"نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض".... أسرار تهدد بقاءه

قيم هذا المقال
(0 صوت)
"نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض".... أسرار تهدد بقاءه

كتاب "نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض" الذي صدر على أعتاب العام الأول من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب استناداً إلى مقابلات مع شخصيات مقرّبة منه، يثير ضجة واهتماماً، والميادين نت يقدّم قراءة للكتاب المذكور يفنّد فيها تفاصيل...هامة، في وقتٍ يحاول فيه محامي الأخير منع نشر الكتاب الذي يصوّر الأوضاع في البيت الأبيض على أنها مرتبكة والرئيس على أنه أخرق.

يبدو أن معايير ومقاييس الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اختيار فريقه ومستشاريه أكثر ما تخضع لأهوائه ومشاعره الشخصية، جون بولتون أحد الأمثلة على ذلك. هذا ما يكشفه الكتاب الأكثر تداولاً هذه الأيام "نار وغضب" الذي صدر على أعتاب العام الأول من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب استناداً إلى مقابلات مع شخصيات مقرّبة منه وخصوصاً ستيف بانون الذي شغل منصب كبير استراتيجييه قبل إقالته.

ينقل الكاتب مايكل وولف عن بانون أن الأخير دفع باتجاه تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي، وكان الأخير الشخصية المفضلة أيضاً لدى روجر ايلز المدير السابق لقناة "فوكس نيوز" وأحد المقربين من ترامب.

توجه إيلز إلى بانون بالقول إنك تحتاجه، على اعتبار أن لا أحد مثل المندوب الأميركي السابق في الأمم المتحدة جيد لإسرائيل بقدره. فما كان من بانون أن قال إن شارب بولتون سيكون مشكلة لأن ترامب لا يحبّ الشوارب، قبل أن يعدل عن رأيه حين عرف بأن بولتون تسبب بمشكلة في أحد الفنادق بعد مطاردته إحدى النساء. ردّ بانون "إذا أخبرت ترامب بذلك قد يحصل على الوظيفة".

يقول الكاتب إنه في الأسابيع الأولى من رئاسته ظهرت نظرية في أوساط أصدقاء ترامب بأنه لا يتصرّف كرئيس أو أنه يأخذ بعين الاعتبار منصبه الجديد أو يضبط سلوكه من تغريداته الصباحية إلى رفضه متابعة الملاحظات النصية إلى اتصالات الاستعطاف التي يجريها مع أصدقائه، وهي التفاصيل التي سبق أن تداولتها الصحافة.

في الكتاب لا شيء كثيراً تغيّر عن حياة الرئيس الأميركي السابقة في برج ترامب والتي كانت ربما أكثر رفاهية من حياته في البيت الأبيض، وفق الكاتب بدا الأمر وكأن أهمية أنه أصبح رئيساً لم تكن واضحة كثيراً بالنسبة له.

أحد فصول الكتاب الجديد الذي بدأت تطرح الأسئلة عمّا إذا كان سيؤدي إلى محاسبة الرئيس وعزله خصصّه وولف لروسيا لا سيما ما هو مرتبط بدور مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين ما حكي عن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية وما تمخض عن ذلك من بروز منطق جديد بأنه يجب طرد فلين ليس بسبب علاقاته مع الروس بل بسبب كذبه على نائب الرئيس بخصوصها وأن ترامب وافق في نهاية المطاف على إقالته. بالرغم من ذلك لم يتخلّ الرئيس الأميركي عن ثقته بفلين، فهو وإن كان مضطراً لإقالته إلا أن الأخير كان لا يزال رجله.

كما تحدث الكاتب أنه في بداية كانون الثاني/ يناير 2017، وقبل تولي ترامب السلطة رسمياً، تناقش كبير استراتيجيي البيت الأبيض السابق ستيف بانون مع روجر آيلز المدير السابق لقناة "فوكس نيوز" حول ترامب بعد انتخابه رئيساً، حول عدم القدرة على التنبؤ بأفعال ترامب وآرائه.

