إن للتقوى آثارا عظيمة على الإنسان في الدنيا والآخرة، وسنشير هنا إلى بعض الآثار الدنيوية:
التيسير والتسهيل
إن الحياة في المساحة التي تدخل ضمن حدود اللّه حياة مباركة، كثيرة البركات، ميسّرة بعيدة عن التعقيدات، وعكس ذلك العيش خارج حدود التقوى، فهو مقرون بالعسر والضنك والشدة والتعقيد.
وقد قسّم اللّه تعالى للناس من الرحمة والبركة والفرج والتيسير والتسهيل في دائرة التقوى، وضمن حدود اللّه ما لا يرزقه احدا خارج هذه المساحة.
وإليك بعض الشواهد على ذلك من كتاب اللّه: يقول تعالى: ﴿ولوْ أنّ أهْل الْقُرى آمنُواْ واتّقواْ لفتحْنا عليْهِم بركاتٍ مِّن السّماء والأرْضِ ولكِن كذّبُواْ فأخذْناهُم بِما كانُواْ يكْسِبُون﴾([1]).
ويرزقهم بالتقوى من حيث لا يحتسبون. يقول تعالى: ﴿ويرْزُقْهُ مِنْ حيْثُ لا يحْتسِبُ﴾([2]).
ويجعل اللّه تعالى لهم من أمرهم يسرا كلما واجهوا في حياتهم عسرا وشدّة. يقول تعالى: ﴿ومن يتّقِ اللّه يجْعل لّهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْرا﴾([3]).
د ـ ويجعل اللّه تعالى للناس في حياتهم بالتقوى فرجا من كل ضيق، ومهما ضاقت عليهم مسالك الحياة فرّجها اللّه تعالى لهم بالتقوى. يقول تعالى: ﴿ومن يتّقِ اللّه يجْعل لّهُ مخْرجا﴾([4]).
الأمن والسلام بين الناس
إن منطقة التقوى هي منطقة أمينة ينعم فيها الإنسان بالأمن والسلام في الدنيا والآخرة، الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في الدنيا يقوم غالبا على نوع العلاقة فيما بين الناس، فإذا كانت هذه العلاقة قائمة على أساس العدل والإنصاف والتقوى والتزام حدود اللّه، فإن الناس ينعمون في هذه المساحة بالأمن والسلام لا محالة.
عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه"([5]).
إذن هذه المنطقة في حياة الناس منطقة أمينة حصينة، إذا دخلها الناس أمن بعضهم من بعض، وسلم بعضهم من بعض، ففي هذه المنطقة كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله. وفي هذه المنطقة يأمن المسلم على نفسه من الغش والغدر والخيانة والكذب من ناحية أخيه المسلم، عن الإمام الصادق عليه السلام:" المسلم من سلم الناس من يده ولسانه"([6]).
وفي الخلاصة، يفترض الكثيرون أن التقوى من الوقاية، والوقاية تعني الحذر والاحتراز والبعد والاجتناب، فهي إذن سيرة عملية سلبية، وكلما كان الحذر أكثر كانت التقوى أكمل!
([1]) الأعراف، 96.
([2]) الطلاق: 3.
([3]) الطلاق: 4.
([4]) الطلاق: 2.
([5]) المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة -ج71، ص256.
([6]) ميزان الحكمة، ج2، ص 1340.