ماجد أحمد الوشلي
◄الدعاء: هو ارتباط الإنسان بالله، وهو بمعنى النداء وليس الطلب، نعم قد يكون معه الطلب لكنه ليس بمعنى الطلب، فالمناجاة أيضاً دعاء، فالدعاء يعني أن يُنادي ويُناجي ويُكلّم الإنسان ربه.
قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر/ 60).
فعندما تقول: (ياالله) فهذا دعاء فيعقبه (لبيك) من الباري تعالى، فالدعاء شيء قيِّم جدّاً، وإنّني اعتقد أنّ الشعوب الإسلامية والعربية اليوم بحاجة مضاعفة إلى الدعاء الذي يحقق كلّ أمنياتها، وآمال الشعوب في الدنيا والآخرة.
ويحقق الإرادة للعالم في صنع مستقبل يضيء شمعة نوره للأُمّة الإسلامية في تحقيق مجدها وعزّتها وكرامتها أمام الأُمم، والشعوب الأخرى.
لقد كان الدعاء في يوم ما وسيلة للانشغال فقط، فقد كانوا يُذيعون الأدعية في الإذاعات أيام شهر رمضان المبارك، فكان الدعاء هيكلاً بلا روح ومعنى، وكان لاشيء وإن كان بصوت جميل يهيج الإنسان قليلاً، ولا غير ذلك وهذا ليس دعاءاً.
إنّ الدعاء هو الارتباط بالله تعالى، فإن كان المحيط معنوياً وفيه الصالحون الذين يأنسون بمخاطبة الله تعالى في معنوية الدعاء، كان للأدعية في الإذاعة فائدة وتأثير لأنّ القلوب مستعدة، والأرواح مأنوسة بالله سبحانه، فهنا للدعاء قيمة كبيرة، وفيه حاجة ماسّة للأُمّة العربية والإسلامية.
أدعوه لكلّ حاجة:
قال الله تعالى لموسى (ع): "يا موسى سلني كلّ ما تحتاج إليه حتى علف شاتك، وملح عجينك".
وعن رسول الله (ص): إنّ الله تبارك وتعالى "وكان إذا بعث نبياً قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني استجب لك".
كن على ثقة بالله عزّ وجلّ أكثر من ثقتك بأقرب الأقربين منك، فإنّه كريم حليم سريع الإجابة لعباده المؤمنين.
فإنّ أخّر الإجابة في بعض المرّات فذلك لمصلحة العبد.
فضل الدعاء:
1- عن رسول الله (ص) أنّه قال: "يدخل الجنّة رجلان كانا يعملان عملاً واحداً فيرى أحدهما صاحبه فوقه فيقول: يا ربٍّ لما أعطيته وكان عملنا واحد؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني".
2- وعن أمير المؤمنين عليّ (ع): "أحبّ الأعمال إلى الله في الأرض الدعاء".
3- وعنه (ع) أيضاً أنّه قال: "مَن استأذن على الله سبحانه أذن له".
4- وعن الزهراء (عليها السلام) أنّها قالت: "مَن أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله عزّ وجلّ له أفضل مصلحته".
5- قيمة العبد بدعائه: قال تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) (الفرقان/ 77).
وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة/ 186).
فكفى بالعبد فضلاً أنّ الله سبحانه يجيب دعوته، إذا كانت خالصة له سبحانه.
6- الدعاء جوهر العبادة: الدعاء هو لبّ العبادة، وجوهرها، فالعبادة بلا تضرّع وتوسّل بالله فارغة المحتوى والمضمون.
لذا قال الرسول الأكرم (ص): "الدعاء مُخ العبادة ولا يهمك مع الدعاء أحد".
7- الدعاء مفتاح الرحمة: لا شك أنّ الدعاء هو أحد أبواب رحمته التي فتحها لعباده، قال الإمام عليّ (ع): "الدعاء مفتاح الرحمة ومصباح الظُلمة".
8- الدعاء عمود الدين: قال رسول الله (ص): "الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض".
