتمتع بها القاند، والمقاتل المسلم.
وما يهمنا من الأمر، ليس الإنتصار العسكري الذي حققه العرب بحد ذاته, وإنما الممارسة الخلقية , والمسلكية الحضارية العالية، التي اختطهما المسلمون لأنفسهم، بعد انتصارهم، وصاروا عليهما، فعاملوا عدوهم المغلوب ضمن ضوابطهما ونهجهما , ونستطيع القول بثقة: أن انتصار المسلمين الحقيقي الكبير، انما كان بعد الصراع, بعد المعركة العسكرية من خلال التزامهم الرائع بالقواعد الخلقية , والمناقب النبيلة، والنهج القويم، الذي ميزهم عن كل فاتح مننتصرآخر.
كان انتصارهم العظيم بتطبيق سياسة العقل,والحكمة, والتسامح تجاه. سكان البلاد التي افتتحوها، فلم بضع بريق الإنتصار صوابهم، ولا أفقدتهم نشوة النجاح بصيرتهم، فتركوا للتاريخ والأجيال مبادىء وقيماً عاملوا الناس على أساسها وهي:
1- احترام حرية الآخرين في القول، والتعبد، و العمل،أياً كان دينهم ومعتقدهم، شرط عدم المساس بالخير والمصلحة العامين.
2- مساواة الناس جميعاً بالحقوق والواجبات امام القانون والعدل الاسلاميين.
3- منع الاضطهاد، و التنكيل، و الإرهاب، بكافة اشكالها بحق اي مواطن، بغض النظر عن انتمائه الديني.
4- البعد عن تطبيق سياسة الغالب و المغلوب بين المواطنين، في كافة الوجوه و المجالات.
5- تمكين العديد من اهل الكتاب، من العمل في وظائف الدولة الإسلامية، وفي مرا كز حساسة كل حسب كفاءته واختصاصه.
6- اتباع سياسة إلاعمار والاصلاح- لا النهب والسرقة- للبلاد التي فتحوها، مما مكنها من ان تنعم بالازدهار و العمران, للذين لم تعهدهما من قبل.