﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ * فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ﴾([1]).
إشارات:
- "القَرية" هنا تعني موضع اجتماع الناس أو أيّة منطقة آهلة، مدينة کانت أو رستاقاً.
- "بيات" عند الليل، و"قائلون" من "القيلولة"، وهي نوم نصف النهار أو الاستراحة نصف النهار وإن لم يکن معها نوم، ومنها "الإقالة" والتي تعني الفسخ، وتقايل البيعين، تفاسخا صفقتهما ذلک أنّ المشتري يرتاح من مشکلات الصفقة.
- لکلّ ظالم يوم يواجه فيه عذاب الله وسخطه، فيعترف حينئذ بما اقترفته يداه، «إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ» ولکن لات ساعة مندم، إذ لن يکون لاعترافه أثر. کما نقرأ في آية أخری: «فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا...»([2]).
التعاليم:
١- کثيرة هي البلاد التي هلکت بعذاب الله وبأسه، «وكَمْ«.
٢- فلنتّعظ من التجارب المريرة للآخرين، «وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا«.
٣- يصف القرآن الکريم هلاک القری بدلاً من هلاک البشر، بأنّه إمعانٌ منه في تصوير هول العذاب، «وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا«.
٤- وقوع العذاب الإلهي لا يقتصر علی يوم القيامة فقط، إذ ليس بمستبعد أن نشاهد أمثلة له في هذه الدنيا أيضاً، «وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا«.
٥- من يتولّ غير الله، حقّ عليه عذابه وقهره، «ولَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ... وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا«.
٦- إحدی السنن الإلهية إهلاک الأمة التي تعصي الله وتتبع غيره، «ولَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ... وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا«.
٧- إرادة الله تقلب الأمور رأساً علی عقب، «أَهْلَكْنَاهَا«.
٨- أحياناً ينزل عذاب الله تعالی بغتةً ودون سابق إنذار ليومه أو ساعته، وبذلک يسلب المرء فرصة المبادرة، «بَيَاتًا أَوهُمْ قَائِلُونَ«.
٩- عذاب القيلولة يکون مباغتاً وأشدّ وطأة وإيذاءً، «بَيَاتًا أَوهُمْ قَائِلُونَ«.
١٠- عند اليسار تطلق الشعارات جزافاً، ولکن حين يدلهمّ الخطب تخرس الألسن، «فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ...«.
١١- الأخطار والملمّات تسحق کبرياء الإنسان، وتزيح حجب الغفلة عن بصيرته وتوقظ ضميره من سباته، «إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ«.
١٢- إذا لم تمتثل اليوم بإرادتک وتخضع، فسوف تضطرّ ذات يوم إلی الرکوع، «قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ«.
١٣- طاعة غير الله تعالی والتمرّد علی نهج الأنبياء (کما جاء في الآيتين السابقتين) ظلم، «كُنَّا ظَالِمِينَ«.
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي