ما هي حقيقة التبرّي؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي حقيقة التبرّي؟

قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...﴾[1]، فالتبري في جوهره ينافي أدنى درجات التودّد لأعداء أهل بيت العصمة عليهم السلام عن ابن فضّال قال سمعت الرضا عليه السلام يقول: "من واصل لنا قاطعًا، أو قطع لنا واصلاً، أو مدح لنا عائباً، أو أكرم لنا مخالفاً فليس منّا ولسنا منه"[2].
 
قال الصادق عليه السلام: "كذب من زعم أنّه من شيعتنا وهو متمسّك بعروة غيرنا"[3].
 
فأهل البيت عليهم السلام وأعداؤهم على طرفي نقيض فالإقتراب من أحدهما ابتعاد عن الآخر وبالعكس، عن ابن فضّال عن الرضا عليه السلام أنّه قال: "من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله، ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى، وحقٌ على الله عزّ وجلّ أن يدخله في نار جهنّم"[4].
 
وعن أبي عبد الله عليه السلام: "من أشبع عدوّاً لنا فقد قتل وليّاً لنا"[5].
 
عن العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: "مَن أحبَّ كافراً فقد أبغض الله، ومَن أبغض كافراً فقد أحبّ الله، ثم قال عليه السلام: صديق عدوّ الله عدوّ الله"[6].
 
عن جعفر بن محمّد عليه السلام قال: "من جالس أهل الرّيب فهو مريب"[7].
 
معاداة الشيعة معاداة لأهل البيت عليهم السلام
من السياسات التي يتبعها أعداء الإسلام اليوم التمييز بين أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم، ويبثون ما يوحي بأنّ شيعة أهل البيت عليهم السلام هم أعداؤهم الحقيقيون وأنّ علاقتهم بأهل البيت عليهم السلام علاقة محبة وولاء وطاعة، وذلك لعدم إمكانية التبرؤ منهم كون النصوص المأثورة عن الرسول الأكرم والتي لا تُعدّ ولا تُحصى رفعت مكانتهم وأعلت شأنهم وأوجبت طاعتهم وفضّلتهم على كلّ من سواهم، فعن ابن أبي نجران، قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: "من عادى شيعتنا فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنّهممنّا، خُلقوا من طينتنا، من أحبّهم فهو منّا، ومن أبغضهم فليس منّا"[8].
 
عن المعلّى بن خنيس، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنّك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمّداً وآل محمّد، ولكنّ الناصب من نصب لكم، وهو يعلم أنّكم تتولَّوننا وتتبرؤون من أعدائنا"[9].
 
التولّي دون التبرّي
ولا تستقيم علاقة الولاء بدون التبري من أعدائهم، بل تشير بعض الروايات إلى أنّ من يوالي أهل البيت ويتودّد لأعدائهم أشدُّ لعنة وسوءاً عليهم، وذلك لأنه يُسهم في تعمية قلوب الناس عن العلاقة الحقيقية بأهل بيت العصمة عليهم السلام، ففي الرواية حدّثنا محمّدبن موسى المتوكّل، عن الحسن بن علي الخزّاز، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "إنّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمَن هو أشدّ لعنة على شيعتنا من الدّجّال، فقلت له: يا بن رسول الله بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، إنّه إذا كان كذلك اختلط الحقّ بالباطل، واشتبه الأمر فلم يعرف مؤمن من منافق"[10].
 
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحقّ، وولاية أهل الحقّ، فإنّ من استبدل بنا هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها"[11].
 
عن أبي عبد الله عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمنين من أصل واحد لا يدخل فيهم داخل ولا يخرج منهم خارج، مثلهم والله مثل الرأس في الجسد ومثل الأصابع في الكفّ، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتاً إنّه منافق"[12].
 
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه ذات يوم: "يا عبد الله أحببْ في الله، وأبغض في الله، ووالِ في الله وعاد في الله، فإنك لا تنال ولايته الا بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه ـ حتى يكون كذلك وقد صارت مؤاخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون، وذلك لا يغنى عنهم من الله شيئًا، فقال له عليه السلام: كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عزّ وجلّ، ومَنْ وليُّ الله عزّ وجلّ حتى أواليه، ومن عدوُّه حتى أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عليّ عليه السلام فقال: أترى هذا؟ فقال: بلى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وليّ هذا وليّ الله، فواله، وعدوّ هذا عدوّ الله، فعاده، ووالِ وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك"[13].
 
قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّ المؤمن أشدّ من زبر الحديد، إنّ الحديد إذا أُدخل النار تغيّر وإنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه"[14].
 


[1] سورة المجادلة، الآية 22.
[2] صفات الشيعة، ص 7.
[3] المصدر السابق، ص 3.
[4] المصدر السابق، ص 7.
[5] صفات الشيعة، ص 9.
[6] الأمالي، ص 702.
[7] صفات الشيعة، ص 9.
[8] المصدر السابق، ص 4.
[9] المصدر السابق، ص 9.
[10] صفات الشيعة، ص 9.
[11] الخصال، الشيخ الصدوق، ص626.
[12] صفات الشيعة، ص 33.
[13] الأمالي، ص 61.
[14] صفات الشيعة، ص 32.

قراءة 172 مرة