9- الدعاء سلاح الأنبياء والأولياء والمؤمنين: ومن نعم الله سبحانه أن جعل الدعاء أمضى الأسلحة وأشدها فتّكاً بأعداء الإسلام والمسلمين، قال أمير المؤمنين عليّ (ع): "نعم السلاح الدعاء".
10- الدعاء شفاء من كلّ داء ويدفع البلاء: ورد عن الإمام زين العابدين (ع) أنّه قال: "الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل".
وغير ذلك من الفضل العظيم والمقام الكبير الذي تتمتع به شعيرة الدعاء.
الإخلاص في الدعاء:
لم تحظَ كثير من العبادات والطُقوس الدينية بمثل ما حظيت به مفردة الدعاء على صعيد النظرية، والتطبيق العملي، وذلك عبر ما يُمكن ملاحظته من حشد الكثير من الآيات، والروايات التي جاءت بها مصادر الشريعة الإسلامية، فتناولت هذه الممارسة العبادية المُقدسة من كلّ أبعادها، ووجوهها من تعريف وبيان أهمية وشروط آداب الدعاء.
ولكن نود الإشارة ها إلى ركن مهم من أركان الدعاء والذي يشكِّل الأساس الرصين الذي تقف عليه هذه الشعيرة، وهو جواز الدخول إلى حظيرة الدّاعين الذين يُحب الله أن يسمع أدعيتهم، ويستجيب لهم بل فمنّ لهم بالإجابة لإخلاصهم في الدعاء.
الإخلاص هو خُلوص النية، وتصفيتها، وتخليصها من كلّ شائبة وكدر، مثل الرياء، والسمعة، وحُب الجاه، والظهور وغير ذلك وجعلها صافية، نقية يصعد دعاؤها مقبولاً، مرضياً عند الله سبحانه، قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر/ 10).
حيث ذكر العلماء والمفسِّرون أنّ معنى ذلك أنّ الله إنما يستجيب ويتقبل دعوة الداعي حقيقة، أي الذي أخلص في دعائه، وكان صادقاً مع نفسه، وهو يُخاطب ربه سبحانه، وإلّا فمن لم يُخلص في دعائه، ولم يُصلح سريرته فهو في واقع الأمر لم يسأل الله حقيقة، ولم يدعه، ولا يمكن تسميته من الدّاعين وإن تفوّه ببعض الكلمات وأطلق بعض العبارات، والتي لا تعدو عن كونها لقلقة لسان، وقلبه ساهٍ، لاهٍ عن ربه، قال أمير المؤمنين عليّ (ع): "لا يقبل الله دعاء قلب لاهٍ".
أشار الإمام عليّ (ع) إلى هذا المعنى عندما سأله رجل عن قوله تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، قال: ما لنا ندعو فلا يُستجاب لنا؟ فقال: "... فأي دعاء يستجاب لكم وقد سددتم أبوابه وطرقه، فاتقوا الله، وأصلحوا أعمالكم، وأخلصوا سرائركم، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فيستجب لكم دعاؤكم".
فلابدّ للمؤمن الداعي أن يكون قلبه مُفعماً بالإخلاص متوجهاً إلى ربّه بكلّ ثقة واطمئنان، وأن لا يجعل الملل والضجر يتسلل إلى نفسه جرّاء تأخّر الإجابة فلعل الخير، والمصلحة في عدم الإجابة، أو تأخيرها أو لعلّ الله سبحانه يحب أن يسمع دعاءه ومناجاته كما ورد هذا المعنى في كثير من الأحاديث النبوية.
فينبغي حينئذٍ للإنسان المؤمن أن يسأل الله تعالى ما فيه خير الدنيا والآخرة، سواءً أكان في الاستجابة أم في عدمها.
وقد ورد في الدعاء عن الإمام زين العابدين (ع) أنّه قال: ".. فإن أبطئ عنّي عتبت بجهلي عليك ولعلّ الذي أبطئ عنّي هو خيرٌ لي لعلمك بعاقبة الأمور".
