معايير وسائل الإعلام الغربية في قلب وتزييف الحقائق

قيم هذا المقال
(0 صوت)
معايير وسائل الإعلام الغربية في قلب وتزييف الحقائق

تلعب وسائل الإعلام الإخبارية في أمريكا وغيرها من الدول الغربية دوراً كبيراً في حرف الحقائق ومحاولة التشويش على الرأي العام العالمي لتحقيق مآرب هذه الدول في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

ويعتقد المفكّران "نعوم تشومسكي" و" إدوارد هيرمان" أن الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا تسعى للوصول إلى أهدافها من خلال تزييف الحقائق في شتى المجالات عبر ما يعرف اصطلاحاً بالـ "بروباغندا"*، وهناك معايير متعددة لإنجاز هذه المهمة يمكن إجمالها بما يلي:

الملكية الإعلامية...

تسعى الشركات الأمريكية والغربية عموماً للاستحواذ على وسائل الإعلام في دولها من أجل الترويج لمنتجاتها وكيفية تسويقها في الدول الأخرى لتحقيق أرباح ماديّة خيالية في مختلف الميادين ولاسيّما في المجالين العسكري والاقتصادي.

ويشير كل من تشومسكي وهيرمان إلى أن هذه الوسائل تتعمد تضخيم مميزات منتجات تلك الشركات بهدف إقناع المستهلكين لشرائها، حتى وإن كانت الحقيقة تؤكد بأن هذه المنتجات ليست بالكيفية الجيدة التي يتم الترويج لها. وقد تعمد هذه الوسائل في مقابل ذلك إلى الانتقاص من جودة منتجات الشركات المنافسة، لإقناع المستهلك بعدم شرائها.

وهذا الأمر ينسحب أيضاً على فبركة الأخبار ومحاولة تشويش ذهن المتلقي في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وذلك من خلال استخدام فلترات أو مرشحات خبرية تأخذ على عاتقها تزوير الحقائق أو قلبها بما يخدم مصالح مالكي المؤسسات الإعلامية في أمريكا وغيرها من الدول الغربية كصحف "وول ستريت جورنال" و"نيويورك بوست" و"ديلي تلغراف".

ومعظم وسائل الإعلام الغربية مملوكة من قبل شركات معروفة بينها "تایم وارنر" و"ديزني" و"سي بي أس" وتطبق أغلبيتها المقولات المعروفة لـ "جوزيف غوبلز" وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وألمانيا النازية ومن بينها "اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس" و" كلّما كبرت الكذبة كان تصديقها أسهل".

الدعايات والإعلانات...

تسعى كل وسائل الإعلام الغربية، والأمريكية منها على وجه التحديد، للاستفادة القصوى من الدعايات والإعلانات التجارية لجني أرباح ماليّة طائلة يتم توظيفها فيما بعد لخدمة أهداف مالكي هذه الوسائل بالتنسيق مع كبار المسؤولين في الدول التي تنتشر فها تلك الوسائل على نطاق واسع.

والعديد من الصحف الغربية اضطرت لغلق أبوابها أو خفّضت من مستوى انتشارها بسبب عدم نجاحها بالترويج للدعايات والإعلانات التجارية لأن أكثر قرّائها من العمّال والطبقات الفقيرة، كما حصل مع صحيفة "ديلي هيرالد" البريطانية.

المصادر الخبرية...

تسعى وسائل الإعلام الغربية كشبكة الـ"سي أن أن" الأمريكية والـ "بي بي سي" البريطانية إلى الوجود الدائم قرب الأماكن الحسّاسة كالبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وأمثالهما لاصطياد التصريحات التي يطلقها المسؤولون هناك والإسراع بنشرها لتحقيق السبق الخبري الذي يعدّ من الأمور المهمة للحصول على مكانة إعلامية متميزة في شتى أنحاء العالم.

الانتقادات...

تزعم الدول الغربية ولاسيّما أمريكا أنها تسمح لوسائل الإعلام بحريّة التعبير عن الرأي وتوجيه الانتقادات لمسؤولي هذه الدول من أجل الإيحاء بأنهم يؤمنون بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، في وقت تؤكد فيه جميع القرائن والمؤشرات أنّ هؤلاء المسؤولين يّوظفون هذه الأمور لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن الجوانب الإنسانية والقيم الأخلاقية كما يحصل في غضّهم الطرف عن الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام السعودي ضد الشعب اليمني منذ ثلاث سنوات وبدعم من واشنطن وحلفائها الغربيين.

وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من وسائل الإعلام الغربية تتعرض بين الحين والآخر للابتزاز أو التهديد في حال رفضت الدفاع عن السياسات الظالمة التي تنتهجها الدوائر الاستكبارية الغربية ضد الدول الأخرى كما يحصل في العراق وسوريا.

التخويف من الأيديولوجيات غير الغربية...

دأبت معظم وسائل الإعلام الغربية إلى التخويف من الأيديولوجيات الفكرية المنتشرة في مناطق أخرى من العالم، كما حصل مع الشيوعية إبّان حقبة الحرب الباردة التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينات القرن الماضي. وحصل التخويف أيضاً وهو متواصل الآن ضد الجمهورية الإسلامية في إيران في إطار ما يعرف بـ "إيران فوبيا" لتحقيق أهداف استراتيجية من بينها عقد صفقات بيع أسلحة بمئات المليارات من الدولارات للسعودية والعديد من دول مجلس التعاون من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول غربية أخرى.

وتنبغي الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الغربية تعتمد كثيراً على التلاعب بالمشاعر وتوظيف الحرب النفسية بشتى صورها وأشكالها لتحقيق أغراض مشبوهة في كل المجالات، والتجارب التي شهدتها العقود الماضية خير دليل على هذا الأمر، وخصوصاً أن هذه الوسائل تتمتع بإمكانات هائلة وخبراء ومتخصصين في هذا المجال في مقابل الضعف والتخلف الفكري والنفسي الذي ابتليت به الكثير من الشعوب، ما ساعد على نجاح الدول الاستكبارية في تمرير مؤامراتها ضد هذه الشعوب مع شديد الأسف.

* البروباغندا (Propaganda) تعني نشر المعلومات أو الرسائل بطريقة موجّهة ومركّزة من أجل التأثير على آراء وسلوك أكبر عدد ممكن من الأشخاص. وكثيراً ما تعتمد البروباغندا على إعطاء معلومات ناقصة أو كاذبة بهدف تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين.

قراءة 1583 مرة