من هو الداعم الحقيقي للارهاب؟ حرس الثورة الإسلامية ام المخابرات الامريكية ؟! .. حقائق دامغة تحكيها الوثائق والصور
طهران / تسنيم // منذ أمد بعيد يسعى المخطط الثنائي "الصهيو - امريكي" لثني محور المقاومة الاسلامية المتمثل في الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله وسوريا، عن مواصلة اهدافه في افشال المؤامرات التي يحيكها الغرب ضد المنطقة والعالم الاسلامي؛ مجندا كافة طاقاته وآلياته المشؤومة في هذا السياق؛ وذلك وسط صمود منقطع النظير من جانب اركان المقاومة الاسلامية وخاصة حرس الثورة الاسلامية في ايران وحزب الله اللبناني؛ الامر الذي يفسر اسباب تشديد محاولات امريكا في ادراجهما على قائمة الارهاب.
وفي ضوء تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاخيرة بشأن الجمهورية الاسلامية الايرانية ومزاعمه المثيرة للسخرية من ادراج حرس الثورة الاسلامية على قائمة الارهاب وحرف الحقائق التاريخية فيما يخص الخليج الفارسي و وصفه الشعب الايراني الابي بـ "الارهابي"، فقد باتت محاولات الساسة الامريكان وعلى راسهم ترامب اكثر وضوحا ولم تعد الحاجة لتحديد او اثبات هذه الحقيقة التي كانت ايران ولا تزال تحذر العالم اجمع منها، وهي انه لا يمكن الوثوق بامريكا الداعمة الرئيسية للارهاب؛ الامر الذي جاء على لسان حلفاء واشنطن الاوروبيين وخاصة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فدريكا موغيريني.
المزاعم الامريكية الواهية هذه، وما شاكلها طرحت في فترة شهدت تسريب العديد من وثائق وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تثبت بضرس قاطع ضلوع واشنطن في تأسيس تنظيم داعش الإرهابي، وحسب هذه الوثائق المسربة من قبل وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية Defense Intelligence Agency ففي شهر آب / أغسطس عام 2012م أي بعد سنة واحدة من اندلاع الأزمة السورية، فإنّ الحكومة الأمريكية وبعض البلدان الغربية أشرفت بشكل مباشر على إدارة هجمات تنظيم القاعدة الإرهابي وسائر المجاميع الإرهابية المسلحة ضدّ الجيش السوري بهدف الإطاحة بالحكومة الشرعية في دمشق وإزاحة الرئيس بشار الأسد عن السلطة، وقد تم تسريب هذه الوثائق قبل سنتين تقريباً من قبل المرصد القضائي، كما أفادت هذه الوثائق أن حكومة الرئيس السابق باراك أوباما دعمت المجاميع الإرهابية المسلحة في سوريا أكثر مما تم التصريح به، فقد ادعى أوباما أنه يدعم هذه الزمر دعماً غير مسلح، في حين أن واشنطن زودتها بأسلحة ومعدات فتاكة بشكل سري.
والملف للنظر أن هذا الدعم الأمريكي قد خطط له مسبقاً بغية الإطاحة بالحكومة السورية، وتمخض عنه فيما بعد ظهور تنظيم إرهابي فتاك باسم "داعش" واجتاح مناطق واسعة من العراق وسوريا، إلا أن البيت الأبيض لم يحرك ساكناً خلافاً لمزاعمه في محاربة الإرهاب، بل رحب بذلك!
وهذه الوثيقة المسربة عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية تضمنت أخباراً مؤكدة حول أن "القوى السلفية هي التي تشرف على أعمال الشغب في سوريا" وأن الدعم الأمريكي للمعارضة السورية سوف يؤدي إلى إيجاد محور سلفي سري أو علني في شرق سورية وغرب العراق، وجاء فيه: "هذه الإجراءات الداعمة للسلفية هي الهدف الأساسي للقوى الداعمة للمعارضة السورية لأجل تهميش هذا البلد باعتباره منطقة استراتيجية يمكن للشيعة توسيع نطاق نفوذهم من خلالها".
