وصية الله عز وجل لنا بالقسط والعدل

قيم هذا المقال
(0 صوت)
وصية الله عز وجل لنا بالقسط والعدل

﴿وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّی يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبی‌ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾([1])

إشارات:
‏- الله تعالی ينجز أعماله علی أفضل وجه: «أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»([2])، «أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ»([3])، «نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ»([4])...إلخ، وهو عزّ جلّ يطلب منّا أن نکون کذلک وننجز أعمالنا علی أحسن صورة، «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً»([5]) سواء في السلوکيات والنشاطات الاقتصادية، «إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»([6])، أو في التخاطب مع المناوئين «وجَادِلْهُمْ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ»([7])، أو القبول بکلام الآخرين «يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»([8])، أو دفع شرور الناس من خلال تقديم الجواب الأفضل والأنسب «ادْفَعْ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ»([9])، ونلاحظ استخدام لفظة "أحسن" في جميع هذه الآيات الکريمة.

- لقد ذاق قوم النبي شعيب عليه السلام عذاباً شديداً بسبب تطفيفهم، وقد ورد النهي عن التطفيف في القرآن الکريم ثلاث مرات.

- کلمة "كيل" تأتي في صيغتي الاسم والفعل، (کيل الطعام)، و(کلتُ له الطعام). يمکن أن يکون متعلّق "قسط" هو "اوفوا" أي بمعنی أعطوا الکيل حقّه، أو يتعلّق بالکيل والميزان، أي أن يکون الميزان سليماً لا يبخس الوزن. طبعاً، النتيجة واحدة في کلتا الحالتين.

التعاليم:
‏١- حذار أن نقرب مال اليتيم فليس هناک من يدافع عنه، کما أنّ ماله عبارة عن منزلق، «ولَا تَقْرَبُوا».
‏٢- من أجل المحافظة علی حقوق اليتيم يجب اختيار أفضل السبل لتنمية أمواله، «بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»؛ لا ينبغي لأحد أن يقرب مال اليتيم إلّا من امتلک الجدارة الاقتصادية والتقوی اللازمة، «ولَا تَقْرَبُوا ... إِلَّا».
‏٣- يجب رفع الوصاية عن اليتيم عندما يبلغ مرحلة الرشد ويکتسب الخبرة اللازمة، «حَتَّی يَبْلُغَ أَشُدَّهُ».
‏٤- يجب أن يبتني النظام الاقتصادي للمجتمع المسلم علی القسط والعدل، «بِالْقِسْطِ».
‏٥- إذا لم يتيسّر تطبيق العدالة في حدّها الأعلی، فلا نترک الحدّ الأدنی والعمل بالممکن، «لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».
‏٦- لا يوجد في التعاليم والأوامر والنواهي الإلهية ما يفوق وسع الإنسان وطاقته، «لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».
‏٧- لا تکليف دون تمکين، «لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».
‏٨- العدالة هي الأساس، إن في السلوک أو في القول، «وأَوْفُوا الْكَيْلَ... قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا»، لا بدّ من مراعاة العدالة في الشهادة أو الوصية أو القضاء أو صدور الأحکام أو النقد أو المدح.
‏٩- يجب الوفاء بالعهود الإلهية بما في ذلک أوامر العقل والوحي والضمير والفطرة، تشمل عبارة «وبِعَهْدِ اللهِ» عهود الله تعالی مع الإنسان، أو العهود التي يقطعها الإنسان مع ربّه، «وبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا».
‏١٠- حذار من تغليب علاقة القربی علی ضوابط الحقّ والعدل، «فَاعْدِلُوا ولَوكَانَ ذَا قُرْبی».

‏ تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي

([1]) الأنعام: 152
([2]) سورة المؤمنون، الآية ١٤.
([3]) سورة التين، الآية ٤.
([4]) سورة الزمر، الآية ٢٣.
([5]) سورة هود، الآية ٧.
([6]) سورة الأنعام، الآية ١٥٢.
([7]) سورة النحل، الآية ١٢٥.
([8]) سورة الزمر، الآية ١٨.
([9]) سورة المؤمنون، الآية ٩٦.

 

قراءة 850 مرة