الولايات المتحدة تقصف داعش في شمال العراق عنوانٌ عريض تسعى واشنطن الى ترويجه. داعش الذي يقتل الاطفال ويسبي النساء ويذبح الرجال وكل من لا يبايعه تأتي اميركا "المنقذة" للقضاء عليه نصرة لكل هؤلاء الضحايا. هذا ما تكتبه اميركا تحت عنوان تدخلها العسكري الجوي في شمال العراق.
لكن التدقيق اكثر في الميدان يظهر مبررات اخرى لما يسميها البعض "النخوة الاميركية" تجاه الالم العراقي. اسابيع مرت على المناشدات العراقية للتدخل الاميركي لكن الغارات الاميركية لم تتحرك الا بوصول نار داعش الى أربيل. لماذا أربيل؟ أربيل عاصمة إقليم كردستان الذي يتمتع بعلاقة مميزة جدا مع الجانب الاميركي.
فإلى أربيل وصل منذ أيام مئةٌ وثلاثون مستشارا اميركيا وتوجهوا الى جبال شنكال في اربيل للمساعدة في اجلاء النازحين المحاصرين في الجبل. وفي هذا السياق ذكرت صحفٌ اميركية عديدة أن الحكومة الاميركية تعاقدت مع مقاولين وشركات بناء لتوسيع مركز استخباري تابع للمخابرات الاميركية ويقع بالقرب من مطار أربيل بهدف المساعدة في جمع معلومات عن داعش. المعلومات نفسها اشارت الى أن هذا الموقع يشهد منذ فترة هبوط واقلاع طائرات اميركية من دون طيار يقال إنها تقوم بجمع معلومات عن تحركات مسلحي داعش.
كل هذا الجو يمكن تدعيمه بمواقف رسمية صدرت مثلا عن وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل الذي اعلن أن بلاده ستقيم مراكز استخباراتية لعمليات عسكرية جديدة في كل من أربيل وبغداد وأن العمل في اربيل قد بدأ، بالاضافة الى مناشدات من الإعلام الاميركي للادارة الاميركية باقامة قاعدة عسكرية في اربيل بهدف تعزيز نفوذها في المنطقة ودعم استقلال كردستان.
إذا هي مراكز استخباراتية تعمل الغارات الاميركية على حمايتها. الجانب الاميركي يقول إنه يقصف مواقع تنظيم داعش. في الواقع يسير هذا القصف بين النقاط اذا جاز الوصف. فاضافة الى مراكز المخابرات تحمي واشنطن مصالحها الاقتصادية في كردستان من استثماراتها النفطية الى المياه وتحديدا سد الموصل حيث تؤمن الطائرات الاميركية غطاء جويا لقوات كردية برية تتقدم برا لاستعادة سد الموصل من قبضة داعش.
في المحصلة ايا كانت المبررات للغارات الاميركية في شمال العراق النتيجة واحدة: رمت واشنطن ببعض المساعدات الغذائية للناس المحاصرين في الجبال وشرعت لنفسها التدخل عسكريا في دولة سيدة تحت الفصل السابع وتحت أنظار العالم.