لماذا يدور الحديث عن خطوة دراماتيكية؟ لأن ولي العهد قد أقدم على خطوة غير مسبوقة من حيث حجمها، والتي تعبر عن قوة حكمه خلال السنة الأخيرة. فهو قد قام في البداية بتعيين أخيه (من الأم ذاتها) سفيراً للملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما قام بتعيين العديد من أخوته (من الأم نفسها أيضاً) في مناصب رئيسية أخرى. إلى هنا ليست هناك أية مفاجأة. ففي المملكة المسماة على اسم عائلة سعود، من الطبيعي أن يكون الأخوة من الدرجة الأولى هم الأشد ولاءً، وأن يمسكوا بأسس الحكم.
يغص التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية، كدولة وطنية، بالكثير من الحالات التي لم يكن فيها الملك المتوج هو الذي يقوم، في سنواته الأخيرة، بإدارة الأمور. فقد سبق لهذا الأمر وأن حدث مع كل من الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله، وهذا هو الحال اليوم مع الملك سلمان. والخطوة الدراماتيكية التي حدثت نهاية الأسبوع، والتي اُعتقل فيها 11 أميراً متهمين بالفساد – بالإضافة إلى وزراء حاليين وسابقين – هي برهان عملي على أن ولي العهد البالغ من العمر 32 عاماً، محمد بن سلمان، هو الرجل القوي في المملكة.
لماذا يدور الحديث عن خطوة دراماتيكية؟ لأن ولي العهد قد أقدم على خطوة غير مسبوقة من حيث حجمها، والتي تعبر عن قوة حكمه خلال السنة الأخيرة. فهو قد قام في البداية بتعيين أخيه (من الأم ذاتها) سفيراً للملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما قام بتعيين العديد من أخوته (من الأم نفسها أيضاً) في مناصب رئيسية أخرى. إلى هنا ليست هناك أية مفاجأة. ففي المملكة المسماة على اسم عائلة سعود، من الطبيعي أن يكون الأخوة من الدرجة الأولى هم الأشد ولاءً، وأن يمسكوا بأسس الحكم.
التعيين الأكثر أهمية هو تعيين خالد (بن عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن / المترجم) قائداً للحرس الوطني. فالأمير عبد العزيز آل مقرن هو سليل أحد الفروع الجانبية للعائلة، ويشكل هذا الأمر تغييراً لقواعد اللعبة. إذ كان آل مقرن خلال العقد الأخير المسؤول عن العلاقة المباشرة مع القبائل، وتعيينه في منصبه الجديد يشكل عملياً عقد حلف مع القبائل عينها وضمان ولائها لمحمد وذلك عندما يتوج ملكاً بشكل رسمي. وبهذه الخطوة تخطى محمد بن سلمان أخيه من الدرجة الثانية. كما يشكل اعتقال بعض الأمراء في نهاية الأسبوع بتهم الفساد تعبيراً واضحاً عن عدم ولائهم له، من وجهة نظره.
وعلاوة على ذلك فإن كل من سيقوم الآن بتحدي خطوات ولي العهد سيوصم بالخيانة لأنه يخرج على المصلحة الوطنية للمملكة العربية السعودية. وهذه المصلحة الوطنية يتم فرضها، بشكل دائم، وفقاً لمصلحة العائلة وبقائها ومن خلال عرض التهديدات الخارجية – سواء كانت وهمية أو حقيقية – على استقرار المملكة (والعائلة). هذا هو الوضع الآن. فالرياض ترى وجود تهديد حقيقي للنفوذ الإيراني، ليس فقط على دول الخليج بل أيضاً على الخارطة السياسية في الشرق الأوسط. ووفق رؤية ولي العهد، فإن التحالف مع القبائل القوية هو أمر حيوي، ذلك أن الهدوء في الداخل سيفح المجال أمام مواجهة العدو الخارجي بشكل أفضل. والسبيل الأمثل لفعل هذا الأمر هو تعيين شخص تعرفه القبائل بشكل شخصي. إذ أن زعماءها سيُظهرون الولاء لآل مقرن، الذي يدين بتعيينه لولي العهد، وسيبقى الأخير وفيّاً للفرع الحاكم من العائلة.
هكذا يقومون ببناء الهوية الجماعية التي تستند على أساس العائلة والقبيلة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بقية مواطني السعودية (الغالبية العظمى من الشيعة في شرق الدولة، وسكان منطقة الحجاز في غربها) لا يشكلون جزءاً من شبكة التحالفات التي يقوم محمد بن سلمان بنسجها. وعندما يحدث هذا الأمر فإنه يمكن لذلك أن يشكل بداية لبناء هوية وطنية مشتركة لكل المواطنين. إلا أنه من المشكوك فيه أن يتوجه محمد بن سلمان للأقليات وذلك لسبب بسيط وهو شعوره بأنه قوي بما فيه الكفاية لإدارة شؤون المملكة. كما أن المذهب الوهابي المسيطر على المملكة، والذي يرى في الشيعة كفاراً، لن يسمح بتقديم تنازلات سياسية واجتماعية لخلق أرضية وطنية مشتركة. ويُفضي كل هذا إلى نتيجة وهي أن السعودية، في ظل محمد بن سلمان، ستواصل الاعتماد على الولاء القائم على العائلة والقبيلة.
غادي حيتمان