شروط الدعاء:
ذكروا للدعاء شروطاً كثيرة، وقد وردت في الكتاب الكريم، والسنة الشريفة وسوف نتعرض إلى بعض هذه الشروط، والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأوّل: شروط القبول والصحّة.
الثاني: آداب الدعاء، وشروط كماله.
أما شروط القبول فمنها:
1- اليأس من غير الله: فعلى العبد الداعي أن يقطع رجاءه من غير الله، وأنّه وحده القادر على إنجاح طلبته، وقضاء حاجته، عن الإمام الصادق (ع): "إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه فلييأس من الناس كلّهم ولا يكون له رجاء إلّا عند الله عزّ وجلّ فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه".
2- أن يكون المطلوب خيراً: فالدعاء فيما لا نفع فيه، أو ما فيه الضرر على نفس الداعي، أو على الآخرين فهو مما لا يستجيب الله له لأنّه يخالف الحكمة، والعدالة الإلهية.
3- أن يكون المطلوب مُمكناً: فالدعاء في الأمور التي تكون مستحيلة المنال عقلاً، أو عادةً أيضاً لا يُستجاب له لعدم القدرة به.
4- أن يكون عمله صالحاً ومكسبه طيباً: فالعمل الصالح والمكسب الطيِّب بمثابة الأرضية الصالحة التي تنبت فيها بذور الدعاء فيحصد الثمرة الطيِّبة.
5- أداء مظالم الناس وحقوقهم: عندما يدعو الإنسان ربّه وفي ذمته للناس، لا يمكن أن يستجيب له الدعاء، إلّا إذا ردّ الحقوق والمظالم إلى أهلها.
شروط كمال الدعاء وآدابه:
1- الطهارة من الحدث والخبث: ينبغي للداعي أن يكون متطهراً فالطهارة لها آثارها المعنوية على نفسية الداعي وروحه، مما يجعله أقرب إلى الله سبحانه، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/ 222).
2- حضور القلب: من الأمور الأساسية في استجابة الدعاء هو التوبة إلى الله سبحانه تعالى، وحضور القلب، وعدم القيام، فقد ورد عن رسول الله (ص) أنّه قال: "اعلموا أنّ الله لا يقبل دعاء عن قلب غافل".
3- الإقرار بالذنب والاستغفار منه: يجب على الإنسان عندما يُناجي ربّه أن يقر بذنبه ويعترف بالذنوب والمعاصي التي عملها ويستغفر الله على كلّ ذلك حتى يستجيب الله دعاءه.
4- حسن الظن بالله: عن الإمام الصادق (ع) قال: "إذا دعوت فظُنّ أنّ حاجتك بالباب".
5- أن يكون الدعاء بعد رقة القلب والبُكاء: من الواضح أن انكسار القلب، ورقته والبُكاء علامة واضحة على خشوع القلب، والانقطاع إلى الله سبحانه وطلب العون منه.
6- الصدقة قبل الدعاء: إنّ الصدقة تدفع البلاء، وترد القضاء، ويقبل معها الدعاء.
7- التعميم في الدعاء: وهو إشراك إخوانه في دعائه، قال رسول الله (ص): "إذا دعا أحدكم فليعم فإنّه أوجب للدعاء".
8- الدعاء في أوقات معينة: وهي كثيرة كشهر رمضان المبارك، وشهر شعبان وشهر رجب، ويوم الجمعة، ووقت السحر، قال رسول الله (ص) في شهر رمضان: ".. ودعاؤكم فيه مستجاب".
سرّ الدعاء مع العبودية:
يُولد الإنسان وتُولد معه الحاجة والعجز على تلبية رغباته، والقيام بشؤونه، ومتطلبات حياته، وهذا العجز كما هو واضح متأصل في حقيقة وجوده وذاته، ويُمكن أن يتحسسه الإنسان بأدنى مناسبة.
