قبل نحو أسبوع من اجتماعات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تنطلق اليوم الإثنين في رام الله، أدلى قيادي بالمنظمة بتصريح حول القرارات المتوقعة، ما أثار جدلا كثير، وترك العديد من الأسئلة على الساحة الفلسطينية.
فالثلاثاء الماضي، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنا عميرة، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، إن "المجلس الوطني قد يفوّض مجلس المنظمة المركزي، بصلاحيات اتخاذ قرارات تشريعية وقانونية حال غياب التشريعي".
التصريح، اعتبره محللون سياسيون ومراقبون "قد يمهد للتخلص" من المجلس التشريعي ضمن خطوات قد تؤدي إلى "إلغاء" اتفاق أوسلو وحلّه والسلطة، و"إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال (تحميل إسرائيل مسؤولية الأراضي الفلسطينية)".
وعند توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فوّض المجلس الوطني لمنظمة التحرير، المجلس المركزي للمنظمة بإنشاء السلطة الفلسطينية لتكون جهازا إداريا يدير شؤون الفلسطينيين ولها رئيس ومجلس تشريعي منتخبيْن.
والمجلس الوطني لمنظمة التحرير أو ما يطلق عليه المجلس الوطني الفلسطيني، أعلى سلطة تنفيذية تمثل الفلسطينيين بالداخل والخارج.
أما المجلس المركزي، فهو بمنزلة جهاز تنفيذي ينتخبه "الوطني" من أجل متابعة قراراته وتنفيذها، في حين تشكل المجلس التشريعي بعد توقيع اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة عام 1994.
وتعليقاً على تصريح عميرة، يقول المحلل السياسي جهاد حرب، إن المجلس الوطني من صلاحياته منح "المركزي" صلاحيات تشريعية، لكن ليس بمقدوره إلغاء المجلس التشريعي؛ لأن ذلك يجب أن يسبقه إلغاء اتفاق أوسلو.
وهذا، كما يقول حرب، "من المستبعد؛ فلا منطق بإلغاء التشريعي، إلا إذا كان هناك تفكير بمرحلة دولة تحت الاحتلال".
وفي حديثه للأناضول، يشير أن صدور قرار من هذا النوع سيحمل رسائل عديدة أخرى؛ أبرزها حركة "حماس"، مفادها أنه "لم يعد هناك وجود شرعي لنوابها المنتخبين في المجلس التشريعي".
وعام 2006 أجريت انتخابات برلمانية في الأراضي الفلسطينية، أسفرت عن فوز "ساحق" للحركة بمقاعد المجلس التشريعي، حيث حصلت على 76 مقعدا من أصل 132، ولم يعقد المجلس منذ 2007 إثر الأحداث التي أدت إلى الانقسام بين "فتح" و"حماس".
وبموجب القانون الخاص بمنظمة التحرير يصبح نواب المجلس التشريعي أعضاء في المجلس المركزي.
ويعقد المجلس الوطني اجتماعا يبدأ الإثنين ويستمر حتى 3 مايو/أيار، دون مشاركة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، اللتان رفضتا دعوة لهما بهذا الخصوص، وانتقدتا عقده في مدينة رام الله، الواقعة تحت "الاحتلال الإسرائيلي".
وإضافة إلى "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، أعلنت الجبهة الشعبية (ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير بعد حركة فتح) بشكل نهائي اعتزامها عدم المشاركة في اجتماعات الوطني، ودعت إلى تأجيله، دون أن تذكر سببا محددا لذلك، فيما قررت الجبهة الديمقراطية المشاركة.
يشار أن آخر جلسة اعتيادية للمجلس الوطني عقدت عام 1996، لكنه عُقد لمرة واحدة طارئة عام 2009.
ويتكون المجلس الوطني من 750 عضوا تم دعوتهم لحضور جلسته في رام الله لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة ومجلس مركزي جديد للمنظمة، ووضع برنامج سياسي جديد، بحسب ما أعلن رئيس المجلس سليم الزعنون قبل نحو شهر.
وبحسب المحلل السياسي "حرب"، فإن "إنهاء أو حل أو شطب المجلس التشريعي يعني إنهاء وشطب وإزالة رئاسة السلطة التي اقترنت به؛ ففي اللحظة التي تنتهي فيه ولاية التشريعي تنتهي ولاية رئيس السلطة".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد صرح أكثر من مرة، أنه لا يمكن استمرار وجود السلطة "بدون سلطة حقيقية" بسبب الإجراءات الاسرائيلية، وألمح لإمكانية حلها، وإعادة الصلاحيات لمنظمة التحرير تمهيدا لإعلان فلسطين دولة تحت احتلال.
وليس ببعيد عن حرب، يرى المحلل السياسي أشرف عكة، أن "قرار إعطاء صلاحيات تشريعية للمجلس المركزي يعني أن هناك تخطيطا لنقل السلطة إلى مرحلة الدولة.
وفي حديثه للأناضول، يقول إن "مؤسسات المنظمة هي من ستقوم بالعملية التشريعية لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية التي تحاول تقويض السلطة".
ويشير عكة أن هذه الخطوة قد تعني "مسخ منظمة التحرير لكي تقوم بأدوار السلطة، لكن تحت مظلة العملية السياسية المأمولة التي تراهن على نقل السلطة إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال".
الخطوة ذاتها، يصفها الكاتب والمحلل السياسي سميح شبيب، بأنها "ستكون جريئة وفي اتجاه صحيح، لاسيما أنها تنسجم مع تصريحات المسؤولين في السلطة، وبينهم الرئيس الفلسطيني، والذين أجمعوا على أن السلطة أصبحت بلا سلطة ولا معنى لوجودها".
ويشير شبيب أن "نشوء السلطة كان بقرار من منظمة التحرير لكي تكون ذراعا من أذرعتها، لكن ما حصل كان العكس، وأصبحت هي التي تقود، وألغت إلى حد كبير دور المنظمة".
ويعتقد في حديث للأناضول "أن الوقت قد حان للتراجع عن هذه الخطوة وإعادة الهيبة للمنظمة".
ويضيف: "إن كان هناك قرارات ستؤخذ في هذا السياق، فلا تعني بالضرورة إلغاء اتفاق أوسلو، وإنما تحويل مؤسسات السلطة إلى أجهزة تابعة للمنظمة، وإعادة الدور الريادي لأخيرة، ثم يتم لاحقا إعلان انتهاء أوسلو، وفلسطين دولة تحت الاحتلال".
ويؤكد شبيب أنه "لا يمكن القول إن القرار جاهز وسيتخذ وينفذ فورا، لكن من الممكن اتخاذه وتأجيل تنفيذه وإبقائه ورقة في يد المجلس المركزي".
ووفق شبيب، فإن "إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال يعني أن يتم إلقاء كافة المسؤوليات التي تتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة على كاهل إسرائيل، وذلك وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الدولية".
كما أن الإعلان من الناحية المعنوية، وفق المتحدث، "سيثبت الحقوق الفلسطينية استنادا إلى القوانين الدولية ويجعل من الصعب التحايل عليها مثل حدود فلسطين التي لا تريد إسرائيل الاعتراف بها لكنها واضحة استنادا إلى قرار مجلس الامن 242 الذي طالب الأخيرة بالعودة إلى حدود الرابع من يونيو/حزيران قبل حرب 1967".