منذ بداية الحرب السورية عام 2011 تهافتت الدول الخارجية من جميع أقطاب العالم إلى التدخل في الشأن السوري علّها تستطيع العودة إلى المنطقة عبر بوابة دمشق، وبفعل ذلك أصبحت الأراضي السورية بعد 7 أعوام على الحرب منطقة مكتظة بالوجود العسكري الأجنبي، حيث تنتشر في جنباتها وأطرافها قواعد ونقاط عسكرية، بعضها تابع لروسيا، وبعضها تابع لأمريكا، وأخرى لتركيا وبريطانيا وفرنسا كما يعود بعضها لقوى إقليمية أخرى.
وجاء كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ يومين خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد حول أهمية خروج جميع القوات الأجنبية من سوريا بعد الانتهاء من تنظيم داعش الإرهابي ليشكّل مادة دسمة للإعلام العربي والعالمي الذي بدأ يحمّل الكلام أوجه مختلفة كخروج حلفاء سوريا الأساسيين الذين كان لهم، بعد الجيش والشعب السوريين، الفضل الأكبر في تحرير سوريا من الإرهاب الداعشي المدعوم من الخارج.
يدرك الجميع أن الدخول إلى بلد بشكل قانوني يستوجب موافقة الطرفين، المضيف والمستضيف، ولكن مسألة الخروج تتعلّق بشكل أساسي بقرار الدولة المستضيفة إن لم تكن هناك بنود قانونية أو معاهدات تمنع ذلك، وكلام الرئيس الروسي كان واضحاً بضرورة خروج كل اللاعبين الخارجيين غير الرسميين، وهذا ما أكدته مصادر خاصة مقرّبة من الرئاسة السورية يوم أمس عن أن حلفاء سوريا كإيران وحزب الله غير مشمولين بكلام الرئيس الروسي وعليه سنقوم في هذا المقال بذكر كل اللاعبين الخارجيين الشرعيين وغير الشرعيين في الساحة السورية ونبدأ أولاً:
روسيا
دخلت روسيا الحرب في سوريا منذ سبتمبر عام 2015 إثر طلب الرئيس السوري بشار الأسد دعماً عسكرياً من موسكو من أجل محاربة الإرهابيين من تنظيم داعش والنصرة، وعلى هذا الأساس وافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلّحة الروسية خارج البلاد، وبناءً عليه قامت القوات الروسية في 30 سبتمبر 2015 ببدأ عملها في سوريا وقامت ببناء عدة قواعد عسكرية هناك ومنها:
1-قاعدة حميميم العسكرية الجوية والتي تقع في بلدة حميميم على بعد 19 كيلومتراً من محافظة اللاذقية، وتحتضن القاعدة طائرات سوخوي وطائرات تجسس وأنطونوف التي تحمل الدبابات والمدافع وصواريخ إس 400 وغيرها.
2-قاعدة تدمر أقيمت بعد تحقيق الجيش السوري وحلفائه النصر على داعش في المدينة نهاية مارس/آذار 2016، وهي أشبه بمعسكر للجنود والضباط الروس.
3-قاعدة طرطوس البحرية وهي القاعدة الروسية البحرية الوحيدة في المتوسط، حيث وقّعت موسكو ودمشق في 18 يناير/كانون الثاني 2017 اتفاقية تقضي ببقاء القاعدة الروسية في مدينة طرطوس السورية لمدة 49 عاماً قابلة للتمديد.
إيران
يمكن القول إن طهران هي واحدة من أبرز الحلفاء لدمشق وكان لها دور كبير في تحقيق انتصارات الجيش السوري على الإرهاب، فبعد بدأ الأزمة في سوريا وعلى أساس اتفاقية الدفاع المشترك بين إيران وسوريا الموقّعة بين الطرفين منذ ما يقارب العشرين سنة، طلبت سوريا من إيران تقديم الدعم اللازم للقوات السورية في محاربة الإرهاب، وعلى هذا الأساس قامت طهران بإرسال عدد من مستشاريها إلى دمشق من أجل محاربة الإرهاب في المنطقة، والمحافظة على سيادة ووحدة الأراضي السورية، كما أنّ إيران ليس لديها أي قواعد عسكرية حتى اليوم في سوريا.