إذ من الممكن أن يهد كيانه وقواه الجسمانية اختلال بسيط في وظائف أعضائه، بل ارتفاع بسيط في درجات حرارته، فيجعله منحرف المزاج غير مرتاح البال.
وهذه الحالة لا يشذ منها فرد من أفراد البشر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر/ 15).
ولكنّ الإنسان وفي غمرة انشغاله بالحياة، وفي كثير من حالاته وأوقاته تتملكه الغفلة، ويستولي عليه الغرور ويعيش سكرة الحياة المادية، ونعيمها لما مُنح من نعم كثيرة كالصحّة، أو المال، أو الجاه وغيرها فيبقى في غيّه مُسلِّماً زمام نفسه لهواه ورغباته فينسى نفسه وما بها من ضعف وحاجة وفقر، إلّا الذين آمنوا بالله وأدركوا حاجتهم وضعفهم وعبودتهم، فنفضوا عنهم غبار الغفلة، ومزّقوا حجب الهوى، والتفتوا إلى أنفسهم فاتجهوا بكلّ وعي وشعور إلى القوّي الذي لا يعرف الوهن، وإلى الغنيّ الذي لا يشوبه الاحتياج ليترجموا الشعور بدعائهم بكلّ تضرع، واستكانة وانكسار وتذلل، ليرفع الله حاجتهم، ويسدّ فقرهم.
وفي دعاء الإمام زين العابدين (ع): "اللّهمّ سُدّ فقرنا بغناك اللّهمّ غيِّر سوء حالنا بحسن حالك".
فالدعاء بهذا المعنى هو صدى وانعكاس حقيقي لمشاعر الفاقة، والعجز الذي يغمر الإنسان، وترجمة واقعية لعبودية الإنسان، وارتباطه بخالقه، فقد ورد في موارد الدعاء: "أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً في فقري".
إذن الدعاء هو الذي يُجذر في الإنسان شعوره بالعبودية والرهبة لله سبحانه، فلذا عُدَّ الدعاء من أفضل أنواع الوعي الذاتي الذي يستذكر فيه الإنسان أصالته وعبوديته، يقول الإمام زين العابدين (ع): "إلهي أصبحت وأمسيت عبداً داخراً لك لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلّا بك".
وأما الذين لم تنفتح لهم نوافذ الوعي والإدراك بحقيقة أنفسهم، وابتعدوا عن حظيرة عبودية الله بعد ما أوصدوا على أنفسهم منافذ الرحمة الإلهية، فمن المؤكد أن لا تنفتح أبواب قلوبهم على بارئهم. فلا تلهج حينئذٍ ألسنتهم بالدعاء والابتهال لله سبحانه وهذا معنى الاستكبار عن عبادة الله الذي يستوجب دخول النار.
وبهذا تتضح العلاقة الوطيدة بين الدعاء والعبادة ونفهم من خلالها الأحاديث التي تعتبر سر حقيقة الدعاء بكونها مُخ العبادة، وجوهرها في صنع الإرادة الذاتية للإنسان في جميع حياته التي يصل بها إلى غايته، وأمله في الدنيا والآخرة.
موانع استجابة الدعاء:
1- الذنب: عن الإمام عليّ (ع) قال: "لا تستبطئ إجابة دعائك وقد سددت طريقك بالذنوب".
2- الظلم: عن الإمام عليّ (ع) قال: "الله أوحى إلى عيسى بن مريم: قُل للملأ من بني إسرائيل أني غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولا لأحد من خلقي قِبَلَهُ مظلمة".
3- الدعاء لفعل المعصية: فمن يدعو ربّه أن يسهل عليه أمراً فيه غضبه لا يستجاب له، عن رسول الله (ص) قال: "قال الله عزّ وجلّ ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلّا قطعت أسباب السماوات وأسباب الأرض من دونه فإن سألني لم أعطه وإن دعاني لم أجبه".
4- عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن رسول الله (ص) قال: "لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهُنّ عن المنكر، أو ليُسلطنّ الله شراركم على خياركم فيدعوا أخياركم فلا يستجاب لهم".
اللّهمّ هب لنا حالة الانقطاع إليك:
حُب الطفل واهتمامه يدوران حول محور واحد، وهو أُمّه فإن سقط على الأرض وبكى فإنّه سُرعان ما يهدأ لأنّ أُمّه أسرعت إلى ملاطفته، وهو أيضاً يبادلها العاطفة بالعاطفة لأنّها أُمّه، ومحور عالمه ودنياه.
وكذلك مرحلة الانقطاع إلى الله في درجة ومنزلة غاية في الرفعة، والسّمو بحيث دأب الإمام الحسين (ع) في دعائه: "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حُجب النور فتصل إلى معدن العظمة".
وهذه الحالة من أعظم مراتب، ومنازل المؤمن عندما يعيش حالة الانقطاع مع ربّه فتكون حياته سعيدة، قانعة، راضية فعند ذلك تحقق كمال العبودية لله سبحانه وتعالى التي تتجلى في سر الدعاء، وحقيقته في الوصول إلى الأمنيات والآمال التي يبحث عنها المؤمن في حياته.
الخلاصة:
حقيقة سرّ الدعاء هو ارتباط الإنسان المؤمن بخالقه في جميع شؤون حياته، وانقطاعه إليه بعيداً عن كلّ الآمال التي يعيش الإنسان معها في خيال، فلا تتحقق إلّا إذا أخلص لله في أعماله وأفعاله، وأن تكون هناك وسيلة تربط العبد بربّه حتى يصل إلى غايته وهي الدعاء الذي يكمن في داخله الكثير من الفوائد العظيمة التي تتكشف له في حياته، فيدرك معنى القرب من الله سبحانه وتعالى، ويعيش حياته التي تصنع المجد والكرامة فعندما يعرف الإنسان مدى فائدة الدعاء، وتفعليه في جميع أمور حياته خاصة في صنع الإرادة التي تحقق الكثير من الغايات والأهداف في المستقبل، فإذا فعّلت دور الإرادة في ذاتك تتجلى لك أمور كثيرة في صُنع مستقبلك المشرق الذي يُضيء للعالم شمعة صفحات تاريخك المملوءة بالخير والصلاح، والعمل الجاد الذي يخدم الأُمّة الإسلامية في عصرنا الحاضر الذي نرى فيه الكثير من الأعمال الخيرة والصالحة التي تخدم المجتمعات في ترقيتها إلى ذروة الكمال البشري، الذي يسعى كل إنسان إلى الوصول إليه في حياته.
فإذا فعّلت الدعاء في كلّ أمور حياتك سترى الأثر الكبير في صُنع المستقبل، وستعرف مدى أهمية الدعاء في صُنع أي عمل تُريد تحقيقه، وكذلك سترى كيفية صُنع الإرادة في ذاتك، وكلّ ذلك يكمن في شعيرة الدعاء الذي يحقق جميع الأمنيات في الحياة.
وأعلم أنّ طريق الإرادة هو الطريق الذي سوف يصلك إلى طريق السعادة الحقيقية في حياتك وستعرف مدى أهمية الإرادة الذاتية، عندما تفعّلها في حياتك وتستخدمها في الوصول إلى أهدافك وإلى مستقبل مشرق كلّ هذا لن يتحقق إلّا إذا فعّلت الإرادة في ذاتك وأخذت الأسرار التي تساعدك في الطريق إلى السعادة، وبعدها تعيش الحياة الطيِّبة والسعيدة مع الله سبحانه وتعالى، ومع الصالحين والمؤمنين، وهذا ما يتمنّاه كلّ إنسان في الحياة أن يعيش كما عاش الأولياء والصالحون حياة الكرماء والشرفاء الذين خلدوا التاريخ بصفحات حياتهم، التي أشرقت نوراً للمستقبل.►
المصدر: كتاب طريق الإرادة إلى مستقبل السعادة