سقوط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار العراقية في عام 2014م يعد دليلاً واضحاً على صحة هذه الوثيقة، فأرتال داعش في تلك الآونة دخلت المدينة على مرأي من القوات الأمريكية والتحالف الذي تقوده دون أن تتخذ أي إجراء وقائي الأمر الذي أثار تعجب جميع المراقبين وتسبب في طرح استفهامات عديدة حول مصداقية واشنطن في مكافحة الإرهاب، وقد دونت صحيفة "بلومبيرغ" الأمريكية تقريراً موثقاً في هذا الصعيد، حيث نقلت عن مسؤولين رفيعي المستوى في دائرة الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه" رفضوا التصريح بأسمائهم، أن هذه الدائرة كانت لديها معلومات مسبقة حول تخطيط داعش لاقتحام الرمادي وكنا نعلم بذلك جيداً، وبعد ذلك حدثت ضجة حول تماهل الأمريكان في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، لذلك برر المتحدّث باسم القيادة المركزية الأمريكية جينييف ديفيد ذلك بأن الحكومة الأمريكية خشيت من سقوط ضحايا مدنيين لو أنها ضربت أرتال داعش في الرمادي! وحسب التعابير التي عادة ما يستخدمها الساسة الأمريكان لتبرير مواقفهم السلبية، أن سبب عدم ضرب الدواعش هو الخشية من حدوث خسائر جانبية! ولكن القاصي والداني يعرف أن محافظة الأنبار عبارة عن صحراء شاسعة ومترامية الأطراف، وحركة أرتال داعش من سوريا نحوها تستغرق ساعات وساعات حتى تصل إلى مركز المدينة، لكنها مع ذلك سارت بطمأنينة وانسيابية دون أية مضايقات حتى وصلت إلى مبتغاها.
وأفاد تقرير صحيفة "بلومبيرغ" أن الولايات المتحدة قبل سقوط الرمادي كانت تراقب عن كثب تحركات أرتال الدواعش الغفيرة وآلياتهم العسكرية والمدنية الكثيرة وهي في الصحراء بعيداً عن المناطق السكنية، لكن لم تتخذ أي إجراء ولم تستهدفها ولو برصاصة واحدة!
الإرهاب الدولي الذي عادة ما تتهم به واشنطن كل من لا يسير في ركبها، ولا سيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يعرف في قاموس السياسة كما يلي: "هو كل عمل إرهابي تقوم به حكومة أحد البلدان ضد بلد آخر أو شعب بلد آخر، أو ضد شعبها"، وحكومة واشنطن تتهم طهران بهذا الأمر في حين أن الدعم الإيراني إنما يقدم لمساندة الحكومة الشرعية في سوريا مقابل هجمات إرهابية دامية لم تبق للإنسانية أي اعتبار لدرجة أن الأمريكان أنفسهم أقروا بذلك، ولكنهم مع ذلك يزعمون أن إيران تمارس إرهاباً دولياً.
إن واشنطن التي تدعي محاربة الإرهاب، دعمت وما زالت تدعم إرهابيي القاعدة وداعش سراً وعلانيةً، بل هي التي أنشأت تنظيم داعش الإرهابي الذي وجهة بوصلته نحو العراق وسوريا بشكل أساسي، وفي هذا السياق نشرت صحيفة "الغارديان" تقريراً أكدت فيه: "يبدو أن الإرهاب كامن فيمن يشرف عليه، وليس كما نرى".
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الدعم الأمريكي للإرهاب لا يقتصر على ما نلحظه اليوم في سوريا، بل له تأريخ سحيق وحافل، وفيما يلي إحصائية مقتضبة حول حماية واشنطن لمختلف العمليات والحركات الإرهابية في بعض البلدان، حيث اعتمدنا على مصادر رسمية موثقة ومعتبرة:
* إيطاليا: الإرهاب الاستخباري الأمريكي في سنوات الرصاص
عمليات إرهابية بدعم أمريكي باسم "بيزا فونتانا" في 12 كانون الأول / ديسمبر 1969م في مدينة ميلان الإيطالية والحصيلة 17 قتيلاً و 88 جريحاً.
منذ عقد الستينيات حتى عقد الثمانينيات من القرن المنصرم شهدت الساحة الإيطالية أعمالاً إرهابية إثر أحداث شغب اجتماعي وسياسي، وقد اشتهرت بين المواطنين الإيطاليين بسنوات الرصاص نظراً لأعمال العنف التي احتدمت خلالها، والولايات المتحدة الأمريكية كانت داعماً أساسياً لهذه الاضطرابات الدامية في إطار برنامج سياسي تحت عنوان استراتيجية التأزيم، فقد قدمت دعماً للإرهابيين الذين أقدموا على زعزعة أوضاع البلاد. (المصدر: غلاديو والإرهاب في أوروبا الغربية، تأليف دانييل غانسر)
* الهند: مجازر في مملكة كشمير
في الحادي عشر من شهر نيسان / أبريل عام 1995م وضعت خطة لاغتيال رئيس الوزراء الصيني زو أنالي عن طريق تفجير الطائرة التي كانت تقله في زيارة إلى مدينة بمبي الهندية بقنبلة موقوتة، وكانت هذه الطائرة تحمل اسم "ملكة كشمير"، لكنه فجأة غير برنامج سفره في اللحظات الأخيرة فنجى من هذه الهجمة الفتاكة، ولكن الطائرة انفجرت بعد إقلاعها وقتل فيها 16 شخصاً حيث سقطت في بحر الصين، وبعد يوم أصدرت وزارة الخارجية الصينية بياناً أكدت فيه على أن وكالة الاستخبارات الأمريكية هي المسؤولة عن هذه الحادثة. (المصدر: سونغ ستيفن، 2006م)
* شيلي: الإرهاب في خدمة الانقلاب العسكري
اغتيال القائد العام للقوات المسلحة الشيلية رينيه شنايدر على جهاز المخابرات الأمريكية.
