الإيام التي سبقت المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة ۵+۱ في جنيف وكذلك الإيام التي تلتها ، كشفت وبشكل واضح عن جوانب في غاية الاهمية في سياسة الغرب وأمريكا و إسرائيل والرجعية العربية ازاء إيران وبرنامجها النووي ، لم تكن معروفة للبعض او علي الاقل لم تكن بهذا الوضوح الذي عليه الان.
الاعلان عن احتمال توصل مجموعة ۵+۱ الي اتفاق مع ايران جعل الثنائي الاسرائيلي الرجعي العربي يخرج عن كل ما هو مألوف ويتخذ مواقف مسرحية مضحكة وبائسة في نفس الوقت ، كما بان من تصرفات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتصريحاته الصبيانة وكذلك من تصرفات أثرياء العرب الغاضبة والساذجة ، وهي تصريحات ومواقف ما كانت لتظهر بهذا الوضوح لولا البرنامج النووي الايراني ، الذي كشف عن مدي عجز هذا الثنائي الذي دخل في حالة هستيريا لم يخرج منها حتي الان. اما وقع تعامل ايران الشفاف والمسؤول مع الاسرة الدولية ، علي فرنسا ، التي تعتبر نفسها دولة عظمي و قائدة للاتحاد الاوروبي الي جانب المانيا ، لم يكن اقل تاثيرا من وقعه علي الثنائي الاسرائيلي الرجعي العربي ، فاذا بفرنسا كما الثنائي المذكور ، تخرج عن طورها ، فالجميع رأي وزير خارجيتها لوران فابيوس ، يخرج عن اجماع رفاقه في مجموعة ۵+۱ منذ ان وطأت قدميه جنيف ، فينعي المفاوضات ويكشف للصحفيين عن الكثير من جوانبها ، في الوقت الذي اتفق المتفاوضون علي الابقاء علي سريتها ، واثارت تصرفاته امتعاظ حلفائه في باديء الامر ، الا انهم حاولوا بعد ذلك تبرير تصرفاته ولكل دون جدوي ، بعد ان انكشف الدور الفاضح الذي قام به فابيوس ، والذي حول فيه فرنسا الي سمسار ، يسعي للحصول علي المال العربي والنفوذ الاسرائيلي. الادهي في كل ما مر انه لم تتكشف عورة السياسات الغربية والاسرائيلية والرجعية العربية ، امام البرنامج النووي الايراني ، كما انكشفت عورة السياسة الامريكية ، فإن بانت تلك السياسات علي حقيقتها ، فارغة الا من القوة المتوحشة والحقد الاعمي والدونية امام المال والنفوذ ، فإن السياسة الامريكية ظهرت بمظهر لاتُحسد عليه ايضا، لاسيما بعد التاكيد المريب وغير المألوف علي التباين الحاصل في المواقف بين الكونغرس الامريكي وبين البيت الابيض بشأن فرض حظر جديد عل إيران !. تري ما معني كل هذا التأكيد المفرط من كبار اعضاء في الكونغرس ، يوصفون بالكبار!! ، امثال السناتور بوب كروكر، والسناتور تيم جونسون ، والسناتور روبرت منينديز وغيرهم علي الاستعجال بفرض عقوبات جديدة علي ايران ، تقلص صادراتها النفطية الي الصفر، كما يدعون ؟!! ، ولماذا كل هذا الاستياء من قبلهم لطلب البيت الابيض منهم التريث في فرض هذه العقوبات حتي لمدة اسبوعين علي الاقل !! ، تري الا يري هؤلاء ان هناك مفاوضات جارية بين ايران ومجموعة ۵+۱ ؟ ، اليست بلدهم مشارك في هذه المفاوضات وفي اعلي المستويات بوصفها عضو ضمن مجموعة ۵+۱؟ ، الا يفرض المنطق السياسي نفسه علي هؤلاء ان يتريثوا حتي تنتهي المفاوضات؟ ، هل اوقف الحظر الامريكي عجلة التطور في ايران علي مدي اكثر من ثلاثة عقود؟، هل اوقف الحظر الامريكي البرنامج النووي الايراني ، ام شهد هذا البرنامج طفرات واسعة في ظل هذا الحظر؟. يبدو ان الملف النووي الايراني اجبر الادارة الامريكية ومعها الكونغرس ، كما اجبر اخرين ، في دخول لعبة أريد منها ايصال رسالة مشتركة الي الايرانيين مفادها ؛ اما ان تسارعوا الي عقد اتفاق نووي وفقا لمقاييس اسرائيل والرجعية العربية ، واما ان تترك ايران وحيدة امام صقور الكونغرس الامريكي. لعبة شد الحبل ، التي تحاول امريكا اظهارها بانها جارية بسبب ايران بين البيت الابيض والكونغرس الامريكي ، حيث يري الاخير ، وفقا لهذا اللعبة ، انه لا حل سياسيا للبرنامج النووي الايراني ، بينما يري الاول ان رفض التسوية السياسية يعني الذهاب الي الحرب والشعب الامريكي لايريد الحرب ، هذه اللعبة ، كان علي القائمين عليها ان يتريثوا قبل البدء بها ، لانها كشفت للعالم ، خلافا لرغبة الامريكيين ، صلابة ايران ، التي دفعت بلدا يدعي انه الاقوي في العالم لاعتماد لعبة ساذجة عسي ان يحصل منها علي تنازلات عجز عن الحصول عليها بالقوة.
بقلم: ماجد حاتمي