حزب الله
وكما إيران، يعتبر حزب الله من أهم الحلفاء لدمشق، حيث يرى حزب الله في سوريا ظهراً للمقاومة، وإذا كسر هذا الظهر انكسرت المقاومة في لبنان، وبناءً عليه وبعد الطلب الرسمي للحكومة السورية من حزب الله تقديم المساعدة في سبيل محاربة الإرهاب، قام حزب الله بإرسال عدد كبير من جنوده ومستشاريه، مقايسة إلى حجم قوات حزب الله، إلى سوريا وقدّم الشهداء في سبيل المحافظة على وحدة الأراضي السورية، وكذلك الدفاع عن الأراضي اللبنانية.
أمريكا
ترى الحكومة السورية إن الوجود الأمريكي على أراضيها غير شرعي، فهو بنظرها عدو محتل وعليه الخروج من سوريا فوراً، فبحسب تقارير إعلامية، فإن لدى أمريكا حضوراً عسكرياً متنوعاً في سوريا يتفاوت بين قواعد ذات طبيعة ارتكازية وبين نقاط عسكرية متقدّمة لدعم المعارك والمواجهات العسكرية ضد داعش ومساندة قوات سوريا الديمقراطية، وتفيد التقارير الاستخباراتية إقامة القوات الأمريكية نحو عشرين قاعدة عسكرية في سوريا على أراض خاضعة لسيطرة الأكراد، ومن أبرزها:
-قاعدة رميلان وتقع في مطار رميلان شرق مدينة القامشلي الحدودية مع العراق.
- قاعدة المبروكة غرب مدينة القامشلي.
- قاعدة خراب عشق غرب مدينة عين عيسى.
- قاعدة عين عيسى وتعدّ كبرى قواعد الجيش الأمريكي مساحة، وتقع شمالي سوريا، وتشير المعطيات إلى أن ما يزيد على مئة جندي أمريكي دخلوا المدينة.
-قاعدة التنف وتعدّ من أهم القواعد الأمريكية في سوريا، حيث أوجدت فقط لتقديم دعم لوجيستي واستطلاع لقوات الميليشيات المتعاونة معها.
القوات البريطانية
وتعدّ بريطانيا من الحلفاء البارزين لأمريكا في الميدان السوري وهي موجودة أيضاً بطريقة غير شرعية في سوريا ولديها عدة قواعد من بينها قاعدة تقع في محيط معبر التنف الحدودي مع الأردن والعراق بصحراء الحماد جنوب شرقي محافظة حمص السورية على بعد 240 كلم من مدينة تدمر، وغير بعيدة عن الحدود مع الأردن.
القوات التركية
يعدّ اللاعب التركي من أبرز اللاعبين على الساحة السورية حيث كان له تأثير سلبي كبير على مجريات الميدان في سوريا وذلك بسبب دعم أنقرة للإرهابيين بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخباراتية، وللجيش التركي وجود عسكري في الشمال السوري أيضاً، حيث أسس نقاط مراقبة عسكرية في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي ترعاه روسيا وتركيا وإيران، كما نفّذ عمليتين عسكريتين، إحداهما صيف العام 2016 تحت مسمى درع الفرات لمحاربة التنظيمات الإرهابية بحسب المسؤولين الأتراك، والثانية تحت مسمى غصن الزيتون في منطقة عفرين.
إذاً بناءً على ما صدر مساء يوم أمس من الرئاسة السورية، وانكشاف الغبار عن المعنى الحقيقي لكلام الرئيس الروسي، يتعيّن على جميع القوات الأجنبية غير الشرعية الخروج فوراً من سوريا، وبالتالي خروج القوات الأمريكية والبريطانية والتركية والفرنسية من أي نقاط وجود لهم في سوريا لأنه وفقاً للقوانين الدولية فإن التدخل في بلد ما من دون إذن حكومة ذلك البلد يعتبر اعتداء على أراضيه، ويحقّ له (أي سوريا) تحرير أراضيه من هذا العدوان بشتى الوسائل المشروعة.