في الرابع من شهر أيلول / سبتمبر عام 1970م أشارت استطلاعات الرأي في شيلي إلى أنّ سلفادور ألليندي هو المشرح الأقوى لمنصب رئاسة الجمهورية في البلاد، لكن هذا الأمر لم يكن على مرام الأمريكان، لذلك خطط جهاز مخابراتهم للقيام بانقلاب عسكري ضده، لكن نجاحه كان منوطاً بتصفية القائد العام للقوات المسلحة رينيه شنايدر، لذلك تعرض لمحاولة اغتيال في الثاني والعشرين من شهر تشرين الأول / أكتوبر عام 1970م ليفارق الحياة بعد ثلاثة أيام وذلك قبل تولي سلفادور ألليندي مقاليد الأمور بشكل رسمي.
في بادئ الأمر نفى جهاز المخابرات الأمريكية أية صلة له بالأمر، لكن نشرت وثائق دامغة فيما بعد فضحت أكاذيب الأمريكان وأثبتت ضلوعهم في هذه العملية الإرهابية؛ وفي العاشر من شهر أيلول / سبتمبر عام 2011م تقدمت أسرة شنايدر بشكوى ضد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بتهمة الضلوع في اغتياله.
* نيكاراغوا: قتلة صادرة بحقهم أحكام في محكمة لاهاي
خلال الأعوام 1970م حتى 1990م خطط البيت الأبيض لأعمال شغب في نيكاراغوا فتم تأسيس عصابات الكونترا بهدف زعزعة الأوضاع وإحراج النظام الحاكم هناك، وهذه العصابات قامت بأعمال إرهابية بدعم مالي ولوجستي وعسكري أمريكي. (المصدر: الشكوى التي تقدمت بها حكومة نيكاراغوا إلى محكمة لاهاي الدولية ضد الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1984م)
* كوبا: إسقاط طائرة مدنية
صور ضحايا العملية الإرهابية التي قام بها المجرمان أورلاندو بوش ولويس بوزادا كاريل بتحريض ودعم من جهاز الاستخبارات الأمريكي.
بعد انتصار الثورة الكوبية في عام 1959م لم يجد الأمريكان بداً سوى السعي لإسقاطها وزعزعة أوضاعها بأي شكل كان، وفي هذا السياق دعموا معارضيها المنفيين في الخارج، وقد تزايد هذا الدعم بشكل ملحوظ في عهد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وبلغ ذروته، حيث دافعت عن أورلاندو بوش ولويس بوزادا كاريل الضالعين في تفجير طائرة مدنية كوبية عام 1976م. (المصدر: صحيفة الإنديبيندت، 30 حزيران / يونيو 2011م)
يذكر أن المجرم أورلاندو بوش لم يرتكب هذه العملية الإرهابية فحسب، بل هو ضالع في أكثر من عملية إرهابية أخرى، وهو في الواقع أحد أعضاء المخابرات الأمريكية.
* فيتنام: انقلاب عسكري إرهابي
في عام 1963م حدث انقلاب عسكري في فيتنام بدعم مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أطاح بنظام الرئيس نغو دينه ديم ومن ثمّ اغتياله، وحسب الوثائق المسربة فقد منح جهاز المخابرات الأمريكية 40000 دولار لعدد من الضباط الكبار في فيتنام الجنوبية للقيام بهذه العملية الإرهابية والتي نجحت بالفعل في الأول من شهر تشرين الثاني / نوفمبر وفي اليوم التالي تم اغتيال الرئيس الفيتنامي.
* إيران: دعم السي آي أيه لجند الشيطان
في التاسع من شهر نيسان / أبريل عام 2007م أعلنت قناة أي بي سي نيوز الأمريكية في تقرير خاص أن الحكومة الأمريكية قدمت دعماً لجماعة إرهابية باكستانية خطيرة اسمها جند الشيطان بهدف القيام بعمليات إرهابية في هذا البلد، وأفادت مصادر مطلعة في القناة ذاتها أن الإرهابي المقبور عبد الملك ريغي حظي بدعم مالي مباشر من قبل جهاز المخابرات الأمريكية.
إذن، من هو الداعم الحقيقي للإرهاب الدولي؟ حرس الثورة الإسلامية أو جهاز المخابرات الأمريكية؟