ويقول إن آيلز  سأل فجأة "هل يحصل عليه؟" ، فأثار اهتمام بانون، متابعاً  إنه يبدو أن هذا سؤال على جدول أعمال اليمين في الولايات المتحدة الأميركية: هل تبنى الملياردير اللعوب قضية العامل الشعبوية؟ وهل فعلاً حصل ترامب على المكان الذي وضعه فيه التاريخ؟

شرب بانون رشفة من الماء ثم قال: "إنه يحصل عليه"، ثم أضاف، بعد تردده ربما لفترة طويلة جداً: "أو يحصل على ما يحصل".

مع نظرة جانبية، واصل آيلز التحديق ببانون، كما لو أنه ينتظره للكشف عن المزيد من أوراقه. فقال بانون "حقاً.. إنه في البرنامج. إنه برنامجه". ثم تطرّق بانون إلى جدول أعمال ترامب: "في اليوم الأول سنننقل السفارة الأميركية الى القدس".

وأشار بانون إلى دور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والملياردير شيلدون أديلسون، وهو من اليمين المتطرف ومدافع بشدة عن إسرائيل ومؤيد لترامب.

أضاف بانون: "نحن نعرف أين نتجه في ذلك".

هل يعرف دونالد؟" سأل أيلز بتشكيك. ابتسم بانون مع شبه غمزة، وتابع قائلاً: "دع الأردن يأخذ الضفة الغربية، دع مصر تأخذ غزة. دعهم يتعاملون مع ذلك أو يحاولون الغوص فيه. السعوديون على حافة الهاوية، المصريون على حافة الهاوية، كلهم خائفون حتى الموت من بلاد فارس(يقصد إيران)... اليمن، سيناء، ليبيا... هذا شيء سيء....لهذا السبب روسيا هي مفتاح ذلك....هل روسيا سيئة؟ إنهم الأشرار. لكن العالم مليء بالأشرار ".

"لكن من الجيّد أن نعرف الأشرار هم الأشرار"، قال ايلز. وأوضح بانون أن دونالد ترامب قد لا يعرف ذلك. وقال إن العدو الحقيقي هو الصين. "فالصين أول جبهة في حرب باردة جديدة. وكان قد أُسيء فهم كل شيء في سنوات حكم أوباما - ما كنا نظن أننا فهمناه لكننا لم نفهم على الإطلاق. كان ذلك فشل الاستخبارات الأميركية.

ينقل المؤلف مايكل وولف أن ما أطلق عليه  تسمية جهة "جارفانكا"(جاريد – إيفانكا) في البيت الأبيض، أي الزوجان جاريد كوشنير- إيفانكا ترامب صهر ترامب وإبنته، شعرا بشكل متزايد أن الشائعات التي تسربّت من قبل بانون وحلفائه تقوضهما.

وكان جاريد وإيفانكا، حريصين على تعزيز وضعهما كـ"راشدين" في البيت الأبيض، وشعرا بجروح شخصية من هجمات بانون المستترة. كوشنر كان يعتقد، حقيقة حينها، أن بانون سوف يفعل أي شيء لتدميرهما. كان هذا مسألة شخصية لجاريد. فبعد أشهر من دفاعه عن بانون ضد غضب وسائل الإعلام الليبرالية، خلُص كوشنر إلى أن بانون كان معادياً للسامية. وكانت المسألة معقدة ومحبطة حيث كان من الصعب جداً على جاريد التواصل مع عمه ترامب، لأن أحد اتهامات بانون ضد كوشنر، وهو المسؤول في الإدارة عن ملف الشرق الأوسط، أنه لم يكن قوياً بما فيه الكفاية في دفاعه عن إسرائيل.

