من الأخبار الصريحة الدالة على إمامة الإمام جعفر الصادق (ع)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
من الأخبار الصريحة الدالة على إمامة الإمام جعفر الصادق (ع)

روى الشيخ الطبرسي مجموعة من الأخبار الصريحة الدالة على إمامة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن جماعة من رجاله ، عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك .

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ( كلامك هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من عندك ؟ )

فقال : من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعضه ومن عندي فقال له أبو عبد الله : ( فأنت شريك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ )

قال : لا .

قال : ( فسمعت الوحي عن الله عز وجل يخبرك ؟ )

قال : لا .

قال : ( فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ )

قال : لا .

فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي فقال : ( يا يونس بن يعقوب ، هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم ) ثم قال : ( يا يونس ، لو كنت تحسن الكلام كلمته ) .

قال يونس : فيا لها من حسرة ، فقلت : جعلت فداك ، سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام ، يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله ؟

فقال أبو عبد الله عليه السلام : ( إنما قلت : ويل لقوم تركوا قولي وذهبوا إلى ما يريدون ) .

ثم قال : ( اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله ) .

قال : فخرجت فوجدت حمران بن أعين – وكان يحسن الكلام – ومحمد بن النعمان الأحول – وكان متكلما – وهشام بن سالم وقيس الماصر – وكانا متكلمين – فأدخلتهم عليه ، فلما استقر بنا المجلس – وكنا في خيمة لأبي عبد الله على طرف جبل في طرف الحرم وذلك قبل الحج بأيام – أخرج أبو عبد الله رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب ( 1 ) فقال : ( هشام ورب الكعبة ) .

قال : فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة لأبي عبد الله عليه السلام ، فإذا هو هشام بن الحكم قد ورد – وهو أول ما اختطت لحيته وليس فينا إلا من هو أكبر سنا منه – فوسع له أبو عبد الله عليه السلام وقال : ( هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ) ثم قال لحمران : ( كلم الرجل ) – يعني الشامي – فكلمه حمران فظهر عليه .

ثم قال : ( يا طاقي ، كلمه ) فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان .

ثم قال : ( يا هشام بن سالم كلمه ) فتعارفا .

ثم قال لقيس الماصر : ( كلمه ) فكتمه .

وأقبل أبو عبد الله عليه السلام يتبسم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ، ثم قال للشامي : ( كلم هذا الغلام ) يعني هشام بن الحكم .

فقال : نعم .

ثم قال الشامي لهشام : يا غلام ، سلني في إمامة هذا – يعني أبا عبد الله عليه السلام – فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم ! قال له : خبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم ؟

قال : بل ربي أنظر لخلقه .

قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا ؟

قال الشامي : كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم ، وأزاح في ذلك عللهم .

فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم ؟

قال الشامي : هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال له هشام : فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ؟

قال : الكتاب والسنة .

قال له هشام : فهل ينفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه حتى يرفع عنا الاختلاف ويمكنا من الاتفاق ؟

قال الشامي : نعم .

قال له هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت وجئتنا من الشام تخالفنا وتزعم أن الرأي طريق الدين ، وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين ؟

فسكت الشامي كالمفكر ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ( ما لك لا تتكلم ؟ )

قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت ، وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت لأنهما يحتملان الوجوه ، ولكن لي عليه مثل ذلك .

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ( سله تجده مليا ) .

فقال الشامي لهشام : من أنظر للخلق ، ربهم أم أنفسهم ؟

قال هشام : بل ربهم أنظر لهم .

فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ويبين لهم حقهم من باطلهم ؟

قال هشام : نعم .

قال الشامي : من هو ؟

قال هشام : أما في ابتداء الشريعة فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فغيره ، قال الشامي : ومن هو غير النبي القائم مقامه في حجته .

قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله ؟

قال الشامي : بل في وقتنا هذا .

فقال هشام : هذا الجالس – يعني أبا عبد الله عليه السلام – الذي تشد إليه الرحال ، ويخبرنا عن أخبار السماء وراثة عن أب عن جد .

قال الشامي : فكيف لي بعلم ذلك ؟

قال هشام : سله عما بدا لك .

قال الشامي : قطعت عذري ، فعلي السؤال . .

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ( أنا أكفيك المسألة يا شامي ، أخبرك عن مسيرك وسفرك ، خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت على كذا ، ومر بك كذا ) .

فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول : صدقت والله ، ثم قال الشامي : أسلمت الساعة .

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ( إنك امنت بالله الساعة ، إن الإسلام قبل الإيمان ، وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والإيمان عليه يثابون ) .

قال الشامي : صدقت ، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي الأوصياء .

قال : فاقبل أبو عبد الله عليه السلام على حمران فقال : ( يا حمران تجري الكلام على الأثر فتصيب ) .

والتفت إلى هشام بن سالم فقال : ( تريد الأثر ولا تعرف ) .

ثم التفت إلى الأحول فقال : ( قياس رواغ تكسر باطلا بباطل ، إلا أن باطلك أظهر ) .

ثم التفت إلى قيس الماصر فقال : تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبعد ما تكون منه ، تمزج الحق بالباطل ، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل ، أنت والأحول قفازان حاذقان ) .

قال يونس بن يعقوب : فظننت والله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما ، فقال : ( يا هشام لا تكاد تقع ، تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت ، مثلك فليكلم الناس ، اتق الزلة والشفاعة من ورائك ) ( 2 ) .

وهذا الخبر مع ما فيه من المعجز الدال على إمامة أبي عبد الله عليه السلام يتضمن إثبات حجة النظر ودلالة الإمامة من طريق النظر والاستدلال .

الهوامش

( 1 ) الخبب : ضرب من العدو . ( الصحاح – خط – 1 : 117 )

( 2 ) الكافي 1 : 130 / 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 194 ، وباختصار

في المناقب لابن شهرآشوب 4 : 243 .

المصدر: إعلام الورى بأعلام الهدى ج1 / الشيخ الطبرسي

قراءة 234 مرة