بعد الانتخابات، أشار مذيع فوكس نيوز، تاكر كارلسون، بخبث، في حوار مع ترامب أنه بإعطاء ملف إسرائيل إلى صهره، لإحلال السلام في الشرق الأوسط، لم يكن ترامب يفعل أي خدمة لكوشنر. "أنا أعلم"، أجاب ترامب، مستمتعاً تماما بالنكتة. فاليهود وإسرائيل كانا أمرين سيئين ضمناً لترامب. فوالد ترامب كان في كثير من الأحيان معادياً للسامية بشكلٍ صاخب. وفي التنافس في نيويورك بين تجار العقارات بين اليهود وغير اليهود، كان آل ترامب بشكل واضح على الجانب الأضعف.  ومن المفارقات، أن ترامب قد حقق تقدماً كبيراً في مجال التسويق العقاري في نيويورك، أكبر مدينة يهودية في العالم. لقد جعل سمعته في وسائل الإعلام، الصناعة التي يملك معظمها اليهود. أمّا اليوم فابنته إيفانكا، وهي السيدة الأولى الفعلية، هي السيدة اليهودية الأولى في البيت الأبيض.

يشير المؤلف إلى أن جاريد كوشنر سليل الملياردير  والمتسلق الاجتماعي قد رفض في الماضي جميع التوسلات للمساهمة في دعم المنظمات اليهودية التقليدية، ولم يكن أحد أكثر حيرة من جرّاء صعوده المفاجئ إلى منصبه الجديد كالحامي الأكبر لإسرائيل أكثر من المنظمات اليهودية الأميركية. فاليوم، اليهودي العظيم والخير، والموقر عليه أن يتودد إلى جاريد كوشنر الذي كان قبل قليل حقاً لا أحد.

منح ترامب صهره كوشنير ملف إسرائيل لم يكن مجرد اختبار، كان اختباراً يهودياً: كان الرئيس يخصه به لكونه يهودياً، يكافئه لكونه يهودياً، يرهقه بعقبة مستعصية لكونها يهودياً، وأيضاً، لإضعاف الاعتقاد النمطي في الإمكانات التفاوضية لليهود. فقد قال ترامب مراراً إن هنري كيسنجر قال إن جاريد سيكون هنري كيسنجر الجديد، في مزيج بين الإطراء والافتراء.

في الوقت نفسه، لم يتردد بانون في إقناع كوشنر في إمساك ملف إسرائيل، وهذا كان الاختبار الخاص باليمين اليميني. بانون يمكن أن يغري اليهود، اليهود العالميين والمعولمين والليبراليين أمثال كوشنر، لأنه كلما كنت يمينياً متطرفاً، كلما كان ذلك صحيحاً أكثر على إسرائيل. كان نتنياهو صديقاً قديماً لعائلة كوشنر القديمة، ولكن عندما جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى نيويورك في الخريف للقاء ترامب وكوشنر، قال إنه قدم للبحث عن ستيف بانون، وذلك في إشارة من المؤلف إلى التحالف الوثيق بين اليمين المتطرف والصهيونية.

وقال وولف في كتابه إن خطة صهر الرئيس الأميري جاريد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن السلام في الشرق الأوسط كانت تذهب باتجاه عادة ما لا تذهب إليه السياسة الخارجية، مختصراً هذه السياسة بـ "إن تُعطينا ما نريد، نعطيك ما تريد".

وأضاف "بناء على تأكيد لمحمد بن سلمان بأنه سيحمل أخباراً جدّية جيّدة، تمّت دعوته لزيارة البيت الأبيض في آذار/ مارس".

واعتبر  أن بن سلمان كان يسخدم دعم ترامب كجزء من لعبة السلطة داخل المملكة العربية السعودية، وأن البيت البيض بقيادة ترامب، الذي أنكر الأمر، كان يسمح له بذلك.

بالمقابل، وبحسب وولف، فإن بن سلمان عرض سلّة من الاتفاقات والإعلانات  تتزامن مع زيارة رئاسية مقررة لترامب إلى السعودية، وهي كانت الرحلة الخارجية الأولى لترامب منذ تولّيه الرئاسة الأميركية.

يروي "نار وغضب" أن ترامب وصهره بالكاد تمكنا من احتواء ثقتهما وحماستهما، حيث شعرا أنهما على الطريق باتجاه السلام في الشرق الأوسط، كما شعرت بذلك إداراة أميركية عديدة مرّت من قبل.

ينقل وولف عن أحد الذين تحدثوا مع ترامب مباشرة قبل مغادرته إلى السعودية، المدح الهائل الذي ساقه ترامب لصهره، حيث أكدّ أن الأخير نجح بدفع العرب للوقوف إلى جانب الأميركيين وأن اتفاقاً ما قد حصل.

مرّ موكب ترامب في شوارع الرياض الفارغة، حيث انتشرت صور للرئيس الأميركي والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مع عبارة "معاً نحن الغلبة"، بحسب ما يروي وولف.

يشير وولف إلى أن حماسة ترامب أدّت إلى مبالغة جوهرية بشأن ما تم الاتفاق عليه واقعيّاً خلال الرحلة إلى السعودية، حيث يقول "خلال الأيام الأخيرة قبل مغادرته، كانت ترامب يقول للناس إن السعوديين سيموّلون وجوداً عسكريّاص جديداً تماماً في المملكة، وسيستبدلون مقرّ القيادة الأميركية الموجودة في قطر. كما أنه سيحصل الخرق الأكبر في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية".

يتابع وولف "السعوديون اشتروا مباشرة أسلحة أميركية بقيمة 110 مليارات دولار.

ومما ينقله وولف عن المحادثات التي دارت خلال زيارة ترامب إلى الرياض، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خاطب نظيره الأميركي قائلاً "أن شخصية فريدة من نوعها قادرة على القيام بالمستحيل"، فما كان من ترامب إلا أن ردّ على السيسي بقوله "أحببت حذائك"!

وبحسب الكاتب فإن ترامب تجاهل النصائح بخصوص السياسة الخارجية، وأعطى إشارة للهجوم على قطر.

كل هذا تزامن مع الرغبة المتنامية في العائلة الملكية من أجل تحديث المملكة، وهو ما يتناسب مع شخصية بن سلمان المنفتحة، الذي يصفه الكاتب الأميركي بعاشق لألعاب الإلكترونية.

واعتبر أن كون بن سلمان الذي لم يتعلّم ألا داخل بلده، وترامب، لديهما القليل من المعلومات عن كل شيء، فإن هذا الأمر جعل الطرفين يرتاحان لبعضهما بشكل غريب.

يقول وولف في كتابه إن أحداً لم يكن لديه أيّ علم عن كيفية رد ترامب عن ما قيل إنه هجوم كيميائي للحكومة السورية على معارضين سوريا.

ستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين لترامب، بحسب وولف، كان الوحيد الذي اعترض على رد عسكري أميركي على ما حصل في نيسان/ أبريل الماضي في سوريا.

تلك كانت اللحظة بحسب الكاتب الأميركي التي ظهر خلالها الخلاف جليّاً بين بانون من جهة، والتحالف الذ يجمع مستشار الأمن القومي هربرت رايموند ماكماستر مع جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب وغاري دايفيد كوهن.

ومما كان يقوله بانون وقتها ليدعم رأيه، بحسب وولف "إن هجمات أكثر فظاعة وقعت في سوريا غير الهجوم الكيميائي (الذي حدث في خان شيخون) وتسببت بخسائر بشرية أكبر، إذا كنت تنظر إلى الأطفال الذين قُتلوا، يمكنك أن تجد أطفالاً قُتلوا في كل مكان. لماذا تركز على هؤلاء الأطفال"؟

قراءة 1475 مرة